حبّ العز
المؤلف:
الحارث بن أسد المحاسبي
المصدر:
آداب النفوس
الجزء والصفحة:
ص 104 ـ 105
2025-05-21
524
وحبّ الْعِزّ أصل وَمِنْه مخرج حب الرِّئَاسَة والجاه عِنْد النَّاس وَمِنْه الْكبر وَالْفَخْر وَمِنْه الْغَضَب والحسد وَمِنْه الحقد وَالْحمية والعصبية وَالنَّفس عاشقة لَهُ وَهُوَ قُرَّة عينهَا وَهُوَ أحبّ اليها من ام وَاحِد لواحدها.
وَبَلغنِي انّه آخر مَا يبْقى فِي قُلُوب تاركي الدُّنْيَا للآخرة وَذَلِكَ لصعوبة تمكّنه من النَّفس.
فَالْعَمَل الصَّالح من غير المريد المستحكم من اهل الْقِرَاءَة سلاحه الَّذِي يقوى بِهِ سُلْطَانه هُوَ الْعِزّ فِي النَّفس وَالْفَخْر بِالْعَمَلِ والازراء على النَّاس.
وَقد رَأينَا من يعْمل اعمال الصَّالِحين من الصَّلَاة وَالصِّيَام وَالصَّدَقَة وَالْحج وَالْجهَاد وعزّه فِي نَفسه زَائِد نعم وَقد رَأينَا من يتواضع لطمع زِيَادَة فِي الْعِزّ.
وَلَا اعْلَم أَنِّي رَأَيْت احدا من اهل النّسك خَالِيا مِنْهُ يَعْنِي من الْعِزّ.
فَإِن كَانَ يجد بَقَاء حلاوة طعمه لم يفلح مَعهَا عابدا كَانَ اَوْ زاهدا.
وَكَيف يكون زاهدا والزهد لَا يأوي مَعَه فِي مأوى وَاحِد.
فَمن عالج نفي الْعِزّ من نَفسه ووفّقه الله لذَلِك فنال نَفْيه سهُل عَلَيْهِ الْمسير فِي طَريقَة محبَّة الله (عزّ وَجلّ) ومحجّة الإيمان وسبيل الاسْتقَامَة ومدارج الصَّالِحين وَهَان عَلَيْهِ معالجة الصدْق فِي عمله واطمأنّت نَفسه الى التذلّل والتواضع وطاب لَهُ طَرِيق الْعدْل؛ لأنّه لَا يقدر ان يحبّ للنَّاس مَا يحبّ لنَفسِهِ وَفِيه الْعِزّ وَلَا يقدر على كظم الغيظ وَفِيه الْعِزّ وَلَا يقدر على قبُول الْحقّ وَفِيه الْعِزّ وَلَا يقدر على التَّوَاضُع الَّذِي هُوَ شرف التَّقْوَى وحليتها وَفِيه الْعِزّ وَلَا يقدر ان يَدُوم على الصدْق وَفِيه الْعِزّ وَلَا يقدر على ترك الْحَسَد وَفِيه الْعِزّ وَلَا يقدر على ترك الحقد وَفِيه الْعِزّ وَلَا يقدر على ترك العصبية وَفِيه الْعِزّ وَلَا يقدر على سَلامَة الْقلب وَفِيه الْعِزّ وَلَا يقدر على النصح وَفِيه الْعِزّ وَلَا يسلم من الازراء على النَّاس وَفِيه الْعِزّ.
فَمَا أكثر ضَرَره وأعظم فَسَاده وأظهر أمْرَهْ وأقل رشده وأبين غيّه عِنْد الْخَاص وَالْعَام وَمَا أغفل النَّاس عَنهُ وأقلّ معرفتهم بِهِ وأشدّ متابعتهم لَهُ!!
فالهوى حكمه وَالْكبر أخوه وعضده والجور سيرته وَالْغَضَب سُلْطَانه والرياء عون من أعوانه لَهُ يكْسب واليه يُؤَدِّي وَالْعجب أضعف عون لَهُ والحسد أمير جُنُوده والغلّ صَاحب مشورته.
وَقَالَ رَسُول الله ـ صلى الله عليه [وآله] وسلّم ـ : "الْكبر والحسد يأكلان الْحَسَنَات كَمَا تَأْكُل النَّار الْحَطب". وَقَالَ بَعضهم: الغل والحسد.
الاكثر قراءة في حب الدنيا والرئاسة والمال
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة