مسائل تتعلق بتجهيز الأموات
المؤلف:
الشيخ المفيد
المصدر:
المقنعة
الجزء والصفحة:
ص82_87
2025-08-05
181
يكره أن يحمى الماء بالنار لغسل الميت فإن كان الشتاء شديد البرد فليسخن له قليلا ليتمكن غاسله من غسله.
ولا يجوز أن يقص شيء من شعر الميت ولا من أظفاره وإن سقط من ذلك شيء جعله معه في أكفانه وغسل المرأة كغسل الرجل وأكفانها كأكفانه ويستحب أن تزاد المرأة في الكفن ثوبين وهما لفافتان أو لفافة ونمط.
وإذا أريد إدخال المرأة القبر جعل سريرها أمامه في القبلة ورفع عنها النعش وأخذت من السرير بالعرض وينزلها القبر اثنان يجعل أحدهما يديه تحت كتفيها والآخر يديه تحت حقويها وينبغي أن يكون الذي يتناولها من قبل وركيها زوجها أو بعض ذوي أرحامها كابنها أو أخيها وأبيها إن لم يكن لها زوج ولا يتولى ذلك منها الأجنبي إلا عند فقد ذوي أرحامها وإن أنزلها قبرها نسوة يعرفن كان أفضل.
وغسل الطفل كغسل البالغ.
والجريدة تجعل مع جميع الأموات من المسلمين كبارهم وصغارهم وذكرانهم وإناثهم سنة وفضيلة والأصل في وضع الجريدة مع الميت:
إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمَّا أَهْبَطَ آدَمَ ع مِنَ الْجَنَّةِ اسْتَوْحَشَ فِي الْأَرْضِ فَسَأَلَ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يُنْزِلَ إِلَيْهِ شَيْئاً مِنْ أَشْجَارِ الْجَنَّةِ يَأْنَسُ بِهِ فَأُنْزِلَتْ عَلَيْهِ النَّخْلَةِ فَلَمَّا رَآهَا عَرَفَهَا وَ آنَسَ بِهَا وَ آوَى إِلَيْهَا فَلَمَّا جَمَعَ اللَّهُ بَيْنَهُ وَ بَيْنَ زَوْجَتِهِ حَوَّاءَ وَ أَقَامَ مَعَهَا مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يُقِيمَ وَ أَوْلَدَهَا ثُمَّ حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ جَمَعَ وُلْدَهُ وَ قَالَ لَهُمْ يَا بَنِيَّ إِنِّي كُنْتُ قَدْ اسْتَوْحَشْتُ عِنْدَ نُزُولِي هَذِهِ الْأَرْضِ فَآنَسَنِيَ اللَّهُ بِهَذِهِ النَّخْلَةِ الْمُبَارَكَةِ وَ أَنَا أَرْجُو الْأُنْسَ بِهَا فِي قَبْرِي فَإِذَا قَضَيْتُ نَحْبِي فَخُذُوا مِنْهَا جَرِيداً فَشُقُّوهَا بِاثْنَتَيْنِ وَ ضَعُوهَا مَعِي فِي أَكْفَانِي فَفَعَلَ وُلْدُهُ ذَلِكَ بَعْدَ مَوْتِهِ وَ فَعَلَتْهُ الْأَنْبِيَاءِ ع بَعْدَهُ ثُمَّ انْدَرَسَ أَثَرُهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَأَحْيَاهُ النَّبِيُّ ص وَ شَرَعَهُ وَ وَصَّى أَهْلَ بَيْتِهِ ع بِاسْتِعْمَالِهِ فَهُوَ سُنَّةٌ إِلَى أَنْ تَقُومَ السَّاعَةُ (1).
وقَدْ رُوِيَ عَنِ الصَّادِقِ (ع) أَنَّ الْجَرِيدَةَ تَنْفَعُ الْمُحْسِنَ والْمُسِيءَ فَأَمَّا الْمُحْسِنُ فَتُؤْنِسُهُ فِي قَبْرِهِ وأَمَّا الْمُسِيءُ فَتَدْرَأُ عَنْهُ الْعَذَابَ مَا دَامَتْ رَطْبَةً ولِلَّهِ تَعَالَى بَعْدَ ذَلِكَ فِيهِ الْمَشِيَّةُ (2).
ومن لم يتمكن من وضع الجريدة مع ميته في أكفانه تقية من أهل الخلاف وشناعتهم بالأباطيل عليه فليدفنها معه في قبره فإن لم يقدر على ذلك أو خاف منه بسبب من الأسباب فليس عليه في تركها شيء والله تعالى يقبل عذره مع الاضطرار.
وإذا أسقطت المرأة وكان السقط تاما لأربعة أشهر فما زاد غسل وكفن ودفن وإن كان لأقل من أربعة أشهر لف في خرقة ودفن بدمه من غير تغسيل.
وليس على الإنسان غسل من مس السقط الذي لا غسل عليه ويغتسل من مس من يجب غسله إذا كان مسه له قبل تطهيره بالماء على ما قدمناه (3).
والمحرم إذا مات غسل وكفن وغطي وجهه بالكفن غير أنه لا يقرب الكافور ولا غيره من الطيب وليس عليه تحنيط.
والمقتول في سبيل الله بين يدي إمام المسلمين إذا مات من وقته لم يكن عليه غسل ودفن بثيابه التي قتل فيها وينزع عنه من جملتها السراويل إلا أن يكون أصابه دم فلا ينزع عنه ويدفن معه وكذلك ينزع عنه الفرو والقلنسوة فإن أصابهما دم دفنا معه وينزع عنه الخف على كل حال.
وإن لم يمت في الحال وبقي ثم مات بعد ذلك غسل وكفن وحنط.
وكل قتيل سوى من ذكرناه ظالما كان أو مظلوما فإنه يغسل ويحنط ويكفن ثم يدفن إن شاء الله.
والمجدور والمحترق وأمثالهما ممن يحدث الآفات التحليل لجلودهم وأعضائهم ولحومهم إذا كان المس لهم باليد في تغسيلهم يزيل شيئا من لحمهم أو شعرهم لم يمسوا باليد وصب عليهم الماء صبا فإن خيف أن يلقي الماء عنهم شيئا من جلودهم أو شعرهم لم يقربوا الماء ويمموا بالتراب كما يؤمم الحي العاجز بالزمانة عند حاجته إلى التيمم من جنابته فيمسح وجهه من قصاص شعر رأسه إلى طرف أنفه ويمسح ظاهر كفيه حسب ما رسمناه (4).
وإذا لم يوجد للميت ما يطهر به لعدم الماء أو عدم ما يتوصل به إليه أو لنجاسة الماء أو كونه مضافا مما لا يتطهر به يمم بالتراب ودفن وكذلك إن منع من غسله بالماء ضرورة تلجئ إليه لم يغسل به ويمم بالتراب.
والمقتول قودا يؤمر بالاغتسال قبل قتله فيغتسل كما يغتسل من جنابته ويتحنط بالكافور فيضعه في مساجده ويتكفن ثم يقام فيه بعد ذلك الحد بضرب عنقه ثم يدفن.
وإذا ماتت امرأة ذمية وهي حامل من مسلم دفنت في مقابر المسلمين لحرمة ولدها من المسلم ويجعل ظهرها إلى القبلة في القبر ليكون وجه الولد إليها إذ الجنين في بطن أمه متوجه إلى ظهرها.
ولا يجوز ترك المصلوب على ظاهر الأرض أكثر من ثلاثة أيام وينزل بعد ذلك من خشبته فتوارى حينئذ جثته بالتراب.
ولا يجوز لأحد من أهل الإيمان أن يغسل مخالفا للحق في الولاء ولا يصلي عليه إلا أن تدعوه ضرورة إلى ذلك من جهة التقية فيغسله تغسيل أهل الخلاف ولا يترك معه جريدة وإذا صلى عليه لعنه في صلاته ولم يدع له فيها.
ومن افترسه السبع فوجد منه شيء فيه عظم غسل وكفن وحنط ودفن فإن لم يوجد فيه عظم دفن بغير غسل كما وجد و إن كان الموجود من أكيل السبع صدره أو شيئا فيه صدره صلى عليه وإن وجد ما سوى ذلك منه لم يصل عليه.
وينتظر بصاحب الذرب (5) والغريق ومن أصابته صاعقة أو انهدم عليه بيت أو سقط عليه جدار ولا يعجل بغسله ودفنه فربما لحقته السكتة بذلك أو ضعف حتى يظن به الموت وإذا تحقق موته غسل وكفن ودفن ولا ينتظر به أكثر من ثلاثة أيام فإنه لا شبهة في الموت بعد ثلاثة أيام.
وإذا لم يوجد للميت سدر وكافور وأشنان غسل بالماء القراح وإن لم يوجد له ذريرة وحنوط أدرج في أكفانه ودفن بعد غسله والصلاة عليه وإن لم يكن له أكفان دفن عريانا وجاز ذلك للاضطرار.
وإذا مات الإنسان في البحر ولم توجد أرض يدفن فيها غسل وحنط وكفن وخيطت عليه أكفانه وثقل وألقي في البحر ليرسب بثقله في قرار الماء.
وإذا مات رجل مسلم بين رجال كفار ونساء مسلمات ليس له فيهن محرم أمر بعض الكفار بالغسل وغسله بتعليم النساء له غسل أهل الإسلام.
وكذلك إن ماتت امرأة مسلمة بين رجال مسلمين ليس فيهم لها محرم ونساء كافرات أمر الرجال امرأة منهن أن تغتسل وعلموها تغسيلها على سنة الإسلام.
فإن مات صبي مسلم بين نسوة مسلمات لا رحم بين واحدة منهن وبينه وليس معهن رجل وكان الصبي ابن خمس سنين غسله بعض النساء مجردا من ثيابه وإن كان ابن أكثر من خمس سنين غسلته من فوق ثيابه وصببن عليه الماء صبا ولم يكشفن له عورة ودفنه بثيابه بعد تحنيطه بما وصفناه.
وإن ماتت صبية بين رجال ليس لها فيهم محرم وكانت ابنة أقل من ثلاث سنين جردوها وغسلوها وإن كانت لأكثر من ثلاث سنين غسلوها في ثيابها وصبوا عليها الماء صبا وحنطوها بعد الغسل ودفنوها في ثيابها.
فإن ماتت امرأة وفي جوفها ولد حي يتحرك شق بطنها مما يلي جنبها الأيسر وأخرج الولد منه ثم خيط الموضع وغسلت وكفنت وحنطت بعد ذلك ودفنت.
وإن مات الولد في جوفها وهي حية أدخلت القابلة أو من يقوم مقامها في تولي أمر المرأة يدها في فرجها فأخرجت الولد منه [فإن لم يمكنها إخراجه صحيحا قطعته وأخرجته قطعا] وغسل وكفن وحنط ثم دفن.
______________________
(1) الوسائل ج 2، الباب 7 من أبواب التكفين، ح 10، ص 738.
(2) اقتصر في الوسائل في الباب المذكور على نقل صدره، نعم في المستدرك، ج 2 الباب 6 من بواب الكفن: ح 3، ص 214 ط ج ذكره بتمامه وكلاهما نقلاه عن الكتاب.
(3) في الباب 5 (باب الأغسال المفترضات ...) ص 50.
(4) في الباب 8 (باب صفة التيمم) ص 62.
(5) (الذّرب) بالتحريك، الدّاء الّذى يعرض للمعدة فلا يهضم الطّعام ويفسد فيها فلا تمسكه، و(الذّرب) بالكسر داء يكون في الكبد- مجمع البحرين.
الاكثر قراءة في مسائل تتعلق باحكام الاموات
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة