تفسير {تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل امر}
المؤلف:
مركز نون للتأليف والترجمة
المصدر:
هدى القرآن
الجزء والصفحة:
ص150-152
2024-09-10
1375
قال تعالى:{تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ}:
تنزّل، أصله تتنزّل، فحذفت إحداهما للتخفيف، وهي من باب التفعّل. وباب التفعّل، للدلالة على التدريج. فعلى هذا معنى تنزّل الملائكة هو: النزول فوجاً بعد فوج. وما يستفاد من موارد استعماله أنّه للاستمرار، وأمّا التدريج فإنّه ربّما يلازم الاستمرار. فعلى هذا تفيد {تَنَزَّلُ} معنى الاستمرار، وأنّ نزول الملائكة مستمرّ في كلّ سنة، كما أنّ ليلة القدر في كلّ سنة.
روى ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال: "إذا كان ليلة القدر، تنزل الملائكة الذين هم سكّان سدرة المنتهى، ومنهم جبرائيل، فينزل جبرائيل عليه السلام ومعه ألوية، ينصب لواء منها على قبري، ولواء على بيت المقدس، ولواء في المسجد الحرام، ولواء على طور سيناء، ولا يدع فيها مؤمناً، ولا مؤمنة، إلا سلّم عليه، إلا مدمن الخمر، وآكل لحم الخنزير، والمتضمخ[1] بالزعفران"[2].
وروي أنّه قيل للإمام أبي جعفر (الباقر) عليه السلام: تعرفون ليلة القدر؟ فقال: "وكيف لا نعرف ليلة القدر! والملائكة يطوفون بنا فيها!"[3].
والظاهر من {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} هو الروح الذي من الأمر، قال تعالى: {قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي}[4].
والإذن في الشيء: الرخصة فيه، وهو إعلام عدم المانع منه.
و "مِنْ" في قوله: {مِّن كُلِّ أَمْرٍ}، قيل فيها معانٍ:
- أنّها بمعنى الباء.
- أنّها لابتداء الغاية، وتفيد السببيّة، أي بسبب كلّ أمر إلهيّ.
- أنّها للتعليل بالغاية، أي لأجل تدبير كلّ أمر من الأمور.
والحقّ أنّ المراد بالأمر:
- إنْ كان هو الأمر الإلهيّ المفسّر بقوله {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ}[5]، فـ "من" للابتداء، وتفيد السببيّة، ومعنى الآية: تتنزّل الملائكة والروح فيليلة القدر بإذن ربّهم، مبتدء تنزّلهم صادراً من كلّ أمر إلهيّ.
- وإنْ كان هو الأمر من الأمور الكونيّة والحوادث الواقعة، فـ "من"، بمعنى اللام التعليلية، ومعنى الآية: تتنزّل الملائكة والروح في الليلة بإذن ربّهم، لأجل تدبير كلّ أمر من الأمور الكونيّة[6].
[1] التضمخ: التلطّخ بالطيب وغيره والإكثار منه.
[2] الطبرسي، مجمع البيان، م.س، ج10، ص408-409.
[3] القمي، تفسير القمي، م.س، ج2، ص431-432.
[4] سورة الإسراء، الآية 85.
[6] انظر: الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، م.س، ج20، ص332.
الاكثر قراءة في مقالات قرآنية
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة