تأملات قرآنية
مصطلحات قرآنية
هل تعلم
علوم القرآن
أسباب النزول
التفسير والمفسرون
التفسير
مفهوم التفسير
التفسير الموضوعي
التأويل
مناهج التفسير
منهج تفسير القرآن بالقرآن
منهج التفسير الفقهي
منهج التفسير الأثري أو الروائي
منهج التفسير الإجتهادي
منهج التفسير الأدبي
منهج التفسير اللغوي
منهج التفسير العرفاني
منهج التفسير بالرأي
منهج التفسير العلمي
مواضيع عامة في المناهج
التفاسير وتراجم مفسريها
التفاسير
تراجم المفسرين
القراء والقراءات
القرآء
رأي المفسرين في القراءات
تحليل النص القرآني
أحكام التلاوة
تاريخ القرآن
جمع وتدوين القرآن
التحريف ونفيه عن القرآن
نزول القرآن
الناسخ والمنسوخ
المحكم والمتشابه
المكي والمدني
الأمثال في القرآن
فضائل السور
مواضيع عامة في علوم القرآن
فضائل اهل البيت القرآنية
الشفاء في القرآن
رسم وحركات القرآن
القسم في القرآن
اشباه ونظائر
آداب قراءة القرآن
الإعجاز القرآني
الوحي القرآني
الصرفة وموضوعاتها
الإعجاز الغيبي
الإعجاز العلمي والطبيعي
الإعجاز البلاغي والبياني
الإعجاز العددي
مواضيع إعجازية عامة
قصص قرآنية
قصص الأنبياء
قصة النبي ابراهيم وقومه
قصة النبي إدريس وقومه
قصة النبي اسماعيل
قصة النبي ذو الكفل
قصة النبي لوط وقومه
قصة النبي موسى وهارون وقومهم
قصة النبي داوود وقومه
قصة النبي زكريا وابنه يحيى
قصة النبي شعيب وقومه
قصة النبي سليمان وقومه
قصة النبي صالح وقومه
قصة النبي نوح وقومه
قصة النبي هود وقومه
قصة النبي إسحاق ويعقوب ويوسف
قصة النبي يونس وقومه
قصة النبي إلياس واليسع
قصة ذي القرنين وقصص أخرى
قصة نبي الله آدم
قصة نبي الله عيسى وقومه
قصة النبي أيوب وقومه
قصة النبي محمد صلى الله عليه وآله
سيرة النبي والائمة
سيرة الإمام المهدي ـ عليه السلام
سيرة الامام علي ـ عليه السلام
سيرة النبي محمد صلى الله عليه وآله
مواضيع عامة في سيرة النبي والأئمة
حضارات
مقالات عامة من التاريخ الإسلامي
العصر الجاهلي قبل الإسلام
اليهود
مواضيع عامة في القصص القرآنية
العقائد في القرآن
أصول
التوحيد
النبوة
العدل
الامامة
المعاد
سؤال وجواب
شبهات وردود
فرق واديان ومذاهب
الشفاعة والتوسل
مقالات عقائدية عامة
قضايا أخلاقية في القرآن الكريم
قضايا إجتماعية في القرآن الكريم
مقالات قرآنية
التفسير الجامع
حرف الألف
سورة آل عمران
سورة الأنعام
سورة الأعراف
سورة الأنفال
سورة إبراهيم
سورة الإسراء
سورة الأنبياء
سورة الأحزاب
سورة الأحقاف
سورة الإنسان
سورة الانفطار
سورة الإنشقاق
سورة الأعلى
سورة الإخلاص
حرف الباء
سورة البقرة
سورة البروج
سورة البلد
سورة البينة
حرف التاء
سورة التوبة
سورة التغابن
سورة التحريم
سورة التكوير
سورة التين
سورة التكاثر
حرف الجيم
سورة الجاثية
سورة الجمعة
سورة الجن
حرف الحاء
سورة الحجر
سورة الحج
سورة الحديد
سورة الحشر
سورة الحاقة
الحجرات
حرف الدال
سورة الدخان
حرف الذال
سورة الذاريات
حرف الراء
سورة الرعد
سورة الروم
سورة الرحمن
حرف الزاي
سورة الزمر
سورة الزخرف
سورة الزلزلة
حرف السين
سورة السجدة
سورة سبأ
حرف الشين
سورة الشعراء
سورة الشورى
سورة الشمس
سورة الشرح
حرف الصاد
سورة الصافات
سورة ص
سورة الصف
حرف الضاد
سورة الضحى
حرف الطاء
سورة طه
سورة الطور
سورة الطلاق
سورة الطارق
حرف العين
سورة العنكبوت
سورة عبس
سورة العلق
سورة العاديات
سورة العصر
حرف الغين
سورة غافر
سورة الغاشية
حرف الفاء
سورة الفاتحة
سورة الفرقان
سورة فاطر
سورة فصلت
سورة الفتح
سورة الفجر
سورة الفيل
سورة الفلق
حرف القاف
سورة القصص
سورة ق
سورة القمر
سورة القلم
سورة القيامة
سورة القدر
سورة القارعة
سورة قريش
حرف الكاف
سورة الكهف
سورة الكوثر
سورة الكافرون
حرف اللام
سورة لقمان
سورة الليل
حرف الميم
سورة المائدة
سورة مريم
سورة المؤمنين
سورة محمد
سورة المجادلة
سورة الممتحنة
سورة المنافقين
سورة المُلك
سورة المعارج
سورة المزمل
سورة المدثر
سورة المرسلات
سورة المطففين
سورة الماعون
سورة المسد
حرف النون
سورة النساء
سورة النحل
سورة النور
سورة النمل
سورة النجم
سورة نوح
سورة النبأ
سورة النازعات
سورة النصر
سورة الناس
حرف الهاء
سورة هود
سورة الهمزة
حرف الواو
سورة الواقعة
حرف الياء
سورة يونس
سورة يوسف
سورة يس
آيات الأحكام
العبادات
المعاملات
أتعلمون أن صالحا مرسل من ربه؟
المؤلف:
معروف عبد المجيد
المصدر:
تلك الرسل
الجزء والصفحة:
ص85 - 102
2025-08-05
6
يروى أن ثمود كانوا قوما من العرب العاربة. وكانوا يسكنون وادي القرى بين يثرب والشام.
وقد نشأت ثمود بعد عاد وكانت لهم حضارة عظيمة ومدنية متقدمة.
كما أن الله استخلفهم في الأرض فراحوا يعمرونها ويتخذون من سهولها قصورا وينحتون من الجبال بيوتا آمنين.
وكانوا يعتمدون في حياتهم على الزراعة وذلك بأجراء العيون وإنشاء الجنات والنخيل والحرث.
وأما نظام الحكم في ثمود فقد كان ديكتاتوريا حيث كانت السيادة السادتهم ومشايخهم فتسلطوا على المستضعفين واستعبدوا الناس واستأثروا بالمال والثروة.
وكانت لثمود مدينة كبرى هي عاصمتهم.
وهناك في تلك المدينة كان التقدم قد بلغ أوجه والرخاء قد جاوز ذروته.
وكان الفساد قد شاع.
فقد كان في المدينة تسعة رهط يفسدون في الأرض ولا يصلحون.
فطغوا في الأرض وعبدوا الأصنام.
وكانت سبعين صنما.
وبقدر ما كانت تأتيهم النعمة كانوا يفرطون في الشرك والعتو والفساد.
وكان صالح بن ثمود الذي يعود نسبه الى سام بن نوح (عليه السلام) في السادسة عشرة من عمره.
وكان حسن الصيت والسمعة ومرجوا في قومه.
وفي أحد الأيام كان القوم محتشدين حول أصنامهم يقدمون لها الأضاحي والقرابين.
وإذا بالفتى صالح وقد أقبل عليهم وأخذ يدعوهم الى نبذ أصنامهم وعبادة الله الواحد.
فناداهم قائلا: { يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ } [هود: 61]
فكذبوا وأنكروا عليه دعوته وقالوا له:
{يَا صَالِحُ قَدْ كُنْتَ فِينَا مَرْجُوًّا قَبْلَ هَذَا} [هود: 62]
{أَتَنْهَانَا أَنْ نَعْبُدَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا} [هود: 62]
{وَإِنَّنَا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ} [هود: 62]
وظل صالح (عليه السلام) يواصل دعوته حتى بلغ العشرين بعد المائة من عمره.
فلم يجيبه قومه بخير سوى عدد من المستضعفين قليل.
فأنكر عليهم المستكبرون إيمانهم بدعوة صالح (عليه السلام) وتوعدوهم بالويل والثبور.
فزادهم إيمانا على إيمانهم الى أن جاء يوم المناظرة.
وفي ذلك اليوم احتشد الناس في ساحة المدينة العظيمة يتقدمهم سادة وشيوخ ثمود.
فقال لهم صالح (عليه السلام): (يا قوم إني قد بعثت إليكم وأنا ابن ست عشرة سنة وقد بلغت عشرين ومائة سنة أفلا تؤمنون)[1].
فأجابوه قائلين: ياصالح إنا بما أرسلت به لكافرون ولا سبيل لاغوائنا وصرفنا عما يعبد آباؤنا.
فحاجهم صالح (عليه السلام) وقال: فأنا أعرض عليكم أمرين.
إما أن تسألوني فأسأل إلهي حتى يجيبكم فيما تسألون.
وإما سألت آلهتكم فإن أجابتني فيما أسأل خرجت عنكم.
فقالوا: لقد أًنصفت فيما تعرض ياصالح.
وضربوا فيما بينهم موعدا للمواجهة.
وفي اليوم الموعود خرج قوم ثمود بأصنامهم ثم قربوا طعامهم وشرابهم حتى إذا فرغوا دعوا صالحا وقالوا ياصالح سل.
فدعاهم صالح للاتيان بكبير أصنامهم.
فدلوه عليه.
فسألهم صالح: ما اسمه؟
فأخبروه باسمه
فناداه صالح باسمه
فلم يجب كبير الأصنام
فوقعوا في الحيرة والدهشة.
ولكن قوم ثمود أصروا واستكبروا ولم يتقبلوا الهزيمة
فعرضوا على صالح (عليه السلام) أن ينادي غيره
فناداه باسمه.
فلم يجب ومن صنم الى آخر حتى بلغ الصنم السبعين فلم يحر هو الآخر جوابا.
فبهت القوم وحاروا في أمر أصنامهم.
ولما رأى صالح (عليه السلام) ما وقع فيه قومه قال لهم: (لقد دعوت آلهتكم واحدا واحدا فلم يجيبني منهم أحد فاسألوني حتى أدعو إلهي فيجيبكم الساعة إن شاء)[2].
فرفضوا ما قال صالح (عليه السلام) وبالغوا في العناد
وقالوا لنبيهم: ياصالح تنح الآن عنا وعن آلهتنا.
فتنحى عنهم وعن أصنامهم.
وراحت ثمود تسعى من جديد لاستدراك الأمر وتلافي الفضيحة المشهودة
واقترب وقت الزوال.
فتشاور كبراء ثمود فيما بينهم حتى توصلوا الى قرار أخير.
فرموا بتلك البسط التي بسطوها.
وقذفوا بعيدا بآنية الطعام والشراب.
وعلى التراب أخذوا يتمرغون أمام الأصنام ويقدمون القرابين ويسألونها بحقها وحق كل ملكوتها وقدرتها أن تجيب.
حتى إذا أنهكوا واستولى عليهم التعب الشديد وظنوا أن آلهتم قد استجابت دعوتهم وأنها لا شك مشفقة عليهم فأنهم اصطفوا أمامها في القداس الأخير.
وألقوا على أصنامهم حجتهم الأخيرة.
فقالوا محرضين: اسمعي وعي أيتها الآلهة يا من عبدناك نحن وآباؤنا لئن لم تجبن صالح لتفضحن وقدم كبير الكهنة القربان العظيم ثم سأل القوم أن يدعوا صالحا.
ولبى صالح (عليه السلام) الدعوة في الحال.
فأقبل على الجموع وقد تعالت الأصوات بتمجيد الآلهة واكتساب رضا الأوثان.
وخرج سادة ثمود فاستقبلوا صالحا وقالوا:
هيا يا صالح فسل آلهتنا الآن.
وتوجه نبي الله الى كبير الأصنام من جديد وصاح فيه: (ما اسمك يا هذا؟)
وأضاف صمت الوثن صمتا آخر الى صمت الحشود التي حبست أنفاسها في صدورها بانتظار الجواب الذي لن يأتي أبدا.
ولما فشل قوم صالح (عليه السلام) وهم ثمود في مناظرتهم ومحاججتهم لصالح (عليه السلام) وعجزت أصنامهم عن جواب نبي الله فإنهم أسقط في أيديهم ووجدوا أنفسهم مضطرين الى الخيار الثاني.
وهو أن يسألوا صالحا (عليه السلام) أمرا حتى يدعو الله فيجيبهم إن شاء الله تعالى.
وكان النهار قد أشرف على الانتهاء.
فقال لهم صالح (عليه السلام): يا قوم قد ذهب النهار ولا أرى آلهتكم تجيبني فاسألوني حتى أدعو إلهي فيجيبكم الساعة.
فقبل القوم مرغمين خوفا من الفضيحة وصدورهم تنبض بالأمل في عجز إله صالح كما عجزت آلهتهم.
وانتدبت ثمود سبعين رجلا من كبرائها.
وقالوا: فإنا نسألك يا صالح.
فقال لهم: وهل يرضى بكم كل هؤلاء القوم
فأجابوه: نعم.
فقال لهم: سلوني إذن
فقالوا: نحن نسألك فان أجابك ربك تابعناك واتبعك جميع قريتنا.
فوافق صالح (عليه السلام) وقال: فسلوني ما شئتم.
فقالوا: انطلق بنا الى هذا الجبل.
فانطلق معهم.
وكانت آمالهم مازالت معقودة على الوهم الوثني.
بينما كان صالح (عليه السلام) يتقدم بثقة الى الأمام يحدوه وحي السماء.
ووصلوا الى قمة الجبل.
وكانت هناك صخرة تعظمها ثمود وتدين لها بالعبادة وتذبح لها في كل رأس سنة وتجتمع حولها.
فقالوا: يا صالح ادع ربك وسله أن يخرج لنا الساعة من بطن هذه الصخرة
الصماء ناقة حمراء وبراء عشراء..
فقال لهم صالح (عليه السلام) بلسان النبي المؤيد بروح القدس: سألتموني شيئا يعظم علي ويهون على ربي.
وتوجه إلى الله القادر بالسؤال.
بينما وقف القوم، وقد توزعهم اليأس والأمل..
وفجأة.. انصدع الجبل صدعا كادت تطير منه العقول وانشقت الصخرة
واضطربت كما تضطرب الحامل عند المخاض.
وإذا برأس قد طلع من ذلك الصدع.
ثم تبعته رقية.
فما استتمت الرقبة حتى اجتر الفم.
ثم خرج سائر الجسد.
واستوت الناقة بأوصافها قائمة على الأرض.
واستولى الذهول على مشايخ ثمود..
وعلى عظم الإعجاز عظم عناد القوم.
فقالوا مفندين يا صالح ما أسرع أن أجابك ربك
فقال صالح (عليه السلام): بيده الملك وهو على كل شيء قدير وما ذلك على الله بعزيز.
ولم يخضع القوم للحقيقة السافرة فسألوا صالحا سؤالاً آخر.
فما هو هذا السؤال يا صديقي وقد جاء الحق وزهق الباطل؟
قالوا: يا صالح فاسأل ربك أن يخرج لنا الساعة فصيل الناقة..
يا لها من نفوس سقيمة
ولكن الله يأبى إلا أن يقيم حجته على المنكرين ومرضى النفوس.
فماذا كان من الأمر إذن يا عزيزي؟
لم تمض لحظات حتى رمت الناقة بالفصيل فراح يدب حولها..
وتوجه صالح (عليه السلام) إلى الرجال السبعين
وقال لهم: أبقي شيء؟
فقالوا: لا.
فقال: ولكن الله أوحى إلي بأن يكون لهذه الناقة شرب ولكم شرب يوم معلوم.
فقالوا: لك ذلك فانطلق بنا إلى قومنا حتى تخبرهم بما رأيناه، ويشهدوا الناقة
وفصيلها فيؤمنوا بك وبإلهك.
فعادوا منحدرين من الجبل والشمس تتحسس طريقها وتدق باب الغروب.
وتقدم صالح (عليه السلام) بناقته وفصيلها الرجال السبعين في طريق العودة.
فلما قطعوا شوطا نظر صالح (عليه السلام) إليهم فاذا. بهم وقد ارتد منهم أربعة وستون رجلا.
فأنكر صالح (عليه السلام) أمرهم وقال لهم: أفهذه الموعدة؟
فأجابوه: لقد وفينا فهلا كنت قد وفيت؟
فسألهم: فماذا تعنون؟
فأجابوه إنه السحر يا صالح وليست المعجزة
فأعرض عنهم صالح (عليه السلام) وسار متقدما الركب.
ولما مشى القوم شوطاً آخر، ثبت الستة الباقون حول صالح (عليه السلام) وقالوا: دعك من هؤلاء الجاحدين، فالحق ما رأيناه.
حتى إذا بلغوا مشارف المدينة نظر صالح (عليه السلام) فإذا بواحد من الستة وقد ارتاب ثم أخذ يتقهقر وقد ارتد والتحق بجمع المنكرين.
ولم يلبث القوم قليلا حتى دخلوا المدينة العاتية.
وخرج المستكبرون لاستجلاء الأمر.
فلما شاهدوا الناقة وفصيلها جحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا.
فقال لهم صالح (عليه السلام): قد جاءتكم بينة من ربكم هذه ناقة الله لكم آية فذروها تأكل في أرض الله ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب أليم.
فاتهموه بالسحر.
فواجههم قائلا: أرأيتم إن كنت على بينة من ربي وآتاني منه رحمة فمن ينصرني من الله إن عصيته فما تزيدونني غير تخسير.
فتبجحوا عليه بالملك والسلطة وما هم فيه من نعمة ورخاء.
فذكرهم صالح (عليه السلام) بذلك وحذرهم من الفساد وقال: واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد عاد وبوأكم في الأرض تتخذون من سهولها قصورا وتنحتون من الجبال بيوتا فاذكروا آلاء الله ولا تعثوا في الأرض مفسدين فأعرضت ثمود عن دعوة أخيهم صالح وأقاموا على شركهم وعنادهم وانطلقوا يلومون المستضعفين الذين آمنوا بالرسالة.
قال الملأ الذين استكبروا للذين استضعفوا لمن آمن منهم: أتعلمون أن صالحا مرسل من ربه؟
قالوا: إنا بما أُرسل به مؤمنون.
فقال الذين استكبروا إنا بالذي آمنتم به كافرون..
وعندئذ.. أخذت السنة التاريخية في التكامل ...
لما عاد صالح (عليه السلام) إلى قومه بالناقة العشراء التي أخرجها له الله من الصخرة الصماء في محاججته معهم فان قلوبهم المقفلة لم تنفتح أمام المعجزة الإلهية الكبرى
ولكنهم استمروا في جحودهم واستهزائهم.
فأنبأهم صالح (عليه السلام) بوحي السماء حول الناقة - المعجزة.
وقال لهم: إن الله جعل هذه الناقة لها شرب يوم ولكم شرب يوم معلوم.
فكانت الناقة إذا جاء يومها شربت الماء ثم شربوا هم من لبنها فلا يبقى صغير ولا كبير إلا وقد ارتوى.
فاذا كان الغد شربوا هم من الماء ولم تشرب الناقة وفصيلها.
واستمر الحال على ذلك زمانا حتى كانت الفاجعة..
فذات ليلة ليلاء وقد خيم الظلام على المدينة اجتمع شيوخ ثمود في دار كبير لهم وتشاوروا في أمر الناقة.
الأولى. فقال أحدهم: خذوها إلى مكان بعيد حتى تبطل حجة صالح ونستعيد مكانتنا
وقال آخر: بل احبسوها في مكان حصين فيكون لنا الماء كله ولا يستعلي علينا صالح بناقته تلك.
وقال ثالث: بئس الرأي ما رأيتم أيها القوم، بل اعقروها واستريحوا منها تخل لكم الأرض وما فيها.
وبعدما قلبوا الأمور واستقر رأيهم على عقر الناقة فباتوا وقد بيتوا أمرا.
ولكن الأمر عظم عليهم واحتاروا فيمن يعقر الناقة وكان كل منهم يعتذر إلى الآخر.
فما كان من كبرائهم إلا أن جعلوا جعلا لمن يذبح ناقة الله التي جعلها لهم آية.
وعندئذ برز لهم رجل أحمر أشقر أزرق، يقال له (قدار) وكان ولد زنا لا يعرف
له أب كما كان من أشقى الأشقياء
وقال لهم: أنا أقوم بعقرها.
فكانت له الجائزة الكبرى على أن يلي هذا الأمر.
وبدت ديار ثمود قائمة تحت الشمس الغائمة لوم ضبابي حزين.
وكان شرب الناقة في ذلك اليوم.
فخرجت يتبعها فصيلها لترد الماء.
فلما شربت وقفلت عائدة إلى مستقرها كمن لها (قدار) في طريقها.
وسارت الناقة تخطو إلى الأمام برأسها المرفوع حانية على فصيلها الذي أخذ يتمسح في جنبيها وهي تداعبه تارة، وتلحس بدنه الرقيق تارة أخرى.
وفجأة خرج الشقي من مخبأه.
فحسبته الناقة عابر طريق.
فأعرضت عنه مواصلة سيرها.
فاعترضها بسيفه المسلول وضربها على إحدى قوائمها.
فلم تفعل الضربة شيئا.
فثنى لها ضربة أخرى أشد من الأولى فرغت الناقة، وارتعد بدنها، وخرت على الأرض على جنبها.
ودهش فصيلها وراح يتفحص أمه بفمه ورأسه وكأنه يستنهضها.
ولكن الذبيحة كانت تلفظ أنفاسها الأخيرة غارقة في دمها المطلول.
وعندئذ أقبل قوم صالح يتناسلون من كل حدب وصوب وقد جردوا سيوفهم ورفعوا أسلحتهم.
فخاف الفصيل وولى هاربا من أمام وجوههم وهو يتلفت بين الحين والآخر متفقدا أمه العائمة في بحيرة الدماء.
وتوافدت جموع القوم فالتجأ الفصيل اليتيم إلى جبل يعصمه من الذبح ورغا ثلاث مرات متوجها إلى السماء.
فانشغل القوم عنه وقصدوا الناقة فلم يبق منهم أحد إلا شرك في قتلها.
حتى إذا شهقت شهقتها الأخيرة ذبحوها من الوريد إلى الوريد.
واقتسم الأشقياء لحم ناقة صالح فلم يبق منهم صغير ولا كبير إلا أكل من لحمها..
وارتجت السماء إثر وقوع الفاجعة، وتناهى الخبر إلى نبي الله صالح (عليه السلام) فاستعظم الجريمة النكراء وأقبل على قومه الآثمين.
فعاتبهم قائلا: (يا قوم ما الذي دعاكم إلى ما صنعتم؟ أعصيتم أمر ربكم؟).
فسخروا منه واستهزأوا به.
فقال لهم صالح (عليه السلام): (يا قوم إني رسول ربكم إليكم وهو يقول لكم: إن تبتم ورجعتم واستغفر تم غفرت لكم وتبت عليكم).
فلم يرتدعوا وازدادوا بغيا وعتوا.
فعنفهم صالح (عليه السلام) وقال: لقد قتلتم ناقة بعثها الله حجة عليكم ولم يكن لكم فيها ضرر بل كانت عظيمة المنفعة عليكم وإن الله مرسل عذابه عليكم بعد ثلاثة أيام إن لم تتوبوا إليه وتستغفروه).
فقالوا له معاندين يا صالح اثتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين..
وأوحى الله إلى صالح (عليه السلام)، فكلم قومه قائلا: ياقوم إنكم تصبحون غدا ووجوهكم مصفرة.
وفي اليوم الثاني تصير وجوهكم محمرة.
وأما اليوم الثالث فتصبح وجوهكم مسودة.
فلما أن كان اليوم الأول أصبحوا ووجوههم مصفرة فمشى بعضهم إلى بعض وقالوا: قد جاءكم ما قال صالح.
فقال العتاة فيهم: لا نسمع قول صالح ولا نقبله وإن كان عظيما.
ولما أن كان اليوم الثاني أصبحوا ووجوههم محمرة فمشى بعضهم إلى بعض فقالوا: قد جاءكم ما قال لكم صالح..
فأصر العتاة قائلين: لو أهلكنا جميعاً ما سمعنا قول صالح ولا تركنا الهتنا التي كان يعبدها آباؤنا.
حتى إذا كان اليوم الثالث أصبحوا ووجوههم مسودة، فأوجسوا خيفة
ومشى بعضهم إلى بعض فقالوا: لقد جاءكم ما وعدكم به صالح
فقال العتاة منهم: أتانا ما قال لنا صالح
ومع ذلك، فلم يؤوبوا إلى الله، وسلكوا طريق الهلاك..
وحل ليل العذاب الموعود.
فلما انتصف الليل كانوا قد تحنطوا وتكفنوا واستعدوا للموت وتمتعوا في دارهم ثلاثة أيام ثم أتاهم عذاب غير مكذوب.
فأخذتهم الصاعقة وهم ينظرون
وصاح بهم جبرائيل (عليه السلام) صيحة تقطعت بها قلوبهم وحرقت منها أسماعهم فماتوا جميعا في طرفة عين وأصبحوا في دارهم جاثمين
ومكروا مكرا ومكر الله مكرا وهم لا يشعرون
فتولى عنهم صالح (عليه السلام) وقال: يا قوم لقد أبلغتكم رسالة ربي ونصحت لكم ولكن لا تحبون الناصحين.
ونجى الله الذين آمنوا وكانوا يتقون.
ونادى منادي الاله وقد صبت السماء عليهم اللعنة: {إِنَّ ثَمُودَ كَفَرُوا رَبَّهُمْ أَلَا بُعْدًا لِثَمُودَ} [هود: 68]
الاكثر قراءة في قصة النبي صالح وقومه
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة

الآخبار الصحية
