x

هدف البحث

بحث في العناوين

بحث في المحتوى

بحث في اسماء الكتب

بحث في اسماء المؤلفين

اختر القسم

القرآن الكريم
الفقه واصوله
العقائد الاسلامية
سيرة الرسول وآله
علم الرجال والحديث
الأخلاق والأدعية
اللغة العربية وعلومها
الأدب العربي
الأسرة والمجتمع
التاريخ
الجغرافية
الادارة والاقتصاد
القانون
الزراعة
علم الفيزياء
علم الكيمياء
علم الأحياء
الرياضيات
الهندسة المدنية
الأعلام
اللغة الأنكليزية

موافق

تأملات قرآنية

مصطلحات قرآنية

هل تعلم

علوم القرآن

أسباب النزول

التفسير والمفسرون

التفسير

مفهوم التفسير

التفسير الموضوعي

التأويل

مناهج التفسير

منهج تفسير القرآن بالقرآن

منهج التفسير الفقهي

منهج التفسير الأثري أو الروائي

منهج التفسير الإجتهادي

منهج التفسير الأدبي

منهج التفسير اللغوي

منهج التفسير العرفاني

منهج التفسير بالرأي

منهج التفسير العلمي

مواضيع عامة في المناهج

التفاسير وتراجم مفسريها

التفاسير

تراجم المفسرين

القراء والقراءات

القرآء

رأي المفسرين في القراءات

تحليل النص القرآني

أحكام التلاوة

تاريخ القرآن

جمع وتدوين القرآن

التحريف ونفيه عن القرآن

نزول القرآن

الناسخ والمنسوخ

المحكم والمتشابه

المكي والمدني

الأمثال في القرآن

فضائل السور

مواضيع عامة في علوم القرآن

فضائل اهل البيت القرآنية

الشفاء في القرآن

رسم وحركات القرآن

القسم في القرآن

اشباه ونظائر

آداب قراءة القرآن

الإعجاز القرآني

الوحي القرآني

الصرفة وموضوعاتها

الإعجاز الغيبي

الإعجاز العلمي والطبيعي

الإعجاز البلاغي والبياني

الإعجاز العددي

مواضيع إعجازية عامة

قصص قرآنية

قصص الأنبياء

قصة النبي ابراهيم وقومه

قصة النبي إدريس وقومه

قصة النبي اسماعيل

قصة النبي ذو الكفل

قصة النبي لوط وقومه

قصة النبي موسى وهارون وقومهم

قصة النبي داوود وقومه

قصة النبي زكريا وابنه يحيى

قصة النبي شعيب وقومه

قصة النبي سليمان وقومه

قصة النبي صالح وقومه

قصة النبي نوح وقومه

قصة النبي هود وقومه

قصة النبي إسحاق ويعقوب ويوسف

قصة النبي يونس وقومه

قصة النبي إلياس واليسع

قصة ذي القرنين وقصص أخرى

قصة نبي الله آدم

قصة نبي الله عيسى وقومه

قصة النبي أيوب وقومه

قصة النبي محمد صلى الله عليه وآله

سيرة النبي والائمة

سيرة الإمام المهدي ـ عليه السلام

سيرة الامام علي ـ عليه السلام

سيرة النبي محمد صلى الله عليه وآله

مواضيع عامة في سيرة النبي والأئمة

حضارات

مقالات عامة من التاريخ الإسلامي

العصر الجاهلي قبل الإسلام

اليهود

مواضيع عامة في القصص القرآنية

العقائد في القرآن

أصول

التوحيد

النبوة

العدل

الامامة

المعاد

سؤال وجواب

شبهات وردود

فرق واديان ومذاهب

الشفاعة والتوسل

مقالات عقائدية عامة

قضايا أخلاقية في القرآن الكريم

قضايا إجتماعية في القرآن الكريم

مقالات قرآنية

التفسير الجامع

حرف الألف

سورة آل عمران

سورة الأنعام

سورة الأعراف

سورة الأنفال

سورة إبراهيم

سورة الإسراء

سورة الأنبياء

سورة الأحزاب

سورة الأحقاف

سورة الإنسان

سورة الانفطار

سورة الإنشقاق

سورة الأعلى

سورة الإخلاص

حرف الباء

سورة البقرة

سورة البروج

سورة البلد

سورة البينة

حرف التاء

سورة التوبة

سورة التغابن

سورة التحريم

سورة التكوير

سورة التين

سورة التكاثر

حرف الجيم

سورة الجاثية

سورة الجمعة

سورة الجن

حرف الحاء

سورة الحجر

سورة الحج

سورة الحديد

سورة الحشر

سورة الحاقة

الحجرات

حرف الدال

سورة الدخان

حرف الذال

سورة الذاريات

حرف الراء

سورة الرعد

سورة الروم

سورة الرحمن

حرف الزاي

سورة الزمر

سورة الزخرف

سورة الزلزلة

حرف السين

سورة السجدة

سورة سبأ

حرف الشين

سورة الشعراء

سورة الشورى

سورة الشمس

سورة الشرح

حرف الصاد

سورة الصافات

سورة ص

سورة الصف

حرف الضاد

سورة الضحى

حرف الطاء

سورة طه

سورة الطور

سورة الطلاق

سورة الطارق

حرف العين

سورة العنكبوت

سورة عبس

سورة العلق

سورة العاديات

سورة العصر

حرف الغين

سورة غافر

سورة الغاشية

حرف الفاء

سورة الفاتحة

سورة الفرقان

سورة فاطر

سورة فصلت

سورة الفتح

سورة الفجر

سورة الفيل

سورة الفلق

حرف القاف

سورة القصص

سورة ق

سورة القمر

سورة القلم

سورة القيامة

سورة القدر

سورة القارعة

سورة قريش

حرف الكاف

سورة الكهف

سورة الكوثر

سورة الكافرون

حرف اللام

سورة لقمان

سورة الليل

حرف الميم

سورة المائدة

سورة مريم

سورة المؤمنين

سورة محمد

سورة المجادلة

سورة الممتحنة

سورة المنافقين

سورة المُلك

سورة المعارج

سورة المزمل

سورة المدثر

سورة المرسلات

سورة المطففين

سورة الماعون

سورة المسد

حرف النون

سورة النساء

سورة النحل

سورة النور

سورة النمل

سورة النجم

سورة نوح

سورة النبأ

سورة النازعات

سورة النصر

سورة الناس

حرف الهاء

سورة هود

سورة الهمزة

حرف الواو

سورة الواقعة

حرف الياء

سورة يونس

سورة يوسف

سورة يس

آيات الأحكام

العبادات

المعاملات

القرآن الكريم وعلومه : الإعجاز القرآني : الإعجاز الغيبي :

سبعة منامات صادقة في القرآن المجيد

المؤلف:  الشيخ ناصر مكارم الشيرازي

المصدر:  نفحات القران

الجزء والصفحة:  ج1, ص212-218

3-12-2015

5469

تعتبر «الرؤيا الصادقة» احدى‏ فروع الشهود والكشف ، والمنامات الصادقة هي التي تتحقق وتطابق الواقع ، فتُعد منامات كهذه نوعاً من الكشف.

إنّ الفلاسفة الروحيين- خلافاً للفلاسفة الماديين الذين يعتقدون بأنّ الرؤيا هي وليدة النشاطات اليومية أو الآمال غير المتحققة أو الخوف من الامور المختلفة- وهؤلاء يعتقدون أنّ الرؤيا تنقسم إلى‏ الأقسام التالية :

1- الرؤيا التي تتعلق بالذكريات والميول والآمال.

2- الرؤيا غير المفهومة والمضطربة ويعبر عنها ب «أضغاث أحلام» وهي نتيجة قوة الوهم والخيال.

3- الرؤيا التي تتعلق بالمستقبل وترفع الستار عن بعض أسرار الإنسان ، وبتعبير آخر أنّها شهود يحصل للإنسان وهو نائم.

لا دليل للفلاسفة الماديين على‏ نفي القسم الثالث ، بل لدينا قرائن كثيرة تثبت واقعية هذا القسم من الرؤيا ، وقذ ذكرنا عدّة نماذج حية لا تقبل الخطأ والمناقشة في التفسير الأمثل‏ «1».

والجدير ذكره أنّ القرآن ذكر سبعة موارد على‏ الأقل من موارد الرؤيا الصادقة ، وذكرها هنا يناسب تفسيرنا الموضوعي :

1- تحدث القرآن في سورة الفتح عن الرؤيا الصادقة للرسول ، حيث رأى‏ نفسه مع أصحابه يدخلون مكة لأداء مناسك العمرة وزيارة بيت اللَّه الحرام ، فأفصح الرسول عن منامه هذا للمسلمين ففرحوا ، إلّا أنهم تصوروا أن الرؤيا هذه تحققت في السنة السادسة عندما حصل صلح الحديبية ، ولم يحصل الفتح يومذاك ، إلّاأنّ الرسول طمأنهم بأنّ الرؤيا صادقة وستتحقق يوماً ما.

وقد أجاب القرآن أولئك الذين شككوا في صدق الرؤيا بقوله :

{لَّقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَاتَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذَلِكَ فَتَحاً قَرِيباً}. (الفتح/ 27)

تحقق المنام بجزئياته في ذي القعدة من السنة السابعة للهجرة ، وقد عرفت العمرة في تلك السنة ب «عمرة القضاء» لأنّ المسلمين كانوا قاصدين أداءها في السنة السادسة ، لكن قريش منعتهم منها.

رغم أنّ المسلمين دخلوا مكة (التي تعتبر مركزاً لقدرة المشركين وسلطانهم) من دون سلاح ، إلّا أنّ ابهتهم كانت مشهودة للأعداء ، وقد صدق عليهم تعبير «آمنين» و «لا تخافون» بالكامل فأدوا مراسم زيارة بيت اللَّه وبه تحقق منام الرسول صلى الله عليه و آله بجميع خصوصياته رغم أن تخمين وقوع أمرٍ كهذا كان شبه مستحيل ، وهذا من عجائب تاريخ الإسلام.

2- وقد أشير في سورة الاسراء إلى‏ رؤيا اخرى للرسول صلى الله عليه و آله إشارة عابرة وقصيرة حيث قال تعالى:

{وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِّلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِى الْقُرآنِ وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزيدُهُمْ إِلَّا طُغْيَاناً كَبِيراً} (الاسراء/ 60).

وقد نقل مفسرو الشيعة والسنة حديثاً معروفاً جاء فيه : أنّ الرسول الأعظم صلى الله عليه و آله رأى‏ في المنام قروداً ترتقي منبره وتنزل منه ، فحزن الرسول من جراء هذا الأمر ، لأنّه يحكي عن الحوادث المفاجئة في قيادة المسلمين بعد الرسول صلى الله عليه و آله (إنّ الكثير فسّرَ المنام بحكومة بني امية ، حيث خلفوا الرسول- ظلماً- واحداً بعد الآخر وأفسدوا في الخلافة ، وكانوا فاقدي الشخصية واتبعوا ما كان عليه آباؤهم في الجاهلية) «2».

وادعى‏ البعض أنّ هذه الرؤيا هي نفس رؤيا دخول مكة ، بينما سورة الاسراء نزلت بمكة ، والرؤيا كانت في المدينة وقبل واقعة صلح الحديبية في السنة السادسة الهجرية.

وقد رجح البعض مثل الفخر الرازي أن تكون الرؤيا بمعنى‏ المشاهدة في حالة اليقظة ، والآية تشير إلى‏ مسألة المعراج‏ «3».

لكن هذا التفسير ضعيف لأنّ المعنى‏ الأصلي واللغوي للرؤيا هو المشاهدة عند النوم لا في اليقظة ، وعليه فالصحيح هو التفسير الأول.

أمّا المراد من‏ «الشجرة الملعونة» ، فقد ادعى‏ البعض: إنّها هي‏ «شجرة الزقوم» التي تنبت في قعر جهنم طبقاً للآية 64 من سورة الصافات ، وهي طعام الأثيم كالمهل يغلي في البطون طبقاً للآيات 46 و 47 من سورة الدخان.

وادعى‏ بعض آخر: إنّها كناية عن اليهود العصاة ، فانّهم كالشجرة مع ما فيها من غصون وأوراق إلّا أنّهم ملعونون عند اللَّه.

إلّا أنّها فُسِّرت في كثير من كتب الشيعة والسنة ببني امية ، وقد نقل الفخر الرازي هذا التفسير عن ابن عباس المفسّر الإسلامي الكبير «4» ، وهذا التفسير يتفق مع رؤيا الرسول صلى الله عليه و آله بالكامل.

قد يقال: لِمَ لم يُشِر القرآن إلى‏ الشجرة الملعونة في القرآن المجيد ؟ إلّاأنّ هذا الإشكال يُحلُ بالالتفات إلى‏ لعن المنافقين بشدّة في سورة محمد صلى الله عليه و آله الآية 23 ، وبني امية من طلائع النفاق في الإسلام.

إضافة إلى‏ هذا ، فإنّ تعبير القرآن‏ {نُخَوِّفُهُم فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلَّا طُغْيَاناً كَبِيرَا} يصدق عليهم بالكامل.

وقد جاء في رواية أن عدداً من صحابة الإمام الصادق عليه السلام سألوه نفسه أو أباه عليه السلام عن المراد من الشجرة الملعونة في الآية ، فأجابهم: «بني امية» «5».

وقد نقل نفس المضمون عن أمير المؤمنين عليه السلام وكذلك عن الإمام الباقر عليه السلام ، وقد ذكر علي بن ابراهيم الروايات الثلاث في تفسيره‏ «6».

وقد نقل السيوطي في تفسيره «الدر المنثور» روايات كثيرة عن الشجرة الملعونة ، ورؤيا الرسول صلى الله عليه و آله ، حيث فُسِّرت الشجرة الملعونة في بعضها ببني امية وفي بعضها ببني الحكم وبني العاص ، وكلهم من شجرة خبيثة واحدة «7».

وعلى‏ أيّة حال ، فإنّ رؤيا الرسول صلى الله عليه و آله تحققت بعد رحيله ، وخلفته الشجرة الملعونة نسلًا بعد نسل ، وكانوا بلاءً عظيماً على‏ المسلمين ، وامتحاناً كبيراً لهم.

3- والرؤيا الصادقة الاخرى هي رؤيا إبراهيم الخليل عليه السلام فيما يخص ذبح اسماعيل عليه السلام ، فانّه كان محلًا لامتحان عظيم للوصول إلى‏ مقام الإمامة وقيادة الامة الرفيع ، فقد أُمر بذبح ابنه العزيز «اسماعيل» ، رغم أنّ الأمر أوحي إليه وهو نائم ، أي أنّ الايعاز كان مناماً لا شيئاً آخر ، ولنقرأ ما يقوله القرآن في هذا المجال:

{ فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ } [الصافات: 102]

إنّ التعبير ب «أرى‏» الذي هو فعل مضارع يفيد الاستمرار يدل على‏ أنّ ابراهيم عليه السلام كان يرى‏ الرؤيا كراراً ، بحيث حصل له اطمئنان بأنّ الأمر من اللَّه ، ولهذا أجابه اسماعيل بهذا الجواب: {يَا أَبتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ}.

ولهذا السبب نفسه جاء في الآيتين : {وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ* قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا}

(الصافات/ 104- 105).

والحادث هذا ، دليل واضح لأولئك الذين يقولون بإمكانية عد الرؤيا الصادقة نوعاً من أنواع الوحي للانبياء والرسل ، كما أنّه قد جاء في بعض الروايات: «إنّ الرؤيا الصادقة جزء من سبعين جزءً من النبوة» «8».

وقد شكك بعض الاصوليين في مسألة نسخ الحكم قبل العمل به إلّاأنّ كلامهم- وكما ذُكِرَ في محله- يختص بالأوامر غير الإمتحانية ، أمّا في الإمتحانية فهو غير صادق ، والتعبير ب «قد صدَّقَتْ الرؤيا» دليل على‏ أنّ إبراهيم عليه السلام قد أدى‏ ما عليه بما جاء به من تهيئة المقدمات لهذا الإيثار الكبير.

4- ومن الرؤى‏ الصادقة في القرآن ، هي رؤيا يوسف في بيت أبيه ، حيث أشارت إليها الآيات الاولى‏ من سورة يوسف:

{إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ}. (يوسف/ 4)

تنبأ يعقوب مستقبل يوسف والحوادث المقبلة عليه فبشره: {يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ ... وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيكَ وَعَلى‏ آلِ يَعْقُوبَ} (يوسف/ 6).

يعتقد بعض المفسرين أنّ يوسف رأى‏ هذا في المنام وهو في الثانية عشرة من عمره ، وقد تحقق منامه بعد أربعين سنة حيث جلس على‏ عرش الحكومة في مصر ، وجاءه اخوته مع أبويه خاضعين له ، أو ساجدين للَّه ‏شكراً ، كما أُشير إلى‏ ذلك في نهاية السورة:

{وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى‏ الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّداً وَقَالَ يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَاي مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّى حَقّاً}. (يوسف/ 100)

إنّ هذا الحديث يحكي بوضوح عن إمكانية تحقق أحلامٍ صادقة انعكست من قلب طاهر قبل أربعين سنة رغم أنّه لم يُذكر العدد 40 سنة في آيات القرآن ، إلّاأنّ المستفاد من قرائن الآيات أنّ الفاصل بين المنام وتحققه كان طويلًا جداً.

وجدير بالذكر هنا أنّ من ضمن البشائر التي بشر يعقوب بها يوسف هذه البشرى‏:

{وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الأَحَاديثِ}. (يوسف/ 6)

وهذه الجملة (سواء عنت علم تعبير المنام كما يعتقده كثير من المفسرين أو عنت مفهوماً أوسع من ذلك ليشمل الخبرة والإحاطة بأصول وأسباب الحوادث ونتائجها) «9» ، فانّها على‏ كل حالٍ دليل واضح على‏ امكانية صدق بعض الرؤى‏ وتحققها عيناً وواقعاً في الخارج.

5 و 6- المنامان اللذان رآهما صاحبا يوسف في السجن عندما كان مسجوناً بذنب طهارته ، فيحكي اللَّه قصتهما في نفس السورة ويقول:

{ وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانِ قَالَ أَحَدُهُمَا إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا وَقَالَ الْآخَرُ إِنِّي أَرَانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزًا تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} [يوسف : 36]

فدعاهما يوسف للتوحيد وعبادة اللَّه قبل أن يُأوّل ما رأيا ، ثم قال للذي رأى‏ أنّه يعصر خمراً أي عنباً: إنّك تخرج من السجن ، وقال للذي رأى‏ فوق رأسه خبزاً يأكل منه الطير:

إنّك ستحكم بالإعدام وقد تحقق المنامان (من المتعارف في بيئة فاسدة وحكومة جبارة مثل بيئة وحكومة مصر آنذاك حيث يحكم على‏ يوسف بالسجن بذنب العفة والطهارة ، أن يطلق سراح الذي يسالم الحكومة ويحضر الخمر لطغاتها ، أمّا الذين يتحلون بروح الدفاع‏ عن المستضعفين ويعطون خبزاً للطيور فيحكم عليهم بالإعدام).

وعلى‏ أيّة حال ، فإنّ هاتين الرؤيتين اللتين حكاهما القرآن بصراحة يكشفان عن امكان اعتبار الرؤيا كمصدر للمعرفة ، بالطبع لا كل رؤيا ولا كل معبّر ومفسر لها.

7- رؤيا سلطان مصر التي جاءت في نفس السورة ، وهي نموذج واضح آخر للرؤيا الصادقة ، يحكي القرآن هذه الرؤيا قائلًا:

{وَقَالَ الْمَلِكُ انِّى أَرَى‏ سَبْعَ بَقَراتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ واخَرَ يَابِسَاتٍ يَا أَيُّهَا الْمَلأُ أَفْتُونِي فِى رُؤْيَايَ انْ كُنْتُم لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ}. (يوسف/ 43)

وبما أنّ حاشية الملك لم يكونوا خبراء بتعبير الرؤيا ، قالوا له: {أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الْأَحْلَامِ بِعَالِمِينَ} [يوسف : 44]

يحتمل أنّهم أرادوا طمأنة سلطان مصر بحديثهم هذا (ينبغي الالتفات إلى‏ أنّ ملك مصر وفرعونها هو الحاكم العام لمصر ، بينما عزيز مصر هو- كما يقول بعض المفسرين- وزير الخزينة ، واسم فرعون المعاصر ليوسف هو «ريان بن وليد» واسم عزيز مصر «قطفيرعطفير» «10».

فتذكَّر عندها ساقي الملك الذي اطلق سراحه من السجن بعد أن رأى‏ الرؤيا وأولها يوسف ، فحكى‏ القصة للملك فبعث الملك شخصاً إلى‏ يوسف كي يأوّل المنام ، فأوله هكذا:

{قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَباً فَمَآ حَصَدْتُّمْ فَذَرُوهُ فِى سُنْبُلِهِ الَّا قَلِيلًا مِّمَّا تَأْكُلُونَ* ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ الّا قَلِيلًا مِّمَّا تُحْصِنُونَ}(يوسف/ 47- 48).

وقد تحقق المنام بعد ذلك ، وعندما شاهدوا الصدق والمعرفة في يوسف عليه السلام ، أطلقوا سراحه ، وقد أدى‏ به الأمر أن أصبح عزيز مصر ووزير الخزينة ، ثم من بعده أصبح ملك مصر كلها مع سعتها وعمرانها.

________________________

(1). التفسير الأمثل ، ذيل الآية 60 من سورة الإِسراء.

(2). تفسير الكبير ، ج 20 ، ص 236.

(3). جاءت هذه الرواية في تفسير القرطبي ومجمع البيان والصافي والكبير ، وقد قال الفيض الكاشاني : إنّها من الروايات المشهورة عند العامة والخاصة.

(4). نقلها القرطبي عن ابن عباس في تفسيره ، ج 6 ، ص 3902؛ ونقلها الفخر الرازي عنه أيضاً في التفسير الكبير ، ج 20 ، ص 237.

(5). تفسير نور الثقلين ، ج 3 ، ص 180 ، ح 278.

(6). تفسير نور الثقلين ، ج 3 ، ص 180 و 181 ، ح 282 و 283 و 286.

(7). تفسير الميزان ، ج 13 ، ص 175.

(8). بحار الأنوار ، ج 58 ، ص 167 و 177 و 178.

(9). تفسير الميزان ، ج 11 ، ص 86.

(10). نقل هذا المضمون في التفسير الكبير للفخر الرازي ، ج 18 ، ص 108 (وللتفصيل يراجع «اعلام القرآن» ، ص 673 ، كما قد صرّح «ابو الفتوح الرازي» أن نهاية يوسف وصوله إلى‏ سلطة مصر» تفسير روح الجنان ، ج 6 ، ص 401.