التوفيق الإلهي
المؤلف:
السيد محمد الحسيني
المصدر:
مكانه القرآن الكريم في المجتمع الإسلامي
الجزء والصفحة:
ص29-32
2025-07-30
716
سئل طالب علم ذات يوم عن سبب تركه لتلاوة القرآن الكريم؟ حيث إن عادة بعض طلاب العلوم الدينية جرت على تلاوة القرآن صباحاً في كل يوم، فقال: قد سلب مني التوفيق الإلهي بسوء تصرفي؛ والسبب في ذلك أنني كنت أملك قرآناً جميلًا - من حيث الخط والتجليد - وكان معي دائماً، وفي إحدى السنين سافرت إلى مكة المكرمة وفي يوم كنت مشغولًا بتلاوة القرآن في المسجد الحرام، وفجأة وقع نظري على كتاب جميل ملون لفت انتباهي كثيراً، فقلت لصاحب الكتاب: ما هذا الكتاب الذي عندك؟
فقال: ديوان شعر ليزيد بن معاوية.
فقلت له: هل تبيع ذلك الكتاب؟
قال: كلا.
وبعد إصراري الشديد عليه، قال: إذا شئت ذلك، أبدله مع القرآن الذي عندك.
في بداية الأمر ترددت في ذلك، ولكن جاءتني الوساوس الشيطانية من كل جانب وأخيراً غلبتني، فأعطيت القرآن مقابل ديوان شعر يزيد! فبعد أن فرطت بكتاب الله (عز وجل) بهذه الصورة سلب مني التوفيق الإلهي لقراءة القرآن، وكلما أردت أن أقرأ القرآن كنت أتصور كأن شخصاً يأتي إليّ ويمنعني عن ذلك، ولهذا السبب لم أوفق لقراءة
المزود بالكمبيوتر، وهو من ابتكار المركز الطبي لجامعة بوسطن الأمريكية وهو يقيس ردود الفعل الدالة على التوتر عن طريق الفحص النفسي المباشر، وكذلك قياس التغيرات الفسيولوجية في أعضاء الجسم وتسجيلها، بالإضافة إلى أجهزة أخرى. فظهر من خلال النتائج أن التيارات الكهربائية في العضلات تزداد مع التوتر الذي يسبب ازدياد في انقباض العضلات، ومن المعروف أن التوتر يزيد من إفراز العرق وبالتالي زيادة التوصيل الكهربائي، وهذه التجارب أجريت (210) مرات على متطوعين أصحاء متوسطي الأعمار من غير المسلمين، وتم ذلك خلال عدة جلسات علاجية تليت خلالها قراءات قرآنية باللغة العربية وقراءات عربية غير قرآنية، روعي فيها أن تكون باللغة العربية المطابقة للقراءات القرآنية من حيث الصورة واللفظ والواقع على الأذن، ولم يكن في استطاعة المتطوعين أن يميزوا بين القرآن وبين القراءات غير القرآنية، وكان الهدف معرفة واثبات ما إذا كان اللفظ القرآني له تأثير فسيولوجي على من لا يفهم معناه أم لا، وكانت النتائج إيجابية، فالأثر المهدئ للقرآن الكريم على المتوتر بنسبة (65 %) وهذا الأثر المهدئ له تأثير علاجي، حيث أنه يرفع كفاءة الجهاز المناعي ويزيد من تكوين الأجسام المضادة في الدم..
القرآن من ذلك اليوم إلى الآن.
وفي ظل الظروف العصيبة والمحن التي تمر بنا والفتن التي تكالبت علينا من كل جانب يتوجب علينا أن نكرس جهودنا لكتاب الله المجيد، قراءة وتعلماً وفهماً لمعانيه؛ لأنه إمام ورحمة للعالمين، وإذا سلب منا التوفيق لذلك فإن في ذلك خسارتنا وخيبتنا، وسوف يتسلط على رقابنا الظالمون ونخسر الدارين، نعوذ بالله من ذلك.
عظمة آيات الله عز وجل
قال الإمام السجاد علي بن الحسين (عليه السلام): (عليك بالقرآن؛ فإن الله خلق الجنة بيده لبنة من ذهب ولبنة من فضة، جعل ملاطها المسك وترابها الزعفران وحصبائها اللؤلؤ، وجعل درجاتها على قدر آيات القرآن، فمن قرأ القرآن قال له: اقرأ وارق، ومن دخل منهم الجنة لم يكن في الجنة أعلى درجة منه ما خلا النبيين والصديقين)[1].
أي: أن منزلتك ورقيك في الجنة بمقدار ما قرأت وحفظت من كتاب الله المجيد..
والفاصلة الموجودة بين درجة ودرجة في الجنة كما تنقل إلينا الروايات هي ما بين السماء والأرض، حتى أن الشخص يرى الذي أعلى مرتبة منه كرؤية أحدنا إلى نجوم السماء. فقد قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): (الجنة مائة درجة ما بين كل درجة منها كما بين السماء والأرض..)[2].
من هنا نعرف عظمة الثواب والمنزلة التي يحصل عليها قارئ القرآن.
وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): (اقرءوا القرآن واستظهروه فإن الله تعالى لا يعذب قلباً وعى القرآن)[3].
لذا يلزم على كافة المسلمين في أنحاء العالم الإسلامي وخاصة طلبة العلوم الدينية، الذين بهم يقتدى إلى طريق الحق، الاهتمام بالقرآن وقراءته وتعلمه؛ لأنه نورٌ من العمى، وهدى من الضلال، وانتصار في كل جوانب الحياة، وفي نبذه الخيبة والخسران المبين.
(اللهم ارحمني بترك معاصيك أبداً ما أبقيتني، وارحمني من تكلف ما لا يعنيني، وارزقني حسن المنظر فيما يرضيك عني، وألزم قلبي حفظ كتابك كما علمتني، وارزقني أن أتلوه على النحو الذي يرضيك عني. اللهم نوِّر بكتابك بصري، واشرح به صدري، وفرِّح به قلبي، وأطلق به لساني، واستعمل به بدني، وقوني على ذلك وأعني عليه، إنه لا معين علي إلا أنت، لا إله إلا أنت)[4].
[1] مستدرك الوسائل: ج 4 ص 256 ب 10 ح 4635.
[2] بحار الأنوار: ج 8 ص 196 ب 23 ح 184.
[3] مستدرك الوسائل: ج 4 ص 245 ب 5 ح 4608..
[4] الكافي: ج 2 ص 577 باب الدعاء في حفظ القرآن ح 2..
الاكثر قراءة في مقالات قرآنية
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة