القانون العام
القانون الدستوري و النظم السياسية
القانون الاداري و القضاء الاداري
القانون الاداري
القضاء الاداري
القانون المالي
المجموعة الجنائية
قانون العقوبات
قانون العقوبات العام
قانون العقوبات الخاص
قانون اصول المحاكمات الجزائية
الطب العدلي
التحقيق الجنائي
القانون الدولي العام و المنظمات الدولية
القانون الدولي العام
المنظمات الدولية
القانون الخاص
قانون التنفيذ
القانون المدني
قانون المرافعات و الاثبات
قانون المرافعات
قانون الاثبات
قانون العمل
القانون الدولي الخاص
قانون الاحوال الشخصية
المجموعة التجارية
القانون التجاري
الاوراق التجارية
قانون الشركات
علوم قانونية أخرى
علم الاجرام و العقاب
تاريخ القانون
المتون القانونية
القرائن المدنية المطبقة أمام القضاء الإداري
المؤلف:
حسين سالم محمد جاسم
المصدر:
عبء الاثبات في الدعوى الإدارية
الجزء والصفحة:
ص 114-122
2025-08-27
34
لا يعني استقلال القضاء الإداري عن القضاء العادي انعدام التطابق في بعض القواعد المنظمة لكل منهما، فقد يكون من الضروري على القاضي الإداري بتطبيق بعض قواعد القانون المدني بما يتناسب وطبيعة الدعوى الإدارية ومن ذلك يطبق القاضي الإداري القرائن القانونية التي تراعي المصلحة العامة والخاصة لضمان الحقوق وصيانتها، وأن هذه القرائن منصوص عليها في القانون المدني، فالأولى تمثلت بقاعدة حجية الأمر المقضي فيه والثانية تعلقت بقرائن المسؤولية عن الأعمال الضارة، وأن هذا التوافق بين المبادئ في القانونين أكدت عليه محكمة القضاء الإداري في مصر فقد ذكرت بأنه ((مع استقلال القانون الإداري عن القانون المدني، في مبادئه ونظرياته، فإن قواعد القانون الإداري ليست في مرتبة واحدة من هذا الاستقلال فقد يوجد اتحاد بين القانونين في بعض قواعدهما بسبب الضرورات التي تتطلب ذلك، وأن القانون الإداري حيث يطبق هذه القواعد بقصد نقلها إلى نطاقه ودمجها في قواعده الخاصة المطبقة على الدعاوي الإدارية)) (1)، عليه فإن القرائن المدنية التي تطبق أمام القضاء الإداري والتي سيتم تناولها في هذا الموضوع هما قرينة حجية الأمر المقضي فيه وقرينة المسؤولية الإدارية ، والسبب في وقوع
الاختيار على هاتين القرينتين لما لها تطبيق كثير أمام القضاء الإداري وارتباطها الوثيق بموضوع عبء الاثبات.
أولاً: قاعدة حجية الأمر المقضى فيه
وهذه القاعدة من القواعد المهمة في القانون والتي تعتبر الحكم القضائي قد حاز الحجية أمام القضاء متى ما صدر صحيحاً موافقا للقانون بحيث يمنع إعادة النظر فيه مرة أخرى أمام القضاء، وقد ذكر المشرع الفرنسي هذه القاعدة في القانون المدني ونظمها وحدد شروطها الموجبة لها (2)، وتبنى المشرع المصري هذه القاعدة ونص عليها في قانون الإثبات النافذ فقد عدى الحكم الذي حاز قوة الأمر المقضي فيه حجة فيما فصل فيه من الحقوق وعدم قبول أي دليل ينقض هذه الحجية، على أن يتمتع الحكم بها في حالة قيام النزاع بين الأطراف أنفسهم وتعلق بذات الحق محلاً وسبباً (3)، وذكرها أيضاً في قانون مجلس الدولة النافذ هذه وأكد على ضرورة التمسك بها (4) ، وفي العراق فإن المشرع قد أكد على هذه القاعدة ونص عليها في "قانون الإثبات النافذ وعدها قرينة قانونية قاطعة، فقد وردت في الفرع الثالث من الفصل الخامس من الباب الثاني من القانون تحت مسمى طرق الإثبات، وبالتالي عدها قرينة فإن صدر الحكم واكتسب الدرجة القطعية يكون حجة بما فصل من الحقوق وعدم قبول أي دليل ينقض هذه الحجية (5) ، ومن جانب آخر أكد المشرع على أن قرار محكمة القضاء الإداري ومحكمة قضاء الموظفين المكتسبين الدرجة القطعية وقرار المحكمة الإدارية العليا الصادر بنتيجة الطعن بهما يعد باتاً وملزماً، مما يعني عدم جواز إقامة الدعوى مرة أخرى في المواضيع التي فصلت بها هذه المحاكم (6).
وتعرف هذه القاعدة بأنها (نوع من الحرمة تتمتع بها الأعمال القضائية دون سائر الأعمال القانونية، وتعني أن الحكم القضائي يعتبر حجة فيما قضى به متى صدر صحيحاً) (7)، وهو تعريف غير جامع لما تشتمل عليه هذه القاعدة من معنى وشروط، وعرفت أيضاً بأنها ((صدفة
تثبت للأحكام النهائية، في نزاع ثار بين الأطراف أنفسهم وتعلق بذات الحق محلاً وسبباً))(8)، وهي ليست صفة وإنما قرينة قانونية تجعل الأحكام لا تقبل الشك فيما قضت به(9)، ويمكن تعريفها بأنها قرينة قانونية قاطعة، مفادها أن الحكم القضائي حجة فيما قضى به متى صدر صحيحاً موافقاً للقانون، ولا يقبل أي دليل يثبت عكس ما جاء به الحكم، وحتى تطبق هذه القاعدة فإنها تحتاج إلى شروط موجبة لقيامها والتي تمثلت بشقين الأول يشمل الشروط المتعلقة بالحكم الصادر في الدعوى والتي تؤكد على أن يكون الحكم قضائياً وقطعياً وأن يتمسك بالحجية في منطوقه، أما الثاني فيشمل الشروط المتعلقة بالحق المدعى به والتي تؤكد على اتحاد الخصومفي الدعوى واتحاد المحل والأسباب، وأن الشروط المتعلقة بالحكم الصادر في الدعوى هي:
1. أن يكون الحكم قضائياً
حتى يكون الحكم حائزاً لقوة الأمر المقضي فيه يجب أن يصدر من جهة قضائية مختصة، فيجب في هذا المجال أن يصدر الحكم من المحاكم الإدارية المختصة بنظر الدعاوي الإدارية (10)، فقد قضت محكمة القضاء الإداري في مصر بأن ((من المتعين فحص اختصاص المحكمة التي أصدرت الحكم من أجل الفصل في قبول دفع عدم جواز النظر في الدعوى لسبق الفصل فيها، فلكي يجوز التمسك بها يتعين كشرط أساس أن يكون هناك حكم قضائي صادر من جهة قضائية لها ولاية في النزاع المطروح عليها )) (11)، فيجب أن تكون المحكمة مختصة بإصداره فإذا لم تكن كذلك فلا مجال لإعمال هذه القاعدة، بخلاف الفقه والقضاء في فرنسا فإنهم يعدون بأن هذه القاعدة تعمل حتى وإن كانت المحكمة التي أصدرت الحكم غير مختصة بإصداره(12).
2. أن يكون الحكم قطعياً
ويشترط كذلك لجعل الحكم حائزاً لحجية الأمر المقضــــي فيـه أن يكــــون حكماً قطعياً، بمعنى أنه قد حاز درجة البنات أي لا يمكن سلوك طرق الطعن القانونية العادية وغير العادية عليه (13) ، وينهي الخصومة بشكل نهائي، وينهي ولاية المحكمة التي أصدرته (14)، وقد عرفت محكمة النقض المصــــريـة الـحكــم القطعـــي بأنـه ((هـو الـذي يضـع حـداً فاصلاً للنزاع فـــي جملتـــه أو في جزء منه أو في مسألة متفرعة عنه بفصل حاسم لا رجوع فيــه مــن جانب المحكمة التي أصدرته )) (15)، وبناءً على ذلك فإن الحكــم يجب أن يكون حاسماً في النزاع.
3. أن يتمسك بالحجية في منطوق الحكم
لا يكفي لقيام حجية الأمر المقضي فيه كون الحكم قضائياً وقطعياً بل يجب إلى جانبهما توفر شرط لا يقل أهمية عن سابقيه وهو أن يتمسك بالحجية في منطوق الحكم، إن الحكم القضائي يشتمل على ثلاثة أصناف وهي وقائع الحكم واسبابه ومنطوقه، فتشمل الأولى ما حدث من إجراءات في الدعوى، أما الثانية فتشمل الأسباب التي استند عليها الحكم، والثالثة فهي تتمثل بمنطوق الحكم الذي يصدر في الدعوى (16) ، وأن الحجية تكون في منطوق الحكم دون وقائعه وأسبابه وهذا هو الأصل وما جرى عليه القضاء الإداري في مصر إلا أن الأخير قد أورد استثناء بأن يمكن أن تكون لأسباب الحكم الحجية إذا كانت مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بمنطوق القرار بحيث لا يقوم المنطوق بدونها (17) ، فقد قضت المحكمة الإدارية العليا في مصر بأن ((يكون التمسك بالحجية في منطوق الحكم لا أسبابه إلا إذا ارتبطت ارتباطاً وثيقاً بالمنطوق بحيث لا يقوم الأخير بدون هذه الأسباب)) (18) ، وفي العراق فقد جرى العمل امام القضاء الإداري بأن تكون الحجية على أسباب القرار لارتباطها الوثيق بمنطوقه، وتطبيقاً لذلك "قضت المحكمة الإدارية العليا في مجلس الدولة بأن (الحكم الصادر من محكمة الجنايات يكون حجة فيما يتعلق بتعيين الواقعة المكونة للجريمة ونسبتها لفاعلها ووصفها القانوني)(19).
وأن الشروط المتعلقة بالحق المدعى به هي (اتحاد الخصوم والمحل والسبب )، وكما يلي:
1. اتحاد الخصوم
والمقصود بهذا الشرط هو وحدة الخصوم في الدعوى بصفاتهم القانونية، وليس بصفاتهم الشخصية، لأن هذه الحجية قاصرة على أطراف الدعوى (20) ، بالدعوى قد تقام عن طريق الوكيل والوكيل يقوم بأعمال الوكالة وتنصرف الآثار إلى الأصيل، عليه فإن الحجية تقتصر على أطراف الدعوى بصفاتهم القانونية، وأن هذه الحجية تسري في مواجهة من يخلف الأصيل ممن يتمتع بالصفة القانونية (21)، وأن أطراف الدعوى الإدارية هم الفرد والإدارة عن طريق الممثل القانوني لها فالأخير يجري الأعمال وتنصرف آثارها إلى الإدارة.
2. اتحاد المحل
ومعنى هذا الشرط هو أن تقام الدعوى لنفس الموضوع الذي حسمت به الدعوى السابقة، فقد قضت محكمة القضاء الإداري في مصر بأن (( يشترط للتمسك بحجية الأمر المقضي فيه وحدة الخصوم وتعلق النزاع بذات المحل سبباً وموضوعاً )) (22) ، فإذا اختلف موضوع الدعوى الثانية عن الدعوى الأولى فلا مجال لإعمال قاعدة حجية الأمر المقضي فيه.
3. اتحاد السبب
والمقصود بالسبب ((هو المصدر القانوني للحق المدعي به فقد يكون وقائع مادية أو تصرف قانوني))(23)، فيجب لإعمال قاعدة الأمر المقضي فيه أن تكون الدعوى الثانية قد أقيمت لنفس السبب الذي بنيت عليه الدعوى الأولى (24) ، وتجدر الإشارة إلا أن السبب يختلف عن الدليل فيعني الأول مصدر الحق اما الثاني فهو وسيلة إثبات لهذا الحق (25).
بتوافر الشروط المتقدمة أعلاه تقوم قاعدة حجية الأمر المقضي فيه وهي بحد ذاتها قرينة قانونية قاطعة، تمنع من إقامة الدعوى مرة أخرى، وتطبيقاً لذلك قضت المحكمة الاتحادية العليا في العراق برد دعوى المدعي الذي يطلب فيها إلغاء قرار وزير الزراعة بإجابة طلبه بخصوص الموافقة على تمليكه قطعة أرض زراعية، فقد لاحظت المحكمة بأن محكمة القضاء الإداري قد ردت الدعوى بسبب عدم توافر أسباب إجابة طلبه بخصوص التمليك لقطعة الأرض، وقد صدق هذا القرار تمييزاً أمام الهيئة العامة في مجلس الدولة في 2005/6/5، وقد قدم لائحته التميزية أمام هذه المحكمة، ولكون أن الدعوى قد اتحد فيها السبب والمحل والخصوم، فقد كان مبرراً لقيام قرينة "حجية الأمر المقضى فيه وبالتالي رد الدعوى (26) ، وقد أكدت "الهيئة العامة في مجلس الدولة العراقي" على هذه القرينة في قرارها القاضي بتصديق قرار مجلس الانضباط العام (محكمة قضاء الموظفين حالياً )والمتضمن رد دعوى المدعي التي يطلب فيها إلغاء قرار مدير عام الشركة العامة للسلك الحديد، فلاحظ المجلس أن المدعي سبق وأن أقام الدعوى وردت وتصدقت تمييزاً بموجب قرار الهيئة العامة في مجلس الدولة بالعدد (163/انضباط/تمييز / 2006 في 2006/6/19 ) ، وقد أقامها مرة أخرى لنفس الطلب، وقضى المجلس برد الدعوى لسبق الفصل فيها (27).
ثانياً: قرينة مسؤولية الإدارة عن أعمال تابعيها
يقوم القضاء الإداري بتطبيق قواعد القانون المدني المتعلقة بشأن تقرير مسؤولية الإدارة عن أعمال تابعيها، لكون الأخيرة قرينة قانونية تقررت لمصلحة خاصة، والتي تعد استثناء على الأصل العام الذي يقضي باستقلال قواعد القانون العام عن قواعد القانون الخاص. لم يرد نص في قوانين مجلس الدولة سواء في فرنسا أو مصر أو العراق بشأن تنظيم مسؤولية الإدارة عن أعمال تابعيها نظراً لحداثة نشأة قواعد القانون الإداري، وبالرجوع إلى قواعد القانون المدني يكون واضحاً تنظيم هذه المسألة فقد ذكرها المشرع الفرنسي في القانون المدني وألزم رؤساء الادارة بالتعويض عن الأضرار التي يحدثها الموظفون التابعون لهم أثناء تأديتهم وظيفتهم (28)، وكذلك فعل المشرع المصري في القانون المدني فقد الزم المتبوع بجبر الضرر الذي يحدثه تابعه وكان هذا الضرر أثناء وظيفته أو بسببها، على أن هذه المسؤولية تقوم متى ما كان للمتبوع سلطة في الرقابة والتوجيه التابعه (29) ، وفي العراق فإن المشرع قد الزم جهة الإدارة التي تقوم بخدمة عامة وكل فرد يتبعها قانوناً بجبر الضرر الذي يقع من تابعيها أثناء تأديتهم وظائفهم (30).
والمقصود بقرينة مسؤولية الإدارة عن أعمال تابعيها يتطلب بيان تعريفها وأهميتها وشروطها وحجيتها في الإثبات، فتعرف المسؤولية الإدارية بأنها ((الحالة القانونية التي تلتزم فيها الدولة أو المؤسسات والمرافق والهيئات العامة الإدارية نهائياً بدفع التعويض عن الضرر أو الأضرار التي تسببت للغير بفعل الأعمال الإدارية، سواء كانت مشروعة أو غير مشروعة))(31)، وهو تعريف غير جامع لأن المسؤولية تقوم بخطأ الإدارة المفترض والضرر والعلاقة السببية بينهما وليس حالة قانونية وأن التعويض لا يكون إلا عن أعمال الإدارة غير المشروعة سواء كانت مادية أم تصرفات قانونية، وتعرف أيضاً بأنها ((افتراض خطأ الإدارة المبرر لمسؤوليتها والحكم عليها بالتعويض عن الأضرار الناجمة عن نشاط معين وفقاً لقواعد المسؤولية الإدارية))(32)، ويمكن تعريفها بأنها التزام جهة الإدارة بجبر الضرر الذي أحدثه موظفوها للأفراد أثناء تأديتهم واجباتهم، إن المسؤولية الإدارية تدور وجوداً وعدماً حول ( الخطأ والضرر والعلاقة السببية بينهما)، عليه فيشترط لقيامها توافر العناصر التي تقدم ذكرها، وهي:
1. الخطأ
يعرف الخطأ بأنه (مخالفة أحكام القانون تتمثل في عمــل مـادي أو تصرف قانوني) (33)، وقد عرفته "المحكمة الإدارية العليا في مصــر" بأنه ((واقعــة مجردة قائمة بذاتها متى تحققت أوجبت مسؤولية مرتكبها عن تعويض الضرر الناشئ عنها )) (34) ، إن الخطأ يعد ركن لقيام مسؤولية الإدارة، فبانعدامه تنتف هذه المسؤولية، وهو يتطلب خطأ من الموظف تنصــرف آثاره إلى الإدارة، هذا وأن الأخطاء التي يجب التعويض عنهـا هـي الأخطــاء المرفقية دون الأخطاء الشخصية، وأن الفقه الإداري قد وضع عدة نظريات لتمييز الخطأ المرفقي عن الخطأ الشخصي، منها معيار جسامة الخطأ، معيار الغاية، معيار النزوات الشخصية، معيار الانفصال عن الوظيفة)(35).
2. الضرر
لا يقل هذا الشرط أهمية عن الأول (الخطأ) وهو أيضا ركن لقيام مسؤولية الإدارة عن أعمال تابعها فلابد من وجود ضرر يصيب الفرد على أن يكون محققاً لا محتملاً قد وقع فعلاً على الفرد وأن يكون خاصاً يصيب فرد بعينه أو عدداً محدداً من الأفراد (36)، فإن كان عاماً فلا يوجب التعويض عنه، وأن يقع على حق مشروع للفرد، ويمكن أن يكون ماديا أو معنوياً (37).
3.العلاقة السببية بين الخطأ والضرر
حتى تقوم مسؤولية الإدارة عن أعمال تابعيها يجب أن تكون هناك علاقة سببية بين الخطأ والضرر الذي أصاب الفرد، أي أن يقع الضرر نتيجة الخطأ الواقع من الموظف(38)، فإذا انتفت هذه العلاقة فلا موجب لقيام المسؤولية الإدارية كما في حالة القوة القاهرة وخطأ المضرور نفسه أو خطأ الغير(39) وينبغي ملاحظة ما إذا كان خطأ المضرور قد اشترك مع خطأ الإدارة فهنا تقوم العلاقة السببية على أساس الخطأ المشترك ويقدر التعويض بقدر ما أحدثته الإدارة من ضرر (40).
بتحقق الشروط أعلاه تقوم مسؤولية الإدارة عن أعمال التابعين لها، فوجود ضرر واقع على الفرد بسبب أعمال الإدارة يقيم قرينة قانونية مفادها افتراض خطأ الادارة بسبب الضرر الذي أصاب الفرد جراء أعمالها وأن المشرع نص على هذه القرينة حماية لمصلحة الفرد، فأعفاه مؤقتاً من إثبات الخطأ (41)، وأن هذه القرينة تعد من القرائن القانونية القاطعة التي لا تقبل إثبات عكسها"، ففي فرنسا وطبقاً لقواعد المسؤولية في القانون المدني فإن المسؤول يلزم بجبر الضرر الذي يحدثه مستخدمه أثناء وظيفته وأن هذه المسؤولية لا تنتفي إلا بإثبات السبب الأجنبي أو القوة القاهرة (42)، وكذا الحال في مصر فإن المشرع قد ألزم المتبوع بالتعويض عن الضرر الذي يحدثه تابعه إلا أن هذه المسؤولية تنتفي بفعل القوة القاهرة أو السبب الأجنبي(43)، أما العراق فإن الأمر يختلف عما عليه الحال في فرنسا ومصر فقد عدها المشرع قرينة قانونية بسيطة قابلة لإثبات العكس، فتنتفي هذه المسؤولية بمجرد أن يثبت المتبوع أنه قد بذل العناية لمنع الضرر أو أن الضرر يقع حتى مع توافر العناية اللازمة (44)، وبذلك فإن المشرع قد جعل الخطأ في هذه الحالة مفترض لا يقع عبء اثباته على الفرد فيكفي من الأخير اثبات الضرر والعلاقة السببية بينه وبين فعل التابع، مما يؤدي الى نقل عبء اثبات عدم المسؤولية على عاتق الإدارة بإثبات السبب الأجنبي أو القوة القاهرة (45).
____________
1- حكم محكمة القضاء الإداري في مصر سنة 1957، نقلاً عن مرعي محمد عبد الله الفلاح، الإثبات بالقرائن أمام القضاء الإداري، دار الجامعة الجديدة، الإسكندرية، مصر، ط، 2019، ص 470.
2- المادة (13) من القانون المدني الفرنسي 1804/2/17
3- المادة (101) من قانون الإثبات المصري رقم (25) لسنة 1968.
4- المادة (52) من قانون مجلس الدولة المصري رقم (47) لسنة 1972.
5- المواد (105،106) من قانون الإثبات العراقي رقم (107) لسنة 1979.
6- المادة (7، ثامناً، ج وتاسعاً، د) من قانون مجلس الدولة العراقي رقم (107) لسنة 1979.
7- محمد علي محمد عطا الله، الإثبات بالقراءة في القانون الإداري والشريعة الإسلامية، أطروحة دكتوراه، كلية الحقوق جامعة أسيوط، مصر، 2001 ، ص 347.
8- أحمد حسين أحمد، مفهوم حجية الأمر المقضي فيه، مقال منشور في موقع معلومات قانونية عامة، على الرابط http://aelinkedin.com/ pulse)، تاريخ الزيارة 2023/10/20.
9- سمير عبد السيد تناغو، أحكام الالتزام والإثبات، مكتبة الوفاء القانونية، الإسكندرية، مصر، ط1، 2009، ص119.
10- مرعي محمد عبد الله الفلاح، مصدر سابق، ص 481
11- حكم محكمة القضاء الإداري في مصر في 1961/6/25 ، نقلاً عن محمد علي محمد عطا الله، مصدر سابق، ص 354.
12- مرعي محمد عبد الله الفلاح، مصدر سابق، ص 482.
13- أحمد الجعفري مقال منشور في موقع اليوم السابع على الرابط youm7.com)، تاريخ الزيارة في 2023/11/5
14- مقال منشور في موقع حماة الحق، على الرابط jordan lawyer.com ، تاريخ الزيارة في 2023/11/5
15- حكم محكمة النقض المصرية في 1983/2/2، نقلاً عن مرعي محمد عبد الفلاح، ص 483.
16- عصمت عبد المجيد بكر ، شرح قانون الإثبات، دار السنهوري ،بيروت، لبنان، ط، 2018 ، ص 434.
17- مرعي محمد عبد الله الفلاح، مصدر سابق، ص 485
18- حكم المحكمة الإدارية العليا في مصر في 1961/6/8 ، نقلاً عن محمد علي محمد عطا الله، مصدر سابق، ص 359.
19- القرار رقم (156 ، قضاء موظفين، تمييز، 2018 في 2018/3/8 )، قرارات مجلس الدولة وفتاواه لعام 2019، مجلس الدولة جمهورية العراق، 354.
20- محمد أحمد محمد زكي أحمد، ص 466.
21- مرعي محمد عبد الله الفلاح، مصدر سابق، ص 487.
22- حكم محكمة القضاء الإداري في مصر في 1984/1/31، نقلاً عن محمد علي محمد عطا الله، الإثبات بالقراءة في القانون الإداري والشريعة الإسلامية، أطروحة دكتوراه، كلية الحقوق جامعة أسيوط، مصر، 2001، ص 363.
23- صعب ناجي عبود الدليمي، الدفوع الشكلية أمام القضاء الإداري في العراق، اطروحة دكتوراه، جامعة بغداد، كلية القانون، 2006، ص137.
24- مرعي محمد عبد الله الفلاح، الإثبات بالقرائن أمام القضاء الإداري، دار الجامعة الجديدة، الإسكندرية، مصر، ط، 2019 ، ص 490.
25- محمد أحمد أحمد، محمد زكي ، مصدر سابق، ص 470.
26- قرار المحكمة الاتحادية العليا رقم (14) ،اتحادية تمييز ، 2005 في (2000/8/9)، منشور على موقع المحكمة الاتحادية العليا على الرابط iraqfscia)، فقد كانت هذه المحكمة في اختصاص تمييزي سابق الأحكام محكمة القضاء الإداري قبل انشاء المحكمة الإدارية العليا.
27- القرار رقم (15) انضباط، تمييز، 2007 في 2007/2/12 ، قرارات مجلس الدولة وفتاواه لعام 2007، مجلس الدولة جمهورية العراق، ص279
28- المادة (1242) من القانون المدني الفرنسي 1804/2/17.
29- المادة (174) من القانون المدني المصري رقم (131) لسنة 1948.
30- المادة (219) من القانون المدني العراقي رقم (40) لسنة 1951.
31- عوابدي عمار، نظرية المسؤولية الإدارية ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، ط، 1998، ص 24.
32- محمد علي حسونة قرينة الخطأ في مجال المسؤولية الإدارية، دار النهضة العربية، مصر، القاهرة، ط، 2012، ص 147.
33- ماجد راغب الحلو، القضاء الإداري المكتبة القانونية لدار المطبوعات الجامعية، مصر، الإسكندرية، ط، 1995، ص 463 .
34- حكم المحكمة الإدارية العليا في مصر في 1990/10/15 ، نقلاً عن شاكر محمود نجم عبد الله وماهر فيصل صالح، مسؤولية الإدارة عن أعمالها التقديرية في ظل الظروف الاستثنائية، بحث منشور في مجلة جامعة الأنبار للعلوم القانونية والسياسية، العدد 1 مجلد 13، 2023، ص95.
35- د. د. محمد حسن جاسم محسن الإثبات بالقرائن أمام القضاء الإداري، أطروحة دكتوراه، كلية القانون، جامعة ،بابل، 2019 ، ص 107 ، وماجد راغب الحلو، القضاء الإداري، ص 464 .
36- محمد رفعت عبد الوهاب القضاء الإداري، منشورات الحلبي الحقوقية بيروت لبنان ط1 2005 ، ج 2، ص 276 .
37- سليمان محمد الطماوي، القضاء الإداري ورقابته لأعمال الإدارة دار الفكر العربي، القاهرة، مصر، ط3، 1961 ، ص 1091.
38- محمد رفعت عبد الوهاب القضاء الإداري، ص277
39- مازن ليلو راضي القانون الإداري، دار المسلة العراق ،بغداد ط4 ، 2017 ، ص299.
40- د. د. محمد حسن جاسم الإثبات بالقرائن أمام القضاء الإداري، ص 111.
41- علي سلمان المشهداني، قواعد الإثبات في الدعوى الإدارية مكتبة السنهوري، بيروت، لبنان، ط، 2017، ص 586.
42- د. محمد حسن جاسم محسن الإثبات بالقرائن أمام القضاء الإداري، أطروحة دكتوراه، كلية القانون، جامعة ، بابل، 2019 ، ص 114.
43- أحمد كمال الدين موسى نظرية الإثبات في القانون الإداري، دون ذكر المطبعة، ط 1977 ص 168.
44- د. محمد حسن جاسم محسن الإثبات بالقرائن أمام القضاء الإداري، أطروحة دكتوراه، كلية القانون، جامعة ،بابل، 2019، ، ص 115.
45- علاء الدين إبراهيم أبو الخير دور القاضي في الإثبات أمام القضاء الإداري، رسالة دكتوراه، جامعة الإسكندرية، كلية الحقوق، مصر، عام، 2013 ، ص178.
الاكثر قراءة في القضاء الاداري
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة

الآخبار الصحية
