الشيخيّة يعتقدون بالركن الرابع
المؤلف:
السيّد محمّد الحسين الحسينيّ الطهرانيّ
المصدر:
معرفة الله
الجزء والصفحة:
ج3/ ص70-73
2025-08-05
555
تتلخّص اصول الشيخيّة وعقائدهم بما يلي:
1- الاعتقاد بأنّ عليّاً والأئمّة الأحد عشر من ولده هم مظاهر إلهيّة تمتلك نعوتاً وصفاتاً إلهيّة كذلك.
2- لمّا كان الإمام الثاني عشر قد غاب عن الأنظار سنة 260ه ولن يظهر إلّا في آخر الزمان ليملأ الأرض قسطاً وعدلًا بعد ما مُلئت ظلماً وجوراً، ولمّا كان المؤمنون يحتاجون دوماً إلى هدايته وإرشاده، ولمّا كان على الله سبحانه وتعالى أن يقضي حوائج الناس وذلك بمقتضى رحمته الكاملة وأن يجعل من الإمام الغائب قريباً منهم؛ بناءً على هذه المقدّمات توجّب أن يكون هناك مَن يقوم بدور الوساطة بين المؤمنين وبين الإمام الغائب. ويسمّون هذا الوسيط «بالشيعيّ الكامل».
3- عدم اعتقادهم بالمعاد الجسمانيّ؛ فهم يقولون بأنّه لا شيء يبقى من عناصر بدن الإنسان بعد انحلاله إلّا جسم لطيف يسمّونه ب- «الجسم الهور قليائيّ» أو النجميّ.
وعلى هذا فإنّ الشيخيّة يؤمنون بأربعة أركان فقط من أركان الدين، وهذه الأركان هي: التوحيد، النبوّة، الإمامة، الإيمان بالشيعيّ الكامل؛ في حين أن المتشرّعة أو البالا سريّة «اي الشيعة العاديّون» يؤمنون بالأصول الخمسة وهي: التوحيد، العدل، النبوّة، الإمامة، المعاد.
ويعترض الشيخيّة على الأصلين الثاني والخامس بقولهم: إنّهما باطلان ولا حاجة إليهما؛ لأنّ الإيمان بالله ورسوله يستلزم بالضرورة الإيمان بالقرآن مع كلّ ما يحويه من الصفات الثبوتيّة والسلبيّة للّه عزّ وجلّ والإقرار بالمعاد وغير ذلك. وإذا تقرّر أن يكون العدل، الذي هو من الصفات الثبوتيّة للّه تعالى، أحد اصول الدين، فلما ذا لا تكون الصفات الثبوتيّة الأخرى مثل العلم والقدرة والحكمة وغيرها من اصول الدين؟[1] والشيخيّة أنفسهم قد أضافوا، في المقابل، أصل آخر على اصول الدين في باب الاعتقاد بالشيعيّ الكامل، والذي هو الواسطة الدائميّة لفيض الإمام على الامّة، هذا الأصل أطلقوا عليه ب- «الركن الرابع»؛ ولا شكّ أن الشيخ أحمد الأحسائيّ ومن بعده الحاجّ السيّد كاظم الرشتيّ كانا يُعتبران في نظر الشيخيّة مثال الشيعيّ الكامل وواسطة الفيض تلك.
بعد وفاة الحاجّ السيّد كاظم الرشتيّ في عام 1259، لم يكن يُعرف بعد من سيخلفه من بعده، اي ذلك الشيعيّ الكامل، ولم يمرّ وقت طويل حتى خرج مدّعيان لهذا المنصب؛ الأوّل، وهو الحاجّ محمّد كريم خان الكرمانيّ والذي أصبح فيما بعد الزعيم الأوحد للمتأخّرين من الشيخيّة، والثاني، الميرزا على محمّد باب الشيرازيّ الذي لَقَّبَ نفسه ب- «الباب».
وكان المعنى المقصود من هذه الكلمة هو بالضبط نفس المعنى الذي اريد به من كلمة «الشيعيّ الكامل».... بالرجوع إلى مؤلّفات الشيخ المرحوم الأحسائيّ يتأكّد لنا بأنّه كان يحمل مذاقاً أخباريّاً ولكن كان يحمل تلك الأخبار والأحاديث على مشربه الفلسفيّ ويشرحها وفق هذا المسلك، وكان يعارض العرفان والعرفاء والفلسفة الإشراقيّة والمشّائيّة، وخير دليل على صحّة هذا القول كتابه الموسوم ب- «شرح الفوائد»؛ حيث يحوي على مصطلحات وشروحات خاصّة، والذي يُظهر مذهبه الخاصّ به في الفلسفة في إزاء سائر الفلاسفة والعرفاء، ممّا كان السبب في تعرّضه للانتقاد من قبل حكماء عصره»[2].
نعم، أن أصل الإشكال لدى القائلين ب- «أصالة الوجود والماهيّة» هو الشرك في مبدأ الله تعالى كما هو الحال مع المجوس والزرادشتيّين القائلين بوجود مبدءين أصليّين هما النور والظلمة، وأن صوادر العالم نابعة من هذين المبدأين. ومضافاً إلى كون هذا القول مغلوطاً بالبرهان الأكيد فإنّه يتناقض ومسألتي التوحيد ووحدة الحقّ تعالى، وقد وقع الشيخ الأحسائيّ كما وقع المجوس، في هذا الفخّ وسقط في هذه التهلكة كما سقطوا.
وعلى هذا يتوجّب العدول عن هذه العقيدة بلا أدنى تردّد وأن نرى لأيّ منهما ترجع الأصالة في عالم الوجود؟ أ للوجود أم للماهيّة؟ قال الحكيم السبزواريّ قدّس سرّه:
إن الوُجُودَ عِنْدَنَا أصِيلُ *** دَلِيلُ مَنْ خَالَفَنَا عليل
[1] لإثبات أن العدل أصل من اصول الدين، ورد في كتاب« العدل الإلهيّ» ص 14 و15، طبعة سنة 1390 هجريّة، ما يلي:
« العدل أصل من اصول الدين: في جميع مسائل الإلهيّات، إذا كانت هنالك من شبهات أو إشكالات، فهي موضع بحث الفلاسفة والمعنيّين. ومع كون هذه المسائل صعبة، إلّا أنّها خارجة عن حدود فهم العامّة من الناس، وأن كِلا الإشكال والردّ عليه هما في مستوى أعلى من إدراك الجمهور؛ ومع ذلك، فإنّ الإشكالات التي تحيط بمسألة« العدل الإلهيّ» قد جرى تداولها على صعيد العامّة. فهذه المسألة موضع تشكيك القرويّ البسيط وفي نفس الوقت مثار اهتمام الفيلسوف المفكّر؛ ومن هنا، اكتسبت أهمّيّة خاصّة ومكانة نادرة، وقد يكون ذلك من الأسباب التي جعلها تصنّف ضمن أعمدة الدين، وأن تعرّف على أنّها الأصل الثاني من الاصول الخمسة للدين، وإلّا، فالعدل صفة من صفات الله سبحانه وتعالى، وإذا كان من المقرّر أن تكون الصفات الإلهيّة ضمن اصول الدين، فيجب أن تكون باقي الصفات مثل العلم والقدرة والإرادة و...، غير مستثناة من هذه القاعدة. إن لموضوع العدل سجلّ طويل في الإسلام، وترجع بدايات طرحه ومناقشته بين المسلمين إلى القرن الثاني الهجريّ؛ وهذا الموضوع بالذات أدّى إلى ظهور الفرقتين الكبيرتين، الأشاعرة والمعتزلة( أو العدليّة)».
[2] «روضات الجنّات» ص 285 و286، طبعة طهران،( التعليقة).
الاكثر قراءة في مقالات عقائدية عامة
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة