تعريف النسخ لغة
المؤلف:
الدكتور عبد الرسول الغفار
المصدر:
الميسر في علوم القرآن
الجزء والصفحة:
ص175 - 177
2025-07-07
643
تعريف النسخ لغة:
للنسخ عدة معان قد ذكرها أهل اللغة بعضها يوافق مفهوم النسخ في الشريعة والبعض الآخر ليس كذلك فما يناسب البحث أن نذكر بعض المعاني اللغوية القريبة من المفهوم الشرعي:
1 - الإزالة: قالوا: نسخه ينسخه وانتسخه أزاله والشيء ينسخ الشيء نسخا أي يزيله ومنه قوله تعالى: {فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ} [الحج: 52]. والعرب تقول: نسخت الشمس الظل وانتسخته أزالته. ونسخ الآية بالآية حكمها ومنه الحديث (شهر رمضان نسخ كل صوم).
2 - التغيير والتبديل: قالوا: نسخه بمعنى غيره ونسخت الريح آثار الديار غيرتها ومنه قوله تعالى: {وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ} [النحل: 101]
3- التحويل: كتناسخ المواريث حيث يتحول الإرث من شخص المورث إلى الوارث.
4- النقل من موضع إلى آخر: منه (نسخت الكتاب) إذا نقلت ما فيه حاكيا للفظه وخطه.
5- الرفع: قال ابن سلامة الناسخ والمنسوخ في كلام العرب هو رفع الشيء وجاء الشرع بما تعرف العرب.
6- الإبطال: قالوا: نسخه أي أبطله وأقام شيئا مقامه عن الليث: النسخ أن تزيل أمرا كان من قبل يعمل به ثم تنسخه بحادث غيره.
وعن الفراء: النسخ أن تعمل الآية ثم تنزل آية أخرى فتعمل بها وتترك
الأولى. [1]
هذه المعاني الواردة في اللغة تلتقي إلى حد ما مع النسخ بمفهومه التفسيري الذي منه:
التخصيص والاستثناء وتبدل الحكم بتغيير ظرفه أو تبدل موضوعه أو انتهاء أمده وما إلى ذلك مما تأتي الإشارة إليه.
لا يخفى أن النسخ من مختصات هذه الشريعة التي نسخت كل الشرائع السماوية المتقدمة عليها غير أن اليهود حرموه فهم لا يجوزونه ظنا منهم أنه (بداء) كالذي يرى الرأي ثم يبدو له أي ظهور العلم بعد الجهل به قالت اليهود هذا هو البداء وهو على الله غير جائز والنسخ مثله فهو أيضا غير واقع.
إلا أن الأمر ليس كذلك وسوف نفصل إن شاء الله في معنى البداء ونبين الفرق بينه وبين النسخ. معنى النسخ يختلف عن البداء كما يختلف عن المعنى الذي رسمه اليهود عندما قالوا ظهور العلم بعد الجهل به. ومما يستدل على بطلان قول اليهود هو أن القرآن الكريم - ناسخه ومنسوخه - جميعه كان في اللوح المحفوظ وهو المسمى بأم الكتاب قال تعالى: {وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ} [الزخرف: 4] وقوله تعالى: {فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ (78) لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} [الواقعة: 78-79] فالنسخ إنما يحدث من أصل أي من اللوح المحفوظ لا كما توهمه البعض من المسلمين تبعا المقالة اليهود أو النصارى. ثم أنك تجد تعريف النسخ عند الصحابة والتابعين يختلف عما هو عليه في القرن الثالث والرابع الهجري كما أن تعريفه عند المفسرين يختلف عن تعريفه عند الأصوليين. فالنسخ عند الصحابة كان يشمل مفهوم التخصيص والتقييد والاستثناء ثم اتسع هذا المفهوم عند المفسرين في عصر التدوين ليشمل كل المعاني التي أشارت إليه اللغة كترك العمل بالحكم لتغير ظرفه أو تبديل موضوعه كآية السيف ومنسوخاتها.
وكالاستثناء أو التخصيص كقوله تعالى: {إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا} [العصر: 2-3] أما النسخ عن الأصوليين: هو تبديل حكم بآخر لانتهاء أمد الحكم السابق وعلى هذا فإن دائرة النسخ عند الأصوليين الذي برز في القرن الثالث الهجري هو أضيق مما سبق.
[1] تاج العروس: مادة نسخ.
الاكثر قراءة في مصطلحات قرآنية
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة