1

المرجع الالكتروني للمعلوماتية

الحياة الاسرية

الزوج و الزوجة

الآباء والأمهات

الأبناء

مقبلون على الزواج

مشاكل و حلول

الطفولة

المراهقة والشباب

المرأة حقوق وواجبات

المجتمع و قضاياه

البيئة

آداب عامة

الوطن والسياسة

النظام المالي والانتاج

التنمية البشرية

التربية والتعليم

التربية الروحية والدينية

التربية الصحية والبدنية

التربية العلمية والفكرية والثقافية

التربية النفسية والعاطفية

مفاهيم ونظم تربوية

معلومات عامة

الاسرة و المجتمع : الحياة الاسرية : الزوج و الزوجة :

عدم الشجار أثناء الحمل

المؤلف:  السيد علي عاشور العاملي

المصدر:  تربية الجنين في رحم أمه

الجزء والصفحة:  ص127ــ131

2024-12-15

154

إن كل شجار تتعرض له الزوجة الحامل سوف يؤثر على حالتها النفسية، وهو مضر بصحة الجنين، على أن الشجار غالباً ما يؤدي الى الغضب والتوتر العصبي لدى الطرفين مما يؤثر تأثيراً مباشراً على الجهاز العصبي عند الجنين.

وقد حرّم الله الإضرار بالزوجة وظلمها وأذيتها فإذا كان الشجار سوف يؤدي الى ذلك فهو حرام أيضاً، وإلا إذا كان الشجار نتيجة تقصير من الزوجة أو لأسباب خارجة عن الاختيار أو لسوء تصرف الأولاد؛ نتج شجار بين الزوجين، فهنا على الزوج - كمسؤول عن المنزل - أن يتصرف بحكمة ولا يوصل الأمر الى ذروته بحيث يؤثر على الزوجة وجنينها.

كما على الزوجة مراعاة جو المنزل والحفاظ عليه هادئ والصبر قدر المستطاع وعدم إخبار الزوج بالشيء الذي يعكر مزاجه، إلا إذا كان من المسائل المهمة التي لها تبعات خطيرة.

شاهد علمي 

قال الدكتور عمارة: (إنّ الاضطرابات السلوكية والأمراض النفسية التي تصيب الطفل في حداثته والرجل في مستقبله، تكون نتيجة المعاملة الخاطئة للأبوين كالاحتكاكات الزوجية التي تخلق الجو العائلي المتوتر الذي يسلب الطفل الأمن النفسي)(1).

ويقول العالم جيرارد فوجان: (والأم التي لا تجد التقدير الكافي إنسانة وأم وزوجة في المنزل لا تستطيع أن تعطي الشعور بالأمن)(2).

فالشعور بالأمن والاستقرار من أهم العوامل في بناء شخصية الطفل بناءً سوياً متزناً، وهذا الشعور ينتفي في حالة استمرار الخلافات والعلاقات المتشنجة، والطفل في حالة مثل هذه يكون متردداً حيران لا يدري ماذا يفعل، فهو لا يستطيع إيقاف النزاع والخصام وخصوصاً إذا كان مصحوباً بالشدة، ولا يستطيع أن يقف مع أحد والديه دون الآخر، إضافة إلى محاولات كلّ من الوالدين بتقريب الطفل إليهما بإثبات حقه واتهام المقابل بإثارة المشاكل والخلافات، وكل ذلك يترك بصماته الداكنة على قلب الطفل وعقله وإرادته.

يقول الدكتور سوك: (إنّ العيادات النفسية تشهد آلاف الحالات من الأبناء الذين نشأوا وسط ظروف عائلية مليئة بالخلاف الشديد، إن هؤلاء الأبناء يشعرون في الكبر بأنهم ليسوا كبقية البشر، وتنعدم فيهم الثقة بالنفس، فيخافون من إقامة علاقات عاطفية سليمة ويتذكرون أن معنى تكوين أسرة هو الوجود في بيت يختلفون فيه مع

طرف آخر ويتبادلون معه الإهانات)(3).

بل نقول: إن تحويل البيت الأسري الى حلبة صراع مكشوفة هو على خلاف الفطرة وتعاليم السماء وما عليه بناء العقلاء، وهنيئاً للأسرة التي تبانت على حلّ مشاكلها على طاولة الحوار والتقييم، إن المشاكل منتظرة وليست بمستهجنة إلا أنّ سرّ النجاح يكمن في كيفية التغلب على المشاكل وأخذ القرار الشجاع في إنهائها وأن تكون بعيدة عن أعين الأطفال، وإن ظهر منها أمر أمامهم فعليهم وبجرأة الشجاعة الحكيمة أن يظهروا التفاهم السريع أمام عدسات أولادهم البريئة.

تأثير الأم على الجنين أكثر من الأب

قال علماء الأخلاق: بالرغم من أن الأب والأم كليهما يشتركان في صنع الخلية الأولى للطفل ويتساوى دورهما فيه - ولهذا نجد أن الأطفال يكتسبون بعض صفاتهم من آبائهم وبعضها من أمهاتهم - لكن الرحم هو الذي يصنع الطفل ويخرج تلك الذرة الصغيرة بصورة إنسان كامل.

وإن جميع الاستعدادات التي كانت كامنة في تلك الخلية الأولية تظهر إلى عــالـم الفعلية في رحم الأم، إذن فالمقدرات التفصيلية للطفل من الصلاح والفساد، والجمال

والقبح، والنواقص والكمالات، الظاهرية والباطنية كلها تخطط في الرحم.

هناك مئات التفاعلات والتأثيرات الاختيارية والاتفاقية تمر في طريق أصلاب الآباء وأرحام الأمهات، وتؤثر في الأطفال بصورة خفية حيث تظهر نتائجها جميعاً في الرحم.

والرحم هو آخر مراحل التأثيرات المختلفة الطارئة على تكوين الطفل، وعند عبوره هذه المرحلة يبدأ الحياة على الأرض.

إذن فالسعادة والشقاء التكوينيين للإنسان يجب البحث عنهما في آخر المراحل وهو رحم الأم. ولهذا نجد الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) والأئمة الطاهرين (عليهم السلام) بالرغم من عنايتهم الشديدة بالتأثير المشترك لأصلاب الآباء وأرحام الأمهات حول سعادة الطفل وشقائه يوجهون جل اهتمامهم إلى رحم الأم فيقولون: ((السعيد سعيد في بطن أمه، والشقي شقي في بطن أمه))(4).

إن (رحم الأم هو المحيط الأول الذي ينشأ به الإنسان، ولهذا المحيط تأثيراته الإيجابية والسلبية على الجنين لأنه الإطار الذي يتحرك فيه، ويعتبر الجنين جزءاً من الأم، تنعكس عليه جميع الظروف التي تعيشها الأم، وقد أثبتت الدراسات العلمية تأثير الأم على نمو الجنين الجسدي والنفسي، فالاضطراب والقلق والخوف والكبت وغير ذلك يترك أثره في اضطراب الوليد عاطفياً)(5).

لقد (أثبت الواقع الاجتماعي والواقع العلمي بدراساته المستفيضة الأثر الحاسم للوراثة والمحيط الاجتماعي في تكوين الطفل ونشوئه، وانعكاسات الوراثة والمحيط عليه في جميع جوانبه الجسدية والنفسية(6) فأغلب الصفات تنتقل من الآباء والأمهات والأجداد الى الأبناء، كالذكاء والاضطراب السلوكي وانفصام الشخصية والأمراض العقلية والانضباط الذاتي، وصفات التسامح والمرونة، فيكونون وسطاً مساعداً للانتقال أو يكون في الأبناء الاستعداد للاتصاف بها، إضافة إلى انعكاس العــادات والتقاليد على الأبناء، نتيجة لتكرر الأعمال(7) ومن أكد الإسلام على الزواج الانتقائي، أي بانتقاء الزوجين من أسرة صالحة وبيئة صالحة)(8).

وعلى الزوجين الالتفات الى مسألة الشجار التي تعكر صفو المنزل وتلغي الأنس والمودة والرحمة بينهما، وأن الدنيا ساعة فلتكن طاعة ومحبة وبرّ وتربية، خاصة في أثناء الحمل الأمر الذي سوف ينعكس على الجنين ومستقبله.

________________________________

(1) أضواء على النفس البشرية، للدكتور الزين عباس عمارة: 302 ـ دار الثقافة بيروت ـ 1407 هـ ط 1.

(2) أضواء على النفس البشرية، للدكتور الزين عباس عمارة: 302 - دار الثقافة بيروت - 1407 هـ ط 1، عنه كتاب تربية الطفل في الإسلام: 18، مركز الرسالة، قم.

(3) مشاكل الآباء في تربية الأبناء: 45، عنه كتاب تربية الطفل في الإسلام: 19، مركز الرسالة، قم.

(4) الطفل بين الوراثة والتربية، الشيخ محمد تقي الفلسفي: 1/ 89.

(5) علم النفس التربوي، للدكتور فاخر عاقل: 46 - 47.

(6) علم النفس التربوي، للدكتور فاخر عاقل: 45 - 57 (دار العلم للملايين (1985م ط 11).

(7) علم النفس العام للدكتور انطون حمصي 1: 94 - مطبعة ابن حبان دمشق 1407 هـ .

(8) تربية الطفل في الإسلام 28، مركز الرسالة، قم. 

EN

تصفح الموقع بالشكل العمودي