الحياة الاسرية
الزوج و الزوجة
الآباء والأمهات
الأبناء
مقبلون على الزواج
مشاكل و حلول
الطفولة
المراهقة والشباب
المرأة حقوق وواجبات
المجتمع و قضاياه
البيئة
آداب عامة
الوطن والسياسة
النظام المالي والانتاج
التنمية البشرية
التربية والتعليم
التربية الروحية والدينية
التربية الصحية والبدنية
التربية العلمية والفكرية والثقافية
التربية النفسية والعاطفية
مفاهيم ونظم تربوية
معلومات عامة
أثر الخوف والقمع على التربية
المؤلف: السيد علي عاشور العاملي
المصدر: تربية الجنين في رحم أمه
الجزء والصفحة: ص344ــ345
2024-11-08
239
قال علماء الأخلاق: تخضع نفسيات الأفراد في الأسرة إلى وضع حكومة الآباء. فالأب الذي يتحدث إلى أبنائه بلسان التهديد والعقاب فقط وتكون إطاعته له قائمة على أساس الخوف منه، ينعدم حب التعالي والترقي من نفوس الأطفال، ولا تظهر استعداداتهم الخفية ولا يفكرون في تحصيل الكفاءات لأنفسهم. وبصورة أساسية فإن الأطفال في أمثال هذه الأسر لا يدركون أنفسهم، ولا يلتفتون إلى وجودهم بين ظهراني المجتمع، لأنهم لم يسمعوا كلاماً من رب الأسرة حول إظهار شخصياتهم، فهو كان يتحدث معهم بلغة السوط والعصا فقط!.
أما في الأسر التي تقوم على أساس التعالي النفسي وحب الكمال، الأسر التي تهدف التربية فيها إلى إيجاد الكفاءة والفضيلة والصلاحية في نفوس الأفراد، تنعدم لغــة التهديد والعقوبة، بل يستند المربي حينئذ إلى شخصية الأطفال ويستفيد من غريزة حبهم للكمال في تشجيعهم على العمل المثمر الحر.
عن الحسن بن علي (عليهما السلام): أنه دعا بنيه وبني أخيه، فقال: إنكم صغار قوم، ويوشك أن تكونوا كبار قوم آخرين، فتعلموا العلم، فمن لم يستطع منكم أن يحفظه فليكتبه وليضعه في بيته(1).
قال: ((فالإمام الحسن عليه السلام لم يتحدث عن نفسه مع أطفاله ولم يهددهم بقوته، بل أشعرهم بأنهم صغار اليوم، وربما كانوا كبار الغد، وإن العظمة وذيوع الصيت في المجتمع يستلزم الكفاءة، فأخذ يحثهم على التعلم وتحصيل المعرفة))(2).
وقال: إن نظرة الإسلام إلى هؤلاء الحكام الظالمين... إلى هؤلاء الثلة الحقيرة التي تحكم الناس بقوة الحديد والنار... نظرة ملؤها الريبة والاحتقار ويعرفهم بأنهم أحقر الناس وشرّهم في مقام الحكم الإلهي عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ((شر الناس يوم القيامة: الذين يكرمون اتقاء شرهم))(3).
كما ورد عنه (صلى الله عليه وآله) في حديث آخر: ((ويل لمن تزكيه الناس مخافة شرّه، ويل لمن أطيع مخافة جوره، ويل لمن أكرم مخافة شره))(4).
وفي حديث ثالث: ((ألا إن شرار أمتي: الذين يكرمون مخافة شرهم، ألا ومن أكرمه الناس اتقاء شره فليس مني))(5).
وقال: في أسرة كهذه تنعدم السعادة، ولا يوجد الهدوء الفكري واطمئنان الخاطر، حيث يسيطر الخوف والقلق على جميع أنحاء البيت، ويرى أعضاء الأسرة أنفسهم معرضين في كل لحظة لخطر التعذيب والقسوة... في هذه الأسر لا تقف آثار الاستبداد السيئة عند حد إيقاف الرشد المعنوي للأطفال فقط، بل تمنع أبدانهم عن الرشد الطبيعي من جراء الاضطراب والقسوة هؤلاء الآباء يجرون على أنفسهم وعوائلهم والمجتمع الذي يربي الأطفال له نتائج وخيمة لا تنجبر... هؤلاء مسؤولون - طبق الموازين الإسلامية - أمام كل ضربة أو كلمة بذيئة صادرة منهم تجاه عوائلهم... وإذا كانت طاعة الزوجة والأولاد معلولة للخوف من الشدة والقسوة والظلم، فإن هؤلاء الآباء مشمولون للأحاديث السابقة التي ترى أن من يطاع خشية شره لهو شرُّ الناس.
على هؤلاء الآباء أن يحكموا وجدانهم، وأن يكرهوا لغيرهم ما يكرهونه لأنفسهم، فكما أنهم - أنفسهم - ينفرون من الحياة في ظل الاستبداد والتعنت، والظلم والقسوة عليهم أن لا يرضوا ذلك لعوائلهم، ولا يعاملوا أزواجهم وأطفالهم معاملة الأسرى المحكوم عليهم بالإعدام(6) انتهى.
___________________________
(1) انظر منية المريد: 175 الباب الرابع.
(2) الطفل بين الوراثة والتربية - الشيخ محمد تقي الفلسفي: 1/ 398 المحاضرة الخامسة عشرة.
(3) الكافي لثقة الإسلام الكليني: 2 / 327.
(4) مجموعة ورام: 2 / 115.
(5) الكافي لثقة الإسلام الكليني: 2 / 327.
(6) انظر الطفل بين الوراثة والتربية - الشيخ محمد تقي الفلسفي: 1/ 385 المحاضرة الخامسة عشرة.