1

x

هدف البحث

بحث في العناوين

بحث في المحتوى

بحث في اسماء الكتب

بحث في اسماء المؤلفين

اختر القسم

القرآن الكريم
الفقه واصوله
العقائد الاسلامية
سيرة الرسول وآله
علم الرجال والحديث
الأخلاق والأدعية
اللغة العربية وعلومها
الأدب العربي
الأسرة والمجتمع
التاريخ
الجغرافية
الادارة والاقتصاد
القانون
الزراعة
علم الفيزياء
علم الكيمياء
علم الأحياء
الرياضيات
الهندسة المدنية
الأعلام
اللغة الأنكليزية

موافق

علم الحديث

تعريف علم الحديث وتاريخه

أقسام الحديث

الجرح والتعديل

الأصول الأربعمائة

الجوامع الحديثيّة المتقدّمة

الجوامع الحديثيّة المتأخّرة

مقالات متفرقة في علم الحديث

أحاديث وروايات مختارة

علم الرجال

تعريف علم الرجال واصوله

الحاجة إلى علم الرجال

التوثيقات الخاصة

التوثيقات العامة

مقالات متفرقة في علم الرجال

أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله)

اصحاب الائمة من التابعين

اصحاب الائمة من علماء القرن الثاني

اصحاب الائمة من علماء القرن الثالث

علماء القرن الرابع الهجري

علماء القرن الخامس الهجري

علماء القرن السادس الهجري

علماء القرن السابع الهجري

علماء القرن الثامن الهجري

علماء القرن التاسع الهجري

علماء القرن العاشر الهجري

علماء القرن الحادي عشر الهجري

علماء القرن الثاني عشر الهجري

علماء القرن الثالث عشر الهجري

علماء القرن الرابع عشر الهجري

علماء القرن الخامس عشر الهجري

الحديث والرجال والتراجم : علم الحديث : مقالات متفرقة في علم الحديث :

شرح مختصر لخطبة من خطب أمير المؤمنين (صلوات الله عليه).

المؤلف:  الشيخ الجليل محمد بن الحسن المعروف بـ(الحر العامليّ).

المصدر:  الفوائد الطوسيّة.

الجزء والصفحة:  ص 142 ـ 157.

2024-09-12

94

فائدة رقم (46):

في شرح خطبة لأمير المؤمنين (عليه السلام) التمسه منّي بعض الرؤساء على وجه الاختصار يتحقّق بعض لغتها وبيان نبذة من نكتها.

روى الصدوق في المجالس (1) بإسناده عن الصادق عن آبائه (عليهم السلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه‌ السلام):

والله ما دنياكم عندي: إضافتها إليهم للتشنيع عليهم بحبّها وكسبها [وكسبهم ـ خ] حتّى كأنّها مقصورة عليهم فحسنت إضافتها إليهم والغرض التزهيد فيها وإظهار ما هو ظاهر من تركه لها حتّى لا يمكن إضافتها إليه ليُقتدى به في ذلك.

إلا كسفر:  أي كقوم مسافرين وهو من قصر الموصوف على الصفة قصرا إضافيا أو للمبالغة وهو من قصر القلب باعتبار انّ حال المخاطبين في حب الدنيا والاقتصار عليها يقتضي اعتقادهم دوامها فلذلك أثبت فناءها بطريق القصر مع التوكيد وان لم يكونوا منكرين فجعلهم كالمنكرين لما لاح عليهم من أمارات الإنكار.

على منهل: وهو إمّا مصدر بمعنى أول الشرب كالنهل محرّكة أو بمعنى المشرب أي الموضع الذي فيه الشرب أو المنزل الذي بالمفازة ذكر ذلك صاحب القاموس وعلى الأوّلين هو إشارة إلى سرعة فناء الدنيا حال كون أهلها مغمورين في لذّاتها وعلى الرابع إلى كون صاحبها على خطر عظيم وخوف ويقين بانقضائها.

حلّوا: من الحلول ضد الارتحال لمقابلته به.

إذ صاح بهم سائقهم فارتحلوا: الإتيان بإذا الفجائيّة مع الفاء، وذكر الصياح، والسائق للمبالغة في سرعة الارتحال بغتة وعدم التمكّن من الإقامة وان أرادوها ويؤيد المعنيّين الأوّلين ولا ينافي مناسبة الأخير لدلالته على زيادة أسباب السرعة.

ولا لذّاتها في عيني: إمّا أن يراد باللذّات ما يحصل منه كالمآكل والملابس والمناكح ونحوها أو يراد بالعين عين القلب والا فهي أمور معنويّة غير محسوسة بالعين الباصرة أو يكون الكلام على طريق التمثيل.

إلا كحميم: وهو الماء الحار والماء البارد أيضا فهو من أسماء الأضداد.

أشربه غسّاقًا: بالتخفيف كسحاب أو بالتشديد كشدّاد وهو البارد المنتن ومن هنا يظهر انّه يتعيّن ارادة البارد من الحميم وهذا الحصر كالأول.

وعلقم: وهو الحنظل وكل شي‌ء مرّ وأشد الماء مرارة.

أتجرّعه: أي أبتلعه بتكلّف ومشقّة.

زعاقًا: أي مرًّا، وهو حال من ضمير المفعول.

وسم أفعى: وهو مثّلث السين المهملة هذا القاتل المعروف، والأفعى الحيّة الخبيثة تكون أسماء وصفة.

أو أسقاه دهاقًا: يقال دهق الكأس ملأه ودهق الماء أفرغه إفراغا شديدا فهو من أسماء الأضداد أيضا وكلاهما متّجه.

وقلادة من نار أوهقها خناقًا: الوهق محرّكة ويسكن الحبل في الشوطة يرمى فيها وتؤخذ به الدابة أو الإنسان وهقه كوحده حبسه والظاهر انّ أصله أوهق بها بالبناء للمجهول فحذف الحرف وعدّى الفعل بنفسه والخناق ككتاب: الحبل يخنق به.

فقد ظهر انّه حصر لذّات الدنيا في أربعة أقسام كل واحد منها تنفر منه الطباع إذ المقصود التنفير والتزهيد ولعلّ وجه الحصر أنّها اما أن تكون مستلزمة للمشقّة الشديدة أو قاتله والأول امّا متناهٍ في المشقّة أو دونه والثاني امّا ظاهر وامّا خفي هذا على تقدير كون الواو بمعنى أو كما هو وارد كثيرًا في مثل هذا المقام وإلّا فيكون حصر اللذّات في مشابهة مجموع الأربعة ولعلّ الترقّي من الأدنى إلى الأعلى للدلالة على انّ بعضها ينجر الى ما هو أعظم منه.

ولقد رقّعت مدرعتي هذه حتّى استحييت من راقعها: شرع (عليه‌ السلام) في وصف حاله ليقتدي به من تأخّر عنه وان كانت ظاهرة لمن كان في زمانه ليعلم انّ من أمر بشي‌ء ينبغي أن يبدأ بنفسه فيأمرها، والمدرعة: كمكنسة ثوب غليظ كالدرّاعة ورقّع الثوب إصلاحه بالرقعة وهي خرقة تخاط على الموضع التالف [التأليف ـ خ] ولعلّ وجه الاستحياء خوفه من أن ينسبه راقعها الى البخل والدناءة والخسة وقصر الهمّة وذلك لبعد طباع أهل الدنيا عن معرفة خستها وغلبة حبّها عليهم وما أحسن قول مهيار: قنعت منها بما بلّ الصدى كبرًا *** في همّتي ظنّ قوم أنّه صغر.

وقال لي: اقذف بها قذف الأتن لا ترتضيها لبرادعها. [ليرقّعها خ م]:

القذف: الرمي، يُقال: قذف بالحجارة أى رمى بها، والأُتن: الحمير جمع أتان: أنثى الحمر، والبرادع جمع بردعة بالدال المهملة والمعجمة معًا وهي الحلس يلقى تحت الرحل والحلس الكساء الذي على ظهر الدابّة، يعني أنّ الراقع قال له: ارمِ بهذه المدرعة كما ترمى بها الحمير التي لا ترتضيها مطروحة على ظهورها تحت رحالها فكيف ترضى بلبسها الأكابر الأجلّاء من بنى آدم مثلك هذا على تقدير كون الجملة الفعليّة صفة المعرّف بلام الجنس. نحو: ولقد أمرّ على اللئيم يسبني... .

واحتمال الاستئنافيّة أيضًا متوجّه بيانا لسبب القذف.

فقلت له: اعزب عنّي: العزوب: الذهاب والغيبة.

فعند الصباح يحمد القوم السرى : يعني السير بالليل.

وتنجلي عنهم عيابات الكرى: أي تنكشف عنهم حجب النوم وغواشيه التي كانت تغشاهم، وهو قريب من قوله (عليه‌ السلام): الناس نيام فاذا ماتوا انتبهوا، فكأنّ للعبادة في الدنيا سير بالليل وما يعرض للناس فيها من الفترات والميل الى الكسل بمنزلة النعاس والنوم فاذا جاء النهار ظهرت نتيجة السفر وزالت عوارض السهر وتبيّن فضل المجاهدين وخيبة الراقدين أو المراد بالليل والنوم ما يعرض في الدنيا من الشبهات في الدين والشكوك المعارضة لليقين وبالصباح انكشاف جميع ذلك في القيمة.

ولو شئت لتسربلت: أى تقمّصت أو تدرّعت أو لبست.

بالعبقريّ: وهي نسبة الى قرية ثيابها في غاية الحسن، والعبقريّ أيضا الكامل من كل شي‌ء وضرب من البسط وعبقر اسم امرأة.

المنقوش من ديباجكم: الديباج معروف وهو فارسيّ معرّب والمعنى أنّي قنعت وزهدت في دنياكم لا عن عجز بل مع غاية القدرة ولو أردت للبست أفخر الملابس بحسب اعتقادكم بناءً على الظاهر كما في خبر الصناديق الأربعة في كتاب إكمال الدين وإتمام النعمة وفيه موعظة بليغة.

ولأكلت لباب هذا البر بصدور دجاجكم: اللباب الخالص من كل شي‌ء ومن الجوز ونحوه قلبه ، والبر بالضم الحنطة والمعنى ظاهر.

وقد روي انّه (عليه‌ السلام) ما أكل خبز البر ولا شبع من خبز الشعير (2).

ويُروى عنه أيضًا أنه سُئل: أنت أفضل أم أبوك آدم؟ فقال: انّ آدم نهاه الله عن الشجرة فأكل منها وأحلّها لي فتركتها (3).

ولشربت ماء الزلال برقيق زجاجكم: الزلال كغراب سريع المرّ في الحلق والبارد والعذب الصافي السهل السلس، والزجاج معروف مثلث الزاي وصانعه الزجّاج وبائعه الزجّاجي، وقد ذكر الملابس والمآكل والمشارب لأنّها أعمّ الشهوات واللذّات المقصودة للعقلاء في الجملة وترك المناكح إذ لم يكن تاركا لها ولأنّ الشرع ورد بالترغيب في المباح منها لبقاء النسل وتكثير الأمّة ودفع الشهوة الداعية إلى الحرام وغير ذلك من المصالح المهمّة فكان التزهيد فيها منافيا للحكمة.

ولكنّي أصدّق الله جلّت عظمته حيث يقول: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ..}: فيه تعريض بالمخاطبين حيث يريدون الدنيا والآخرة واشارة إلى انّهما لا يجتمعان على وجه الكمال بل لا بد من دخول نقص في إحديهما أو فيهما وهذا وأمثاله ذم الدنيا المحرّمة أو لما زاد عن أقل الكفاية مطلقا ولعلّه يفهم من لفظ الزينة هنا فإنّ ما لا يزيد عليه من الحلال مأمور بطلبه بل تحصيله واجب فهو من العبادات وبهذا الاعتبار يجمع بين ما ورد من الاخبار من النهى والأمر والذم والمدح أو يقال انّ مطلق الدنيا المباحة إنّما أمر بطلبها ورغب في تحصيلها كما في كتاب التجارة وغيره لتكون وسيلة إلى تحصيل الثواب وفعل الخير ومعونة على العبادة والعلم وبهذا الاعتبار هي من قسم الآخرة كما ورد التصريح به ويحمل الذم على ما كان المراد منه مجرد الجمع والتلذّذ والتنعّم ونحو ذلك من الأغراض الفاسدة.

فكيف أستطيع الصبر على نار لو قذفت بشررة: وهي ما يتطاير من النار.

إلى الأرض لأحرقت نبتها:  أي كلّه فإنّ إضافة المصدر تفيد العموم حيث لا عهد نحو: أكل زيد وضرب عمرو فإنّه يصح الاستثناء من مثله وهو دليل العموم والحكم بذلك مع كون الذي يطير من النار في غاية القلّة والصغر نهاية الترهيب والتحذير.

ولو اعتصمت: أي امتنعت وتمسّكت.

نفس بقلّة: بالضم أعلى الرأس والسنام والجبل أو كلّ شي‌ء.

لأنضجها: أي طبخها حتّى أدركت وتلاشت اجزاؤها.

وهج النار: أي توقّدها واضطرامها.

في قلّتها: الضمير راجع الى النفس وفي الإضافة إشارة إلى شدّة الاعتصام ومزيد الاختصاص.

وأيّما خير لعلي أن يكون عند ذي العرش مقرّبًا أو يكون في لظى: أي في جهنّم.

خسيئًا: أي مطرودًا.

مبعدًا مسخوطًا: مغضوبًا عليه.

بجرمه: أي بذنبه.

مكذّبًا: لو أنكر واعتذر وهذا على سبيل الفرض والتقدير في الثاني فإنّ الأول محقّق والشيء يقاس بضدّه أو من تعليق المحال على المحال.

والله لأن أبيت على حسك السعدان: وهو نبت له شوك والحسك شوك.

مُرقدًا: أي مكرهًا على الرقاد.

وتحتي أطمار على سفاها: الإطمار جمع طمر بالكسر: الثوب الخلق أو الكساء البالي والسفى بالسين المهملة قالوا: التراب وكل شجر له شوك ولا يخفى حسن موضع الإضافة هنا.

مُمدّدًا: حال كمُرقدًا.

أو أُجرَّ في الأغلال: جمع غلّ، وهو ما يوضع في اليدين والعنق للأسير ونحوه.

مُصفدًا: أي مشدودًا موثقًا، والأصفاد: القيود. والمراد اجتماع الأمور الثلاثة واستيعابها لحالاته ولا يخفى انّها بالنسبة إلى مثله في شرف النفس وعلو الهمة وإباء الضيم من أعظم البلايا وأشد الشدائد.

أحبّ إليّ من أن ألقى في القيامة محمدًّا (صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله) خائنًا في ذي يتمةٍ: وهي بالضم الانفراد وفقدان الأب ومن البهائم فقدان الأم وقد جاءت بمعنى الهم وكلّ منها هنا متّجه، والثاني أقرب.

أظلمه بفلسه متعمدًّا: تخصيص اليتم، والتنصيص على النعمة، لزيادة التقبيح والذم لعاقبة حب الدنيا وهو انّه ينجر الى مثل هذه الكبائر وذكر الفلس مناسبة للمقام وارادة للمبالغة في التحرّز من الظلم، وتقرير لأنّه من أعظم الذنوب أو إشارة إلى أنّه أدنى ما يستلزمه ما تقدّم والحكم بالتفصيل في المحبّة هنا كقوله تعالى حكاية عن يوسف: {رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ} ومعلوم أنّهما (عليهما‌ السلام) لا يحبّان شيئًا من الأمور المذكورة إلا باعتبار أنّ العاقل يختار أدنى الشرّين على أعظمها، فمحبّة أحد الشرّين لا لذاته بل لكونه مصرِفًا عمّا هو أعظم منه.

ولم أظلم اليتيم وغير اليتيم: استفهام إنكاريّ للإبطال ونفي ما بعده كقوله تعالى: {أَفَأَصْفاكُمْ رَبُّكُمْ بِالْبَنِينَ} أي: ولأيّ شي‌ء أظلم الناس؟

لنفس يسرع الى البلى قفولها: أي رجوعها أو سفرها الذي يتعقّبه الرجوع كما يسمّى الجماعة المبتدئة في السفر قافلة تقاولا بالرجوع.

ويمتد في أطباق الثرى حلولها: أي يطول بين التراب ـ يعني في القبر ـ إقامتها.

وإن عاشت رويدًا: أي مهملة قليلة وهو تصغير رود بالضم.

فبذي العرش نزولها: يعني أنّ هذه النفس التي هذا وصفها من سرعة ذهابها وقصر عمر صاحبها وطول زمان موته وكون آخر أمره العود الى دار الجزاء ليس لها قابليّة لتحمّل ظلم الناس لأجلها.

معاشر شيعتي احذروا فقد عضّتكم الدنيا بأنيابها: خصّ شيعته المضافين إلى نفسه لزيادة الاعتناء بشأنهم وصلاح حالهم وكونهم المتأهّبين للامتثال المنتفعين بصالح الأقوال والأعمال وحذّرهم من الدنيا والغفلة فيها وعرّفهم انّها تمكّنت منهم وعضّتهم بأنيابها فأشرفت على إتلافهم وإهلاكهم وقد شبّه الدنيا بالحيّة وأثبت لها الأنياب والعضّ على سبيل الاستعارة بالكناية والتخييليّة والترشيحيّة.

تختطف منكم نفسًا بعد نفس كدأبها: الخطف والاختطاف الاستلاب أي الأخذ بسرعة والدأب الشأن والعادة والجد والمعنى كما هي عادتها مع غيركم من قبلكم وفي منزلكم أو مطلقًا.

وهذه مطايا الرحيل قد أنيخت لركابها: كناية عن قرب المعرف وسرعة الانتقال من الدنيا الى الآخرة.

ألا إنّ الحديث ذو شجون: أي فنون وأغراض وشعب يعني له محامل ومعانٍ شتّى وفيه مطالب مختلفة وكثيرًا ما يراد به غير الظاهر وقد يراد به الظاهر وغيره.

فلا يقولنّ قائلكم: أنّ كلام علي متناقض: حيث انّ كثيرًا من كلامه في ذم الدنيا وبعضه في مدحها كخطبة المشهورة وغير ذلك من كلامه المتعلق بالمواعظ وردع الناس عن الإفراط ولتفريط في كل شي‌ء واحتجاجه على جماعة تركوا الدنيا بالكليّة ونهيهم عن ذلك ونحو كلامه في المكروهات والمستحبّات.

فقد رويت عنه أحاديث في مثل ذلك تارة بالأمر وتارة بالنهي وأخرى بالتخيير ومرّة بالترغيب ومرة بإذن في الترك بحسب ما يقتضيه الحال من تقرير الشريعة وردع الناس عن الإفراط والتفريط وكذا ورد عن أبنائه (عليهم السلام) بل أكثر كلامهم الذي ظاهره الاختلاف مخصوص بنحو ذلك لا يكاد يخرج عنه الا الى التقيّة كما يظهر بالتتبّع.

لأنّ الكلام عارض: يقال عرض الشي‌ء بدأ وظهر، أي انّه يأتي من المتكلّم بحسب ما يبدو له من حال المخاطب ومن المطالب والأغراض من المدح والذم والترغيب والترهيب وغير ذلك.

ولقد بلغني أنّ رجلاً من قُطّان المدائن: أي سكّانها والمقيمين بها وهي بلاد قرب بغداد وتسمّى مدائن كسرى سمّيت مدائن لكبرها.

تبع بعد الحنيفيّة: أي الملّة المستقيمة يعني الإسلام.

علوجه: أي رفقاؤه وخلطاؤه من كفّار العجم والظاهر انّ المراد انّه ارتد عن الإسلام حبًّا للدنيا والشهوات لما يأتي من استحقاقه حد المرتد وانّه اشتغل بالدنيا عن الدّين بالكليّة أو صرف جميع ماله في الشهوات لما يأتي من استحقاقه حدّ المرتد أو انّه اشتغل بالدنيا عن الدين بالكليّة أو صرف جميع ما له في الشهوات فمنع الحقوق والزكوات لقوله فيما يأتي فما واساهم وكل ذلك موجب للارتداد على وجه أو متابعة الكفّار في طرائقهم.

ولبس من نالة دهقانه: بالكسر والضم القوى على التصرّف والتاجر ورئيس الإقليم فارسي معرّب، وزعيم فلاحي العجم والمناسب هنا كون المراد به التاجر وغيره ممكن أيضا فيكون المراد انّ ملبوسه غصب.

منسوجه، وتضمّخ: أي تلطّخ بالطيب ودهن جسده به حتّى كأنّه يقطر منه.

بمسك هذه النوافج: جمع نافجة وهي وعاء المسك فارسي معرّب.

صباحه، وتبخر بعود الهند رواحه: أي آخر النهار.

وحوله ريحان: وهو نبت معروف.

حديقة: وهي الروضة ذات الشجر والبستان من النخل والشجر أو كل ما أحاط به البناء والقطعة من النخل.

يشم تفاحه: وقد مُدّ له مفروشات الروم على سريرة.

تعسًا له: دعا عليه بالتعس وهو الهلاك والعثار والسقوط والشر والبعد والانحطاط.

بعدما ناهز: أي قارب السبعين من عمره وحوله شيخ يدبّ على أرضه أي يمشى على هنيئة مشيا ضعيفا.

من هرمه: وهو أقصى الكبر.

وذو يتمة: أي الانفراد أو فقدان الأب أي يتيم.

تضوّر: أي يتضرّر ويتلوّى من ألم الجوع.

من ضرّه ومن قرمه: محرّكة أي شهوة اللحم وكثر استعماله أيضا حتى في الشوق الى الحبيب.

فما وساهم: أي فما أنالهم ولا أعطاهم من ماله شيئا وضمير الجمع باعتبار انّ المراد بالشيخ واليتيم غير معيّن فيصدق كل منهما على أفراد متعدّدة أو إطلاق للجمع على اثنين مجازًا على الأصح.

بفاضلات من علقمه: أي مأكله الرديء العاقبة السريع الفناء وقد مرّ تفسير العلقم وهو هنا مجازًا كما قلنا.

لئن أمكنني الله منه لأخضمنّه: الخضم الأكل بأقصى الأضراس أو ملؤ الفم بالمأكول أو خاص بالشي‌ء الرطب كالقثّاء.

خضم البر: بالضم الحنطة.

ولأقيمنَّ عليه حد المرتد: لاتباعه الكفّار كما مرّ أو لاستحلال تركه الضروريّات من الواجبات.

ولأضربنه الثمانين بعد حدّ: لعلّه على وجه حدّ التعزير بما اقتضاه نظره (عليه‌ السلام) أو لعلمه بإتيانه بموجب الحد والتعزير ويكونان مقدّمين على القتل كما تقرّر.

ولأسدنَّ من جهله كلَّ مسد: بإقامة الحجّة والبرهان أو حبسه أو قتله.

تعسًا له: دعا عليه وقد مرّ تفسيره.

أفلا شعر أفلا صوف أفلا وبر أفلا رغيف قفار : أي غير مأدوم.

الليل إفطار مقدّم: أي يقدمّه ذخيرة لآخرته.

أفلا عبرة: أي دمعة.

على خدٍّ في ظلمة ليل تنحدر : أي تتساقط بسرعة.

ولو كان مؤمنًا لاتسقت: أي انتظمت وتمّت له الحجّة إذ ضيّع ما لا يملك: أي أنفق ما لا يجوز له إنفاقه شرعا أو غصب أموال الناس وأنفقها وأتلفها.

والله لقد رأيت عقيلا أخي وقد أملق: أي افتقر.

حتّى استماحني: أي سألني أن أعطيه.

من برّكم هذا صاعًا وعاودني في عشر وسق: وهو ستة أصواع ـ وفي رواية أخرى: في صاع. من شعيركم يطمعه جياعه.

ويكاد يلوى: أي يطوي كما في نسخة أخرى.

ثالث أيّامه خامصًا: أي جائعًا.

ما استطاعه: أي بقدر قدرته من الاستماحة والمعاودة أو من الجوع.

ورأيت أطفاله شعث الألوان: أي قد تغيّرت وجوههم واغبرّت من ضرّهم كأنّما اشمأزّت وجوههم: أي انقبضت واقشعرّت.

من قرّهم: بضم القاف أي من بردهم.

فلمّا عاودني في قوله وكرّره أصغيت اليه سمعي: أي ملت اليه بأذني.

فغرّه: من الغرور، ولعلّ وجه الإصغاء الثاني رجاء الانزجار اختبارًا منه.

وظنّني أُوبغ ديني: بالباء الموحّدة والغين المعجّمة يقال: وبغه كوعده عابه أو طعن عليه والوبغ محرّكة داء يأخذ الإبل فيرى فساده في أوبارها. ويقال: وثغ رأسه بالثاء المثلثة أي شدخه. والنسخ هنا مختلفة.

فأتبع ما سرّه، فأحميت له حديدة كير: وهو زق ينفخ فيه الحدّاد.

لينزجر: أي ليمتنع. إذ لا يستطيع منها دنوًا ولا يصطبر.

فضجّ: أي صاح وجزع.

من ألمه: لعلّ المراد به ألم الخوف من الإحراق إذ لم يعلم أنّه أحرقه بالفعل بل ورد أنّه أدناها من جسمه وكأنّه خوّفه تخويفا فظنّ انّه يريد إحراقه ويمكن ان يكون أوصلها إلى جسمه فالألم ألم الإحراق ووجهه انّه لم يكن ازالة المنكر الا بذلك ولا ريب انّه لم يقدر في ذلك الوقت على إيصاله ما طلب على وجه شرعيّ.

ضجيج ذي الم يأن: أي يتأوّه.

من سقمه، وكاد يسبّني سفهًا من كظمه: يقال كظم الغيظ أي ردّه وحبسه ويقال: رجل كظم ومكظوم أي مكروب والثاني أقرب وأنسب لتعليل قرب السبب والأول لتعليل عدمه وتركه المفهوم من المقاربة.

ولحرقة في لظى: أي جهنّم.

أضنى له: يقال ضني أي مرض مرضا مخامرا كلّما ظنّ برؤه نكس وأضناه المرض.

من عدمه: وهو ضد الوجود.

فقلت له: ثكلتك الثواكل: الثكل فقدان الحبيب أو الولد وامرأة ثاكل فقدت ولدها.

يا عقيل، أتأنّ من حديدة أحماها إنسانها لدعبه: أي لمزاحه ولعبة وفهم من هذا انّه لم يرد إحراقه فضلا عن أن يكون فعله.

وتجرّني الى نار سجّرها: أي أحماها.

جبّارها لغضبه أتانّ من الأذى: أي أذى حرارة النار، فاللام للعهد.

ولا أئنّ من لظى والله لو سقطت المكافاة عن الأمم وتركت في مضاجعها: أي مراقدها يعني القبور.

باليات في الرمم: جمع رمّة بالكسرة وهي العظام البالية أي في جملة الرمم أو في رمم القبور.

لاستحييت من مقت رقيب: أي بعض مراقب.

يكشف فاضحات من الأوزار تنسخ: أي تكتب في الصحائف وقتا بعد وقت.

فصبرا على دنيا تمر بلأوائها: أي بشدّتها.

كليلة بأحلامها: وهي ما يرى في النوم.

تسلخ: أي تمضي، يعني أنّ أحوال الدنيا مع انّها كلّها أو أكثرها شدّة تنقضي كما تنقضي ليلة بأحلامها.

كم بين نفس بين خيامها ناعمة: أي متنعّمة في خفض ودعة.

وبين أثيم: أي صاحب إثم وذنب عظيم.

في جحيم يصطرخ: أي يصيح صياحا شديدا.

فلا تعجب من هذا، وأعجب بلا صنع منّا، وفي نسخة: بلا منع منّا: يقال: هو صنعي وصنيعي أي اصطنعته ورتّبته وخرّجته. والصنع التكلّف في حسن السمت والتزيّن والمصانعة الرشوة والمداراة والمداهنة. والصنع بالضم فعل المعروف. وبالفتح والضم مطلق العمل. ويمكن توجيه العبارة بكل واحد من هذه المعاني وأكثرها.

والمنع معروف، وكان مراده (عليه‌ السلام) بلا منع منّا من عوض الهدية يعني الباعث على عدم القبول ليس ارادة المنع من العوض أو بلا منع منّا من القبول أي ليس تركه اقتراحا لمجرّد المنع أو بلا منع من الإهداء أو من التعجّب يعني انّه رخّص للسامع في بلوغ غاية التعجّب.

من طارق طرقنا: أي أتانا ليلاً أو مطلقًا.

بملفوفات زمّلها في إنائها: التزميل الإخفاء واللف في الثوب وتزمّل تلفّف. والإناء: الوعاء، والمراد نوع من الحلواء الجيّدة.

ومعجونة بسطها في وعائها فقلت له: أصدقه أم نذر أم زكاة وكل ذلك محرّم علينا أهل البيت: لعلّ هذا الحكم مختص بهم لا عام في جميع بني هاشم والا فالحكم فيهم مخصوص ببعض الأقسام ويمكن إرادة الصدقة الواجبة التي هي الزكاة وذكرهما للمغايرة اللفظيّة أو في اعتقاد المخاطب وربّما يفهم من قوله لإذا أو ذاك انهما قسمان لا غير. ويحتمل كون التحريم بمعنى انّهم حرّموه على أنفسهم أي حرّموها إيّاه فالتحريم مجاز بمعنى الحرمان وانّما فعلوا ذلك زهدا ودفعا لتهمة الطمع والرشوة وتأديبا للحكام.

وعوّضنا منه خمس ذوي القربى: وهو سهم الله وسهم الرسول وسهم ذي القربى أعني نصف الخمس.

في الكتاب والسنّة فقال لي؟ لا ذاك ولا ذاك ولكنّه هديّة.

فقلت ثكلتك الثواكل: تقدّم تفسيره.

أعن دين الله تخدعني: يُقال خدعه كمنعه خدعا، ويكسر: ختله. وأراد به المكروه من حيث لا يعلم.

بمعجونة غرّقتموها: أي جعلتموها غارقة مغمورة.

بقندكم: وهو عسل قصب السكر إذا جمد.

وخبيصة صفراء: من خبصه يخبصه أي خلطه.

أتيتموني بها بعصير تمركم: يحتمل ارادة العصير المحرّم أو الأعم وان كان ارادة المحال أقرب فإنّ الظاهر انّه انّما تركها لكراهة التلذّذ والنعم بالمآكل الطيّبة ولما يأتي من ذكر العصيان ربّما أشار الى الأول.

أمختبط أنت: يقال: اختبطه الشيطان وتخبّطه إذا مسّه بأذى.

أم ذو جنّة: أي جنون.

أم تهجر؟ : أي تهذي.

أليست النفوس عن مثقال حبّة من خردل: وهو حب شجر معروف.

مسؤولة؟ فماذا أقول في معجونة أتزقّمها: أي التقمها وابتلعها والزقّوم طعام أهل النّار ولعلّ فيه إشارة اليه معمولة.

والله لو أعطيت الأقاليم السبعة بما تحت أفلاكها، واسترقّ لي: أي صار ملكًا.

قطّانها: أي سكّانها.

مذعنة: أي مقرّة معترفة.

بأملاكها، على أن أعصي الله في نملة أسلبها شعيرة فألوكها: اللوك أهون المضغ أو مضغ صلب أو علك الشي‌ء.

ما قبلت ولا أردت، ولدنياكم أهون عندي من ورقة في فم جرادة تقضمها: يقال: قضمه كسمع أكل بأطراف أسنانه أو أكل يابسًا.

وأقذر عندي من عراقة خنزير: العرق اللحم بعظمه فإذا أكل لحمه فعراق أو كلاهما لكليهما وكغراب وغرابة القطعة من المأكل.

يقذف بها أجذمها، وأمرّ على فؤادي من حنظلة يلوكها: تقدّم تفسيرها.

ذو سقم فيشمّها. فكيف أقبل ملفوفات عكمتها: أي شددتها بثوب.

في طيّها ومعجونة كأنّما عجنت بريق حيّة أو قيئها: هذا الوصف لزيادة التفسير منها والتقبيح لها ووجهه ما فيها من الأخطار والتبعات والشبهات المهلكة كالسم القاتل.

اللهمّ إنّي نفرت منها نفار المهرة: وهي الأنثى من ولد الفرس وأول ما تنتج.

من راكبها وفي نسخة من كيّها: وهو أبلغ في شدّة النفار.

أُريه السها ويريني القمر: السها كوكب خفي في بنات نعش الصغرى وهذا مثل لطيف يعني أريه الآخرة ويريني الدنيا. فالآخرة أمر خفي لاحتياجها الى الفكر والاستدلال وكونها غائبة لا تدرك بالحس الظاهر، والدنيا ظاهرة مشاهدة بالعيان لا تحتاج الى برهان. أو المراد انّه يريني الظواهر الواضحة من الواجبات والمحرّمات ويدّعي انّ ملاحظة ذلك كافٍ. وأريه الأمور المخفيّة في المندوبات والمكروهات والآداب والفضائل كترك الدنيا وغير ذلك.

أأمتنع من وبرة: واحدة الوبر وهو صوف الإبل والأرانب ونحوها.

من قلوصها: وهي من الإبل الشابّة أو الباقية على السير أو أول ما يركب من إناثها.

ساقطة: صفة الوبرة وهو إشارة إلى تحقيرها وعدم الاعتداد بها وعدم المبالاة بمن يأخذها.

وابتلع إبلاً في مبركها رابطة؟: أي باركة يعني أنّي امتنع من إعطاء صاع واحد لأخي مع شدّة احتياجه أو من أكل حلوى أهديت إليّ مع ميلي إليها طبعا فإنّ المؤمن حلو كما ورد في الخبر أو من لبس ما زاد على المدرعة وأكل ما زاد على خبز الشعير فكيف أميل إلى الدنيا وأظلم اليتيم وغيره وأتساهل في ديني.

أدبيب العقارب: وهو سريان سمعها وأذاها في البدن أو مشيها الخفيّ لتؤذي الإنسان.

من وكرها التقط؟: الوكر عش الطائر وكأنَّ المراد به مكان العقارب توسعًّا ويظهر من هذا انّ لفظ دبيب فعيل بمعنى فاعل أي العقارب التي تدب.

أم قواتل الرقش: من إضافة الصفة إلى الموصوف والرقش جمع رقشاء وهي الحيّة المنقّطة بسواد وبياض.

في مبيتي أرتبط؟ فدعوني اكتفي من دنياكم بملحي وأقراصي، فبتقوى الله أرجو خلاصي ما لعلي ونعيم يفنى، ولذّة تنتجها المعاصي سألقى وشيعتي: أيّ مَن شايعني وتابعني في الزهد أو مَن اعتقد امامتي.

ربنا بعيون ساهرة وبطون خماص: أي خالية وهو من الجوع أو الصوم.

{لِيُمَحِّصَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكافِرِينَ}: يُقال محّص الذهب بالنار: خلّصه ممّا يشوبه، ذكره صاحب القاموس. وكذا ما أوردته من تفسير الألفاظ الغريبة والظاهر انّ مراده أنّي انا وشيعتي مظلومون في الدنيا تاركون لها فنحن ممنوعون من بعضها تاركون للباقي بسبب نهي الله لنا عنه وانّ الله مكّن أعدائنا من منعنا من بعضها ونهانا عن الباقي ليمحّص.. إلخ مع إمكان التخصيص بكونه تعليلاً للترك وحده أو تعليلاً لتشديد أمر الدنيا وما فيها من الأذى لصاحبها والوبال لطالبها كما يفهم من مواضع في الخطبة، والله أعلم بمقاصد أوليائه.

 

__________________

(1) ص 620 ط: الإسلاميّة.

(2) حلية الأبرار للبحراني ص 352 ـ 357.

(3) منهاج الحق واليقين في تفضيل أمير المؤمنين (عليه السلام) على سائر الأنبياء والمرسلين تأليف ولي الله بن نعمة الله الحسينيّ الرضوي المخطوط في مكتبة صدّيقي العلّامة اللاجورديّ ص 48 وفّقنا الله لطبعه ونشره ومؤلّفه كان معاصرًا لوالد الشيخ البهائيّ العامليّ (ره) كما يظهر من كتاب كنز المطالب الذي ألّفه سنة 981 وهو صاحب مجمع البحرين في فضائل السبطين وقد جمع فيه الأدلة والبراهين على تفضيله من كتب الفريقين راجع الذريعة ج 23 ص 160.