في البدء كانت هناك شذرة لها حجم بلانك(رؤية نظرية الأوتار لبداية الكون)
المؤلف:
برايان غرين
المصدر:
الكون الأنيق
الجزء والصفحة:
ص390
2025-06-24
578
في أواخر ثمانينيات القرن العشرين قام كل من روبرت براندنبرجر وکامرون فافا بالخطوات الهامة الأولى تجاه فهم كيفية استخدام السمات النظرية للأوتار في تعديل استنتاجات الإطار الكوني النموذجي. وقد توصلا إلى أمرين هامين الأول أنه عند استرجاع الزمن للوراء تجاه البداية فإن درجة الحرارة تواصل الارتفاع حتى يصل حجم الكون في كل الاتجاهات إلى ما يقرب من طول بلانك. ولكن عندئذ تكون درجة الحرارة قد وصلت إلى النهاية العظمى، ثم تبدأ في الانخفاض .. وليس من الصعب تصور السبب الحدسي وراء ذلك. تصور للتبسيط أن كل الأبعاد الفضائية للكون دائرية (كما فعل براندنبرجر وفافا). وكلما رجعنا بالزمن إلى الوراء وتقلص نصف قطر كل دائرة ، فإن درجة حرارة الكون سترتفع. غير أنه كلما تناقص نصف القطر تجاه طول بلانك ثم خلاله، فإننا نعلم من خلال نظرية الأوتار، أن ذلك مطابق فيزيائياً لتقلص الأوتار إلى طول بلانك ثم ارتدادها للتزايد في الحجم، وحيث أن درجة الحرارة تتجه للتناقص عندما يتمدد الكون فإننا نتوقع أن تكون المحاولة الشاقة لضغط الكون إلى حجم أصغر من بلانك تعني أن درجة الحرارة ستتوقف عن الارتفاع، لأنها وصلت إلى النهاية العظمى، ثم تبدأ في الانخفاض بعد ذلك. وقد استطاع براندنبرجر وفافا مع بعض التحقق من أن هذا هو ما يحدث بالتأكيد.
وقد أوصل ذلك براندنبرجر وفافا إلى الصورة الكونية التالية. في البداية كانت كل الأبعاد الفضائية في نظرية الأوتار متجعدة بعضها مع بعض بشكل محكم في أدنى حجم ممكن يصل تقريباً لطول .بلانك. كانت درجة الحرارة والطاقة مرتفعتين لكنهما ليستا ما لا نهاية حيث أن نظرية الأوتار قد تجنبت دهاليز الحجم المتناهي في الصغر والمنضغط عند نقطة البداية. وفي لحظة بداية الكون هذه تكون كل الأبعاد الفضائية في نظرية الأوتار على قدم المساواة - تامة التناظر وكلها متجعدة في شذرة متعددة الأبعاد لها حجم بلانك. ووفقاً لبراندنبرجر وفافا، يمر الكون عندئذ خلال أولى مراحله لنقص التناظر عندما نصل إلى قرب زمن بلانك، تتفرد ثلاثة أبعاد فضائية لتمتد بينما تحتفظ بقية الأبعاد الأخرى بحجمها الأصلي القريب من بلانك. وعندئذ تُعرف هذه الأبعاد الثلاثة بأنها هي الموجودة في سيناريو التضخم الكوني، ويبدأ زمن ما بعد بلانك في التطور كما في الشكل رقم (14-1) ليسود، وتتمدد هذه الأبعاد الثلاثة لتصل إلى شكلها الحالي.

الاكثر قراءة في ميكانيكا الكم
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة