تاريخ الفيزياء
علماء الفيزياء
الفيزياء الكلاسيكية
الميكانيك
الديناميكا الحرارية
الكهربائية والمغناطيسية
الكهربائية
المغناطيسية
الكهرومغناطيسية
علم البصريات
تاريخ علم البصريات
الضوء
مواضيع عامة في علم البصريات
الصوت
الفيزياء الحديثة
النظرية النسبية
النظرية النسبية الخاصة
النظرية النسبية العامة
مواضيع عامة في النظرية النسبية
ميكانيكا الكم
الفيزياء الذرية
الفيزياء الجزيئية
الفيزياء النووية
مواضيع عامة في الفيزياء النووية
النشاط الاشعاعي
فيزياء الحالة الصلبة
الموصلات
أشباه الموصلات
العوازل
مواضيع عامة في الفيزياء الصلبة
فيزياء الجوامد
الليزر
أنواع الليزر
بعض تطبيقات الليزر
مواضيع عامة في الليزر
علم الفلك
تاريخ وعلماء علم الفلك
الثقوب السوداء
المجموعة الشمسية
الشمس
كوكب عطارد
كوكب الزهرة
كوكب الأرض
كوكب المريخ
كوكب المشتري
كوكب زحل
كوكب أورانوس
كوكب نبتون
كوكب بلوتو
القمر
كواكب ومواضيع اخرى
مواضيع عامة في علم الفلك
النجوم
البلازما
الألكترونيات
خواص المادة
الطاقة البديلة
الطاقة الشمسية
مواضيع عامة في الطاقة البديلة
المد والجزر
فيزياء الجسيمات
الفيزياء والعلوم الأخرى
الفيزياء الكيميائية
الفيزياء الرياضية
الفيزياء الحيوية
الفيزياء العامة
مواضيع عامة في الفيزياء
تجارب فيزيائية
مصطلحات وتعاريف فيزيائية
وحدات القياس الفيزيائية
طرائف الفيزياء
مواضيع اخرى
إرنست ماخ ونقد أسس الفيزياء: بين التشكيك والحماية المعرفية"
المؤلف:
فيليب فرانك
المصدر:
بين الفيزياء والفلسفة
الجزء والصفحة:
ص37
2025-03-27
84
اين إذن تكمن قيمة تعاليم ماخ في الفيزياء؟
أرى أن القيمة الأساسية لهذه التعاليم ليست في أنها تساعد الفيزيائي على المضي قدما في عمله الفيزيائي، وإنما في أنها تمدنا بوسيلة حماية الصرح الفيزياء في مواجهة الهجمات الخارجية.
أن من يفحص باتزان المفاهيم التى هى اليوم بمثابة قاعدة نظام الفروض في الفيزياء سيجد صعوبة في التأكيد بأن الذرة والإلكترون وكم الفعل تمثل في الواقع اللبنات الأساسية للبناء، وكل مفكر يميل نوعا ما للكمال المنطقي، قد يجد أشياء غامضة كثيرة فى هذه المفاهيم. وقد يتسلل الشك القاتل إلى داخل هذه الغشاوات في محاولة لزعزعة أركان نظام الفيزياء برمته باعتباره أساساً للصورة العلمية للعالم لدينا. وهنا ينبرى ماخ بقوله
ليست هذه المفاهيم سوى مفاهيم مساعدة والمهم هو الربط بين الظواهر. إن الذرات والإلكترونات والكمات ما هى إلا روابط تمثل نظاماً متماسكا للعلم، فهي تمكننا من أن نشتق بشكل منطقى للنظام غير المحدود للظواهر المترابطة، من خلال قليل من المبادئ المجردة. غير أن هذه المبادئ المجردة ليست سوى وسيلة من وسائل التمثيل الاقتصادي، إنها ليست قاعدة معرفية. إن حقيقة الفيزياء لا يمكن زعزعة أركانها أبدا بسبب أي نقد يوجه للمفاهيم المساعدة.
يتضح من ذلك أن أعمال ماخ ليست إذن هدامة بالضرورة على نحو ما يشاع، فالوضعية، أو السلبية negativism على نحو ما يطلق عليها ستادي هي على العكس محاولة لإيجاد وضع للفيزياء لا يقبل المهاجمة وفى الواقع يعترف بلانك أيضا بذلك حيث يقول : "إن الفضل يرجع لها (وضعية ماخ) بكل المقاييس في أنها - رغم كل التشكيكات الخطيرة - كانت سبب إعادة اكتشاف نقطة البدء الصحيحة الوحيدة لجميع أبحاث الطبيعة، ألا وهي إدراكات الحس.
ويبدو لي أن إدانة بلانك الشديدة لمفاهيم ماخ منشؤها أن بلانك ينظر لها من حيث تطبيقاتها في مجال الفيزياء فقط. ومع ذلك لابد من القول إن النظر لهذا الرأى من هذه الزاوية يعنى أن المفهوم الظاهراتي حقق بالفعل بعض الإنجازات وما يزال قادرًا على تحقيق المزيد. وفى المناطق الحدية للفيزياء حيث يوجد دور المفاهيم مثل المكان والزمان والحركة، لا يصبح دور الموقف المعرفى عديم الأهمية تماما. ومن المعروف حقا على مستوى العالم اليوم أن نظرية النسبية العامة والجاذبية لأينشتاين نشأت مباشرة من رؤية المذهب الوضعى للمكان والحركة، على نحو ما ذكر أينشتاين نفسه بالتفصيل عند الإشارة إلى ماخ.
ومع ذلك سوف أسلم بصفة عامة مع بلانك وستادى بأن الوضعية نفسها لم يكن لها تأثير كبير في توضيح المسائل الانفرادية في الفيزياء ولا يعني ذلك أن الوضعية بصفة عامة غير ذات قيمة. إن "ثمار" تعاليم ماخ ليست حقاً فيزيائية تماما في طابعها. ولنتذكر أنه في السنوات الأخيرة بذلت محاولة لاستغلال ما تعرضت له المفاهيم الفيزيائية الأساسية من نقد من أجل إعلان إفلاس صورة العالم العلمية. فإذا أخذنا ذلك في الاعتبار إذن لوجب التقدير الكبير لمحاولة ماخ جعل الفيزياء مستقلة عن كل فكر ميتافيزيقي.
يقول هنرى بوانكاريه : للوهلة الأولى يبدو لنا أن النظريات تستمر فقط لمدة يوم واحد وأن الانهيارات تتراكم فوق بعضها ... غير أننا إذا فحصنا المسألة بدقة أكبر فسوف نكتشف أن ما فيها إنما هو تلك النظريات التى تزعم أنها تعلمنا ماهية الأشياء بيد أنها تنطوي على شيء ما يمتد أمده، فإذا ما كشفت إحداها النقاب عن علاقة صحيحة فسوف تستمر هذه العلاقة دومًا، وسوف نجدها مرة أخرى في عباءة جديدة في النظريات الأخرى التي تحل محلها .
وبأسلوب صارم جدا يؤكد الفيلسوف الفرنسى آبل راى Abel Rey على أهمية حماية صرح الأفكار الفيزيائية من أجل الحياة الفكرية العامة. إنه يقول : "إذا تعرضت هذه العلوم ذات التأثير التحرري الضروى فى التاريخ، لأزمة لا تبقى لها سوى معنى التجميعات المفيدة من الناحية التكنولوجية ولكن تجردها من كل قيمة تتصل بمعرفة الطبيعة فلابد أن يعقب ذلك انقلاب كامل فى فن المنطق. إن تحرير العقل على النحو الذي ندين به للفيزياء يعد فكرة خاطئة جدا وخطيرة، وعلينا عرض طريقة أخرى نعيد بها للحدس الذاتي والإحساس الغامض بالحقيقة - وباختصار لكل ما هو غامض - كل شيء نعتقد أنه سلب منهما. وإذا ثبت على العكس عدم وجود أي مبرر لاعتبار هذه الأزمة ضرورية ولا حل لها، فإن المنهج الوضعى العقلانى يظل هو السبيل الأفضل لرعاية روح الإنسان.
لدينا هنا شرح واضح جدًا لما قد يظهر من أخطار تهدد تصور العالم برمته بسبب فيزياء خالية من أسس معرفية غير هذه المفاهيم المساعدة التي كثيراً ما تتعرض للانتقاد، لقد وجد ماخ نفسه القيمة الحقيقية في نظرياته من خلال حقيقة أنها أتاحت عقد روابط - خالية من التناقض قدر الإمكان - بين الفيزياء من جانب وبين الفسيولوجيا وعلم النفس من جانب آخر. وكل من يساوره شك في هذا فليقرأ الأقسام العامة في كتاب تحليل الأحاسيس. إنها تؤكد مرات ومرات بوجوب بذل الجهد لتطوير الفيزياء باستخدام مفاهيم معرضة لأن تبذ عند الانتقال لفرع آخر من فروع العلم القريبة من الفيزياء.