الجغرافية الطبيعية
الجغرافية الحيوية
جغرافية النبات
جغرافية الحيوان
الجغرافية الفلكية
الجغرافية المناخية
جغرافية المياه
جغرافية البحار والمحيطات
جغرافية التربة
جغرافية التضاريس
الجيولوجيا
الجيومورفولوجيا
الجغرافية البشرية
الجغرافية الاجتماعية
جغرافية السكان
جغرافية العمران
جغرافية المدن
جغرافية الريف
جغرافية الجريمة
جغرافية الخدمات
الجغرافية الاقتصادية
الجغرافية الزراعية
الجغرافية الصناعية
الجغرافية السياحية
جغرافية النقل
جغرافية التجارة
جغرافية الطاقة
جغرافية التعدين
الجغرافية التاريخية
الجغرافية الحضارية
الجغرافية السياسية و الانتخابات
الجغرافية العسكرية
الجغرافية الثقافية
الجغرافية الطبية
جغرافية التنمية
جغرافية التخطيط
جغرافية الفكر الجغرافي
جغرافية المخاطر
جغرافية الاسماء
جغرافية السلالات
الجغرافية الاقليمية
جغرافية الخرائط
الاتجاهات الحديثة في الجغرافية
نظام الاستشعار عن بعد
نظام المعلومات الجغرافية (GIS)
نظام تحديد المواقع العالمي(GPS)
الجغرافية التطبيقية
جغرافية البيئة والتلوث
جغرافية العالم الاسلامي
الاطالس
معلومات جغرافية عامة
مناهج البحث الجغرافي
العوامل المؤثرة في توزيع الصناعة الأوروبية
المؤلف:
د. حسن عبد العزيز أحمد
المصدر:
جغرافية أوربا دراسة موضوعية
الجزء والصفحة:
ص 369 ـ 381
2025-09-09
40
(1) السوق :
السوق هي المنطقة التي يباع فيها إنتاج معين بكمية مريحة للمنتج وحجم ونوعية السوق ربما يكون العامل الوحيد المهم في تشكيل التوزيع العام للصناعات في القارة الأوروبية ، ويعزو الذين يهتمون بدراسة موقع الصناعة الجاذبية السوق أهمية كبرى لدرجة أنهم يعتبرون موقع السوق المعيار أو القاعدة الأساسية لتحديد موقع الصناعة الحديثة ، ومن المعروف أن صناعات معينة يجب أن تقام من ناحية اقتصادية بالقرب من السوق بمعنى أنه على بعض أرباب الصناعة إقامة مصانعهم حيث يوجد المستهلكون وذلك لتقليل تكلفة الإنتاج وللحصول على أقصى ربح ممكن ، وتشمل مثل هذه الصناعات تلك التي تتخصص في إنتاج بضائع ذات وزن كبير مثل المشروبات المعبئة في زجاج أو ذات أحجام لقيلة مثل الأواني الزجاجية أو الأوعية والأوانى ، أو بمعنى آخر إذا كان الوزن والحجم يضافان إلى المواد الخام في العملية الصناعية ، فإن إقامة المصنع بالقرب من المستهلكين تصبح ضرورة اقتصادية وذلك نسبة العامل تكلفة النقل ، ومثل ذلك إذا كانت البضاعة المنتجة أكثر قابلية للتلف من المواد الخام التي صنعت منها كما في حالة منتجات المخابز وصناعة الثلج والأطعمة ، فإن هذا يتطلب أيضا إقامة المصنع بالقرب من السوق والجرائد المحلية التي تعدم أية قيمة تجارية خارج حدود نطاق توزيعها أو بعد تاريخ إصدارها تعتبر من المنتجات السريعة التلف ، ثم هناك البضاعة القابلة للكسر أكثر من المواد التي تدخل في صنعها مثل صناعة الزجاج فإقامة المصنع بالقرب من السوق في هذه تصبح مهمة أيضا. وعلى العموم فإن درجة أهمية السوق كعامل محدد لموقع أي مصنع تزداد مع مستوى التصور الاقتصادى لأي دولة وتصل هذه الأهمية قمتها في الدول الغنية المتحضرة حيث يتركز السكان في تجمعات حضرية كبيرة ، وهناك صناعات عديدة لا يتحتم أن تكون مواقعها بالقرب من الأسواق ، ولكن من الواضح أن مثل هذه الصناعات لابد وأن تدخل في اعتبارها الموقع الجغرافي للسوق حيث تختار موضع المصنع ، وقد اقترح عالم اقتصادي بأن الامتداد المساحي السوق شركة ما هو أفضل مؤشر لمستوى الحكمة الذي استخدم في الاختيار المبدئى الحالة الموقع المصنع.
كما أن تعريف كلمة السوق يمكن أن يؤثر على الموقع فهناك بعض أصحاب المصانع الذين يقومون بتمويل مجمعات سوقية كبيرة في مراكز حضرية رئيسية في حين أن البعض ومن ضمنهم صانعى الآلات الزراعية يهتمون بمستهلكين مشتتين في أماكن واسعة ، ففي النوع الأول يخضع تحديد موقع المصنع ويتأثر بالاعتبارات السوقية أكثر منه بالنسبة للنوع الثاني حيث ينصب الاهتمام على خدمة أسواق متناثرة.
وتقع أهم سوق في أوروبا في المنطقة ذات الكثافة السكانية العالية والتي تمتد من لندن عبر الأراضي المنخفضة وعلى طول الطرف الجنوبي للسهل الأوروبي الشمالي حتى ألمانيا الشرقية ، ويطابق ذلك موقع المراكز الصناعية الرئيسية في أوروبا مما يوضح أهمية الاتصال والوصول إلى السوق بالنسبة للمصانع لتسويق وتوزيع منتجاتها مع أن التركز السكاني كان في كثير من الأحيان نتيجة أكثر منه سببا للتصنيع الذي تتميز به هذه المنطقة ، وهناك ميزة أخرى إضافية : فإن مثل هذا الموقع غالبا ما يساعد في ظهور صناعة ما بالقرب من المصانع الأخرى التي تنتج مكونات أو أجزاء أساسية مثل الصلب التي يحتاج إليها في العمليات الصناعية ، ومن الفوائد الأخرى:
(أ) القدرة على الاستجابة السريعة لأي تقلب في الطلب.
(ب) قدرة كبرى على قياس حجم وتركيب السوق وتقييم تقلباتها حتى الصناعات التي تتقيد في موقعها بمصدر المواد الخام تتأثر إلى حد كبير بعامل السوق، كما في حالة صناعة الحديد والصلب في لوليا Lulen في شمال السويد . فهى لا تضاهي في أهميتها تلك التي نجدها في الرور وانجلترا أو بلجيكا ، كما تقع في منطقة متخلخلة السكان وبعيدة من الأسواق الرئيسية فالمواد الخام التي تتواجد في مناطق نائية لا يحبذ استغلالها ما لم تكن نادرة ومن نوع جيد إلى درجة يمكنها أن تعوض عن عدم وجود سوق محلي ويتضح أثر السوق على موقع الصناعة في ظاهرة و التأثير التضاعف فحين تقوم صناعة في منطقة ما فإنها تخلق وظائف إضافية تجذب الناس بأعداد كبيرة مما يؤدى إلى تضخم ونمو السوق وهذا يؤدي بدوره إلى منح ا فرصة في اجتذاب صناعات أخرى بحكم هذه المميزات المكتسبة . وظاهرة التأثير التضاعف هي المسئولة عن تركيز الصناعة في مناطق الفحم والقوى المائية أثناء الثورة الصناعية خاصة في انجلترا ، مما يوضح بجلاء بأن الأسواق الكبيرة تعوق اللامركزية الصناعية.
2- عامل المواد الخام :
المعروف أن المواد الخام هي أساس كل الصناعات التحويلية أو أي نشاط صناعى كما أن مدى قوة جذب المواد الخام للصناعات تتنوع حسب خصائص هذه المواد والعمليات التي بواسطتها تحول هذه المواد إلى منتجات ذات فائدة والوسائل الموجودة لنقل هذه المواد من منطقة إلى أخرى. ومن الأهمية أن تعرف بأنه ليس كل أصحاب المصانع يكتفون باستخدام مادة خام واحدة وأن كثيرا منهم يعتمدون في صناعاتهم على منتجات مصانع أخرى أكثر من اعتمادهم على إنتاج الصناعات المستخرجة Lxtract مثل التعدين لبعض المواد الخام.
وبعض الأنشطة الصناعية تقوم بالضرورة حيث توجد هذه المواد الخام مثل التعدين وقطع الأخشاب وتتضمن الصناعات التي ترتبط في مواقعها بأماكن تواجد المواد الخام تلك المصانع التي تقوم بإنتاج البضائع المصنعة :
1 - التي تعاني من فقدان كبير في الحجم أو الوزن أثناء المعالجة كما في تكرار أو تنقية المعادن أو صناعة اللب والورق حيث يكون الفقد في الوزن يمثل حوالى 40% من وزن لب الخشب.
2 - والتي تستدعي صناعتها استهلاكا لكميات كبيرة من مصدر الطاقة الثقيلة الوزن أو كبيرة الحجم مثل الفحم.
3- أو التي تكون أقل قابلية للتلف من المواد الخام التي صنعت منها مثلما في صناعة الزبد والجبن وبودرة اللبن من اللبن السائل وتعليب الخضروات والفواكه وعندما يحدد موقع الصناعة حسب مصادر المواد الخام لا يعطى في هذه الحالة اعتبار كبير للتوزيع السكاني والأسواق.
وعلى العموم فإن قوة المواد الخام كعامل استقطاب للصناعات قد تقلصت التقدم في الثورة الصناعية، فالتطور المبدئى للأقاليم الصناعية في بريطانيا سبق اختراع وإنشاء السكك الحديدية وطرق العربات والبواخر المحيطية ، ومثلا لم يكن من السهل نقل الصلب اقتصاديا لمسافات طويلة ولذلك كانت على الصناعات التي تستخدم الصلب أن تقيم مصانعها حول معامل الصلب عند حقول الفحم . والانتشار الحديث للصناعة في أوروبا ، وبالأخص الزيادة الملحوظة في مصانع الفولاذ عند شواطئ البحر، يعكس العلاقة المتدهورة بين المصنع ومصانع المواد الخام. وفى نفس الوقت فإن بعض القرارات التي اتخذت قبل مائتي سنة والمبنية على ضرورة إقامة المصانع قرب مصادر المواد الخام ما زالت تحدد موقع الصناعة اليوم وذلك فقط لأن المناطق الصناعية الراسخة تملك قدرة احتمالية أكبر، وقد تبقى الصناعة في نفس المكان حتى عند نفاذ المواد الخام التي حددتها في البداية فرأس المال الضخم المستثمر فيها وأنماط التسويق الموجودة ووجود القوة العاملة والتسهيلات في وسائل النقل كلها لا تشجع أي تغيير في موقع هذه الصناعات العريقة . وهذا يفسر بقاء معظم الصناعات الثقيلة وتجمعها عند حقول الفحم.
3ـ عامل وسائل النقل في اجتذاب الصناعة :
من الناحية النظرية وفى حالة الحياد التام لعوامل المواقع الأخرى تميل الصناعات إلى التركيز حول المواضع التي تتيح أدنى تكلفة نقل ممكنة بالنسبة للمواد الخام والمنتجات المصنعة ، ولكن في الحقيقة فإن تكلفة النقل ما هي إلا جزء من التكلفة الإجمالية للتصنيع، ولذلك فإن الصناعات التي تكون لتكلفة النقل فيها دور كبير في التكاليف الإجمالية هى التى تتأثر من حيث موقعها بعامل النقل. ووفق نظرية الموقع لا لفريد و براA. Weh فإن الإنتاج الصناعي بشد أو يجتذب طبيعيا للمواضع التي تمنح أقل تكلفة نقلية والتي بدورها ترتبط ارتباطا وثيقا بالمواد الخام والسوق وطبيعة المواد المصنعة ، ويعتبر كل العوامل الموقعية الأخرى ثانوية لأنها تؤدي إلى تحريف أو تشويه النمط الطبيعي الذي تحدده تكلفة النقل وتتكون تكاليف النقل من جزئين أساسيين :
تتطلب شحن وتفريغ معاملة Terminal or handling charge
1 – رسوم البضائع .
ب - رسوم الخط line charge وهي عبارة عن تكاليف النقل الفعلى للبضائع والتي تزداد مع المسافة . واعتمادا على نوع الصناعة ، فإنه يمكن تخفيض تكلفة النقل وذلك عند مصدر أو مصادر المواد الخام أو السوق حيث يتم انتقال بضاعة من وسيلة نقل إلى وسيلة أخرى ، أما إذا كانت المواد الخام تستجلب من مناطق واسعة متنوعة فإن أفضل موقع للمصانع يكون في انتقال وسط مثل الموانئ وأقرب مثال لذلك مصانع الصلب عند شواطئ إيطاليا وبعض دول أوروبا الغربية.
أما العوامل الأخرى التي تؤثر في تكلفة النقل فهي :
- المسافة التي يجب تغطيتها.
ـ تكاليف بناء وصيانة التسهيل النقلي.
فالمسافة البعيدة تسلب الموارد الطبيعية قيمتها وتمنع من استغلالها ، ففي أوروبا حيث يستخدم الأنهار والقنوات في النقل على نطاق واسع فإن سهولة الاتصال للطرق المائية لها أهمية كبيرة للصناعات. فالتطور الصناعى لسابليزيا العليا تعثر طويلا حتى سبعينات القرن التاسع عشر عندما تمت الإصلاحات الملاحية في نهر الأودر ومن ثم الاتصال عبره بأجزاء ألمانيا الأخرى مما ساعد على النهضة الصناعية للمنطقة و استغلال الفحم الجيد فيها.
4ـ دور القوى العاملة في جذب الصناعة:
يمكن أن يحدث تغيير في الموقع من نقطة ذات تكلفة نقل أدنى وذلك في حالة أن التوفير في تكلفة العمل أكبر من تكلفة النقل الإضافية الناجمة من هذا التغيير، فعلى العموم فإن تكلفة العمل عامل له تأثيره في تحديد مواقع الصناعات ، وأكثر الصناعات التي تتأثر بهذا العامل هى تلك التي تكون لتكلفة العمل فيها دور بارز أو تمثل جزءا كبيرا من التكلفة الإجمالية، وخاصة تلك الصناعات التي تعتمد على كادر من العمال ذوى المهارة العالية والذين يتخصصون في إنتاج أشياء صغيرة ذات قيمة وعمالية مثل الساعات وآلات التصوير وراديوهات الترانزستور وأشباهها.
فهناك خصائص عديدة للعمل يدخلها أرباب المصانع في اعتبارهم عندما يقررون تحديد مواقع لمصانعهم مثل وجود أو تيسر الحصول على العمل ، ومتوسط الأجور والمهارات الضرورية وإنتاجية العمال ككل.
وحسب التقليد يتجمع العمال ذوى الخبرات والمهارات في عدد قليل من الأماكن وذلك نتيجة للحاجة للتدريب الشخصي في مثل هذه الحالات التي تتطلب تخليد او استمرارية مهارات معينة ، وبالتالي فان أرباب المصانع يبحثون عن مثل هذه المواضع التي يتجمع فيها العمال الذين يملكون المهارات المطلوبة ، ولم يكن من محض الصدفة أن قامت مصانع النسيج الآلية الأولى في إنجلترا وألمانيا في المناطق التي كانت لها تقاليد عريقة في صناعة النسيج ، وقد جذب وجود العمال المهرة أصحاب مصانع المنسوجات القطنية والأقمشة الاصطناعية إلى تلك المناطق التي اشتهرت من قبل بإنتاج الأقمشة الكتانية والصوفية والحريرية.
وقد قل تأثير القوى العاملة في تحديد موقع الصناعات حديثا نتيجة القدرة والامكانية المتزايدة للعمال الأوروبيين في التحرك والانتقال من منطقة لأخرى ، فقد كانت الهجرات العمالية العالمية واضحة في القرن التاسع عشر عندما كانت منطقة الرور في المانيا تنهض صناعيا، ولكن زادت سرعة الهجرات منذ الحرب العالمية الثانية نتيجة للمعاهدات الدولية التي تسمح وأحيانا تشجع مثل هذه الهجرات فالمصانع الألمانية والفرنسية وحتى السويسرية تعتمد الآن اعتمادا كبيرا على العمال من جنوبي القارة مثل الإغريق والأسبان واليوغسلافيين والجزائريين الذين ينزحون إلى المناطق الصناعية في الشمال وبأعداد ضخمة ويقطنون الأحياء الفقيرة من المدن الكبيرة ورغم أن معظم هؤلاء العمال يأتون الى هذه الدول الصناعية بصفة مؤقتة ، فإن بعضهم يقومون بصفة دائمة فى بعضها، ومثل هؤلاء العمال المقيمين هم الذين يثيرون بعض المشاكل السياسية بالنسبة للدول التي يقيمون فيها ومبعث هذه المشاكل هو خوف بعض الوطنيين من طغيان هؤلاء الأجانب وتأثيرهم على الخصائص القومية مثلما حدث في سويسرا في عام 1970م عندما أجرت الحكومة استفتاء بخصوص أدنى لنسبة الاجانب في عدد سكانها.
حل وضع وهناك تزايد في الهجرات الداخلية : وفى إيطاليا برهنت الدراسات على وجود توافق منذ عام 1952 بين الهجرة من الجنوب وبين كمية الاستثمار الصناعي في منطقة وادي نير البو وجنوا في الشمال الغربي من الدولة.
5- مصدر الطاقة كعامل جذب للصناعة :
تقوم الثورة الصناعية أساسا على استخدام القوة غير الحيوية ، وبالتالي كان المصدر الطاقة دور في تحديد موقع المصنع خاصة في المراحل التكوينية للثورة عندما كانت القوة المائية تربط أرباب المصانع إلى شواطئ الأنهار حيثما توجد الشلالات والجنادل ، وما زالت بعض مصانع النسيج البريطانية العريقة تستخدم القوة المائية وظلت ثابتة في مواضعها منذ القرن الثامن عشر. وعندما حلت مكائن البحار التي تستخدم الفحم محل العجلات المائية ظلت العلاقة الموقعية بين مصدر الطاقة والمصنع باقية متشبثة ، ولكنها أخذت تضعف تدريجيا مع التقدم في تكنولوجيا النقل ، ومع ذلك ، فقد بقيت النهضة والتطور الصناعى متبعثرا وعاجزا بدون ارسابات الفحم الكبيرة حتى القرن الحالي. عندما حلت مصادر الطاقة الأخرى مثل القوى الكهربائية المائية والبترول والغاز الطبيعى محل الفحم إلى حد كبير . وفي نفس الوقت يجب أن تعرف أنه قبل أن يصبح الفحم مصدرا رئيسيا للطاقة كانت الصناعات تتركز عند كل حقل فحم من حقول بريطانيا وأوروبا . فقد كانت مقاطعات لانكشير و يوركشير والرور ومنطقة وسايليزيا العليا ومنطقة سامبر - ميوز ومقاطعة سأحسن في ألمانيا الشرقية مقرا لتجمعات صناعية هامة قبل أن للفحم أهمية تجارية ، وفي هذه المناطق كانت مهمة الارسابات الفحمية الموجودة فيها أنها يسرت قبول تكنولوجيا الثورة الصناعية لدى أصحاب المصانع الموجودين من قبل .
وكان لإحلال الفحم بالبترول والقوى الكهربائية المائية دور كبير في إضعاف الارتباط بين المصنع ومصادر الطاقة وذلك لسهولة نقل كليهما من الناحية الاقتصادية وتبادل الكهرباء أصبح من الأمور الشائعة بين دول أوروبا في حين أن انشاء أنابيب البترول وتطور صناعة ناقلات البترول الضخمة بعد عام 1952 سهلا نقل البترول من مناطق إنتاجه إلى مناطق الاستهلاك.
ورغم ذلك فإننا نجد التوزيع الحالي للصناعات الأوروبية قد تحدد خلال تلك الفترة التي كان القرب لمصادر الطاقة أمرا ضروريا وعلاوة على ذلك فإن بعض الصناعات ، ومن ضمنها المصانع التي تعمل في تحويل الالمنيوم ، لها تركيبات تكلفة تسيطر عليها المصروفات على الطاقة ولذلك فإن أصحابها يضعون أهمية كبرى لمصادر طاقة عند اختيارهم الموقع لإقامة مصابعهم.
الاعتبارات السياسية والصناعة : كان للتجزيئية السياسية تأثير كبير على موقع الصناعة في أوروبا وفعلياً فإن القوانين العديدة التي تحدد موقع صناعة ما قد يبطل مفعولها بمجرد وجود حدود دولية والتدخل الحكومي ينتج من الرعبة في :
(1) مساعدة الصناعات التي تنتج مواد تلاقى منافسة من المنتجين الأجانب.
(2) تطوير الصناعات ذات الأهمية الاستراتيجية.
(3) ایجاد مواقع آمنه للصناعات الاستراتيجية.
(4) تويع الاقتصاد الصناعى للمناطق البالغة التخصص في انتاج مواد معينة.
(5) تحديد النمو المتزايد للتجمعات الحضرية الضخمة Conurbation
(6) رفع المستوى المعيشي للمناطق المتخلفة.
وتشكل الحدود السياسية نقاط حواجز تتمثل في التعريفات Talis الجمركية وكونات استيراد والتصدير كما أنها تعوق حركة العمال ورأس المال أو النقل عبرها.
ولم تعد للتعريفة Tuarr تير كبير في تحديد موقع الصناعة في أوروبا كما كان من قبل ، وذلك لإنشاء ثلاث مجموعات عالمية تجارية يسعى أعضاؤها لإزالة العوائق والقيود من طريق التبادل التجاري. وهذه المجموعات التجارية هي:
1 - السوق الأوروبية المشتركة التي تتكون من الأعضاء المؤسسين ألمانيا الغربية وفرنسا وإيطاليا وهولندا وبلجيكا ولكسمبورج . وتأسست عام 1957 م ( وتضم الآن عشر دول هي بريطانيا والدنمارك وأيرلندا واليونان والترويح ) .
2- الاتحاد الأوروبى للتجارة الحرة وأعضاء الميثاق هم : المملكة المتحدة والترويج والسويد والدنمارك والبرتغال وسويسرا والنمسا وتأسس عام 1960 م .
3- الكوميكون Comon أو المجلس للمساعدة الاقتصادية المتبادلة وتضم الاتحاد السوفيتي ودول أوروبا الشرفية الشيوعية ما عدا يوغسلافيا والبانيا ( انسحبت ) .
ومن المتوقع حدوث تغييرات أساسية في هذه التنظيمات مستقبلا، حدثت تغييرات فعلا منها انضمام فنلنده وأيسلنده للاتحاد الأوروبى وانضمام المملكة المتحدة والدنمارك للسوق المشتركة. ولكن التعريفة الجمركية ما زالت مطبقة على بعض أعضاء هذه المنظمات ومع غير الأعضاء، والتعريفة من شأنها أن تجعل الحدود السياسية تحدد أو تقلل من وصول المواد الخام الأجنبية والأسواق مما يدعم موقف المواد الخام المحلية والأسواق. وكثيرا ما تعانى أماكن الانتاج بالقرب من الحدود المحمية بالتعريفة الجمركية من تكاليف التوزيع أو قلة في الإنتاج أو كليها . وهكذا تتسم منطقة السوق بالانكفاء أو عدم التوازن مع طاقة استهلاكية كافية كبيرة في اتجاه دون آخر من المصنع ، ومثال متطرف لهذا الوضع هو مصنع سيارات الفولكس واجن في ولفيبرج Wolfury في ألمانيا الاتحادية فعند اختيار هذا الموضع فى عهد هتلر كان الموضع مركزيا بالنسبة لألمانيا آنذاك اتصال مباشر بقنال الميدلاند الهام . وبعد افتتاح المصنع بعد الحرب العالمية الثانية وأثر التعديلات في الحدود وانقسام الدولة الى شطرين اصبح موقع الستار الحديدي على بعد 11 كم إلى الشرق من المصنع ، وقد أبقى أمل توحيد شطرى ألمانيا المصنع في موضعه القديم غير المناسب. ومع الاستثمار الكبير لرأس المال أصبح نقل المصنع إلى موضع آخر أصعب من الناحية الاقتصادية ، وهكذا بقى المصنع في مكانه بعيدا من السوق الرئيسية في ألمانيا الغربية وتمثل برلين الغربية السوق الوحيدة في الشرق ، ووجود قوانين وضرائب أو أجور أدنى مختلفة على جانبي الحدود الدولية أيضا يؤثر على موقع الصناعة عن طريق منع أو تشجيع هجرة رأس المال والعمال.
و يكتسب العامل السياسي أهمية عندما تتخذ الحكومات اجراءات لتحديد موقع الصناعة لأسباب استراتيجية. والشعوب المهددة بالحروب تجنح إلى تشتيت المصانع داخل الدولة لتفادى الهجوم عليها وقذفها بالقنابل لغرض تدميرها ، وأثناء الحرب الأخيرة لجأت بريطانيا إلى إقامة مصانع للذخيرة في مقاطعة لانكشير لأنها كانت بعيدة عن متناول الغارات الألمانية.
وكثيرا ما تلجأ الحكومات إلى إجراءات من شأنها النهوض بالمناطق المتخلفة داخل الدولة ، ومثال ذلك محاولات الحكومة الإيطالية في اقامة المصانع في الجنوب. فمصنع الحديد والصلب فى ترانتو ومصنع البتروكيماويات في غيلا في صقلية أمثلة لهذه المحاولات وإقامة مصنع الصلب في موى رانا في الترويج والمحاولات المبدئية الحكومة بروسيا لتطوير إقليم سايليزيا العليا صناعيا كلها اجراءات لتطوير هذه المناطق المتخلفة.
ويحدث العكس أحيانا كما في حالة الحكومة البريطانية التي المغذت اجراءات من شأنها عدم تشجيع اقامة صناعات أخرى في منطقة لندن وبيرمنجهام لصناعيتين وهما
من أهم المناطق الصناعية في انجلترا.
ومن هذه الدراسة يتضح لنا الآتي: -
1 - إن الحدود السياسية الدولية تميل إلى تعويق أو إثباط الصناعات في منطقة الحدود . وذلك بدفعها إلى داخل الدولة
2 - تعمل التعريفات الجمركية إلى تشتيت الصناعة ، وتتيح المجال الصناعات معينة لكي تقوم في أماكن ما كانت لها أن تقوم فيها لولا هذه الظروف الخاصة .
3- تشتيت الصناعة بأوامر حكومية لأسباب تتعلق بالأمن أو لغرض النهوض بالمناطق المتخلفة أيضا تساعد على عدم تكتل أو تركز الصناعات في مناطق محدودة .
4 - ويتخوف بعض الخبراء في مجال الموقع الصناعي من أن إزالة القيود أو التقييدات الرسمية على موقع المصانع في أوروبا قد يؤدى إلى ازدهار ونهضة في قليل من المناطق التي تتمتع بمواقع مركزية مثل منطقة الرور في ألمانيا الغربية على حساب المناطق الهامشية التي قد يصيبها التدهور والركود.
الاكثر قراءة في الجغرافية الصناعية
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة

الآخبار الصحية
