x
هدف البحث
بحث في العناوين
بحث في اسماء الكتب
بحث في اسماء المؤلفين
اختر القسم
موافق
الحياة الاسرية
الزوج و الزوجة
الآباء والأمهات
الأبناء
مقبلون على الزواج
مشاكل و حلول
الطفولة
المراهقة والشباب
المرأة حقوق وواجبات
المجتمع و قضاياه
البيئة
آداب عامة
الوطن والسياسة
النظام المالي والانتاج
التنمية البشرية
التربية والتعليم
التربية الروحية والدينية
التربية الصحية والبدنية
التربية العلمية والفكرية والثقافية
التربية النفسية والعاطفية
مفاهيم ونظم تربوية
معلومات عامة
حقّ الطلاق للرجل
المؤلف: الشيخ حسن الجواهري
المصدر: أوضاع المرأة المسلمة ودورها الاجتماعي من منظور إسلامي
الجزء والصفحة: ص 163 ــ 166
2024-09-15
319
إنّ الإسلام أعطى سلطة الطلاق والولاية عليه بيد الزوج، فهل هذا يدلّ على أنّ الزوج أكمل من المرأة؟
الجواب: إنّ إعطاء سلطة الطلاق بيد الزوج لا يدلّ على أنّه أكمل من الناحية الإنسانية، بل من أجل أنّ الطلاق إجراء خطير جداً يؤدي إلى حلّ كيان الأُسرة من العلاقة الزوجية، وهو إجراء مكروه اشدّ الكراهة في الشريعة في غير حالات الضرورة الانفصالية بين الزوجين. فالأسرة مؤسسة يكون الزوج مسؤول فيها وعنها، وهي لا تخلو من خلافات في المسلك الاختياري، وخلافات خارجة عن إرادتهما كالعقم أو المرض أو العجز الزوجي مثلاً.
فجعل الطلاق بيد الزوج هو أسلم من جعله بيد الزوجة فقط أو بيد كلّ منهما. وتوضيح ذلك:
1ـ إذا جعلنا الطلاق بيد الزوجة فقط على نحو الاستقلال، فهو إجراء فاسد، لأنّ المرأة لها تكوين نفسي عاطفي، وهو حالة صحيّة وجيّدة وفضيلة لها إذا كان مجالها الأُسرة الأبوية أو الزوجية حيث تكون هذه العاطفة سبباً للتلاحم والاستقرار.
أمّا التكوين النفسي والعاطفي إذا كان في مجال سلطة الطلاق، فإنّه سوف يؤدي إلى تفكيك الأُسرة الزوجية وحلّها، فتكون العاطفة هنا عاملاً سلبياً ضارّاً يهدد الأُسرة بالتفكيك والانحلال، لأنّ سرعة التأثر العاطفي عند المرأة تدفع المرأة إلى الاستجابة باستخدام سلطة الطلاق عند أيّ خلاف بين الزوجين.
بالإضافة إلى أنّ المرأة تنظر إلى أنّها قد استلمت المهر من الزوج الأول، فما هو المانع من حلّ هذه العلاقة واقتران بزوج جديد بمهر جديد؟ ما دام أنّ الزواج الثاني يوفّر لها أجواء جديدة ومهراً جديداً، فهي قد تقدم على هدم هذا البيت الزوجي التي لم تساهم في إنشائه.
فإنّ الزوج هو الذي دفع المهر إلى الزوجة، وهو الذي دفع نفقات العرس والزفاف، وهو الذي أوجد البيت، وهو الذي أثّثه، وهو المنفق على الزوجة والأولاد، وهو الذي يدفع نفقة الزوجة أثناء عدّتها بعد الطلاق، والزوجة هي المستفيدة من كلّ هذه الاُمور، فإن جعلنا الطلاق بيدها يعني ذلك أننا قد سلّطنا المرأة على تدمير مؤسسة البيت الزوجي من دون أن تتحمل في تكوينها أيّ نفقات، وبهذا سوف نعرّض الزواج إلى نكبة اقتصادية من دون أن يكون له أي اختيار في ذلك.
2ـ إذا جعلنا سلطة الطلاق بيد طرف ثالث (كالمحكمة) فهو أمر فاسد أيضاً، وذلك لأنّه يجعل أسرار الحياة الزوجية عرضة للهتك والتداول بين الناس، وقد تنمو الاتهامات وتتحول إلى حقائق تمسّ شرف الزوجين وعفتهما، وحينئذ يستعصي الحلّ لهذه الخلافات والأسرار الزوجية، وهذا ما يؤدي إلى الطلاق أو شلّ الحياة الزوجية وتعطيلها من دون طلاق.
إذاً لم يبق لدينا إلاّ أن يكون الطلاق بيد الزوج مستقلاً فهو الحل الأنجع، لأنّ الزوج هو الذي أقام هذه المؤسسة الزوجية بتقديم المهر ونفقات الزواج وتهيئة البيت والأثاث والنفقة، فإن أراد أن يهدم هذه المؤسسة فهو المتضرّر الأول والأخير من الطلاق، وهو الذي سيتحمّل نفقات ومهراً جديداً لبناء بيت زوجي جديد، ولهذا فسوف يفكّر كثيراً في الطلاق ولا يقدم عليه إلاّ في حالات نادرة.
ومع هذه فقد جعل الشارع شروطاً للطلاق الصحيح لعلّ المقصود منها زيادة التفكير في قرار الطلاق، ومن هذه الشروط أن يقع الطلاق في طهر لم يواقعها فيه، وأمام شاهدين عادلين (على مذهب الإمامية)، ولا تحصل البينونة بمجرّد الطلاق اللفظي، بل لابدّ من اعتداد الزوجة في بيت الزوجية بثلاث حيضات، وهذه الاُمور كثيراً ما تدفع الزوج إلى مراجعة قراره السابق بالطلاق وإعادة العلاقة الزوجية.
ثمّ إنّه تتمكن الزوجة أن تكون وكيلة عن الزوج (في عقد زواجها) في طلاق نفسها في موارد معيّنة، كحبس الزوج لمدة طويلة، أو إذا ثبت اعتياده على المخدرات، أو إذا قصّر في القيمومة الملقاة على عاتقه، فإذا حصل أحد هذه الاُمور فهي تطلّق نفسها عن الزوج وكالة عنه (وهذه الوكالة غير قابلة للعزل) (1).
كما أنّ الزوجة لها الحقّ في رفع أمرها إلى الحاكم الشرعي طالبة منه الطلاق في حالة عدم إنفاق الزوج على زوجته، أو في حالة عدم الانسجام التام بين الزوجين بحيث تحولّت حياتهما الزوجية إلى جحيم دائم، ولم يوافق الزوج على الانفاق واتخذ طريق العناد والاضرار بالزوجة. ولم يوافق على قبول الخلع لأجل طلاق زوجته منه الكارهة له التي لا تتمكن من الحياة معه، ففي هذه الصور، إذا ثبت عند الحاكم الشرعي معاندة الزوج لزوجته وإصراره على أذيّتها فينذره بالطلاق الاختياري أو يطلّق هو عنه، فإن لم يطلّق اختياراً طلّق الحاكم الشرعي هذه الزوجة في هذه الحالة.
وطلاق الزوجة نفسها هنا ليس كما في صورة إعطاء حقّ الطلاق للزوجة استقلالاً، لأن الزوج في صورة جعلها وكيلة عنه في طلاق نفسها في موارد معينة مثلاً يكون قد مارس حقّه في الطلاق بتفويض زوجته، فهو الذي أعطاها هذه السلطة باختياره عن وعي منه.
__________________
1ـ وقد أفتى بعض الفقهاء ومنهم السيد الخوئي فقال: (كما يجوز ـ للمرأة ـ أن تشترط الوكالة على طلاق نفسها عند ارتكابه ـ الزوج ـ بعض الاُمور من سفر طويل أو جريمة موجبة لحبسه أو غير ذلك، فتكون حينئذ وكيلة على طلاق نفسها، ولا يجوز له عزلها، فإذا اطلّقت نفسها فصحّ طلاقها)، راجع منهاج الصالحين، 2: كتاب الطلاق، مسألة 1359.