مميزات التبليغ عن طريق القرآن الكريم
المؤلف:
السيد بدري عباس محمد الاعرجي
المصدر:
كيف تدخل الى تفسير القران
الجزء والصفحة:
ص29 - 33
2025-05-06
743
للتبليغ عن طريق القرآن الكريم مميزات يمتاز بها عن سائر مصادر التبليغ منها:
1- البيان غير المباشر: (إياك أعني واسمعي يا جاره). إن البيان القرآني بيان غير مباشر مثل الدعوة الى الصلاة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والصبر على المصائب كما في قوله تعالى: {يَٰبُنَيَّ أَقِمِ ٱلصَّلَوٰةَ وَأۡمُرۡ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَٱنۡهَ عَنِ ٱلۡمُنكَرِ وَٱصۡبِرۡ عَلَىٰ مَآ أَصَابَكَۖ} [لقمان: 17] ولهذا الخطاب نفوذ وتأثير في نفوس الناس عندما يقول القرآن الكريم ذاكرا أهمية الصلاة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والصبر على لسان لقمان عليه السلام بالأضافة الى أن الكثير من الآيات مثل قوله تعالى: {وَأَقِمِ ٱلصَّلَوٰةَ لِذِكۡرِيٓ} [طه: 14] ومثال آخر قول إبراهيم عليه السلام لأبيه آزر كما في قوله تعالى: {وَإِذۡ قَالَ إِبۡرَٰهِيمُ لِأَبِيهِ ءَازَرَ أَتَتَّخِذُ أَصۡنَامًا ءَالِهَةً إِنِّيٓ أَرَىٰكَ وَقَوۡمَكَ فِي ضَلَٰلٖ مُّبِينٖ} [الأنعام: 74] وهذا البيان لا يجود في غير القرآن وهو ما يعرف بأسلوب (إياك أعني واسمعي ياجاره).
2- التأثير العميق للقرآن: للقرآن الكريم تأثير عميق على المخاطب بخلاف غيره من المؤثرات وهذا التأثير من أول يوم نزل فيه القرآن الكريم كما في قوله تعالى: {إِنۡ هَٰذَآ إِلَّا سِحۡرٞ مُّبِينٞ} [المائدة: 110] وقوله تعالى: {لَوۡ أَنزَلۡنَا هَٰذَا ٱلۡقُرۡءَانَ عَلَىٰ جَبَلٖ لَّرَأَيۡتَهُۥ خَٰشِعٗا مُّتَصَدِّعٗا مِّنۡ خَشۡيَةِ ٱللَّهِۚ وَتِلۡكَ ٱلۡأَمۡثَٰلُ نَضۡرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمۡ يَتَفَكَّرُونَ} [الحشر: 21] (1) وقوله تعالى: {فَلۡيَنظُرِ ٱلۡإِنسَٰنُ إِلَىٰ طَعَامِهِۦٓ} [عبس: 24] .
3- لا سبيل للباطل إليه: لا سبيل للباطل في القرآن الكريم قال تعالى: {لَّا يَأۡتِيهِ ٱلۡبَٰطِلُ مِنۢ بَيۡنِ يَدَيۡهِ وَلَا مِنۡ خَلۡفِهِۦۖ تَنزِيلٞ مِّنۡ حَكِيمٍ حَمِيدٖ} [فصلت: 42] بينما غيره يمكن أن يأتيه الباطل وهذا معناه ليس في أخباره عن ما مضى باطل ولا في أخباره عن ما يكون في المستقبل باطل بل أخباره كلها موافقة لمخبراتها.
4- البيان المتنوع: القرآن الكريم له بيان متنوع ولا توجد في القرآن الكريم مباحث موضوعية كاملة فينتقل من مباحث التوحيد الى المعاد الى العبادات والى الأوامر...... الخ. قال تعالى: {وَلَقَدۡ صَرَّفۡنَا فِي هَٰذَا ٱلۡقُرۡءَانِ لِلنَّاسِ مِن كُلِّ مَثَلٖۚ} [الكهف: 54] وقال تعالى: {وَلَقَدۡ ضَرَبۡنَا لِلنَّاسِ فِي هَٰذَا ٱلۡقُرۡءَانِ مِن كُلِّ مَثَلٖۚ} [الروم: 58] (5) وقال تعالى: {كِتَٰبٌ أَنزَلۡنَٰهُ إِلَيۡكَ مُبَٰرَكٞ} [ص: 29] .
5- لا ينتهي بيانه: لا ينتهي بيان القرآن الكريم لأنه منزل بعلم الله سبحانه وتعالى قال تعالى: {كِتَٰبٌ أَنزَلۡنَٰهُ إِلَيۡكَ مُبَٰرَكٞ} [ص: 29] وقال تعالى: {وَلَوۡ أَنَّمَا فِي ٱلۡأَرۡضِ مِن شَجَرَةٍ أَقۡلَٰمٞ وَٱلۡبَحۡرُ يَمُدُّهُۥ مِنۢ بَعۡدِهِۦ سَبۡعَةُ أَبۡحُرٖ مَّا نَفِدَتۡ كَلِمَٰتُ ٱللَّهِۚ } [لقمان: 27] وقال تعالى: {قُل لَّوۡ كَانَ ٱلۡبَحۡرُ مِدَادٗا لِّكَلِمَٰتِ رَبِّي لَنَفِدَ ٱلۡبَحۡرُ قَبۡلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَٰتُ رَبِّي وَلَوۡ جِئۡنَا بِمِثۡلِهِۦ مَدَدٗا} [الكهف: 109] وقال النبي : (القرآن أوضح دليل الى خير سبيل ظاهره حكم وباطنه علم لا تنقضي عجائبه ولا تفنى غرائبه...) .
6- القرآن كلام الله تعالى نفسه: القرآن الكريم كلام الله نفسه بخلاف بقية الكتاب كما أن الحديث القدسي يختلف عن القرآن الكريم حيث أن الحديث القدسي هو حكاية عن الله تعالى بينما القرآن الكريم كلام الله نفسه وهذا يعني أن الحديث القدسي معناه من الله سبحانه وتعالى بالمضمون أما ألفاظه فهي ليست من الله وهذا هو الفرق بينهما.
7- القرآن غض جديد: القرآن الكريم لا يختص بزمان دون زمان فهو في كل زمان غض جديد الى يوم القيامة. قال تعالى: {وَنَزَّلۡنَا عَلَيۡكَ ٱلۡكِتَٰبَ تِبۡيَٰنٗا لِّكُلِّ شَيۡءٖ} [النحل: 89] وعن أبي جعفر عليه السلام قال: (إن الله لم يدع شيئا تحتاج اليه الأمة الى يوم القيامة إلا أنزله في كتابه وبينه لرسوله وجعل لكل شيء حدا وجعل عليه دليلا يدل عليه) [1] .
8- القرآن الكريم يضيء دائما: القرآن الكريم دائم النور وهو مصداق لقوله تعالى: {قَدۡ جَآءَكُم مِّنَ ٱللَّهِ نُورٞ وَكِتَٰبٞ مُّبِينٞ} [المائدة: 15] . لأن النور في كل لحظة يتجدد بخلاف بقية الأشياء ولذا شبه القرآن الكريم بالنور لأنه متجدد دائما كما أن الشمس تضيء ولكن في كل لحظة تعطي نورا جديدا غير الذي كانت تعطيه وهكذا فهي مستمرة في تجديد نورها والقرآن الكريم كذلك في كل لحظة يتجدد فمن يعمل مع القرآن يستفيد في كل لحظة من شيء جديد. والقرآن الكريم يضيء لمن يتصل به في كل مكان وفي كل زمان وفي كل جهة وفي أي مستوى كما أن ضياء الشمس يتجدد في كل لحظة فأن نور القرآن الكريم يتجدد باستمرار.
9- القرآن مصدر هداية: القرآن الكريم يهدي الى أقوم الطرق في الحياة وفي كل شيء قال تعالى: {إِنَّ هَٰذَا ٱلۡقُرۡءَانَ يَهۡدِي لِلَّتِي هِيَ أَقۡوَمُ } [الإسراء: 9]
10- القرآن جذاب: في القرآن الكريم أساس متين للجذب الى الدين حيث أن المكذبين الذين يدعون النبوة كلهم يشبهون أعمالهم وأقوالهم بالقرآن الكريم فمثلا القرآن الكريم يخبر عن المغيبات فهم أيضا يخبرون عن المغيبات لجذب الناس إليهم قال تعالى: {غُلِبَتِ ٱلرُّومُ فِيٓ أَدۡنَى ٱلۡأَرۡضِ وَهُم مِّنۢ بَعۡدِ غَلَبِهِمۡ سَيَغۡلِبُونَ فِي بِضۡعِ سِنِينَۗ لِلَّهِ ٱلۡأَمۡرُ مِن قَبۡلُ وَمِنۢ بَعۡدُۚ وَيَوۡمَئِذٖ يَفۡرَحُ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ 4 بِنَصۡرِ ٱللَّهِۚ يَنصُرُ مَن يَشَآءُۖ وَهُوَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلرَّحِيمُ} [الروم: 2-5] وقال تعالى: {سَيُهۡزَمُ ٱلۡجَمۡعُ وَيُوَلُّونَ ٱلدُّبُرَ} [القمر: 45]
وقال تعالى: {إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يُنفِقُونَ أَمۡوَٰلَهُمۡ لِيَصُدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِۚ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيۡهِمۡ حَسۡرَةٗ ثُمَّ يُغۡلَبُونَۗ وَٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ إِلَىٰ جَهَنَّمَ يُحۡشَرُونَ} [الأنفال: 36] وحادثة إستماع قريش الى تلاوة النبي المعروفة وكذلك قول الوليد بن المغيرة المخزومي في تقييمه للقرآن عندما طلب منه ذلك قال: والله إن لقوله لحلاوة وإن عليه لطلاوة وإنه لمنير أعلاه مشرق أسفله وإنه ليعلو ولا يعلى عليه وإنه يحطم ما تحته [2].
[1] بصائر الدرجات: ص26 باب 3ح3
[2] الأسس المنهجية في تفسير النص القرآني: ص129
الاكثر قراءة في مقالات قرآنية
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة