x

هدف البحث

بحث في العناوين

بحث في المحتوى

بحث في اسماء الكتب

بحث في اسماء المؤلفين

اختر القسم

القرآن الكريم
الفقه واصوله
العقائد الاسلامية
سيرة الرسول وآله
علم الرجال والحديث
الأخلاق والأدعية
اللغة العربية وعلومها
الأدب العربي
الأسرة والمجتمع
التاريخ
الجغرافية
الادارة والاقتصاد
القانون
الزراعة
علم الفيزياء
علم الكيمياء
علم الأحياء
الرياضيات
الهندسة المدنية
الأعلام
اللغة الأنكليزية

موافق

تأملات قرآنية

مصطلحات قرآنية

هل تعلم

علوم القرآن

أسباب النزول

التفسير والمفسرون

التفسير

مفهوم التفسير

التفسير الموضوعي

التأويل

مناهج التفسير

منهج تفسير القرآن بالقرآن

منهج التفسير الفقهي

منهج التفسير الأثري أو الروائي

منهج التفسير الإجتهادي

منهج التفسير الأدبي

منهج التفسير اللغوي

منهج التفسير العرفاني

منهج التفسير بالرأي

منهج التفسير العلمي

مواضيع عامة في المناهج

التفاسير وتراجم مفسريها

التفاسير

تراجم المفسرين

القراء والقراءات

القرآء

رأي المفسرين في القراءات

تحليل النص القرآني

أحكام التلاوة

تاريخ القرآن

جمع وتدوين القرآن

التحريف ونفيه عن القرآن

نزول القرآن

الناسخ والمنسوخ

المحكم والمتشابه

المكي والمدني

الأمثال في القرآن

فضائل السور

مواضيع عامة في علوم القرآن

فضائل اهل البيت القرآنية

الشفاء في القرآن

رسم وحركات القرآن

القسم في القرآن

اشباه ونظائر

آداب قراءة القرآن

الإعجاز القرآني

الوحي القرآني

الصرفة وموضوعاتها

الإعجاز الغيبي

الإعجاز العلمي والطبيعي

الإعجاز البلاغي والبياني

الإعجاز العددي

مواضيع إعجازية عامة

قصص قرآنية

قصص الأنبياء

قصة النبي ابراهيم وقومه

قصة النبي إدريس وقومه

قصة النبي اسماعيل

قصة النبي ذو الكفل

قصة النبي لوط وقومه

قصة النبي موسى وهارون وقومهم

قصة النبي داوود وقومه

قصة النبي زكريا وابنه يحيى

قصة النبي شعيب وقومه

قصة النبي سليمان وقومه

قصة النبي صالح وقومه

قصة النبي نوح وقومه

قصة النبي هود وقومه

قصة النبي إسحاق ويعقوب ويوسف

قصة النبي يونس وقومه

قصة النبي إلياس واليسع

قصة ذي القرنين وقصص أخرى

قصة نبي الله آدم

قصة نبي الله عيسى وقومه

قصة النبي أيوب وقومه

قصة النبي محمد صلى الله عليه وآله

سيرة النبي والائمة

سيرة الإمام المهدي ـ عليه السلام

سيرة الامام علي ـ عليه السلام

سيرة النبي محمد صلى الله عليه وآله

مواضيع عامة في سيرة النبي والأئمة

حضارات

مقالات عامة من التاريخ الإسلامي

العصر الجاهلي قبل الإسلام

اليهود

مواضيع عامة في القصص القرآنية

العقائد في القرآن

أصول

التوحيد

النبوة

العدل

الامامة

المعاد

سؤال وجواب

شبهات وردود

فرق واديان ومذاهب

الشفاعة والتوسل

مقالات عقائدية عامة

قضايا أخلاقية في القرآن الكريم

قضايا إجتماعية في القرآن الكريم

مقالات قرآنية

التفسير الجامع

حرف الألف

سورة آل عمران

سورة الأنعام

سورة الأعراف

سورة الأنفال

سورة إبراهيم

سورة الإسراء

سورة الأنبياء

سورة الأحزاب

سورة الأحقاف

سورة الإنسان

سورة الانفطار

سورة الإنشقاق

سورة الأعلى

سورة الإخلاص

حرف الباء

سورة البقرة

سورة البروج

سورة البلد

سورة البينة

حرف التاء

سورة التوبة

سورة التغابن

سورة التحريم

سورة التكوير

سورة التين

سورة التكاثر

حرف الجيم

سورة الجاثية

سورة الجمعة

سورة الجن

حرف الحاء

سورة الحجر

سورة الحج

سورة الحديد

سورة الحشر

سورة الحاقة

الحجرات

حرف الدال

سورة الدخان

حرف الذال

سورة الذاريات

حرف الراء

سورة الرعد

سورة الروم

سورة الرحمن

حرف الزاي

سورة الزمر

سورة الزخرف

سورة الزلزلة

حرف السين

سورة السجدة

سورة سبأ

حرف الشين

سورة الشعراء

سورة الشورى

سورة الشمس

سورة الشرح

حرف الصاد

سورة الصافات

سورة ص

سورة الصف

حرف الضاد

سورة الضحى

حرف الطاء

سورة طه

سورة الطور

سورة الطلاق

سورة الطارق

حرف العين

سورة العنكبوت

سورة عبس

سورة العلق

سورة العاديات

سورة العصر

حرف الغين

سورة غافر

سورة الغاشية

حرف الفاء

سورة الفاتحة

سورة الفرقان

سورة فاطر

سورة فصلت

سورة الفتح

سورة الفجر

سورة الفيل

سورة الفلق

حرف القاف

سورة القصص

سورة ق

سورة القمر

سورة القلم

سورة القيامة

سورة القدر

سورة القارعة

سورة قريش

حرف الكاف

سورة الكهف

سورة الكوثر

سورة الكافرون

حرف اللام

سورة لقمان

سورة الليل

حرف الميم

سورة المائدة

سورة مريم

سورة المؤمنين

سورة محمد

سورة المجادلة

سورة الممتحنة

سورة المنافقين

سورة المُلك

سورة المعارج

سورة المزمل

سورة المدثر

سورة المرسلات

سورة المطففين

سورة الماعون

سورة المسد

حرف النون

سورة النساء

سورة النحل

سورة النور

سورة النمل

سورة النجم

سورة نوح

سورة النبأ

سورة النازعات

سورة النصر

سورة الناس

حرف الهاء

سورة هود

سورة الهمزة

حرف الواو

سورة الواقعة

حرف الياء

سورة يونس

سورة يوسف

سورة يس

آيات الأحكام

العبادات

المعاملات

القرآن الكريم وعلومه : علوم القرآن : التفسير والمفسرون : التفسير : مفهوم التفسير :

ظاهرة الإسرائيليّات في التفسير

المؤلف:  محمد باقر الحكيم

المصدر:  علوم القرآن

الجزء والصفحة:  ص 293-301 .

13-10-2014

1609

قد تعرّضت المعرفة التفسيرية إلى نقطة ضعفٍ مهمّةٍ نتيجةً لهذه البساطة في الشعور بالمسؤوليّة وعدم التقدير الواعي لظروف الحماية وأساليبها ، حيث نجد المرحلة تعتمد بشكلٍ رئيسٍ على أقوال أهل الكتاب ونظريّاتهم.
وقد وقع بعض الصحابة نتيجةً لهذا الاعتماد في مفارقاتٍ فكريّةٍ وعقيديّةٍ تختلف عن الاتجاهات الإسلامية الصحيحة ، فهناك كثيرٌ من الأفكار الإسرائيليّة عن الأنبياء وعالم الآخرة والملائكة أُضيفت إلى القرآن الكريم؛ نتيجة هذا الربط التفسيري بين الوقائع التي تسردها الكتب الإسرائيليّة أو التي يرويها الإسرائيليون ، والوقائع التي يُشير إليها القرآن الكريم لاستخلاص العبرة والموعظة منها.  
والشواهد على هذه المفارقات في النصوص التفسيريّة (الصحيحة!) المأثورة عن الصحابة كثيرة ، وإليك نماذج منها :   
أ ـ عن أبي هريرة ، في قوله تعالى :   
{وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ} [الأعراف : 172].  
قال : قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله) :  
(لمّا خلق الله آدم مسح ظهره فسقط كلّ نسمةٍ هو خالقها من ذرّيته إلى يوم القيامة ، وجعل بين عيني كلِّ إنسانٍ منهم وبيصاً (1) من نورٍ ثمّ عرضهم على آدم.
فقال آدم : أي ربّ من هؤلاء؟
قال : هؤلاء ذرّيتك. فرأى رجلاً منهم فأعجبه وبيص ما بين عينيه ، فقال : أي ربّ من هذا؟  
فقال : رجل من آخر الأُمم من ذرّيتك يُقال له داود.
فقال ربّ كم جعلت عمره؟
قال ستين سنة.
قال : أي ربّ زده من عمري أربعين سنة.
فلمّا مضى آدم جاءه ملك الموت ، فقال : أو لم يبق من عمري أربعون سنة؟!
قال أو لم تعطها ابنك داود؟
فجحد آدم فجحدت ذرّيته ، ونسي آدم فنسيت ذرّيته ، وخطئ آدم فخطئت ذرّيته) (2) .
وهذا الحديث وإن كان يرويه أبو هريرة عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ولكنّنا نقطع بعدم صدوره من رسول الله؛ لوجود التشابه بينه وبين الإسرائيليّات في نظرتها إلى الأنبياء واتّهامها لهم بعظائم الأُمور ، كما أنّه يحاول أن يصوّر بني إسرائيل على أساس أنّهم آخر الأُمم ، وعدم وجود ارتباط واضح بين الفقرات الثلاث الأخيرة وواقع القصّة ، إن لم نقل بتناقضها.  
ب ـ عن ابن عبّاس أنّ النبي (صلّى الله عليه وآله) قال :
(لمّا أغرق الله فرعون قال : {آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ ...} [يونس : 90]. فقال جبرئيل فلو رأيتني وأنا آخذ من حال (3) البحر فأدسه في فيه مخافة أن تدركه الرحمة) (4) .
فإنّ هذه الرواية تصوّر لنا جبرئيل شخصاً يحب الانتقام من الناس وهلاكهم؛ فإذا قارنّا ذلك بما ينظر اليهود به إلى جبرئيل وأنّه ملك العذاب كما جاءت بذلك بعض النصوص التأريخيّة في أسباب نزول قوله تعالى :
{ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ ...} [البقرة : 98] ... نعتقد أنّ هذه الرواية لم تأت عن النبي وإنّما جاءت على لسانه تأييداً لوجهة النظر الإسرائيليّة ، أو تأثّراً بأفكار الإسرائيليّات ، وإلاّ فنحن لا نفهم لماذا يخاف جبرئيل أن تدرك رحمة الله أحداً من الناس حتّى لو كان ذلك فرعون!
ج ـ عن أبي هريرة رفعه (لم يكذب إبراهيم إلاّ في ثلاث : قوله : {... إِنِّي سَقِيمٌ ...} [الصافات : 89] ولم يكن سقيماً.
وقوله لسارة : أُختي.
وقوله : {... بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا...} [الأنبياء : 63]) (5) .
ولا يمكننا إلاّ أن ننسب هذا الحديث إلى الإسرائيليّات لما فيه من اتهام إبراهيم بالكذب على هذه الصورة المشينة ، خصوصاً إذا أخذنا بنظر الاعتبار عدم ورود قصّة ادّعاء إبراهيم أنّ سارة أخته في القرآن الكريم مع وجود تفسيرٍ واضحٍ لكلٍّ من الحادثتين الأُخريين لا يتّسم بالكذب.
د ـ جاء في الطبري عن سعيد بن المسيّب أنّه كان يحلف أنّ آدم لم يأكل من الشجرة إلاّ بعد أن شرب الخمر (6) .
وسعيد بن المسيّب هذا نجده في موضعٍ آخر لا يرضى أن يقول في القرآن شيئاً من التفسير! (7) .
فكيف يمكن أن نوفّق بين يمينه ذاك ورأيه هذا؟! 
هـ ـ عن أبي سعيد الخدري قال : (قرأ رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ {وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ ...} [مريم : 39]
قال : (يُؤتى بالموت كأنّه كبشٌ أملح ، حتّى يُوقف على السور بين الجنّة والنار ، فيقال : يا أهل الجنّة ، فيشرئبّون.
ويُقال يا أهل النار ، فيشرئبّون. فيقال : هل تعرفون هذا؟
فيقولون : نعم هذا الموت. فيضجع فيذبح. فلولا أنّ الله قضى لأهل الجنّة الحياة فيها والبقاء لماتوا فرحاً ، ولولا أنّ الله قضى لأهل النار الحياة فيها لماتوا ترحاً) ) (8) .  
ويمكن أن نعرف مدى صحّة هذا النص ، إذا درسنا النصوص التي تُروى عن أبي سعيد هذا ، ووجدنا أنّها تلتقي في نقطةٍ واحدةٍ وهي : التحدّث عن أشياء غريبة ترتبط بعالم الآخرة ، وكأنّه شخصٌ اختصاصي لا يمارس إلاّ هذا اللّون من التفسير (9) .  
قيمة الإسرائيليّات في المعرفة التفسيريّة :  
ويجدر بنا ونحن نتحدّث عن المفارقات التي وقع فيها بعض الصحابة والتابعين ، نتيجة اعتمادهم على الإسرائيليّات في التفسير أن نعرف مدى قيمة هذا المصدر من ناحيةٍ إسلاميةٍ في المعرفة التفسيريّة.  
ويمكننا أن نجزم بسهولةٍ بأنّ هذا المصدر لا يمثّل في وجهة النظر الإسلامية أيّ قيمةٍ حقيقيّةٍ بعد أن نلاحظ الأمرين التاليين :  
أوّلاً :  
إنّ القصص والتفصيلات التي سردتها التوراة والإنجيل بوجودهما الفعلي لا يمكن الاعتماد عليها؛ لأنّها محرّفة وفيها اتجاهات أخلاقيّة وعقيديّة لا يقرّها الإسلام الحنيف ، وقد صرّح القرآن الكريم في مواضع مختلفة بهذا التحريف الذي أصاب هذين الكتابين ، وذمّ أهل الكتاب بصورةٍ عامّةٍ على قيامهم بهذا التحريف والتزامهم له ، فكيف يصح لنا بعد هذا كلّه ان نعتمد على شيءٍ من هذه التفصيلات في تفسير القرآن الكريم؟  
ثانياً :  
إنّ الصحابة والتابعين حين كانوا يأخذون من أهل الكتاب هذه التفصيلات لم تكن لديهم وسائل الاطلاع على ذات التوراة والإنجيل ، وإنّما كانوا يعتمدون في ذلك على بعض من دخل الإسلام من أهل الكتاب وغيرهم ، وقد كان بعض هؤلاء قد تظاهر بالإسلام وهو غير مخلص له ، فمن الطبيعي أن يقوم بعمليّة تشويه للمفاهيم الإسلامية بإدخال بعض الاتجاهات الفكريّة والأخلاقية فيما يرويه عن التوراة والإنجيل بصورةٍ محرّفة؛ وهذا الشيء وان كان غير واردٍ في الوقت الحاضر على أساس انتشار العهدين القديم والجديد ، ولكنّه كان ذا مفعولٍ قويٍّ في تشويه الفكر الإسلامي أيّام الصحابة والتابعين.  
بل نجد في ثقافة أهل الكتاب معلوماتٍ وأفكاراً كانوا يتداولونها ويتوارثونها جيلاً عن جيل ، ويحرّفونها ويحوّرونها لأسبابٍ مختلفة ، وهي ليست موجودة بالأصل في التوراة والإنجيل ، بل هي من الثقافة العامّة لهم ، ولذا كان يعاتبهم القرآن ويدعوهم ـ أحياناً ـ للرجوع إلى ما بأيديهم من التوراة والإنجيل لمعرفة الحقيقة.  
وقضيّة اعتماد بعض الصحابة على الإسرائيليّات في التفسير يمكن أن تُعتبر بداية المشكلة لعصر التابعين ، حيث كان هذا الاتجاه اتجاهاً رئيساً في عصرهم قامت عليه بعض المدارس التفسيريّة وتبنّته بعض الأساليب الثقافيّة كمصدرٍ مهمٍّ من مصادر التموين.  

فقد ظهرت في هذه المدّة من الزمن حركةٌ اتخذت من سرد الحوادث التأريخية حرفة خاصّة (10) .  
وبرزت الإسرائيليّات التي تتحدّث عن حياة الأنبياء السابقين ـ بصفتها جزءاً من الثقافة الإسلامية العامّة ـ إلى جانب السيرة النبويّة وتفصيلاتها.  
بل تأثّر بهذا الأُسلوب رواة السيرة النبويّة وتأريخ الفتح الإسلامي وملاحم العرب الجاهلية ، فوضعوا القصص والملاحم والكتب التي تتحدّث عن الغزوات ومعارك المسلمين والجاهليين من العرب وبشكلٍ أُسطوري له أهدافٌ سياسيّة أو ثقافيةٌ معيّنة.  
كما اُختلقت قصص وأساطير وهميّة حول شخصيّاتٍ حقيقيّةٍ أُريد منها تشويه الحقائق السياسية والمذهبيّة ، بل حتّى تمادى بعضهم باختلاق الشخصيّات ونسبة أدوار مهمّة لهم من أجل هذه الأهداف ، مثل قصص عنترة بن شداد ، أو عبد الله بن سبأ ، أو القعقاع التميمي ، أو أيّام العرب الجاهلية وغيرهم من الشخصيّات الوهميّة أو الحقيقية التي أُحيطت بهالات وأُطر وبطولات وهميّة.  
وبعد هذا كلّه يمكننا أن ندرك بوضوحٍ مقدار ما أصاب الثقافة الإسلامية من ضياعٍ وتشويهٍ نتيجة هذه السذاجة في الضبط والحماية.  
ثالثاً :  
سذاجة عامّة الصحابة الفكريّة ، وميلهم للبساطة ، وتأثّرهم في فهم الإسلام بإطاراتهم الخاصّة.  
لقد كانت السذاجة الفكرية لجمهور الصحابة ، وتأثّرهم في فهم الإسلام بإطاراتهم الخاصّة إحدى النقاط المهمّة التي كانت لها نتائجها ومضاعفاتها في المعرفة التفسيريّة ، ونذكر من تلك النتائج ما يلي :  
1 ـ فقد كان من مظاهر ذلك ما أشرنا إليه سابقاً من طبيعة المرحلة التي فرضت على الصحابة أن يعيشوا القرآن كمشكلةٍ لُغويّةٍ وتأريخيّةٍ ، فإنّ ذلك كان بسبب عاملين :  
أحدهما خارجي : وهو عدم استيعاب الصحابة للثقافة الإسلامية.  
والآخر داخلي : وهو المستوى العقلي والفكري الذي كان يعيشه رجال المرحلة ، حيث كانوا ينظرون إلى البحث والتأمّل خارج حدود المشكلة اللُّغوية والتأريخية بحثاً غير إسلامي ، قد ينتهي بهم إلى الانحراف في فهم الدين والضلال عنه.  
في الوقت الذي نجد القرآن الكريم يحثّ على التأمّل في الكون ، والتدبّر في آيات القرآن الكريم ومفاهيمه ، واستعمال العقل أداةً لإدراك بعض المفاهيم الكونيّة والاجتماعية من خلال النظريّة الإسلامية ومفاهيمها.  
2 ـ كما كان من نتائج هذه السذاجة موقف الصحابة من القرآن الكريم ـ بصفته مصدراً مهمّاً من مصادر المعرفة التفسيريّة في ذلك العصر ـ حيث لم يتمكّنوا من الاستفادة الكاملة من العطاء القرآني في هذا المجال؛ ويلاحظ ذلك في ندرة ما ورد عنهم من محاولات تفسيريّة تعتمد في فهم القرآن الكريم على القرآن نفسه ، في الوقت الذي نعرف أنّ طبيعة نزول القرآن الكريم وأُسلوبه وترابط النظريّة الإسلامية وتكاملها يحتّم علينا فهم المقطع القرآني في ضوء جميع ما ورد في القرآن الكريم بصدد معناه.  
وفي بعض الموارد حاول الصحابة الاستفادة من عطاء هذا المصدر الأصيل ، فتجدهم يخضعون النص القرآني لإطاراتهم الفكريّة الخاصّة.  
ومن الشواهد التي تدل على ذلك تلك المحاولة التي تُنسب إلى بعض الصحابة ، حين حاول التعرّف على حقيقة إبليس وماهيّته ، وإنّه من الجِن أو الملائكة حيث خرج ـ بعد مقارنته لقوله تعالى :  
{وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى ...} [البقرة : 34]

مع قوله تعالى :  
{وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ...} [الكهف : 50] ـ بنتيجةٍ معيّنةٍ تقول : إنّ إبليس كان ينتمي إلى قبيلةٍ من الملائكة تُسّمى بالجِن (11) .  
3 ـ وعمليّة إخضاع النص القرآني للإطارات الفكرية الخاصّة التي كان يعيشها بعض الصحابة والتابعين هي : إحدى المظاهر التي أُصيبت بها المعرفة التفسيرية في ذلك العصر نتيجةً للسّذاجة الفكرية؛ ولدينا شواهد كثيرة على هذا التأثّر في العمليات التفسيرية المنسوبة إلى بعض الصحابة والتابعين (12) .  
4 ـ وإلى جانب ذلك كانت تبدو البساطة في فهم المعنى القرآني ، والاستعارة القرآنية واضحة المعالم في تفاسير بعض الصحابة والتابعين :  
فعِكْرِمة أحد التابعين ، يرى في قوله تعالى :  
{... لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ} [ص : 26]  
على أنّه من تقديم ما حقّه التأخير؛ إذ يفهم الآية على أساس أنّ تركيبها الأصلي (لهم عذاب شديد يوم الحساب بما نسوا) حيث لا يرى عِكْرمة أنّ نسيان يوم الحساب يمكن أن يكون سبباً معقولاً للعذاب الشديد (13) .  
وكذلك ابن عبّاس يرى في قوله تعالى :  
{... فَقَالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً ...} [النساء : 153] أنّ (جهرة) كان حقّها التقديم في الكلام ، فتأخّرت حيث لا يعقل أن تتّصف الرؤية بـ (الجهرة) ؛ لأنّهم إذا رأوا فقد رأوا ، وإنّما كان قولهم الذي طلبوا فيه الرؤية جهرةً وعلناً (14) .  
وهكذا نجد الصحابة في هذا ونظائره ، يفسّرون القرآن حسب مدركاتهم واجتهاداتهم العقليّة الخاصّة ، ويُخضعون المجاز القرآني بأقسامه المختلفة لهذه المدركات على بساطتها وسذاجتها.  
5 ـ وقد انفتح بعض الصحابة والتابعين ـ نتيجةً لهذه السذاجة الفكريّة ـ على بعض الأفكار الإسرائيلية وتفسيراتهم لبعض الألفاظ القرآنية ، حين لم يجدوا فيها ما يتنافى مع أفكارهم الخاصّة ومدركاتهم العقليّة ، خصوصاً ما يرتبط منها بعالم الغيب ، هذا العالم الذي كانوا يجهلون الكثير من تفاصيله ودقائقه (15) ؛ فكان أن فُرضت على الثقافة القرآنية مجموعة غريبة من الأفكار والمفاهيم ، ونُظر إليها في العصور المتأخّرة على أساس أنّها جزءٌ من الثقافة الإسلامية.
________________________
(1) الوبيص : البريق. ابن الأثير ، البداية والنهاية 4 : 191.  
(2) الترمذي 11 : 196 ـ 199.  
(3) الحال : الطين الأسود كالحمأة. ابن الأثير ، البداية والنهاية 10 : 273.  
(4) الترمذي 11 : 271 راجع الحديث الذي بعده.  
(5) الترمذي 12 : 24.  
(6) تفسير الطبري 1 : 237.  
(7) المصدر السابق 1 : 38.  
(8) الترمذي 12 : 14.  
(9) يمكن ملاحظة ما رواه السيوطي في الإتقان عنه 2 : 191 ـ 205. والترمذي في كتاب التفسير.  
(10) يشير إلى هذا ما ذكره هبة الله بن سلامة في كتابه : الناسخ والمنسوخ . المطبوع بهامش أسباب النزول للواحدي : 6 ـ7 .  
(11) الطبري 1 : في تفسير الآية 34 من سورة البقرة. دار المعرفة ـ بيروت.  
(12) راجع بهذا الصدد الإتقان 1 : 144 و 2 : 141. والترمذي 11 : 246.  
(13) الإتقان 2 : 13.
(14) الإتقان 2 : 13.  
(15) راجع الترمذي 11 : 284 ، والإتقان 2 : 141 وغير ذلك.