1

المرجع الالكتروني للمعلوماتية

تاريخ الفيزياء

علماء الفيزياء

الفيزياء الكلاسيكية

الميكانيك

الديناميكا الحرارية

الكهربائية والمغناطيسية

الكهربائية

المغناطيسية

الكهرومغناطيسية

علم البصريات

تاريخ علم البصريات

الضوء

مواضيع عامة في علم البصريات

الصوت

الفيزياء الحديثة

النظرية النسبية

النظرية النسبية الخاصة

النظرية النسبية العامة

مواضيع عامة في النظرية النسبية

ميكانيكا الكم

الفيزياء الذرية

الفيزياء الجزيئية

الفيزياء النووية

مواضيع عامة في الفيزياء النووية

النشاط الاشعاعي

فيزياء الحالة الصلبة

الموصلات

أشباه الموصلات

العوازل

مواضيع عامة في الفيزياء الصلبة

فيزياء الجوامد

الليزر

أنواع الليزر

بعض تطبيقات الليزر

مواضيع عامة في الليزر

علم الفلك

تاريخ وعلماء علم الفلك

الثقوب السوداء

المجموعة الشمسية

الشمس

كوكب عطارد

كوكب الزهرة

كوكب الأرض

كوكب المريخ

كوكب المشتري

كوكب زحل

كوكب أورانوس

كوكب نبتون

كوكب بلوتو

القمر

كواكب ومواضيع اخرى

مواضيع عامة في علم الفلك

النجوم

البلازما

الألكترونيات

خواص المادة

الطاقة البديلة

الطاقة الشمسية

مواضيع عامة في الطاقة البديلة

المد والجزر

فيزياء الجسيمات

الفيزياء والعلوم الأخرى

الفيزياء الكيميائية

الفيزياء الرياضية

الفيزياء الحيوية

الفيزياء العامة

مواضيع عامة في الفيزياء

تجارب فيزيائية

مصطلحات وتعاريف فيزيائية

وحدات القياس الفيزيائية

طرائف الفيزياء

مواضيع اخرى

علم الفيزياء : مواضيع عامة في الفيزياء : مواضيع اخرى :

التنوير والنقد الفلسفي للمفاهيم في الفيزياء

المؤلف:  فيليب فرانك

المصدر:  بين الفيزياء والفلسفة

الجزء والصفحة:  ص42

2025-03-27

90

إذا قرأنا أهم عمل لماخ الميكانيكا Mechanics  فسوف تكتشف أنه لا يغوص بنا  في أعماق أفكاره الداخلية واتجاهاته الفكرية مثلما فعل في الفصل الرائع الذي تناول فيه آراءه سواء اللاهوتية أو الحياتية أو الصوفية، فى الميكانيكا . ومن هذه العبارة تهب نسائم منعشة. وما كان المفكرون الآخرون يناقشونه بحدة وعنف، مصحوبًا في الغالب بإعلان هادئ بحكم صغير من محاكم التفتيش موقع على الخصم تجرى مناقشته هنا بروح علمية أصيلة. ولكن خلال الفصل بأكمله نلمس حشرجة صوت إثارة مكتومة، مثل حالة ثمل مازال يحتفظ برصانته تلك الحالة التي تنسب إلى عصر التنوير. حقاً، كان ماخ يتلمس عن بعد ملاذه الروحى في هذا العصر. فهو يقول : لأول مرة في أدبيات القرن الثامن عشر يبدو التنوير وقد اكتسب قاعدة أوسع، إذ تتواصل العلوم الإنسانية والفلسفية والتاريخية والطبيعية، ويدعم بعضها بعضاً من أجل فكر أكثر تحرراً. وكل من أحس بهذا الانطلاق والتحرر ولو جزئياً خلال هذه الأدبيات فسوف يشعر بمرارة الغربة والحنين للقرن الثامن عشر. كان معارف ماخ ممن يرتبطون به ارتباطاً شخصياً يعلمون أنه كان من أشد المعجبين بالفيلسوف الفرنسى فولتير Voltaire ويحرص على قراءة أعماله.

وأخبرني أحد مساعدى ماخ السابقين البروفيسور چورج بيك George Pick أن ماخ كان يدين هجوم ليسنج Lessing على فولتير، ومن المعروف أيضاً أن جوزيف پوپر Josef Popper ألف كتاباً كاملاً كرسه للدفاع عن فولتير وتبجيله، وكان ماخ يصف بوبر بأنه ظل لفترة طويلة الرجل الوحيد الذي يستطيع أن يحدثه عن آرائه الفيزيائية والمعرفية بدون صدام.

وأرى أن ماخ نال هذا الاستحسان بسبب تقديره الصحيح لشخصه. ويمكن إدراك الدور الذي لعبه ماخ كفيلسوف فى الحياة الفكرية الحالية إذا اعتبرنا تعاليمه فلسفة تنوير تناسب عصرنا .

ولما كان من الوارد إساءة فهم هذا التصور فلابد أن أتناوله بتفصيل أكثر. بداية احتملت كلمة تنوير Enlightment في طياتها تلميحا مسيئاً بدرجة ما حتى إن الكثيرين ربما يرون فى هذا الوصف تقليلاً من شأن ماخ، لذلك وجب توضيح بعض الأمور الخاصة بطبيعة هذا التنوير ومبررات إهماله فيما بعد.

بدأت الفترة الأولى للتنوير فى العصر الحديث إثر سقوط النظام البطلمي للعالم ولقد حاول كوبرنيكوس عرض نظامه مستعيناً بمفاهيم الفلسفة الاسكولائية (المدرسية) الأرسطية. بيد أننا إذا قرأنا حوارات جاليليو عن نظامي العالم فسوف نجد نغمة متغيرة تماما. وتجدر الإشارة فى هذا المقام إلى أننا رجعنا إلى مفاهيم الفيزياء الأرسطية ودرسناها . ففى تعاليم أرسطو ومدرسته استخدمت مفاهيم معينة كانت بمثابة الأساس لكل الفيزياء النظرية، ومن هذه المفاهيم خفيف ثقيل، أعلى، أسفل الحركة الطبيعية والحركة الجبرية، وكان استخدامها مقصورًا على نطاق ضيق جدا من التجارب. وبين جاليليو أن تطبيق هذه المفاهيم خارج الخير الطبيعي لمعناها الصحيح هو الذي حال دون فهم الفيزياء الحديثة بالنسبة لأتباع أرسطو.

إنني لا أقصد بذلك التقليل من شأن فيزياء أرسطو التي كانت وقتها بمثابة إنجاز مهم، ولكنى فقط أود أن أبين أن التنوير فى كتابات جاليليو تجلى في وضع حد للاستخدام السيئ للمفاهيم المساعدة لاسيما في الأدلة الفلسفية العامة. فكل فترة فيزيائية لها مفاهيمها المساعدة، وكل فترة تالية تسيء استخدام هذه المفاهيم. لذا فإن كل فترة تحتاج إلى تنوير جديد من أجل إزالة أسباب سوء الاستخدام هذا. وحين اتخذ السير إسحاق نيوتن ومعاصروه المكان والزمان المطلقين أساسا للميكانيكا استطاعوا تغطية نطاق كبير من الفيزياء بالتفسير دون أى تناقضات وليس معنى ذلك أن هذه المفاهيم تشكل أساسا للميكانيكا على نحو مرض بالنسبة لنظرية المعرفة وعندما انتقد ماخ أسس الميكانيكا النيوتنية وحاول استبعاد المكان المطلق منها أصبح بذلك الخليفة المباشر لأعمال جاليليو، لأن المكان المطلق مازال يحمل في طياته بقايا من فيزياء أرسطو. وحين ارتبط أينشتاين بماخ وأقام صرحًا للميكانيكا من خلال النظرية العامة للنسبية التي غيرت مفهوم المكان والزمان وحولته إلى مجرد تطابق ظواهر اكتمل حينئذ الاستبعاد الذي أشار إليه ماخ بشأن المفاهيم المساعدة: المكان والزمان التي كانت صحيحة فقط في نطاق محدود. إننا نرى فى أينشتاين أول من فكر في تأسيس فيزياء خالية تماما من مفاهيم أرسطو.

وفي عصر التنوير ذاته أرى أيضا صراعًا ضد سوء استخدام المفاهيم المساعدة. فإذا غضضنا الطرف عن مناقشات الآراء السياسية والاجتماعية، كان النقد في ذاك الوقت من الناحية النظرية موجها ضد الفكر السائد المتمثل في أن المفاهيم اللاهوتية التي وضعت لمعالجة قضايا نفسية للبشر كانت بمثابة أساس جميع العلوم على مدى العصور الوسطى، بل وحتى عند بداية العصر الحديث. ومهما كانت درجة هذه المفاهيم من حيث قدرتها على بث الأمل ومنح الثقة لمواجهة صراعات النفس البشرية، فهي مع ذلك مجرد مفاهيم مساعدة محدودة على هذا الحيز ولا تصلح كأساس معرفی المعلوماتنا عن الطبيعة. لقد ظهر هذا الرأى الخطير على نطاق واسع في ذاك الوقت. أما اليوم، فحتى اللاهوتيون اتبعوا الرأى القائل بأن الكتاب المقدس ليس كتابا علميًا. بل إن كثيرا من اللاهوتيين البروتستانت ذهبوا في مسيرتهم المتعمقة تجاه التنوير إلى أن الحقائق اللاهوتية ماهي إلا نصوص عن المكنونات الداخلية.

كان العلم الطبيعى للتنوير فى حاجة أيضاً إلى مفاهيم مساعدة كي يتطور. ومن هنا بدأت مفاهيم المادة والذرة تلعب دوراً حاسما . وسرعان ما طبقت فيه هذه المفاهيم المساعدة على كل شيء في العالم، وولد ما أطلق عليه حينئذ المادية materialism. بل إن القول بأن المادة هى مجرد مفهوم مساعد ذهب هو الآخر إلى طي النسيان وأصبحت المادة يُنظر إليها على أنها جوهر العالم، وسرعان ما ظهر النقد لهذا الرأى. ورغم أن النقد الموجه لسوء استخدام المفاهيم المساعدة عادة ما كان لصالح التقدم.

العلمي، فإنه هنا كان ذا تأثير إضافي. فلما كانت أفكار عصر التنوير لا تروق للسلطات الحاكمة فقد أمكن استغلال سوء استخدام التنوير في زعزعة أركان التنوير نفسه. وبسبب سوء استخدام المفاهيم المساعدة من جانب العقلانيين قيل عنهم إن احتجاجهم ضد صورة العالم اللاهوتى لم يكن له ما يبرره. وبطبيعة الحال لم يكن الدفاع عن هذا الرأى أو الاحتفاظ به أمراً منطقيًا بما أن نقدهم ذاته لم يكن ليصمد طويلاً، ومع ذلك فهناك دائما مفكرون على درجة عالية من التطرف حتى إن تفكيرهم يؤدى في المعتاد النتائج ترجوها السلطات الحاكمة.

 كانت هناك محاولة من جانب المشككين لواد التنوير وفى هذا يقول نيتشه عن الدور الذي قام به بعض الفلاسفة في هذا العمل حين يواجه الفيلسوف ندا كالعلم مثلاً فإنه يتحول إلى شكاك؛ إنه الآن يحتفظ لنفسه بصورة من المعرفة ينكرها على العالم؛ إنه يمضى جنبا إلى جنب مع رجل الدين كي لا يثير شكوكه من حيث الإلحاد والمادية؛ ويعتبر الهجوم ضده بمثابة الهجوم على الأخلاق والفضيلة والدين والنظام - إنه يعرف كيف يكذب خصمه "القوى" و "المخرب وهاهو في نهاية المطاف يتفق مع السلطات.

مع ذلك لم يرفض من التنوير فى حقيقة الأمر إلا ما هو ليس بتنوير، ورغم ذلك فقد أدى هذا الاستخفاف بالإنجازات العظيمة في القرن الثامن عشر إلى تأثير ملحوظ، بسبب النفود الكبير لدى السلطات المعنية، فليس من بيننا في الغالب من لم يكن له رأى مناوئ للتنوير أثناء شبابه بالمدرسة.

 

 

 

 

 

 

EN

تصفح الموقع بالشكل العمودي