x
هدف البحث
بحث في العناوين
بحث في اسماء الكتب
بحث في اسماء المؤلفين
اختر القسم
موافق
الحياة الاسرية
الزوج و الزوجة
الآباء والأمهات
الأبناء
مقبلون على الزواج
مشاكل و حلول
الطفولة
المراهقة والشباب
المرأة حقوق وواجبات
المجتمع و قضاياه
البيئة
آداب عامة
الوطن والسياسة
النظام المالي والانتاج
التنمية البشرية
التربية والتعليم
التربية الروحية والدينية
التربية الصحية والبدنية
التربية العلمية والفكرية والثقافية
التربية النفسية والعاطفية
مفاهيم ونظم تربوية
معلومات عامة
الأدعية الدينية وأثرها على الجنين
المؤلف: السيد علي عاشور العاملي
المصدر: تربية الجنين في رحم أمه
الجزء والصفحة: ص171ــ193
2024-11-28
31
من الأمور التي تؤثر على الجنين وشخصيته بل وروحيته هي الالتزام الديني لدى الزوجين وخاصة الإكثار من قراءة القرآن والأدعية الدينية والأذكار الشريفة وإليك بعضها:
1- الاستغفار أمان للحامل:
قال الإمام الصادق (عليه السلام): كان في الأرض أمانان من عذاب الله، وقد رُفِعَ أحَدُهُما، فَدُونَكُمُ الآخَرَ فَتَمَسَّكوا بهِ: أما الأمانُ الذي رُفِعَ فهو رسولُ اللَّهِ، وأما الأمان الباقي فالإستغفارُ، قال الله تعالى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} [الأنفال: 33](1).
وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أَنزَلَ اللهُ عَلَيَّ أَمَانَين لأُمَّتِي: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} [الأنفال: 33] فإذا مَضَيتُ تَرَكتُ فِيهِمُ الاستغفار إلى يوم القيامةِ(2).
والمراد هنا بالعذاب الدنيوي كالخسف والهدة والزلازل والبلاءات عموماً كنقص
العمر والرزق ونحو ذلك، والسبيل هو الاستغفار.
وقال الإمام علي (عليه السلام): إِنَّ اللهَ عَزَّ وجلَّ إذا أرادَ أن يُصيب أهل الأرض بعَذابٍ قال: لولا الذين يتحابُّونَ بجَلالِي، ويَعْمُرُونَ مساجدي، ويَستَغفِرونَ بالأسحار، لأنزَلتُ عذابي(3).
وهو بمعنى رفع الأمان المتقدم، نعم فيه إشارة الى أن المستغفرين بالأسحار غير المذنبين العاصين، فكأن أهل المعاصي يستحقون العذاب والخزي في الحياة الدنيا ولكن من أجل المؤمنين ورعاية لآثار الاستغفار المهمة رحم الله عباده برفع العذاب عن الجميع. شكراً الله تعالى على هذه النعمة والرحمة.
وهذه الروايات عامة كما تنطبق على الإنسان العادي تنطبق على المرأة الحامل فعليها ملازمة الاستغفار فهو أمان لها.
2ـ ما يلغي ذنب الحامل:
قال الإمام الصادق (عليه السلام): إِنَّ العَبدَ إِذا أَذنَبَ ذَنباً أُجِّلَ مِن غُدَوَةٍ إِلَى الليلِ، فَإِن استَغفَرَ اللَّهَ لم يُكتَبْ عَلَيهِ(4).
عنه (عليه السلام): مَن عَمِلَ سَيِّئَةٌ أُجْلَ فيها سَبعَ ساعاتٍ مِن النهار، فإن قالَ: أَستَغفِرُ اللهَ الذي لا إِلَهَ إِلَّا هو الحَيُّ القَيُّومُ - ثلاثَ مَرَّاتٍ - لم تُكتَبْ عَلَيهِ(5).
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يَهُمُ العَبدُ بالحَسَنة فَيَعْمَلُها، فإِن هُو لم يَعْمَلْهَا كَتَبَ اللَّهُ لَهُ حَسَنةٌ بحُسن نِيَّتِهِ، وإن هُو عَمِلَها كَتَبَ الله له عشراً، ويَهُمُ بالسيِّئة أن يَعْمَلَها فإن لم يَعمَلها لم يُكتب عليه شيءٌ، وإن هُو عَمِلَهَا أُجِّلَ سَبعَ ساعاتٍ، وقال صاحب الحسنات لصاحِب السَّيِّئات وهو صاحِبُ الشِّمَالِ: لا تَعجَلْ عسى أن يُتْبِعَها بحَسَنةٍ تَمحُوها؛ فإنَّ الله عَزَّ وجلَّ يقولُ: {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} أو الاستغفار، فإن هو قالَ: أَستَغفِرُ اللهَ الذي لا إِلهَ إِلَّا هُو عَالِمُ الغَيب والشهادة العزيز الحكيم الغفورُ الرَّحِيمُ ذُو الجلال والإكرام وأتوب إليه، لم يُكتب عليه شيء، وإن مَضَت سَبعُ ساعاتٍ ولم يُتبعها بِحَسَنةٍ واستغفار قال صاحِبُ الحَسَنات لصاحِب السَّيِّئاتِ: اكتُبْ عَلَى الشَّقِيِّ المحرومِ!(6).
نِعمة أُخرى إلهية يستفيد منها كل إنسان خاصة المرأة الحامل والتي بحاجة أكثر من غيرها الى ذلك، وهي تعجيل احتساب الحسنة قبل ارتكاب ما يلغيها من الذنوب، وفي المقابل تأخير احتساب الذنب سيئة عسى أن يقوم هذا الفاعل للذنب بالاستغفار فعندها وكأنه لم يذنب، نعم معه مهلة سبع ساعات وهي وقت كافٍ للتأمل ومراجعة النفس ومعرفة آثار الذنوب وعواقبها على النفس والمجتمع والأهل، نستغفر الله ونتوب إليه من كل ذنب.
3ـ ما يزيد في البنين:
قال تعالى: {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا} [نوح:10، 11، 12].
وقال: {وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلَا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ} [هود: 52].
وقال سبحانه: {وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ} [هود: 3].
وقال (عليه السلام): وقد جَعَلَ الله سبحانَهُ الإستغفار سَبَباً لِدُرور الرّزق ورَحمَة الخَلقِ، فقال سبحانه: {اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا...} فَرَحِمَ اللَّهُ امْرَأَ اسْتَقْبَلَ تَوبَتَهُ واستَقالَ خَطيئَتَهُ، وبادَرَ مَنِيَّتَهُ(7).
من الآثار الاجتماعية للاستغفار زيادة البنين، وهو كناية عن عدم قلة النسل وعدم كثرة العقم، والأمة التي يكثر فيها العقم تصاب بكثير من المشاكل الاجتماعية بـل والعسكرية ومن هنا ينبغي نشر ثقافة الاستغفار وأثرها على المجتمع إن من ناحية المال والرزق كما تقدّم أم من جهة زيادة النسل.
4- رفع الضيق وتفريج هم وغم الحامل:
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من أكثَرَ الاستغفار جَعَلَ اللَّهُ لَهُ مِن كُلِّ هَمَّ فَرَجاً، ومِن كُلِّ ضيق مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب(8).
وهو من الآثار التي تشجع بني البشر على الاستغفار والإكثار منه، والمراد منها كل ضيق يحصل على الحامل قد يؤدي الى حالة نفسية صعبة تؤثر على الجنين.
وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من أكثَرَ الاستغفار جَعَلَ اللَّهُ لَهُ مِن كُلِّ هَمَّ فَرَجاً، ومِن كُلِّ ضيق مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب(9).
قال (صلى الله عليه وآله): مَن كَثُرَتْ هُمومُهُ فَعَلَيه بالإستغفار(10).
النوفلي، عن السكوني، عن الإمام الصادق عن آبائه (عليهم السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) من ظهرت عليه النعمة فليكثر الحمد لله، ومن كثرت همومه فعليه بالاستغفار، ومن ألح عليه الفقر فليكثر من قول: لا حول ولا قوة إلا بالله ينفي الله عنه الفقر(11).
الهم هو الحالة التي تحصل للإنسان نتيجة المرض أو الفقر أو المصيبة أو البلاء أو الحبس ونحو ذلك، حيث يصل الإنسان إلى حالة نفسية وإحباط مادي ومعنوي إذا طال يخشى على صاحبه من الكآبة الدائمة والمرض النفسي الذي يصعب علاجه، وقد يؤدي بالبعض الى أذية نفسه وقد يصل الى الانتحار خاصة عند غير المؤمنين.
إلا أن الله للطفه بعباده ورحمته لهم جعل ما ينفّس ويزيل الكرب ويعيد الإنسان الى حياته الطبيعية ليمارس نشاطه ويكمل مسيرة حياته، يستفيد ويفيد، ألا وهو قول أستغفر الله، نعم ليس من الضروري أن يكون سبب الهم والضيق المعصية وارتكاب
الذنب، وعليه فهذا من الموارد التي يستحب فيها الاستغفار من دون ذنب مقترف.
فعلى الحامل إزالة ما يعكر مزاجها من الهموم والغموم كي لا يؤثر على جنينها، وإن أفضل الدواء لذلك ذكر الله تعالى واستغفاره.
5ـ لتحصين الأم والجنين: عن العلاء بن رزين عن محمد بن مسلم قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): حصنوا أموالكم وأهليكم واحرزوهم بهذه وقولوها بعد صلاة العشاء الآخرة: ((أعيذ نفسي وذريتي وأهل بيتي ومالي بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامّة)) وهي العوذة التي عوذ بها جبرئيل (عليه السلام) الحسن والحسين (عليهما السلام)(12).
وفي الدر المنثور عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في ذيل هذه الآية {يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً} قال: ((علموا أنفسكم وأهليكم الخير وأدبوهم))(13).
6- زوال الشدائد عن الحامل:
وعن محمد بن الريان قال: كتبت إلى أبي الحسن الثالث (عليه السلام) أسأله أن يعلمني دعاء للشدائد والنوازل والمهمات وأن يخصني كما خص آباؤه مواليهم فكتب إلي: الزم الاستغفار(14).
الشدائد تشبه الهموم والضيق الذي تقدم.
أما المهمات فالمراد بها المهام الصعبة التي تواجه الإنسان نحو المهام التجارية أو الاقتصادية أو البيئية أو التعليمية. ونحو ذلك من شؤون الحياة المختلفة التي يمارسها الإنسان ويصعب اجتيازها أو تتعقد في نقطة معينة، خاصة في هذه الأزمنة التي قلّ فيها العمل قربة الى الله تعالى، حيث أصبح الانسان إذا أراد أن ينجز معاملة ما في إدارة أو مؤسسة يحتاج الى عناء كبير لكثرة التعقيدات الإدارية ولقلة اهتمام الموظف بعمله ووقته والتزامه أمام الله ولفهمه الخاطئ للحياة أنها مادية محض، مع أن خدمة الناس من أفضل المستحبات التي تنير ظلمة القبر وتوسعه وتجعل له أنيساً بدل الوحشة والملل.
وما ذكره الإمام (عليه السلام) كما يفيد الإنسان العادي كذلك يفيد المرأة الحامل، بل هي أولى من غيرها لمكان الشدة التي هي فيها.
جعلنا الله من العاملين بنوايا صادقة وقربة الله تعالى.
7- كشف الغم وإزالة المحن عن الحامل:
عن أمير المؤمنين (عليه السلام) - لما شكا إليه أعرابي شدّةً لَحِقَتَهُ، وضيقاً في المالِ، وكثرة العيال -: علَيكَ بِالإِستغفارِ؛ فإنَّ اللهَ عَزَّ وجلَّ يَقولُ: {اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُم إِنَّهُ كانَ غَفَّاراً} الآيات.
فعاد إليه، فقال: يا أمير المؤمنينَ، إنّي قد استَغفَرْتُ الله كثيراً وما أرى فَرَجاً مِمّا أنا فيه! فقالَ: لَعَلَّكَ لا تُحسِنُ أَن تَسْتَغفِرَ. قَالَ: عَلَّمْني، قال: أخلِص نيتك، وأطِعْ رَبَّكَ، وقُل: اللهم إنّي أستَغفِرُكَ مِن كُلِّ ذَنبٍ قَوِيَ عَلَيه بَدَني بعافيتك... صَلِّ على خِيَرَتِكَ مِن خَلقِكَ محمد النبي (صلى الله عليه وآله) وآله الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ، وفَرِّجْ عَنِّي...
قال الأعرابي: فَاستَغفَرْتُ بذلك مراراً، فَكَشَفَ اللَّهُ عَنِّي الغَمَّ وَالضّيقَ وَوَسَّعَ عَلَيَّ في الرّزق وأزالَ المحنَةَ(15).
فعلى المرأة الحامل أو المرضع أن تستفيد من هذه الأمور من أجل سعادة جنينها.
بعض ما يفرج الهم والغم
عن أسماء قالت: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) من أصابه هم أو غم أو كربٌ أو بلاء أو لاواء فليقُلِ: اللَّهُ رَبِّي ولا أُشْرِك به شيئاً توكَّلتُ على الحيِّ الَّذِي لا يمُوتُ(16).
وقال الإمام الصادق (عليه السلام) تقول: ((عجبت لمن اغتم كيف لا يفزع إلى قوله تعالى: {لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ} فإن الله عزّ وجلّ يقول عقيبها: {فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ} [الأنبياء: 88](17).
وإن شاء فليقل {إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ} [يوسف: 86](18) كلمة يعقوبية.
وإن شاء فليقل ما روي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): ((اللهم إني عبدك وابن عبدك وابن أمتك ناصيتي بيدك ماضٍ في حكمك عدل في قضاؤك أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك أو علمته أحداً من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن ربيع قلبي ونور بصري وشفاء صدري وجلاء حزني وذهاب همي وغمي(19).
قال علي (عليه السلام): ((من دعا بهذا الدعاء أذهب الله همه وأبدله مكان حزنه فرحاً))(20).
وإن شاء فليقل ((يا من يكفي من كل شيء ولا يكفي منه شيء اكفني ما أهمني))(21) من حديث مروي عن الإمام الجواد (عليه السلام) أمر بلزومه محبوساً.
قال الراوي: فما أتى عليه إلا قليل حتى خرج من الحبس.
وإن شاء فليكثر من قوله الله الله. حقاً لا أُشرك به شيئاً(22) كما روي عن الإمام
الصادق (عليه السلام).
وإن شاء فليردد هذه الأبيات التي رويت عن أمير المؤمنين (عليه السلام):
وكـم لله مـن لـطـف خـفي يدق خـفـاه عــن فهم الزكي
وكم يسرٍ أتى من بعد عُسر وفرج كربة القلب الشجي
وكـم أمـرٍ تُساء بـه صباحاً وتأتيك المسـرة فـي العشي
إذا ضاقت بك الأحوال يومـاً فثق بالواحد الفرد العلي
قال جامع هذه الأذكار: وهذا من المجربات عندي وقد حُكي أن واحداً من الملوك أودع عند بعض وزرائه درّة كثيرة القيمة فكسرها صبي من صبيانه فاغتم لذلك غمّاً شديداً فأخذ يردد هذه الأبيات، فاتفق أن عرض للملك علة فبعث إلى الأطباء فأشاروا إلى دواء يكون أحد أجزائه تلك الدرة فبعث الملك إلى الوزير أن دق تلك الدرة دقاً جيداً وأت بها سريعاً.
وفي بعض الروايات أضيف إلى هذه الأربعة أبيات بيتان آخران وهما:
توسل بالنبي في كل خطبٍ يهون إذا توسل بالنبي
ولا تجزع إذا ما ناب خطبٌ فكم لله من لطفٍ خفي(23)
8- جلاء القلوب:
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن للقلوب صداء كصداء النحاس، فاجلوها بالاستغفار(24).
الصدأ مادة تنتج على النحاس نتيجة الاستعمال أو قلة النظافة، وهناك أدوية تزيل أثر الصداء عن النحاس حتى يعود جديداً لماعاً.
وتشبيه القلوب بالنحاس يأخذ هذا المعنى ويكون الاستغفار الدواء الذي يجلي القلب ويطهره من الرين والمعاصي الذي تطبع على القلوب.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إِنَّ المؤمنَ إذا أذنَبَ كانَت نُكَتَةٌ سَوداءُ فِي قَلْبِهِ، فَإِن تَابَ ونَزَعَ واسْتَغْفَرَ صُقِلَ قَلْبُهُ مِنهُ، وإن ازدادَ زَادَت، فذلك الرانُ الذي ذَكَرَهُ الله تعالى في كتابه {كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [المطففين: 14](25).
كما أن الذنوب والمعاصي تسوّد صحيفة القلب وتلوّثه كذلك الاستغفار (إضافة للتوبة وترك الذنوب) يجلو ويصقل القلب حتى يعود الى فطرته كيوم ولدته أمه.
فينبغي للحامل تطهير قلبها بالذكر والاستغفار لتنتقل الطهارة الى الجنين.
9- قطع وتين الشيطان وإبعاده عن الحامل:
قال أبو عبد الله الصادق (عليه السلام): ((إن البيت الذي لا يقرأ فيه القرآن، ولا يذكر الله عزّ وجلّ تقل بركته وتهجره الملائكة وتحضره الشياطين))(26).
وعن السكوني، عن الإمام الصادق (عليه السلام) عن آبائه (عليهم السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لأصحابه: ألا أخبركم بشيء إن أنتم فعلتموه تباعد الشيطان منكم كما تباعد المشرق من المغرب؟
قالوا: بلى، قال: الصوم يسوّد وجهه، والصدقة تكسر ظهره، والحب في الله والموازرة على العمل الصالح يقطعان دابره، والاستغفار يقطع وتينه، ولكل شي زكاة وزكاة الأبدان الصيام(27).
قال الإمام الكاظم (عليه السلام) - في وصيَّتِه لهشام -: فلَهُ [أَي لإبليس] فَلَتَشتَدَّ عَداوَتُكَ، ولا يَكُونَنَّ أصبَرَ على مُجاهَدَتِهِ لِهَلَكَتِكَ مِنكَ على صَبرِكَ لِمجاهَدَتِهِ؛ فإنَّهُ أضعَفُ مِنكَ رُكناً في قُوَّتِهِ، وأَقَلُّ مِنكَ ضَرراً في كَثرَةٍ شَرِّهِ، إِذا أَنت اعتَصَمَتَ بالله فقد هُدِيتَ إلى صِرَاطٍ مُستقيم(28).
وقال الإمام الصادق (عليه السلام): لَمّا نَزَلَت هذه الآية: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً} [آل عمران: 135] صَعِدَ إبليس جَبَلاً بِمَكَّةَ يقالُ لَهُ: ثَورٌ، فَصَرَخَ بِأعلى صَوتِهِ بِعَفَارِيتِهِ فَاجْتَمَعوا إلَيهِ، فقالوا: يا سَيِّدَنا، لِمَ دَعَوتَنا؟ قالَ: نَزَلَت هذه الآيةُ، فَمَن لَها؟ فقامَ عفريت من الشَّياطين فقال: أنا لها بكذا وكذا، قالَ: لَستَ لَها، فقامَ آخَرُ فَقَالَ مثل ذلك، فقال: لَستَ لَها، فقالَ الوَسواسُ الخَنَّاسُ: أنا لها، قال: بماذا؟ قال: أعِدُهُم وأُمَنِّيهِم حتى يُواقِعُوا الخَطيئة فإذا واقَعُوا الخَطيئَةَ أَنسَيتُهُمُ الاستغفار، فقالَ: أَنتَ لَها، فوَكَّلَهُ بِها إلى يوم القيامة(29).
وقال الإمام زين العابدين (عليه السلام) - في دعائه - فلولا أنَّ الشَّيطانَ يَختَدِعُهُم عَن طاعَتِكَ ما عَصاكَ عاص، ولولا أنّهُ صَوَّرَ لَهُمُ الباطِلَ فِي مِثال الحَقِّ مَا ضَلَّ عَن طَرِيقِك ضالٌّ(30).
وعليه فبعد علمنا بترصد الشيطان لنا وحومه حوالينا ومع التسليم بأننا لسنا معصومين فينبغي بعد الحذر من الشيطان الرجيم أن نستعين بقراءة القرآن والاستغفار الذي يحصننا ويبعد عنا مكائد الشيطان.
خاصة المرأة الحامل فإن تأثير الشيطان عليها يؤدي إلى سلبيات على الأم وعلى الجنين معاً.
ما يدفع الشيطان ويكسر ظهره
عن السكوني، عن الصادق، عن آبائه (عليهم السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لأصحابه: ألا أخبركم بشيء إن أنتم فعلتموه تباعد الشيطان منكم كما تباعد المشرق من المغرب؟
قالوا: بلى.
قال الصوم يسوّد وجهه، والصدقة تكسر ظهره، والحب في الله والموازرة على العمل الصالح يقطعان دابره، والاستغفار يقطع وتينه، ولكل شيء زكاة وزكاة الأبدان الصيام(31).
الشيطان كثيراً ما يوسوس للإنسان ليبعده عن طاعة الله تعالى ويأمره بفعل المنكرات، ولا بد للإنسان المسلم أن يعي أساليب هذا الخبيث الذي يأتي بأشكال وأساليب مختلفة - يحسن ويشجع ويزين - لكي يستطيع أن يفلت ويتحرر من مخالبه، والصدقة من المسائل المهمة التي تساعد الإنسان على إبعاد الشيطان وتخفيف أساليبه.
وعن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال علي بن أبي طالب (عليه السلام): تصدقت يوماً بدينار، فقال لي رسول الله (صلى الله عليه وآله): أما علمت يا علي أن صدقة المؤمن لا تخرج من يده حتى يفك عنها من لحيي سبعين شيطاناً كلهم يأمره بأن لا يفعل، وما يقع في يد السائل حتى يقع في يد الرب جل جلاله، ثم تلا هذه الآية: {أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} [التوبة: 104](32).
10ـ نفي التكبر عن الحامل:
عن علي بن الحسين (عليهما السلام) قال: من قال: ((أستغفر الله وأتوب إليه))، فليس بمستكبر ولا جبار إن المستكبر من يصر على الذنب الذي قد غلبه هواه فيه وآثر دنياه على آخرته(33).
الاستكبار والتجبر من الصفات المذمومة شرعاً والتي نهى الله عباده عن الاتصاف بها، قال تعالى: {إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ قُلُوبُهُمْ مُنْكِرَةٌ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ * لَا جَرَمَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ} [النحل: 22، 23].
ومن صفات المستكبرين الإصرار على الذنوب أي مع معرفته بالذنب وحرمته يصر على ارتكابه ولايتوب الى الله فيه. وكذلك من صفات المستكبرين تقديم الدنيا على الآخرة، فهم يقدمون الحفلات والرقص والغناء على الحضور في المساجد ومجالس العزاء والحسينيات.
يقدّمون المنكرات وأذية الأخرين وظلمهم على الواجبات واحترام الناس وخدمتهم، أعاذنا الله من هذه الصفات.
ومن أهم المسائل التي تبعد الانسان عن التكبر والتجبر هو الاستغفار الذي يجعل النفس قريبة ومن الله بعيدة عن الهوى فعلى من يجد في نفسه حباً للتكبر أو بغض صفات المتكبرين أن يواظب على الإستغفار ويتوسل بالله تعالى أن يزيل الهوى عن قلبه.
فيا أيتها المؤمنات واظبن على ذكر الله تعالى تبقين في هداية ونور من الله عزّ وجلّ.
11- دفع البلاء عن الحامل:
قال تعالى: {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ} [النمل: 62].
وقال تعالى: {وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ} [الأنبياء: 83، 84]. وقال تعالى: {وَنُوحًا إِذْ نَادَى مِنْ قَبْلُ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ} [الأنبياء: 76].
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ادفعوا أبواب البلاء بالدعاء(34).
وعن الرضا (عليه السلام) قال: قال علي بن الحسين (عليه السلام): إن الدعاء والبلاء ليترافقان إلى يوم القيامة، إنّ الدعاء ليرد البلاء وقد أبرم إبرام(35).
وعن أبي ولاد قال قال أبو الحسن موسى (عليه السلام): عليكم بالدعاء فإنّ الدعاء لله والطلب إلى الله يرد البلاء وقد قدر وقضي ولم يبق إلّا إمضاؤه فإذا دعي الله وسئل صرف البلاء صرفة(36).
وعلى الإنسان الاستعانة بالله على كافة أموره وذلك لتجنب البلاءات المحتملة قبل وقوعها، والدعاء أحد الأمور التي يستطيع الإنسان الاستعانة به لدفع البلاء عنه قبل
وقوعه.
والبلاء إما الخوف من سلطان أو جار أو عدو أو مرض أو فقر أو حادث سيارة أو مكروه قد يقع أو ورطة اجتماعية أو مشكلة مالية ونحو ذلك من الأمور التي تنغص عيش الإنسان.
وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) ادفَعُوا أبواب البلايا بالاستغفار(37).
وكذلك الاستغفار له أثر في دفع هذه البلاءات ونجاة الإنسان من صعوبة الامتحان.
فعلى الحامل الالتفات الى ذلك وأنه طريق لرفع البلاء عنها وعن جنينها.
12- ما يزيد فطنة الجنين:
قال الإمام زين العابدين (عليه السلام) - في مُناجاتِه -: واجعَلْنَا مِنَ الَّذِينَ غَرَسُوا أَشْجَارَ الخَطايا نُصْبَ رَوامِق القلوبِ، وسَقَوها من ماء التّوبَةِ، حَتَّى أَثْمَرَتْ لَهُم ثَمَرَ النَّدَامَةِ، فأطْلَعْتَهُم على ستور خَفِيّات العُلى، وأَرْوَيْتَهم (آمَنتَهم) المخاوف والأحزان... فأَبْصَروا جَسيم الفِطْنَةِ، وَلَبِسُوا ثَوبَ الخِدْمَةِ(38).
وهو إشارة الى المقامات المعنوية للتوبة والتي يصل إليها الإنسان حتى لو كان عاصياً، وكم الحامل بحاجة الى ذلك، خاصة من أجل مستقبل جنينها.
13- تطهير الحامل والجنين:
عن أبي عمرو الزبيري، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال رحم الله عبداً تاب إلى الله قبل الموت، فإن التوبة مطهرة من دنس الخطيئة، ومنقذة من شفا(39) الهلكة، فرض الله بها على نفسه لعباده الصالحين، فقال: {كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [الأنعام: 54] {وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا} [النساء: 110](40).
الذنب يترك أثراً على القلب ويلوث طهارته وفطرته، والتوبة جعلها الله لعباده لإعادة طهارة القلب وإزالة دنس الخطيئة والى ذلك أشار تعالى بقوله: {كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [المطففين: 14].
وقال الإمام الباقر (عليه السلام): ما مِن عَبدِ إلا وفي قَلبِه نُكتَةٌ بَيضاءُ، فَإِذَا أَذْنَبَ ذنباً خَرَجَ فِي النكتة نكتة سَوْداءُ، فإن تابَ ذَهَبَ ذلكَ السَّوادُ، وإن تمادى في الذُّنوب زادَ ذلكَ السَّوادُ حتَّى يُغَطِّيَ البَياضَ، فإذا (تَـ)ـغَطَّى البياضُ لَم يَرجِعْ صاحِبُهُ إلى خيرٍ أبداً، وهو قول الله عَزَّ وجلَّ كَلَّا بَلْ رانَ على قُلُوبِهِم...)(41).
وكم الحامل بحاجة الى تطهير ذاتها وقلبها من الريونات التي تؤثر على الجنين.
14- رد الأمراض عن الحامل:
عن ابن أبي عمير، عن حماد بن عثمان قال: سمعته يقول: إنّ الدعاء يرد القضاء ينقضه كما ينقض السلك وقد أبرم إبراماً(42).
عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال لي: ألا أدلك على شيء لم يستثن فيه رسول الله (صلى الله عليه وآله)؟
قلت: بلى.
قال: الدعاء يرد القضاء وقد أبرم إبراماً وضم أصابعه(43).
وعن عبد الله بن سنان قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: الدعاء يرد القضاء بعد ما أبرم إبراماً فأكثر من الدعاء فإنّه مفتاح كل رحمة ونجاح كل حاجة ولا ينال ما عند الله إلا بالدعاء وإنّه ليس باب يكثر قرعه إلّا يوشك أن يفتح لصاحبه(44).
وروى ميسر بن عبد العزيز، عن الإمام الصادق (عليه السلام)، قال: قال لي: يا ميسر، ادع ولا تقل إن الأمر قد فرغ منه، إن عند الله عزَّ وجلَّ منزلة لا تنال إلا بمسألة(45).
القضاء هو الأمر الذي قدّره الله تعالى للإنسان في الأمور المتعلقة به كعمره ورزقه وزواجه وكيفية حياته، فقد يكون مقدّر له في لوح المحو والإثبات الفقر وقصر العمر وعدم الزواج وتعاسة الحياة وعناء المرض، فيكون الدعاء مبرماً ومغيّراً لهذه الأحوال السيئة والقاسية.
على كل امرأة الاستفادة من الوقت المتاح لها للدعاء والاستغفار وذكر الله تعالى، خاصة الحامل، فإن ذلك بإذن الله تعالى يدفع عنهنّ المرض أو يخففه.
15- شفاء أمراض وعاهات الحامل:
والروايات كثيرة في الأدعية التي تشفي الإنسان الداعي من جملة من الأمراض تذكر بعضها:
قال تعالى: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ} [الإسراء: 82].
وروي عن أسباط بن سالم عن علاء بن كامل قال: قال لي أبو عبد الله (عليه السلام): عليك بالدعاء فإنّه شفاء من كل داء(46).
وعن الحسين بن نعيم، قال: اشتكى بعض ولد أبي عبد الله (عليه السلام)، فقال: يا بني، قل: اللهم اشفني بشفائك، وداوني بدوائك، وعافني من بلائك، فإني عبدك وابن عبدك(47).
أ ـ ذهاب السقم بواسطة الدعاء:
عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَن ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْن عَبْدِ الْخَالِقِ قَالَ: أَبْطَأَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ (صلى الله عليه وآله) عَنْهُ ثُمَّ أَتَاهُ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله): مَا أَبْطَأَ بِكَ عَنَّا؟ فَقَالَ: السُّقْمُ وَالْفَقْرُ، فَقَالَ لَهُ: أَفَلا أُعَلِّمُكَ دُعَاءً يَذْهَبُ اللَّهُ عَنْكَ بِالسُّقْمِ وَالْفَقْرِ؟
قَالَ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّه.
فَقَالَ: قُلْ لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلّا بِاللَّه الْعَلِيِّ الْعَظيمِ تَوَكَّلْتُ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ صَاحِبَةً وَلا وَلَداً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكُ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنْ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً.
قَالَ: فَمَا لَبِثَ أَنْ عَادَ إِلَى النَّبِيِّ (صلى الله عليه وآله) فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ أَذْهَبَ اللَّهُ عَنِّي السُّقْمَ وَالْفَقْرَ(48).
ب - ذهاب وجع الركبة:
عن أَحْمَد بن مُحَمَّدٍ عَنِ الْعَوْفِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ مُحَمَّد بْن عَبْدِ اللَّهِ بْن زُرَارَةَ عَنْ مُحَمَّد بْنِ الْفُضَيْلِ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ قَالَ: عَرَضَ بِي وَجَعٌ فِي رُكْبَتِي فَشَكَوْتُ ذَلِكَ إِلَى أَبِي جَعْفَرٍ لا فَقَالَ: إِذَا أَنْتَ صَلَّيْتَ فَقُلْ يَا أَجْوَدَ مَنْ أَعْطَى وَيَا خَيْرَ مَنْ سُئِلَ وَيَا أَرْحَمَ مَنِ اسْتُرْحِمَ ارْحَمْ ضَعْفِي وَقِلَّةَ حِيلَتِي وَعَافِنِي مِنْ وَجَعِي، قَالَ: فَفَعَلْتُهُ فَعُوفِيتُ(49).
ج - ذهاب النسيان:
روي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) تقول: ((سبحان من لا يعتدي على أهل مملكته سبحان من لا يأخذ أهل الأرض بألوان العذاب سبحان الرؤوف الرحيم، اللهم اجعل لي في قلبي نوراً وبصراً وفهماً وعلماً إنك على كل شيء قدير))(50) يقال في دبر كل صلاة، علمـه أمـيـر المؤمنين (عليه السلام).
وإن شاء فليقل كل يوم بعد صلاة الفجر قبل أن يتكلم: ((يا حي يا قيوم)) فلا يفوت شيئاً عُلّمه ولا يؤده(51).
أقول: الروايات كثيرة في شفاء الأدعية للأمراض المختلفة كـذهـاب وجع الرأس والبطن والعين وكافة أعضاء الجسم، فلتراجع في كتب الأدعية، وعلى الحامل الاستفادة من هذه الأدعية المباركة.
شاهد واقعي
قال بعض العلماء: (حدثني أحد المشايخ اللبنانيين (حفظه الله) أن زوجته كانت حاملاً فذهب بصحبتها إلى طبيبة للكشف على وضع الجنين.. فلما كشف عليها قالت لهما الطبيبة: إن الجنين سيولد مشوهاً، بسبب وجود جرثومة من شأنها أن تخلف تشوهاً فيه.
فأصبحا بعد تلقيهما الخبر بحالة يرثى لها.. فما كان من المرأة إلا أن أخذت بقراءة القرآن وبالخصوص سورة يوسف، ليخرج الولد جميلاً معافى وسورة مريم، ليكون عفيفا مع توسلاتها بأهل البيت رضوان الله عليهم. وبحمد الله بدل الله خوفها أمناً.
فخرج الولد جميلاً معافى من كل سوء، ومن كل تشوه، فقد رأيته بأم عيني كذلك)(52).
16- ذهاب الوحشة عن الحامل:
قال الإمام الصادق (عليه السلام): مَنْ بَاتَ فِي دَارٍ وَبَيْتٍ وَحْدَهُ فَلْيَقْرَأُ آيَةَ الْكُرْسِيِّ وَلْيَقُلِ: اللَّهُمَّ آنِسٌ وَحْشَتِي وَآمِنْ رَوْعَتِي وَأَعِنِّي عَلَى وَحْدَتِي(53).
وعن علي بن ماهان قال: حدثنا سراج مولى الرضا (عليه السلام) قال: حدثنا جعفر بن ديلم عن إبراهيم بن عبد الحميد عن الحلبي قال: قال رجل لأبي عبد الله الصادق (عليه السلام): إني إذا خلوت بنفسي تداخلني وحشة وهم وإذا خالطت الناس لا أحس بشيء من ذلك.
فقال (عليه السلام): ضع يدك على فؤادك وقل: بسم الله بسم الله بسم الله ثم امسح يدك على فؤادك وقل: أعوذ بعزة الله وأعوذ بقدرة الله وأعوذ بجلال الله وأعوذ بعظمة الله وأعوذ بجمع الله وأعوذ برسول الله وأعوذ بأسماء الله من شر ما أحذر ومن شر ما أخاف على نفسي تقول ذلك سبع مرات.
قال: ففعلت ذلك فأذهب الله عني الوحشة وأبدلني الأنس والأمن(54).
17ـ صلاة ودعاء لرفع خوف الحامل:
عن مُحَمَّد بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَد بْن مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّد بْن إِسْمَاعِيلَ بْن بَزِيعٍ عَنْ أَبِي إِسْمَاعِيلَ السَّرَّاج عَن ابْنِ مُسْكَانَ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ قَالَ: قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِقٍ: يا أبـا حَمْزَةَ مَا لَكَ إِذَا أَتَى بِكَ أَمْرٌ تَخَافُهُ أَنْ لا تَتَوَجَّهَ إِلَى بَعْضٍ زَوَايَا بَيْتِكَ يَعْنِي الْقِبْلَةَ فَتُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ تَقُولَ: يَا أَبْصَرَ النَّاظِرِينَ وَيَا أَسْمَعَ السَّامِعِينَ وَيَا أَسْرَعَ الْحَاسِبِينَ وَيَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ سَبْعِينَ مَرَّةً كُلَّمَا دَعَوْتَ بِهَذِهِ الْكَلِمَاتِ مَرَّةً سَأَلْتَ حَاجَةً.
وعن علي بن إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ هِشَامِ بْن سَالِمٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: إِذَا نَزَلَتْ بِرَجُلٍ نَازِلَةٌ أَوْ شَدِيدَةٌ أَوْ كَرَبَهُ أَمْرٌ فَلْيَكْشِفْ عَنْ رُكْبَتَيْهِ وَذِرَاعَيْهِ وَلْيُلْصِقْهُمَا بِالْأَرْضِ وَلْيُلْزِقَ جُؤجُؤهُ بِالأَرْضِ ثُمَّ لْيَدْعُ بِحَاجَتِهِ وَهُوَ سَاجِدٌ(55).
يمر على الإنسان لحظات يخاف بها من شيء ما، فعليه التوجه الى الله تعالى لرفع ذلك، خاصة الحامل أو الذي به شدة، فإن الخوف له أثره المادي والمعنوي على الإنسان بشكل عام وعلى الحامل بشكل خاص لمكان جنينها، والتوسل بأهل البيت (عليهم السلام) والدعاء والذكر مما يجعل القلب مطمئناً ويزيل عنه الخوف {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} [الرعد: 28].
18- الأذكار التي تزيل غضب الحامل:
قال الفيض الكاشاني في خلاصة الأذكار: علاج الغضب الاستعاذة من الشيطان والصلاة على النبي (صلى الله عليه وآله).
وليقل: (({وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ} [التوبة: 15] اللهم اغفر لي ذنبي وأذهب غيظ قلبي وأجرني من الشيطان الرجيم ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم))(56).
وأحسن من ذلك أن يقول: ((اللهم اذهب عني غيظ قلبي واغفر ذنبي وأجرني مــن مضلات الفتن أسألك رضاك وأعوذ بك من سخطك أسألك جنتك وأعوذ بك من نارك وأسألك الخير كله وأعوذ بك من الشر كله اللهم ثبتني على الهدى والصواب واجعلني راضياً مرضياً غير ضال ولا مضل))(57) (عن الإمام الصادق (عليه السلام).
وقال (عليه السلام): ((قال الله تبارك وتعالى يابن آدم اذكرني حين تغضب أذكرك حين أغضب فلا أمحقك فيمن أمحق))(58).
19- إبطال السحر عن الحامل:
عن عبد الله بن العلا القزويني قال: حدثنا إبراهيم بن محمد عن حماد بن عيسى عن يعقوب بن شعيب عن عمران بن ميثم عن عباية بن ربعي الأسدي أنه سمع أمير المؤمنين (عليه السلام) يأمر بعض أصحابه وقد شكا إليه السحر فقال: اكتب في رق ظبي وعلقه عليك فإنه لا يضرك ولا يجوز كيده فيك: بسم الله وبالله بسم الله وما شاء الله بسم الله لا حول ولا قوة إلا بالله قال موسى ما جئتم به السحر إن الله سيبطله إن الله لا يصلح عمل المفسدين فوقع الحق وبطل ما كانوا يعملون فغلبوا هنالك وانقلبوا صاغرين(59).
وهو أمر قد يبتلى به الكثير من الحوامل.
20- لاطمئنان قلب الحامل:
قال تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} [الرعد: 28]. الحمد لله الذي جعل لنا الدعاء والذكر لكي تطمئن هذه القلوب التي تتأثر بكل شيء حولها، فالفزع والخوف والهم والغم والحزن والمرض والفقر واليأس والقنوط والبلاء... كلها أمور تعتري المرأة الحامل في الحياة، وكل سلبياتها تتجمع في القلب وعلى صحيفته، فيأتي ذكر الله تعالى ليزيل هذه الهموم والأحزان والبلاءات فتطمئن خیر اطمئنان.
21- لإضفاء بركة الله على الحامل:
قال الإمام الصادق (عليه السلام): ((وكان أبي كثير الذكر لقد كنت أمشي معه وإنه ليذكر الله وآكل معه الطعام وإنه ليذكر الله، ولقد كان يحدث القوم وما يشغله ذلك عن ذكر الله، وكنت أرى لسانه لازقاً بحنكه بقول: لا إله إلا الله، وكان يجمعنا فيأمرنا بالذكر حتى تطلع الشمس ويأمر بالقراءة من كان يقرأ منا ومن كان لا يقرأ منا أمره بالذكر.
والبيت الذي يقرأ به القرآن ويذكر الله تعالى فيه تكثر بركته وتحضره الملائكة وتهجره الشياطين ويضيء لأهل السماء كما يضيء الكوكب الدري لأهل الأرض.
والبيت الذي لا يُقرأ فيه القرآن ولا يُذكر الله فيه تقل بركته وتهجره الملائكة وتحضره الشياطين(60).
هذه بعض آثار الذكر الإلهي بركة تحل على الذاكر وأهله تؤدي الى حسن عيشه وطهارته والى حضور الملائكة في منزله لتزيد بركة الله تعالى عليه، وهي تسدده في أموره وتنفي عنه الشياطين ووسوستهم.
جعلنا الله من الذاكرين له سبحانه وتعالى.
هذه جملة من الأدعية الدينية والأذكار الإلهية التي تؤدي الى سعادة كل إنسان وتطهره من الأدناس، فيا حبذا لو تواظب عليها النساء الحوامل لكي تدب السعادة في أولادهن وتطهر بذلك قلوبهن.
شاهد واقعي
قال بعض العلماء: (ومن لطيف ما يذكر أني تشرّفت بزيارة الإمام الرضا (عليه السلام) فرأيت مولاي الشيخ بهجت - روحي فداه - هناك وكنت بصحبته لما خرج من الحرم المطهر، فالتفت إلي وقال: أأمر أهلك بأن تكثر من قراءة القرآن فإنه يؤثر في روحية الطفل وأمرها أيضاً أن تشرب ماء زمزم مع قليل من التربة الحسينية.
فسألته: هل قراءة يوسف تؤثر في جمال الطفل وسورة مريم في عفافه؟
فأجاب بقوله: خذ من القرآن ما شئت لما شئت فقراءة القرآن للعفاف والتقوى والجمال وما أشبه ذلك)(61).
____________________________
(1) نهج البلاغة: الحكمة 435 و 88.
(2) کنز العمال: 2081.
(3) وسائل الشيعة: 11/ 374 /1.
(4) الكافي: 2 / 437 / ح 1.
(5) المصدر السابق: 2 / 437/ ح 2.
(6) الكافي: 2/ 437/ 1 و 2 و ص429/ 4.
(7) نهج البلاغة: الخطبة 143.
(8) نور الثقلين: 5/ 357/ 45.
(9) نور الثقلين: 5: 357/ 45.
(10) الكافي: 8/ 93 / 65.
(11) البحار: 93 / 280 ح 18، باب 15، والمحاسن: 43.
(12) طب الأئمة (عليهم السلام): 119.
(13) تفسير الميزان 19: 341.
(14) مستدرك سفينة البحار: 7/ 606.
(15) ميزان الحكمة: 3/ 2277 / ح 3086.
(16) الكافي: 2 / 562 ح 2.
(17) من لا يحضره الفقيه: 4 / 392، ح 5835، الخصال: 218، ح 43.
(18) الفقيه 4 / 393، الخصال: 218.
(19) مصباح المتهجد: 335، مكارم الأخلاق: 351.
(20) الفرج بعد الشدة: 1 / 31، البحار: 92 / 193.
(21) الكافي 2 / 557، المجتنى من دعاء المجتبى: 68.
(22) مصباح المتهجد 232، مفتاح الفلاح: 64.
(23) انظر خلاصة الأذكار، الفصل الثامن.
(24) جواهر الكلام: 7 / 197.
(25) نور الثقلين: 5 / 24/532.
(26) وسائل الشيعة 4: 850، بحار الأنوار: 93: 161.
(27) البحار: 93 / 277 ج 1، باب 15، وأمالي الصدوق: 37.
(28) تحف العقول: 400.
(29) أمالي الصدوق: 5/ 376.
(30) الصحيفة السجادية: 144 الدعاء 37.
(31) أمالي الصدوق: 37.
(32) ثواب الأعمال: 127.
(33) الخصال: 1 / 143.
(34) بحار الأنوار: 90 / 288 ح 3.
(35) الكافي: 2/ 469.
(36) ميزان الحكمة: 2/ 870.
(37) مستدرك الوسائل: 5 / 318 / 5980.
(38) بحار الأنوار: 91/ 127.
(39) شفا كعصا: طرف كل شيء وجانبه، ويضرب به المثل في القرب من الهلاك.
(40) البحار: 6/ 33 - 45، باب 20.
(41) الكافي: 2 / 273 / 20.
(42) الكافي: 2/ 469.
(43) الكافي: 2/ 470 ح6 و7 و8.
(44) الدعوات للراوندي: 17.
(45) الكافي: 2 / 466 ح 3.
(46) الكافي: 2/ 470.
(47) الكافي: 2 / 565 ح3.
(48) الكافي: 2 / 553 ح 3.
(49) الكافي: 2 / 568 ح 19، ومستدرك الوسائل: 4 / 405 وخلاصة الأذكار، الفصل الثامن، والدعوات للراوندي: 199 ح 546، والمصباح للكفعمي: 155.
(50) مكارم الأخلاق: 448، دعوات الراوندي: 93.
(51) الكافي: 2 / 562 ح 20.
(52) عبقرية مبكرة، توفيق بو خضر: 68 - 69.
(53) الكافي: 2 / 572 ح 13.
(54) طب الأئمة (عليهم السلام): 117.
(55) الكافي: 2 / 562 ح 1.
(56) مستدرك الوسائل: 12 / 15، مكارم الأخلاق: 350.
(57) مستدرك الوسائل: 12 / 15، مكارم الأخلاق: 350.
(58) الكافي 2 / 304، الوسائل: 15 / 364.
(59) طب الأئمة (عليهم السلام): 35.
(60) الكافي: 2/ 449، تحف العقول: 177.
(61) عبقرية مبكرة، توفيق بو خضر: 68 - 69.