يعتبر تفسير كل شيء، وحتى بالمعنى العام لفهم كل سمات القوى والمكونات الأولية للكون واحداً من أعظم التحديات التي يواجهها العلم. ولأول مرة تمنحنا نظرية الأوتار الفائقة إطاراً يبدو أن له عمقاً كافياً لمواجهة هذا التحدي. لكن هل سنتحقق من كل ما تعد به النظرية بالكامل مثل حساب كتلة الكواركات أو شدة القوى الكهرومغناطيسية، وهي الأعداد التي تفرض قيمتها الكثير من عالمنا؟ وكما في المقطع السابق، فإن علينا أن نتخطى العقبات النظرية العديدة في الطريق إلى هذه الأهداف - وأكثرها أهمية هو التوصل إلى صياغة لا اضطرابية كاملة لنظرية الأوتار -M.
ولكن هل من المحتمل، حتى لو كان لدينا فهم دقيق لنظرية الأوتار / -M في إطار جديد لصياغة أكثر شفافية لميكانيكا الكم أن نفشل مع ذلك في مسألة حساب كتلة الجسيمات وشدة القوة؟ وهل من المحتمل أن نظل نعول على القياسات التجريبية بدلاً من الحسابات النظرية للتوصل لهذه القيم؟ وما هو أكثر من ذلك هل من المحتمل أن هذا الفشل لا يعني أ أننا بحاجة إلى نظرية أعمق، لكنه ببساطة يعكس عدم وجود تفسير لهذه الخواص الظاهرية في الواقع؟
وإحدى الإجابات اللحظية عن هذه الأسئلة هي نعم. وكما قال آينشتاين : إن أقل الأشياء فهماً عن الكون هو كونه شاملاً . وفي عصر سريع التقدم المؤثر سرعان ما تخبو دهشتنا تجاه مقدرتنا على فهم العالم كلية. ومع ذلك فقد يكون هناك حد للفهم الشامل. وربما علينا أن نتقبل أنه بعد الوصول لأعمق المستويات الممكنة التي يقدمها العلم، ما زالت هناك مع ذلك أمور في الكون من دون تفسير وربما علينا أن نتقبل أن هناك سمات معينة للكون هي على ما هي عليه بالصدفة أو نتيجة حادث أو هي اختبار إلهي. وقد شجعنا نجاح المنهج العلمي في الماضي على أن نعتقد أنه لو توفر الزمن الكافي والجهد فإننا قادرون على اكتشاف ما غمض من الطبيعة. لكن الوصول إلى الحد الأقصى المطلق للتفسير العلمي - ليس عقبة تقنية ولا النهاية الحالية للفهم المتقدم عند الإنسان - سيمثل حدثاً متفرداً، وهو الحدث الذي لا يمكن أن نكون مستعدين له بخبرتنا الماضية.
ومع أن ذلك يتواءم مع مسألة النظرية النهائية، إلا أنه موضوع لا نستطيع التوصل إلى حل له بعد، وبالفعل فإن احتمال وجود حدود للتفسير العلمي، بالمعنى العريض الذي ذكرناه أمر يمكن ألا نصل إليه أبداً. ولقد رأينا على سبيل المثال، أنه حتى المفهوم التخميني للكون المتعدد، يبدو لأول وهلة أنه يقدم نهاية محددة للتفسير العلمي، يمكن التعامل معه بتصور نظريات على نفس القدر من التخمينية، على الأقل من ناحية المبدأ، تكون لها القدرة على استعادة المقدرة التنبئية.
وأحد الأمور الهامة التي بزغت من هذه الاعتبارات هو دور الكوسمولوجيا في تحديد تطبيقات نظرية نهائية وكما ناقشنا فإن كوسمولوجية الأوتار الفائقة مجال حديث حتى بالمقاييس الحديثة لنظرية الأوتار نفسها. وبلا شك، ستكون مجالاً للأبحاث الأولية لعدة سنوات قادمة ومن المرجح أن تكون واحدة من المناطق العظمى في هذا المجال. وباستمرار اكتسابنا لأفكار جديدة حول خواص نظرية الأوتار M- فإن مقدرتنا على تقويم التطبيقات الكوسمولوجية لهذه المحاولة الثرية تجاه نظرية موحدة ستزداد حدة. وطبيعي أنه من المحتمل أن مثل هذه الدراسات قد تقنعنا يوماً ما بأن هناك بالفعل حدا للتفسير العلمي. غير أنه هناك احتمال عكسي آخر أن توصلنا إلى عصر جديد - عصر نستطيع فيه عصر نستطيع فيه أن نعلن أننا قد اكتشفنا أخيراً التفسير الأساسي للكون.
الاكثر قراءة في ميكانيكا الكم
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة