إذا حضر العبد المسلم الوفاة فالواجب على من يحضره من أهل الإسلام أن يوجهه إلى القبلة فيجعل باطن قدميه إليها ووجهه تلقائها.
ثم يلقنه شهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله وأن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ع ولي الله القائم بالحق بعد رسول الله ص ويسمى الأئمة له واحدا واحدا ليقر بالإيمان بالله تعالى ورسوله وأئمته ع عند وفاته ويختم بذلك أعماله فإن استطاع أن يحرك بالشهادة بما ذكرناه لسانه وإلا عقد بها قلبه إن شاء الله.
ويستحب أن يلقن أيضا كلمات الفرج وهي:
(لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْحَلِيمُ الْكَرِيمُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ سُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ ورَبِّ الْأَرَضِينَ السَّبْعِ ومَا فِيهِنَّ ومَا بَيْنَهُنَ ورَبِّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ وسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ والْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) (1).
فإن ذلك مما يسهل عليه صعوبة ما يلقاه من جهد خروج نفسه.
فإذا قضى نحبه فليغمض عيناه ويطبق فوه وتمد يداه إلى جنبيه ويمد ساقاه إن كانا منقبضين ويشد لحيه إلى رأسه بعصابة ويمد عليه ثوب يغطى به.
وإن مات ليلا في بيت أسرج في البيت مصباح إلى الصباح ولم يترك وحده فيه بل يكون عنده من يذكر الله عز وجل ويتلو كتابه أو ما يحسنه منه ويستغفر الله تعالى.
ولا يترك على بطنه حديدة كما يفعل العامة الجهال ذلك.
ثم ليستعد لغسله فيؤخذ من السدر المسحوق رطل أو نحو ذلك ومن الأشنان شيء يسير ما ينجى به ومن الكافور الحلال الخام وزن نصف مثقال إن تيسر وإلا فما تيسر منه وإن قل ومن الذريرة الخالصة من الطيب المعروفة بالقمحة مقدار رطل إلى أكثر من ذلك و يؤخذ لحنوطه وزن ثلاثة عشر درهما وثلث من الكافور الخام الذي لم تمسه النار وهو السائغ للحنوط وأوسط أقداره وزن أربعة دراهم وأقلها وزن مثقال إلا أن يتعذر ذلك ثم يعد له شيء من القطن ويعد الكفن وهو قميص ومئزر وخرقة يشد بها سفله إلى وركيه و لفافة و حبرة وعمامة ويستعد جريدتان من النخل خضراوان طول كل واحدة منهما قدر عظم الذارع فإن لم يوجد من النخل الجريد يعوض عنه بالخلاف فإن لم يوجد الخلاف يعوض عنه بالسدر وإن لم يوجد شيء من هذه الشجر ووجد غيره من الشجر يعوض عنه منه بعد أن يكون رطبا فإن لم يوجد شيء من ذلك فلا حرج على الإنسان في تركه للاضطرار.
ولا ينبغي أن يقطع شيء من أكفان الميت بحديد ولا يقرب النار ببخور ولا غيره والسنة أن تكون إحدى اللفافتين حبرة يمنية غير مذهبة ويفرغ من حوائجه وكفنه ثم يؤخذ في غسله إن شاء الله.
وإذا أراد المتولي لأمره غسله فليرفعه على ساجة أو شبهها موجها إلى القبلة وباطن رجليه إليها ووجهه تلقائها حسب ما وجهه عند وفاته ثم ينزع قميصه إن كان عليه قميص من فوقه إلى سرته يفتق جيبه أو يخرقه ليتسع عليه في خروجه ثم يضع على عورته ما يسترها ثم يلين أصابع يديه برفق فإن تصعب تركها ويأخذ السدر فيضعه في إجانة وشبهها من الأواني النظاف ويصب عليه الماء ثم يضربه حتى يجمع رغوته على رأس الماء فإذا اجتمعت أخذها بكفيه فجعلها في إناء نظيف كإجانة أو طشت أو ما أشبههما ثم يأخذ خرقة نظيفة فيلف بها يده من زنده إلى أطراف أصابعه اليسرى ويضع عليها شيئا من الأشنان الذي كان أعده ويغسل بها مخرج النجو منه ويكون معه آخر يصب عليه الماء فيغسله حتى ينقيه ثم يلقى الخرقة من يده ويغسل يديه جميعا بماء قراح ثم يوضئ الميت فيغسل وجهه وذراعيه ويمسح برأسه وظاهر قدميه ثم يأخذ رغوة السدر فيضعه على رأسه و يغسله به ويغسل لحيته والآخر يصب عليه ماء السدر حتى يغسل رأسه ولحيته بمقدار تسعة أرطال من ماء السدر ثم يقلبه على مياسره لتبدو له ميامنه ويغسلها من عنقه إلى تحت قدميه بمثل ذلك من ماء السدر ولا يجعله بين رجليه في غسله بل يقف من جانبه ثم يقلبه على جنبه الأيمن لتبدو له مياسره فيغسلها كذلك ثم يرده إلى ظهره فيغسله من أم رأسه إلى تحت قدميه بماء السدر كما غسل رأسه بنحو التسعة أرطال من ماء السدر إلى أكثر من ذلك ويكون صاحبه يصب عليه الماء وهو يمسح ما يمر عليه يده من جسده وينظفه و يقول وهو يغسله: اللَّهُمَّ عَفْوَكَ عَفْوَكَ (2).
ثم يهريق ماء السدر من الأواني ويصب فيها ماء قراحا ويجعل فيه ذلك الجلال من الكافور الذي كان أعده ويغسل رأسه به كما غسله بماء السدر ويغسل جانبه الأيمن ثم الأيسر ثم صدره على ما شرحناه في الغسلة الأولى ويهريق ما في الأواني من ماء الكافور ويجعل فيها ماء قراحا لا شيء فيه ويغسله به غسلة ثالثة كالأولى والثانية.
ويمسح بطنه في الغسلة الأولة [الأولى] مسحا رفيقا ليخرج ما لعله من الثقل الذي في جوفه مما لو لم يدفعه المسح لخرج منه بعد الغسل فانتقض به أو خرج في أكفانه وكذلك يمسح بطنه في الغسلة الثانية فإن خرج في الغسلتين منه شيء أزاله عن مخرجه وما أصاب من جسده بالماء ولا يمسح بطنه في الثالثة.
فإذا فرغ من الغسلات الثلاث ألقى عليه ثوبا نظيفا فنشفه به ثم اعتزل ناحية فغسل يديه إلى مرفقيه و صار إلى الأكفان التي كان أعدها له فيبسطها على شيء طاهر يضع الحبرة أو اللفافة التي تكون بدلا منها وهي الطاهرة وينشرها وينثر عليها شيئا من تلك الذريرة التي كان أعدها ثم يضع اللفافة الأخرى عليها وينثر عليها شيئا من الذريرة و يضع القميص على الإزار و ينثر عليه شيئا من الذريرة ويكثر منه ثم يرجع إلى الميت فينقله من الموضع الذي غسله فيه حتى يضعه في قميصه و يأخذ شيئا من القطن فيضع عليه شيئا من الذريرة ويجعله على مخرج النجو و يضع شيئا من القطن وعليه ذريرة على قبله و يشده بالخرقة التي ذكرناها شدا وثيقا إلى وركيه لئلا يخرج منه شيء ويأخذ الخرقة التي سميناها مئزرا فيلفها عليه من سرته إلى حيث تبلغ من ساقه كما يأتزر الحي فتكون فوق الخرقة التي شدها على القطن ويعمد إلى الكافور الذي أعده لتحنيطه فيسحقه بيده ويضع منه على جبهته التي كان يسجد عليها لربه تبارك و تعالى ويضع منه على طرف أنفه الذي كان يرغم به له في سجوده ويضع منه على بطن كفيه فيمسح به راحتيه وأصابعهما التي كان يتلقى الأرض بهما في سجوده ويضع على عيني ركبتيه و ظاهر أصابع قدميه لأنها من مساجده فإن فضل من الكافور شيء كشف قميصه عن صدره وألقاه عليه ومسحه به ثم رد القميص بعد ذلك إلى حاله و يأخذ الجريدتين فيجعل عليهما شيئا من القطن و يضع إحداهما من جانبه الأيمن مع ترقوته يلصقها بجلده ويضع الأخرى من جانبه الأيسر ما بين القميص والإزار ويستحب أن يكتب على قميصه وحبرته أو اللفافة التي تقوم مقامها والجريدتين بإصبعه فلان يشهد أن لا إله إلا الله (3) فإن كتب ذلك بتربة الحسين ص كان فيه فضل كثير ولا يكتبه بسواد ولا صبغ من الأصباغ ويعممه كما يتعمم الحي ويحنكه بالعمامة ويجعل لها طرفين على صدره ثم يلفه في اللفافة فيطوي جانبها الأيسر على جانبه الأيمن وجانبها الأيمن على الجانب الأيسر ويصنع بالحبرة مثل ذلك ويعقد طرفيها مما يلي رأسه ورجليه.
وينبغي للذي يلي أمر الميت في غسله وتكفينه أن يبدأ عند حصول حوائجه التي ذكرناها بقطع أكفانه ونثر الذريرة عليها ثم يلفها جميعا ويعزلها فإذا فرغ من غسله نقله إليها من غير تلبث واشتغال عنه وإن أخر نثر الذريرة حتى يفرغ من غسله فيصنع به ما وصفناه وإعدادها مفروغا منها بجميع حوائجه قبل غسله أفضل ويكفنه وهو موجه كما كان في غسله.
فإذا فرغ غاسل الميت من غسله توضأ وضوء الصلاة ثم اغتسل كما ذكرناه في أبواب الأغسال وشرحناه.
وإن كان الذي أعانه بصب الماء عليه قد مس الميت قبل غسله فليغتسل أيضا من ذلك كما اغتسل المتولي لغسله وإن لم يكن مسه قبل غسله لم يجب عليه غسل ولا وضوء إلا أن يكون قد أحدث ما يوجب ذلك عليه فيلزمه الطهارة له لا من أجل صب الماء على الميت.
فإذا فرغ من غسله وتكفينه وتحنيطه فليحمله على سرير إلى قبره وليصل عليه ومن اتبعه من إخوانه قبل دفنه وسأبين الصلاة على الأموات في أبواب الصلاة (4) إن شاء الله.
وينبغي لمن شيع جنازة أن يمشي خلفها وبين جنبها ولا يمشي أمامها فإن الجنازة متبوعة ليست تابعة ومشيعة غير مشيعة.
فإذا فرغ من الصلاة عليه فليقرب سريره من شفير قبره ويوضع على الأرض ثم يصبر عليه هنيئة ثم يقدم قليلا ثم يصبر عليه هنيئة ثم يقدم إلى شفير القبر فيجعل رأسه مما يلي رجليه في قبره وينزل إلى القبر وينزله وليه أو من يأمره الولي بذلك وليتحف عند نزوله ويحلل أزراره وإن نزل معه لمعاونته آخر جاز ذلك ثم يسل الميت من قبل رجليه في قبره ليسبق إليه رأسه كما سبق إلى الدنيا في خروجه إليها من بطن أمه وليقل عند معاينة القبر: اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا رَوْضَةً مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ ولَا تَجْعَلْهَا حُفْرَةً مِنْ حُفَرِ النِّيرَانِ (5).
ويقول إذا تناوله: بِسْمِ اللَّهِ وبِاللَّهِ وفِي سَبِيلِ اللَّهِ وعَلَى مِلَّةِ رَسُولِ اللَّهِ (ص) اللَّهُمَّ إِيمَاناً بِكَ وتَصْدِيقاً بِكِتَابِكَ هَذَا مَا وَعَدَ اللَّهُ ورَسُولُهُ وصَدَقَ اللَّهُ ورَسُولُهُ اللَّهُمَّ زِدْنَا إِيمَاناً وتَسْلِيماً (6).
ثم يضعه على جانبه الأيمن ويستقبل بوجهه القبلة ويحل عقد كفنه من قبل رأسه حتى يبدو وجهه ويضع خده على التراب ويحل أيضا عقد كفنه من قبل رجليه ثم يضع اللبن عليه ويقول وهو يضعه
اللَّهُمَّ صِلْ وَحْدَتَهُ وآنِسْ وَحْشَتَهُ وارْحَمْ غُرْبَتَهُ وأَسْكِنْ إِلَيْهِ مِنْ رَحْمَتِكَ رَحْمَةً يَسْتَغْنِي بِهَا عَنْ رَحْمَةِ مَنْ سِوَاكَ واحْشُرْهُ مَعَ مَنْ كَانَ يَتَوَلَّاهُ (7).
ويستحب أن يلقنه الشهادتين وأسماء الأئمة ص عند وضعه في القبر قبل تشريج (8) اللبن عليه
فَيَقُولُ يَا فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ اذْكُرِ الْعَهْدَ الَّذِي خَرَجْتَ عَلَيْهِ مِنْ دَارِ الدُّنْيَا شَهَادَةَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وأَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ ورَسُولُهُ وأَنَّ عَلِيّاً أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ والْحَسَنَ والْحُسَيْنَ ويَذْكُرُ الْأَئِمَّةَ ع إِلَى آخِرِهِمْ أَئِمَّتُكَ أَئِمَّةُ هُدًى أَبْرَاراً (9).
فإنه إذا لقنه ذلك كفى المسألة بعد الدفن إن شاء الله.
فإذا فرغ من وضع اللبن عليه هال التراب على اللبن ويحثو من شيع جنازته عليه التراب بظهور أكفهم ويقولون وهم يحثون التراب عليه-
إِنَّا لِلَّهِ وإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ هَذَا مَا وَعَدَ اللَّهُ ورَسُولُهُ وصَدَقَ اللَّهُ ورَسُولُهُ اللَّهُمَّ زِدْنَا إِيمَاناً وتَسْلِيماً.
ويكره للأب أن يحثو على ابنه إذ أقبره التراب وكذلك يكره للابن أن يحثو على أبيه لأن ذلك يقسي القلب من ذوي الأرحام.
ويربع قبره ولا يطرح عليه من تراب غيره ويرفع عن الأرض مقدار أربع أصابع مفرجات لا أكثر من ذلك ويصب عليه الماء فيبدأ بالصب من عند رأسه ثم يدار به من أربعة جوانبه حتى يعود إلى موضع الرأس فإن بقي من الماء شيء صب على وسط القبر.
فإذا انصرف الناس عنه تأخر عند القبر بعض إخوانه فنادى بأعلى صوته يا فلان بن فلان الله ربك ومحمد نبيك وعلى إمامك والحسن والحسين وفلان وفلان إلى آخرهم أئمتك أئمة الهدى الأبرار فإن ذلك ينفع الميت وربما كفى به المسألة في قبره إن شاء الله.
ويكره أن يحمى الماء بالنار لغسل الميت فإن كان الشتاء شديد البرد فليسخن له قليلا ليتمكن غاسله من غسله.
ولا يجوز أن يقص شيء من شعر الميت ولا من أظفاره وإن سقط من ذلك شيء جعله معه في أكفانه وغسل المرأة كغسل الرجل وأكفانها كأكفانه ويستحب أن تزاد المرأة في الكفن ثوبين وهما لفافتان أو لفافة ونمط.
وإذا أريد إدخال المرأة القبر جعل سريرها أمامه في القبلة ورفع عنها النعش وأخذت من السرير بالعرض وينزلها القبر اثنان يجعل أحدهما يديه تحت كتفيها والآخر يديه تحت حقويها وينبغي أن يكون الذي يتناولها من قبل وركيها زوجها أو بعض ذوي أرحامها كابنها أو أخيها وأبيها إن لم يكن لها زوج ولا يتولى ذلك منها الأجنبي إلا عند فقد ذوي أرحامها وإن أنزلها قبرها نسوة يعرفن كان أفضل.
وغسل الطفل كغسل البالغ.
والجريدة تجعل مع جميع الأموات من المسلمين كبارهم وصغارهم وذكرانهم وإناثهم سنة وفضيلة والأصل في وضع الجريدة مع الميت
إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمَّا أَهْبَطَ آدَمَ ع مِنَ الْجَنَّةِ اسْتَوْحَشَ فِي الْأَرْضِ فَسَأَلَ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يُنْزِلَ إِلَيْهِ شَيْئاً مِنْ أَشْجَارِ الْجَنَّةِ يَأْنَسُ بِهِ فَأُنْزِلَتْ عَلَيْهِ النَّخْلَةِ فَلَمَّا رَآهَا عَرَفَهَا وَ آنَسَ بِهَا وَ آوَى إِلَيْهَا فَلَمَّا جَمَعَ اللَّهُ بَيْنَهُ وَ بَيْنَ زَوْجَتِهِ حَوَّاءَ وَ أَقَامَ مَعَهَا مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يُقِيمَ وَ أَوْلَدَهَا ثُمَّ حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ جَمَعَ وُلْدَهُ وَ قَالَ لَهُمْ يَا بَنِيَّ إِنِّي كُنْتُ قَدْ اسْتَوْحَشْتُ عِنْدَ نُزُولِي هَذِهِ الْأَرْضِ فَآنَسَنِيَ اللَّهُ بِهَذِهِ النَّخْلَةِ الْمُبَارَكَةِ وَ أَنَا أَرْجُو الْأُنْسَ بِهَا فِي قَبْرِي فَإِذَا قَضَيْتُ نَحْبِي فَخُذُوا مِنْهَا جَرِيداً فَشُقُّوهَا بِاثْنَتَيْنِ وَ ضَعُوهَا مَعِي فِي أَكْفَانِي فَفَعَلَ وُلْدُهُ ذَلِكَ بَعْدَ مَوْتِهِ وَ فَعَلَتْهُ الْأَنْبِيَاءِ ع بَعْدَهُ ثُمَّ انْدَرَسَ أَثَرُهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَأَحْيَاهُ النَّبِيُّ ص وَ شَرَعَهُ وَ وَصَّى أَهْلَ بَيْتِهِ ع بِاسْتِعْمَالِهِ فَهُوَ سُنَّةٌ إِلَى أَنْ تَقُومَ السَّاعَةُ (10).
وقَدْ رُوِيَ عَنِ الصَّادِقِ ع أَنَّ الْجَرِيدَةَ تَنْفَعُ الْمُحْسِنَ والْمُسِيءَ فَأَمَّا الْمُحْسِنُ فَتُؤْنِسُهُ فِي قَبْرِهِ وأَمَّا الْمُسِيءُ فَتَدْرَأُ عَنْهُ الْعَذَابَ مَا دَامَتْ رَطْبَةً ولِلَّهِ تَعَالَى بَعْدَ ذَلِكَ فِيهِ الْمَشِيَّةُ (11).
ومن لم يتمكن من وضع الجريدة مع ميته في أكفانه تقية من أهل الخلاف وشناعتهم بالأباطيل عليه فليدفنها معه في قبره فإن لم يقدر على ذلك أو خاف منه بسبب من الأسباب فليس عليه في تركها شيء والله تعالى يقبل عذره مع الاضطرار.
وإذا أسقطت المرأة وكان السقط تاما لأربعة أشهر فما زاد غسل وكفن ودفن وإن كان لأقل من أربعة أشهر لف في خرقة ودفن بدمه من غير تغسيل.
وليس على الإنسان غسل من مس السقط الذي لا غسل عليه ويغتسل من مس من يجب غسله إذا كان مسه له قبل تطهيره بالماء على ما قدمناه (12).
والمحرم إذا مات غسل وكفن وغطي وجهه بالكفن غير أنه لا يقرب الكافور ولا غيره من الطيب وليس عليه تحنيط.
والمقتول في سبيل الله بين يدي إمام المسلمين إذا مات من وقته لم يكن عليه غسل ودفن بثيابه التي قتل فيها وينزع عنه من جملتها السراويل إلا أن يكون أصابه دم فلا ينزع عنه ويدفن معه وكذلك ينزع عنه الفرو والقلنسوة فإن أصابهما دم دفنا معه وينزع عنه الخف على كل حال.
وإن لم يمت في الحال وبقي ثم مات بعد ذلك غسل وكفن وحنط.
وكل قتيل سوى من ذكرناه ظالما كان أو مظلوما فإنه يغسل ويحنط ويكفن ثم يدفن إن شاء الله.
والمجدور والمحترق وأمثالهما ممن يحدث الآفات التحليل لجلودهم وأعضائهم ولحومهم إذا كان المس لهم باليد في تغسيلهم يزيل شيئا من لحمهم أو شعرهم لم يمسوا باليد وصب عليهم الماء صبا فإن خيف أن يلقي الماء عنهم شيئا من جلودهم أو شعرهم لم يقربوا الماء ويمموا بالتراب كما يؤمم الحي العاجز بالزمانة عند حاجته إلى التيمم من جنابته فيمسح وجهه من قصاص شعر رأسه إلى طرف أنفه ويمسح ظاهر كفيه حسب ما رسمناه (13).
وإذا لم يوجد للميت ما يطهر به لعدم الماء أو عدم ما يتوصل به إليه أو لنجاسة الماء أو كونه مضافا مما لا يتطهر به يمم بالتراب ودفن وكذلك إن منع من غسله بالماء ضرورة تلجئ إليه لم يغسل به ويمم بالتراب.
والمقتول قودا يؤمر بالاغتسال قبل قتله فيغتسل كما يغتسل من جنابته ويتحنط بالكافور فيضعه في مساجده ويتكفن ثم يقام فيه بعد ذلك الحد بضرب عنقه ثم يدفن.
وإذا ماتت امرأة ذمية وهي حامل من مسلم دفنت في مقابر المسلمين لحرمة ولدها من المسلم ويجعل ظهرها إلى القبلة في القبر ليكون وجه الولد إليها إذ الجنين في بطن أمه متوجه إلى ظهرها.
ولا يجوز ترك المصلوب على ظاهر الأرض أكثر من ثلاثة أيام وينزل بعد ذلك من خشبته فتوارى حينئذ جثته بالتراب.
ولا يجوز لأحد من أهل الإيمان أن يغسل مخالفا للحق في الولاء ولا يصلي عليه إلا أن تدعوه ضرورة إلى ذلك من جهة التقية فيغسله تغسيل أهل الخلاف ولا يترك معه جريدة وإذا صلى عليه لعنه في صلاته ولم يدع له فيها.
ومن افترسه السبع فوجد منه شيء فيه عظم غسل وكفن وحنط ودفن فإن لم يوجد فيه عظم دفن بغير غسل كما وجد و إن كان الموجود من أكيل السبع صدره أو شيئا فيه صدره صلى عليه وإن وجد ما سوى ذلك منه لم يصل عليه.
وينتظر بصاحب الذرب (14) والغريق ومن أصابته صاعقة أو انهدم عليه بيت أو سقط عليه جدار ولا يعجل بغسله ودفنه فربما لحقته السكتة بذلك أو ضعف حتى يظن به الموت وإذا تحقق موته غسل وكفن ودفن ولا ينتظر به أكثر من ثلاثة أيام فإنه لا شبهة في الموت بعد ثلاثة أيام.
وإذا لم يوجد للميت سدر وكافور وأشنان غسل بالماء القراح وإن لم يوجد له ذريرة وحنوط أدرج في أكفانه ودفن بعد غسله والصلاة عليه وإن لم يكن له أكفان دفن عريانا وجاز ذلك للاضطرار.
وإذا مات الإنسان في البحر ولم توجد أرض يدفن فيها غسل وحنط وكفن وخيطت عليه أكفانه وثقل وألقي في البحر ليرسب بثقله في قرار الماء.
وإذا مات رجل مسلم بين رجال كفار ونساء مسلمات ليس له فيهن محرم أمر بعض الكفار بالغسل وغسله بتعليم النساء له غسل أهل الإسلام.
وكذلك إن ماتت امرأة مسلمة بين رجال مسلمين ليس فيهم لها محرم ونساء كافرات أمر الرجال امرأة منهن أن تغتسل وعلموها تغسيلها على سنة الإسلام.
فإن مات صبي مسلم بين نسوة مسلمات لا رحم بين واحدة منهن وبينه وليس معهن رجل وكان الصبي ابن خمس سنين غسله بعض النساء مجردا من ثيابه وإن كان ابن أكثر من خمس سنين غسلته من فوق ثيابه وصببن عليه الماء صبا ولم يكشفن له عورة ودفنه بثيابه بعد تحنيطه بما وصفناه.
وإن ماتت صبية بين رجال ليس لها فيهم محرم وكانت ابنة أقل من ثلاث سنين جردوها وغسلوها وإن كانت لأكثر من ثلاث سنين غسلوها في ثيابها وصبوا عليها الماء صبا وحنطوها بعد الغسل ودفنوها في ثيابها.
فإن ماتت امرأة وفي جوفها ولد حي يتحرك شق بطنها مما يلي جنبها الأيسر وأخرج الولد منه ثم خيط الموضع وغسلت وكفنت وحنطت بعد ذلك ودفنت.
وإن مات الولد في جوفها وهي حية أدخلت القابلة أو من يقوم مقامها في تولي أمر المرأة يدها في فرجها فأخرجت الولد منه [فإن لم يمكنها إخراجه صحيحا قطعته وأخرجته قطعا] وغسل وكفن وحنط ثم دفن.
___________________
(1) الوسائل ج 2، الباب 38، من أبواب الاحتضار، ص 666. مع تفاوت.
(2) الوسائل، ج 2، الباب 7 من أبواب غسل الميّت، ح 2 بتفاوت، ص 691.
(3) الوسائل، ج 2، الباب 29 من أبواب التكفين، ص 757.
(4) كتاب الصّلاة، الباب 34 (باب الصّلاة على الموتى)، ص 227، والباب 35(باب لزيادات في ذلك) ص 230.
(5) مستدرك الوسائل ج 2، الباب 21 من أبواب الدفن ح 7- 9، ص 325- 326.
(6) لم أجده في الوسائل ومستدركه نعم مذكور في مبسوط الشيخ (قدّه) ج 1، ص 186 وفيه (وعدنا اللّه) بدل (وعد اللّه) و(تصديقا) بدل(تسليما).
(7) الوسائل ج 2، الباب 21 من أبواب الدفن، ص 845 مع تفاوت.
(8) شرجت اللبن شرجا: نضدته اي ضممت بعضه بعضا- مجمع البحرين.
(9) الوسائل، ج 2، الباب 35 من أبواب الدفن، ح 1 و2 مع تفاوت.
(10) الوسائل ج 2، الباب 7 من أبواب التكفين، ح 10، ص 738.
(11) اقتصر في الوسائل في الباب المذكور على نقل صدره، نعم في المستدرك، ج 2 الباب 6 من بواب الكفن: ح 3، ص 214 ط ج ذكره بتمامه وكلاهما نقلاه عن الكتاب.
(12) في الباب 5 (باب الأغسال المفترضات ...) ص 50.
(13) في الباب 8 (باب صفة التيمم) ص 62.
(14) (الذّرب) بالتحريك، الدّاء الّذى يعرض للمعدة فلا يهضم الطّعام ويفسد فيها فلا تمسكه، و(الذّرب) بالكسر داء يكون في الكبد- مجمع البحرين.
الاكثر قراءة في مسائل تتعلق باحكام الاموات
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة