توضيح لحديث كميل بن زياد
المؤلف:
السيّد محمّد الحسين الحسينيّ الطهرانيّ
المصدر:
معرفة الله
الجزء والصفحة:
ج3/ ص38-39
2025-08-03
515
الحقّ أنّه لم يترك في توضيح ذلك وتفسيره شيئاً من الشرع والعقل والشهود إلّا واستخدمه فيهما. إلّا أنّه قد استند في موضعين إلى ظاهر لفظ القرآن بدل تأويله:
الأوّل: قال في الآية كُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ: وأرَادَ بِ- «عَلَيْهَا» حَقِيقَةَ الوُجُودِ القَائِمَةَ بِهَا المَوْجُودَاتُ.[1] مع أنّه واضح من جهة لفظة القرآن وإرادة المعاني الظاهريّة أن مرجع الضمير في عليها يجب أن يكون إلى الأرض لا إلى حقيقة الوجود.
ثمّ إذا كان بالإمكان استنتاج تلك المعاني بالمعنى التأويلي فلا إشكال فيه. فليس لمعاني القرآن الباطنيّة أيّة تنافٍ أو ضدّيّة مع المعاني الظاهريّة له، بل إنّهما سائران على خطّ واحد، فبالحفاظ على المعاني يمكن التمسّك ببواطن القرآن؛ لا أن يُبطِل المعنى الباطنيّ فيه المعنى الظاهريّ، ويمتنع أو يتجنّب التمسّك بذلك والاستظهار به فيُزيل ذلك الظاهر من الأصل.
الثاني: قال في الآية أَلَمْ تَرَ إِلى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَ- إلى آخر الآية: وليس مراده بالظل والشمس، الليل والنهار كما هو رأي أرباب التفسير؛ لأنَّهُ قَالَ عَقِيبَهُ: «وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِباساً والنَّوْمَ سُباتاً». بَلِ المُرَادُ بِهِمَا الوُجُودُ والعَدَمُ.[2]
وهنا يقال كذلك: بناءً على أصل حجّيّة ظواهر كتاب الله الكريم، يجب أن يكون لفظ الشمس والظلّ والليل والنهار بهذا المعنى المصطلح عليه والمفهوم عند العرف والعامّة، وإناطة استنتاج المعنى التأويليّ من ذلك إلى حقيقة وجود الحقّ والتعيّنات؛ لا أن نسلخ الآية من معناها الظاهر بشكل مجرّد ونستعيض عنه بالمعنى الباطنيّ!
ومضافاً إلى هذا لم يتبيّن استدلاله واستشهاده بحسب مدّعاه هو بالآية التي تلتها: «وَهُوَ الَّذِي». فما الإشكال والاختلاف بين هاتين الآيتين لو أنّنا أخذنا لفظتي الشمس والظلّ بمعناهما الظاهريّ والاحتفاظ بمعنى الليل والنوم في الآية التي بعدها؟!
[1] «جامع الأسرار ومنبع الأنوار» للسيّد حيدر الآمليّ، مع مقدّمة وتصحيح بقلم هنري كربن، ص 170 إلى 180، برقم 327 إلى 343، الأصل الأوّل، القاعدة الرابعة.
[2] «جامع الأسرار»، ص 176.
الاكثر قراءة في مقالات عقائدية عامة
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة