الفضائل
الاخلاص والتوكل
الامر بالمعروف والنهي عن المنكر
الإيثار و الجود و السخاء و الكرم والضيافة
الايمان واليقين والحب الالهي
التفكر والعلم والعمل
التوبة والمحاسبة ومجاهدة النفس
الحب والالفة والتاخي والمداراة
الحلم والرفق والعفو
الخوف والرجاء والحياء وحسن الظن
الزهد والتواضع و الرضا والقناعة وقصر الامل
الشجاعة و الغيرة
الشكر والصبر والفقر
الصدق
العفة والورع و التقوى
الكتمان وكظم الغيظ وحفظ اللسان
بر الوالدين وصلة الرحم
حسن الخلق و الكمال
السلام
العدل و المساواة
اداء الامانة
قضاء الحاجة
فضائل عامة
آداب
اداب النية وآثارها
آداب الصلاة
آداب الصوم و الزكاة و الصدقة
آداب الحج و العمرة و الزيارة
آداب العلم والعبادة
آداب الطعام والشراب
آداب الدعاء
اداب عامة
حقوق
الرذائل وعلاجاتها
الجهل و الذنوب والغفلة
الحسد والطمع والشره
البخل والحرص والخوف وطول الامل
الغيبة و النميمة والبهتان والسباب
الغضب و الحقد والعصبية والقسوة
العجب والتكبر والغرور
الكذب و الرياء واللسان
حب الدنيا والرئاسة والمال
العقوق وقطيعة الرحم ومعاداة المؤمنين
سوء الخلق والظن
الظلم والبغي و الغدر
السخرية والمزاح والشماتة
رذائل عامة
علاج الرذائل
علاج البخل والحرص والغيبة والكذب
علاج التكبر والرياء وسوء الخلق
علاج العجب
علاج الغضب والحسد والشره
علاجات رذائل عامة
أخلاقيات عامة
أدعية وأذكار
صلوات و زيارات
قصص أخلاقية
قصص من حياة النبي (صلى الله عليه واله)
قصص من حياة الائمة المعصومين(عليهم السلام) واصحابهم
قصص من حياة امير المؤمنين(عليه السلام)
قصص من حياة الصحابة والتابعين
قصص من حياة العلماء
قصص اخلاقية عامة
إضاءات أخلاقية
موارد الاستثناء للنميمة
المؤلف:
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
المصدر:
الأخلاق في القرآن
الجزء والصفحة:
ج3/ ص275-278
2025-02-06
172
إنّ حرمة النميمة بعنوان أنّها من الذنوب الكبيرة والقبيحة في نظر علماء الأخلاق يعدّ أصلاً أساسياً يجب الاهتمام به دائماً ، ولكن في بعض الأحيان يمكن أن يكون لهذا الحكم استثناءات كما هو الحال في سائر الأحكام الشرعية حيث يكون نقل الكلام من هذا إلى ذاك ليس جائزاً فحسب ، بل يكون واجباً ، ومن تلك الموارد ما إذا شعر الإنسان أنّ الشخص الفلاني أو الفئة الفلانية تريد قتل زيد من الناس وكانت المسألة جدّية ، فهنا يكون نقل كلامهم إلى زيد ليتّخذ جانب الحذر والاحتياط ويبتعد عن الخطر من الواجبات لإنقاذ نفس بريئة ، كما حدث ذلك لموسى (عليه السلام) بعد ما قتل القبطي المعتدي فجاء أحد الأشخاص وقال له : (إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ)([1]).
وأحياناً تؤدّي النميمة نتائج إيجابية للمؤمنين تعمل على إيجاد الفرقة والاختلاف في صفوف الأعداء ، فهذا المورد من موارد الجواز أو الوجوب كما ورد في قصّة (نعيم بن مسعود) في حرب الأحزاب حيث أوقع الفرقة والاختلاف بين طائفتين من أعداء المسلمين وهم المشركون واليهود بما نقل من كلمات هؤلاء لهؤلاء وبالعكس فكانت النتيجة إساءة الظنّ بينهم وتخاذلهم عن قتال المسلمين.
ولكنّ مثل هذه الاستثناءات نادرة جدّاً فلا ينبغي أن تكون ذريعة للتلّوث بهذه الخطيئة وقبول كلام من يسعى بالنميمة بين الناس ، ففي الحديث الشريف عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنّه قال : «لا تَعجَلَنَّ إِلى تَصدِيقِ وَاشٍ وإِنْ تَشبَّهَ بِالنَّاصِحِينَ» ([2]).
النقطة المقابلة للنميمة والسعاية هي إصلاح ذات البين بأن يسعى الإنسان بكلامه الجميل إلى إقرار الصلح والصفاء بين شخصين متخاصمين ومتعادين ، وهذه الصفة تعدّ أحد الفضائل المهمّة الأخلاقية والتي وردت الإشارة إليها في آيات القرآن الكريم والروايات الإسلامية.
وقد تمّ استعراض الآيات القرآنية التي تتحدّث عن هذا المعنى في ذيل الآيات المتعلقة بذم النميمة والسعاية على المستوى السلبي ، وهنا نشير إلى طائفة من الروايات الشريفة في هذا المجال :
1 ـ ما ورد في الحديث الشريف عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنّه قال : «مَنْ مَشى فِي صُلحٍ بَينَ اثنَينِ صَلَّى عَلَيهِ مَلائِكَةُ اللهِ حَتّى يَرجَعَ وَاعطِي ثَوابَ لَيلَةِ القَدرِ» ([3]).
2 ـ وفي الحديث الشريف عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في آخر وصاياه لولديه الإمام الحسن والإمام الحسين (عليهما السلام) أنّه قال ضمن وصيّته لهما بعدم ترك إصلاح ذات البين : «فَإِنِّي سَمِعتُ جَدَّكُما (صلى الله عليه وآله) يَقُولُ صَلاحُ ذاتِ البَينِ أَفضَلُ مِنْ عامَةِ الصَّلاةِ والصِّيامِ» ([4]).
3 ـ وجاء في حديث آخر عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنّه قال : «أَلا أَخبرُكُم بِأفضَلِ مِنْ دَرَجَةِ الصِّيامِ والصَّلاةِ وَالصَّدَقَةِ إِصلاحُ ذاتِ البَينِ ، فَإنَّ فَسادِ ذاتِ البينِ هِي الحالِقَةُ» ([5]).
4 ـ وقال الإمام الصادق (عليه السلام) : «صَدَقَةٌ يُحِبُّها اللهُ إصلاحُ بَينَ الناسِ إِذا تَفاسَدُوا وَتَقارِبُ بَينَهُم إِذا تَباعَدُوا» ([6]).
5 ـ وفي حديث آخر عن الإمام الصادق (عليه السلام) أيضاً أنّه قال للمفضّل بن عمر : «إِذا رَأَيتَ بَينَ اثنَينِ مِن شِيعَتِنا مُنازَعَةً فأَفتَدِهِ مِنْ مالِي» ([7]).
وعلى هذا الأساس فإنّ أحد أصحاب الإمام الصادق (عليه السلام) ويدعى أبُو حَنِيفَة سابُقُ الحَجِّ قالَ : «مَرَّ بِنا المُفضَّل وَأَنا وَخِتنِي نَتَشاجَرُ فِي مِيراثِ ، فَوَقَفَ عَلَينا ساعَةً ثُمَّ قالَ لَنا : تَعالُوا إِلَى المَنزَلِ فَأَتَيناهُ فَأَصلَحَ بَيننا بِأَربَعَمائةَ دِرهِمٍ فَدَفَعها إِلَينا مِنْ عِندِهِ حَتى إِذا استَوثَقَ كُلُّ وَاحدٍ مِنّا مِنْ صاحِبِهِ ، قالَ : أَمّا إِنَّها لَيستْ مِنْ مالي ولَكن أَبُو عَبدِ اللهِ (عليه السلام) أَمَرَنِي اذا تَنازَعَ رَجُلانِ مِنْ أَصحابِنا أَن أَصلِحَ بَينَهُما وَأَفتَدِيهما مِنْ مالِهِ ، فَهذا مِنْ مالِ أَبِي عَبدِ اللهِ (عليه السلام)» ([8]).
6 ـ وورد في تفسير الآية الشريفة : (وَلا تَجْعَلُوا اللهَ عُرْضَةً لِأَيْمانِكُمْ) أنّ الإمام الصادق (عليه السلام) قال : «إذا دُعِيتَ لِصُلحِ بَينَ اثنَينِ فَلا تَقُل عَلَىَّ يَمِينِي أَنْ لا أَفعَلَ» ([9]).
وهذا الحديث يشير إلى أنّه لو واجه الإنسان حين إقدامه لإصلاح ذات البين بعض المشاكل ثمّ حلف أن يترك هذا السلوك الإصلاحي فإنّ الإمام يقول بأنّ مثل هذا القسم والحلف لا اعتبار له وإنّ المشاكل المحيطة بمثل هذا العمل لا يمكنها أن تمنع الإنسان من سلوك هذا الطريق والعمل على إصلاح ذات البين.
7 ـ وقد ورد عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قوله : «مَنْ استَصلَحَ الأضدَادَ بَلَغَ المُرادَ» ([10]).
والمراد من الأضداد في الحديث الشريف ليست الأضداد الفلسفية التي لا تقبل الجمع ، بل الأضداد العرفية ، وطبعاً هناك تفسير آخر لهذا الحديث أيضاً وهو أن يكون المراد أنّ الإنسان إذا استطاع التنسيق بين الأشخاص والفئات التي تعيش أفكار مختلفة ومتنوعة ، فإنّه يبلغ مراده ويكون ذلك نعم العون له على إدارة امور المجتمع لكل هذه الأفكار المُتضادة.
8 ـ إنّ أهميّة إصلاح ذات البين هي إلى درجة أنّ الكذب قد يكون مباحاً في هذا السبيل كما ورد في الحديث الشريف عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنّه قال : «الكَلامُ ثَلاثَةٌ صِدقُ وَكِذبٌ وَإصلاحٌ بَينَ النِّاسِ قِيلَ جُعِلتُ فِداكَ ما الإِصلاحُ بَينَ النّاسِ؟ قالَ : تَسمَعُ مِنَ الرَّجُلِ كَلاماً يَبلُغُهُ فَتَخبُتُ نَفسُهُ فَتَلقاهُ فَتَقُولُ سِمِعتُ مِنْ فُلانٍ قَالَ فِيكَ مِنَ الخَيرِ كَذا وَكَذا خِلافَ ما سَمِعتَ مِنهُ» ([11]).
ويقول المرحوم العلّامة المجلسي في شرح هذا الحديث : «وهذا القول وإن كان كذباً لغة وعرفاً جائز لقصد الإصلاح بين الناس ، وكأنّه لا خلاف فيه عند أهل الإسلام ، والظاهر أنّه لا تورية ولا تعريض فيه وإن أمكن أن يقصد تورية بعيدة كأن ينوي أنّه كان حقّه أن يقول كذا ، ولو صافيته لقال فيك كذا ، ولكنه بعيد» ([12]).
ولا شك أنّ الكلام يحتمل وجهين ، فأمّا مطابق للواقع ومخالف له ، فالأول يدعى صدقاً والثاني كذباً ، ولكن بما أنّ الكلام المخالف للواقع بدوره على قسمين : فإمّا أن يكون موجباً للفساد أو موجباً للصلاح ، فإنّ الإمام قد فصّل بين هذين القسمين وقرّر بأنّ القسم الموجب للصلاح هو قسم ثالث من أقسام الكلام.
ومن مجموع ما تقدّم من الأحاديث الشريفة يتّضح جيداً أنّ من بين أعمال الخير يندر وجود عمل مهم وفضيلة أخلاقية تكون في مرتبة إصلاح ذات البين ، فهي إلى درجة أنّ الملائكة تصلّي على هذا الشخص المصلح ويكون عمله أسمى وأفضل من الصلاة والصوم بل يكون في مرتبة الجهاد في سبيل الله.
ومن البديهي أَنّ إصلاح ذات البين لا يتسبب في الخير والصلاح على المستوى الفردي فحسب ، بل يتسبب في انسجام طوائف المجتمع وتقوية دعائمه وتوطيد أركان المحبّة والمودّة بين أفراده ، وهذا الاتّحاد والانسجام يتسبب في انتصار وعزّة المجتمع الإسلامي في حركة التقدّم الحضاري والإنساني.
[1] سورة القصص ، الآية 20.
[2] غرر الحكم.
[3] وسائل الشيعة ، ج 13 ، ص 163 ، ح 7.
[4] نهج البلاغة ، الرسالة 47.
[5] ميزان الحكمة ، ج 2 ، ص 1517.
[6] اصول الكافي ، ج 2 ، ص 209 ، ح 1.
[7] المصدر السابق ، ح 3.
[8] اصول الكافي ، ج 2 ، ص 209 ، ح 4.
[9] المصدر السابق ، ص 210 ، ح 6.
[10] غرر الحكم.
[11] اصول الكافي ، ج 2 ، ص 341 ، ح 16.
[12] بحار الانوار ، ج 72 ، ص 252 ، كتاب الإيمان والكفر ، باب الكذب ، ح 19.