النبي الأعظم محمد بن عبد الله
أسرة النبي (صلى الله عليه وآله)
آبائه
زوجاته واولاده
الولادة والنشأة
حاله قبل البعثة
حاله بعد البعثة
حاله بعد الهجرة
شهادة النبي وآخر الأيام
التراث النبوي الشريف
معجزاته
قضايا عامة
الإمام علي بن أبي طالب
الولادة والنشأة
مناقب أمير المؤمنين (عليه السّلام)
حياة الامام علي (عليه السّلام) و أحواله
حياته في زمن النبي (صلى الله عليه وآله)
حياته في عهد الخلفاء الثلاثة
بيعته و ماجرى في حكمه
أولاد الامام علي (عليه السلام) و زوجاته
شهادة أمير المؤمنين والأيام الأخيرة
التراث العلوي الشريف
قضايا عامة
السيدة فاطمة الزهراء
الولادة والنشأة
مناقبها
شهادتها والأيام الأخيرة
التراث الفاطمي الشريف
قضايا عامة
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الحسن (عليه السّلام)
التراث الحسني الشريف
صلح الامام الحسن (عليه السّلام)
أولاد الامام الحسن (عليه السلام) و زوجاته
شهادة الإمام الحسن والأيام الأخيرة
قضايا عامة
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الحسين (عليه السّلام)
الأحداث ما قبل عاشوراء
استشهاد الإمام الحسين (عليه السّلام) ويوم عاشوراء
الأحداث ما بعد عاشوراء
التراث الحسينيّ الشريف
قضايا عامة
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الولادة والنشأة
مناقب الإمام السجّاد (عليه السّلام)
شهادة الإمام السجّاد (عليه السّلام)
التراث السجّاديّ الشريف
قضايا عامة
الإمام محمد بن علي الباقر
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الباقر (عليه السلام)
شهادة الامام الباقر (عليه السلام)
التراث الباقريّ الشريف
قضايا عامة
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الصادق (عليه السلام)
شهادة الإمام الصادق (عليه السلام)
التراث الصادقيّ الشريف
قضايا عامة
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الكاظم (عليه السلام)
شهادة الإمام الكاظم (عليه السلام)
التراث الكاظميّ الشريف
قضايا عامة
الإمام علي بن موسى الرّضا
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الرضا (عليه السّلام)
موقفه السياسي وولاية العهد
شهادة الإمام الرضا والأيام الأخيرة
التراث الرضوي الشريف
قضايا عامة
الإمام محمد بن علي الجواد
الولادة والنشأة
مناقب الإمام محمد الجواد (عليه السّلام)
شهادة الإمام محمد الجواد (عليه السّلام)
التراث الجواديّ الشريف
قضايا عامة
الإمام علي بن محمد الهادي
الولادة والنشأة
مناقب الإمام علي الهادي (عليه السّلام)
شهادة الإمام علي الهادي (عليه السّلام)
التراث الهاديّ الشريف
قضايا عامة
الإمام الحسن بن علي العسكري
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الحسن العسكري (عليه السّلام)
شهادة الإمام الحسن العسكري (عليه السّلام)
التراث العسكري الشريف
قضايا عامة
الإمام محمد بن الحسن المهدي
الولادة والنشأة
خصائصه ومناقبه
الغيبة الصغرى
السفراء الاربعة
الغيبة الكبرى
علامات الظهور
تكاليف المؤمنين في الغيبة الكبرى
مشاهدة الإمام المهدي (ع)
الدولة المهدوية
قضايا عامة
النبي "ص" ووالده عبد الله ووالدته آمنة « عليهما السلام » ومولده المبارك
المؤلف: الشيخ علي الكوراني
المصدر: السيرة النبوية عند أهل البيت عليهم السلام
الجزء والصفحة: ج1، ص118-148
2024-09-08
436
1 . قلة الروايات عن والدي النبي ( ( صلى الله عليه وآله ) )
وسببه أن حكومات قريش قررت أن تنشر في المسلمين أن آباء النبي ( صلى الله عليه وآله ) وأسرته كلهم كفار ، ومنعت أن يروي المسلمون سيرتهم ومناقبهم .
وقد بينا في مقدمة هذه السيرة ، أن الحكومات تبنت سياسة إبادة كنوز السيرة وعلوم الإسلام ، وإحراق كتب شيعة أهل البيت « عليهم السلام » ، ويكفي مثالاً على ذلك : كُتب جابر بن يزيد الجعفي ، وكُتب أحمد ابن عقدة ، وكُتب سليمان الأعمش ، وهم علماء موثقون عندنا وعندهم ! فقد أحرقوها أو فقدت في أيام تشريدهم وتلاميذهم ! وقد بلغت مؤلفاتهم نحو أربع مئة ألف حديث ، أي مئتي مجلداً !
قال مسلم في مقدمة صحيحه : 1 / 15 : « الجراح بن مليح يقول : سمعت جابراً يقول : عندي سبعون ألف حديث عن أبي جعفر « الباقر ( عليه السلام ) » عن النبي صلى عليه وسلم كلها » !
2 . تكريم خاص لوالدي النبي ( ( صلى الله عليه وآله ) ) وأسرته
في الكافي : 1 / 446 ، عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) قال : « نزل جبرئيل على النبي ( صلى الله عليه وآله ) فقال : يا محمد إن ربك يقرؤك السلام ويقول : إني قد حرمت النار على صلب أنزلك ، وبطن حملك ، وحجر كفلك ، فالصلب صلب أبيك عبد الله بن عبد المطلب ، والبطن الذي حملك فآمنة بنت وهب ، وأما حجر كفلك فحجر أبي طالب . وفي رواية ابن فضال : وفاطمة بنت أسد » .
وأضافت رواية الخصال / 293 : « وفي بيت آواك وهو عبد مناف بن عبد المطلب أبو طالب ، وفي أخ كان لك في الجاهلية . قيل : يا رسول الله من هذا الأخ ؟ فقال : كان أنسي وكنت أنسه ، وكان سخياً يطعم الطعام .
قال مصنف هذا الكتاب رضي الله عنه : اسم هذا الأخ الجلاس بن علقمة » .
أقول : هؤلاء كلهم من أهل الجنة « عليهم السلام » ، وهذه الشفاعة كرامة خاصة أهداها الله إلى نبيه ( صلى الله عليه وآله ) بتكريمهم من أجله ورفع درجتهم في الجنة . وليس معناها كما تخيل البعض أنهم بدونها من أهل النار .
3 . افتخر النبي ( ( صلى الله عليه وآله ) ) بأمه وجداته ( ( عليهم السلام ) )
وقد روى في الكافي : 5 / 50 افتخار النبي ( صلى الله عليه وآله ) بأمه وجداته ، قال الإمام الصادق ( عليه السلام ) : « أغار المشركون على سرح المدينة فنادى فيها مناد : يا سوء صباحاه ! فسمعها رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) في الخيل ، فركب فرسه في طلب العدو ، وكان أول أصحابه لحقه :
أبو قتادة على فرس له ، كان تحت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) سرج دفتاه ليف ليس فيه أشر ولا بطر ، فطلب العدو فلم يلقوا أحداً ، وتتابعت الخيل فقال أبو قتادة : يا رسول الله إن العدو قد انصرف ، فإن رأيت أن نستبق ؟ فقال : نعم ، فاستبقوا فخرج رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) سابقاً عليهم ، ثم أقبل عليهم فقال : أنا ابن العواتك من قريش ، إنه لهوَ الجواد البحر ، يعني فرسه » .
وقد افتخر بأمهاته ( صلى الله عليه وآله ) كما افتخر بجده عبد المطلب ( عليه السلام ) ، ولا يمكن أن يفتخر بمشركين أو مشركات من أهل النار .
وفسرالمحقق البحراني العواتك فقال في الحدائق : 22 / 356 : « جَمْعُ عاتكة وهي المرأة المجمرة بالطيب ، وكان هذا الاسم لثلاث نسوة من أمهاته ( صلى الله عليه وآله ) : إحداهن عاتكة بنت هلال ، أم عبد مناف بن قصي ، والثانية عاتكة بنت مرة بن هلال ، أم هاشم بن عبد مناف ، والثالثة عاتكة بنت الأوقص بن مرة بن هلال ،
أم وهب أبي آمنة أم النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، فالأولى من العواتك عمة الثانية ، والثانية عمة الثالثة . قيل : وبنو سليم كانوا يفتخرون بهذه الولادة . وقيل : العواتك في جدات النبي ( صلى الله عليه وآله ) تسع ، ثلاث من بني سليم وهن المذكورات ، والبواقي من غيرهم » .
4 . عبد الله والد النبي ( ( صلى الله عليه وآله ) ) من كبار أولياء الله
قال الفتال النيسابوي / 138 : « إعلم أن الطائفة المحقة قد اجتمعت على أن أبا طالب وعبد الله بن عبد المطلب وآمنة بنت وهب « عليهم السلام » ، كانوا مؤمنين » .
وقد ركزالأئمة « عليهم السلام » المكانة الدينية لعبد الله وآمنة وعبد المطلب رضي الله عنهم . قال داود الرقي وهو من كبار أصحاب الإمام الصادق ( عليه السلام ) « الكافي : 4 / 544 » : « دخلت على أبي عبد الله ( عليه السلام ) ولي على رجل مال قد خفت تَوَاهُ « ذهابه » فشكوت إليه ذلك ، فقال لي : إذا صرت بمكة فطف عن عبد المطلب طوافاً وصل ركعتين عنه ، وطُف عن أبي طالب طوافاً وصل عنه ركعتين ، وطف عن عبد الله طوافاً وصل عنه ركعتين ، وطف عن آمنة طوافاً وصل عنها ركعتين ، وطف عن فاطمة بنت أسد طوافاً وصل عنها ركعتين ، ثم ادع أن يرد عليك مالك .
قال ففعلت ذلك ثم خرجت من باب الصفا ، وإذا غريمي واقف يقول : يا داود حبستني ! تعال إقبض مالك » .
5 . تزوج والد النبي ( ( صلى الله عليه وآله ) ) وهو في سنّ السابعة عشرة
« قال محمد بن مسعود الكازروني في كتاب المنتقى : ولد عبد الله لأربع وعشرين سنة مضت من ملك كسرى أنوشروان ، فبلغ سبع عشرة سنة ثم تزوج آمنة ، فلما حملت برسول الله ( صلى الله عليه وآله ) توفي ، وذلك أن عبد الله بن عبد المطلب خرج إلى الشام في عير من عيرات قريش يحملون تجارات ، ففرغوا من تجاراتهم ثم انصرفوا ، فمروا بالمدينة وعبد الله بن عبد المطلب يومئذ مريض ، فقال : أتخلف عند أخوالي بني عدي بن النجار ، فأقام عندهم مريضاً شهراً ، ومضى أصحابه فقدموا مكة فسألهم عبد المطلب عن عبد الله ، فقالوا خلفناه عند أخواله بني عدي بن النجار وهو مريض ، فبعث إليه عبد المطلب أعظم ولده الحارث فوجده قد توفي في دار النابغة ، فرجع إلى أبيه فأخبره ، فوجد عليه عبد المطلب وإخوته وأخواته وجداً شديداً ، ورسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يومئذ حمل ، ولعبد الله يوم توفي خمس وعشرون سنة » .
بحار الأنوار : 15 / 124 .
ويؤيده ما تقدم عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) في أصحاب الفيل : « فدعا ولده عبد الله وإنه لغلام حين أيفع ، وعليه ذؤابه تضرب إلى عجزه ، فقال له : اذهب فداك أبي وأمي فَاعْلُ أبا قبيس ، وانظر ماذا ترى يجئ من البحر » .
وعام الفيل هو عام ولادة النبي ( صلى الله عليه وآله ) وهذا يعني أن أباه كان شاباً في أول شبابه ، فلا تصح رواية أنه كان ابن خمس وعشرين سنة أو ثلاثين . « فقال له : إذهب فداك أبي وأمي فاعلُ أبا قبيس وانظر ماذا ترى يجئ من البحر ؟ فنزل مسرعاً فقال : يا سيد النادي ، رأيت سحاباً من قِبل البحر مُقبلاً ، يُسْفِلُ تارةً ويرتفع أخرى ! إن قلت غيماً قلته وإن قلت جهاماً خلته ، يرتفع تارةً ، وينحدر أخرى !
فنادى عبد المطلب : يا معشر قريش ، أدخلوا منازلكم فقد أتاكم الله بالنصر » .
وقد كانت عادتهم التزويج المبكر ، ففي إكمال الدين / 196 : « لما بلغ عبد الله بن عبد المطلب زوجه عبد المطلب آمنة بنت وهب الزهري ، فلما تزوج بها حملت برسول الله ( صلى الله عليه وآله ) » .
وقال اليعقوبي : 2 / 9 : « وكان تزويج عبد الله بن عبد المطلب لآمنة بنت وهب بعد حفر زمزم بعشر سنين ، وقيل بضع عشرة سنة . وبين فداء عبد المطلب لابنه وبين تزويجه إياه سنة . . وكان بين تزويج أبي رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) لأمه وبين مولده على ما روى جعفر بن محمد عشرة أشهر ، وقال بعضهم سنة وثمانية أشهر » .
6 . خطب عبد المطلب لابنه عبد الله ، وخطب لنفسه
روى المؤرخون أن عبد المطلب رضي الله عنه خطب في مجلس واحد آمنة بنت وهب لابنه عبد الله رضي الله عنه ، وخطب لنفسه بنت عمها هالة بنت أهيب .
ففي تاريخ دمشق : 3 / 418 : « أن عبد المطلب خرج إلى اليمن فلقيه رجل من اليهود له علم ، فنظر إلى عبد المطلب فقال : أرني منك شيئين ، فقال عبد المطلب : وإني أريك ما لم يكن عورة ، فقال لا أريد العورة ، أريد أن أنظر إلى أنفك وإلى كفيك فقال : أنظر ، فقال له : أبسط كفيك فبسطهما فقال : أما في أحد كفيك ملك ، وأما أنفك فإن فيه النبوة ، ولا يتم ذلك إلا في بني زهرة ، هل لك في شاعة ؟ قال : لا . قال فتزوج في بني زهرة . قال : فلما رجع عبد المطلب تزوج هالة بنت وهيب ، وزوج عبد الله آمنة بنت وهب » .
قال الحاكم : 3 / 192 : « كانت في حجر عمها أهيب بن عبد مناف بن زهرة ، وإن عبد المطلب بن هاشم جاء بابنه عبد الله بن عبد المطلب أبي رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فتزوج عبد الله آمنة بنت وهب ، وتزوج عبد المطلب هالة بنت أهيب بن عبد مناف بن زهرة ، وهي أم حمزة بن عبد المطلب في مجلس واحد ، وكان » حمزة « قريب السن من رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وأخاه من الرضاعة » .
وروى ابن شاذان في الفضائل / 6 ، عن الواقدي أن عقيل بن أبي وقاص أجرى عقد قران عبد الله بآمنة « عليهما السلام » فقال لوهب : « يا أبا الوداح زوجتَ كريمتك آمنة من ابن سيدنا عبد المطلب على صداق أربعة آلاف درهم بيض هجرية جياد وخمس مائة مثقال ذهب أحمر ؟ قال : نعم . ثم قال : يا عبد الله قبلت بهذا الصداق يا أيها السيد الخاطب ، قال : نعم . ثم دعا لهما بالخير والكرامة ، ثم أمر وهب أن تقدم المائدة فقدمت مائدة خضرة ، فأتى من الطعام الحار والبارد والحلو والحامض فأكلوا وشربوا . قال ونثر عبد المطلب على ولده قيمة ألف درهم من النثار ، وكان متخذاً من مسك بنادق ، ومن عنبر ، ومن سكر ومن كافور . ونثر ذهب بقيمة ألف درهم عنبر » .
أقول : والرواية طويلة ، ذكرت أن عبد الله دخل بعروسه في ذلك اليوم ، ولا بد أن يكون المخاطب عم آمنة أهيب أخ وهب لأنه كان وليها ، وكان أبوها وهب توفي ، كما تقدم . على أن هذه الرواية ربما كانت موضوعة .
7 . حملت به أمه في منى في بيت أبيه عبد المطلب
في الكافي : 1 / 439 : « حملت به أمه في أيام التشريق ، عند الجمرة الوسطى ، وكانت في منزل عبد الله بن عبد المطلب » .
وقال السهيلي : 1 / 183 : « قال الزبير » بن بكار : « كان مولده في رمضان . وهذا القول موافق لقول من قال إن أمه حملت به في أيام التشريق . وذكروا أن الفيل جاء مكة في المحرم ، وأنه ولد بعد مجئ الفيل بخمسين يوماً . وهو الأكثر والأشهر » .
والمتفق عليه أن ولادته ( صلى الله عليه وآله ) في ربيع الأول ، فلا يمكن أن يكون حمله في أيام التشريق في ذي الحجة . ولعل سبب الاشتباه أن عرس عبد الله كان في بيت أبيه عبد المطلب في منى عند الجمرة ، وهو البيت الذي بايع فيه الأنصار بيعة العقبة ، فاشتبه الراوي وأضاف اليه الزمان ، وتصور أنه كان في أيام التشريق .
ويؤيد ما قلناه الرواياتُ التي ذكرت مكان الحمل به دون زمانه ، كقول الإمام الباقر ( عليه السلام ) « الكافي 4 / 209 » : « أراد أن يذبحه ، أي إسماعيل في الموضع الذي حملت أم رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) عند الجمرة الوسطى ، فلم يزل مضربهم يتوارثون به كابر عن كابر ، حتى كان آخر من ارتحل منه علي بن الحسين ( عليه السلام ) في شئ كان بين بني هاشم وبين بني أمية ، فارتحل فضرب بالعرين » .
8 . المرأة التي عرضت نفسها على عبد الله
رووا أن كاهنةً رأت النور في غرة والد النبي ( صلى الله عليه وآله ) فطلبت منه أن يتزوجها لتحمل منه ، ولعله خبر صحيح لأن توقع ولادة النبي الموعود كان منتشراً .
قال الطبري : 2 / 6 : « خرج عبد المطلب بعبد الله ليزوجه ومر به على كاهنة من خثعم يقال لها فاطمة بنت مُر ، متهودة من أهل تُبالة ، قد قرأت الكتب ، فرأت في وجهه نوراً ، فقالت له : يا فتى هل لك أن تقع عليَّ الآن وأعطيك مائة من الإبل . . فمضى به فزوجه آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة » .
وقال ابن سعد : 1 / 95 : « المرأة التي عرضت نفسها على عبد الله بن عبد المطلب : وقد اختلف علينا فيها ، فمنهم من يقول كانت قتيلة بنت نوفل بن أسد بن عبد العزى بن قصي أخت ورقة بن نوفل . . وكانت تنظر وتعتاف » تتفرس « فمر بها عبد الله بن عبد المطلب فدعته يستبضع منها ، ولزمت طرف ثوبه ، فأبى . . ومنهم من يقول كانت فاطمة بنت مُرّ الخثعمية » .
وقال في الروض الأنف : 1 / 178 : « وفي غريب ابن قتيبة : أن التي عرضت نفسها عليه هي : ليلى العدوية » .
9 . توفي عبد الله في المدينة وهو شاب
قال ابن سعد : 1 / 99 : « خرج عبد الله بن عبد المطلب إلى الشام إلى غزة ، في عير من عيرات قريش يحملون تجارات ، ففرغوا من تجاراتهم ثم انصرفوا ، فمروا بالمدينة وعبد الله بن عبد المطلب يومئذ مريض ، فقال : أنا أتخلف عند أخوالي بني عدي بن النجار ، فأقام عندهم مريضاً شهراً ، ومضى أصحابه فقدموا مكة فسألهم عبد المطلب عن عبد الله فقالوا : خلفناه عند أخواله بني عدي بن النجار وهو مريض فبعث إليه عبد المطلب أكبر ولده الحارث فوجده قد توفي ، ودفن في دار النابغة وهو رجل من بني عدي بن النجار في الدار التي إذا دخلتها فالدويرة عن يسارك ، وأخبره أخواله بمرضه وبقيامهم عليه وما ولوا من أمره ، وأنهم قبروه . فرجع إلى أبيه فأخبره فَوَجَدَ عليه عبد المطلب وإخوته وأخواته وَجْداً شديداً » . وفي رواية أن أباه عبد المطلب أرسله إلى المدينة ليمتار لهم تمراً .
10 . ما ورثه النبي ( ( صلى الله عليه وآله ) ) من أبيه وأمه « عليهما السلام »
قال البلاذري في أنساب الأشراف : 1 / 96 : « ورث رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) من أبيه أم أيمن واسمها بركة فأعتقها ، وخمسة أجمال أوارك « تأكل الأراك » وقطعة غنم ، وسيفاً مأثوراً وورقاً « سيفاً قديماً ونقداً » فكانت أم أيمن تحضنه ويسميها أمي . وقال بعض الرواة : ورث أم أيمن من أمه ، فأعتقها » .
وورث النبي عن أبيه غلامه شَقْران الذي شارك في تجهيزه . تاريخ دمشق : 4 / 271 .
11 . آمنة بنت وهب من كرائم العرب
قال الطبري : 2 / 5 : « فخرج به عبد المطلب حتى أتى به وهب بن عبد مناف بن زهرة ، ووهب يومئذ سيد بني زهرة سناً وشرفاً ، فزوجه آمنة بنت وهب ، وهي يومئذ أفضل امرأة في قريش نسباً وموضعاً ، وهي لِبَرَّة بنت عبد العزى » .
وتقدم في رواية الصدوق « رحمه الله » « كمال الدين / 176 » أن سيف بن ذي يزن كان يتوقع ظهور النبي ( صلى الله عليه وآله ) وأنه قال لعبد المطلب : « هذا حينه الذي يولد فيه أو قد ولد فيه ، اسمه محمد ، يموت أبوه وأمه ويكلفه جده وعمه ، وقد ولد سراراً والله باعثه جهاراً ، وجاعل له منا أنصاراً ، ليعز بهم أولياؤه ، ويذل بهم أعداءه . . فهل أحسست شيئاً مما ذكرته ؟ فقال : كان لي ابن وكنت به معجباً وعليه رفيقاً ، فزوجته بكريمة من كرائم قومي ، اسمها آمنة بنت وهب ، فجاءت بغلام سميته محمداً ، مات أبوه وأمه وكفلته أنا وعمه . فقال ابن ذي يزن : إن الذي قلتُ لك كما قلتُ لك ، فاحتفظ بابنك واحذر عليه اليهود ، فإنهم له أعداء » . والمنمق / 426 . راجع : الأخبار الطوال / 63 ، اليعقوبي : 1 / 165 و 2 / 9 ، الطبقات : 5 / 533 .
12 . تحدثت آمنة عن حملها برسول الله ( ( صلى الله عليه وآله ) )
قال الصدوق في كمال الدين / 196 : « لما بلغ عبد الله بن عبد المطلب زوجه عبد المطلب آمنة بنت وهب الزهري ، فلما تزوج بها حملت برسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، فروي عنها أنها قالت : لما حملت به لم أشعر بالحمل ولم يصبني ما يصيب النساء من ثقل الحمل ، فرأيت في نومي كأن آت أتاني فقال لي : قد حملت بخير الأنام ، فلما حان وقت الولادة خف علي ذلك حتى وضعته ، وهو يتقي الأرض بيده وركبتيه ، وسمعت قائلاً يقول : وضعت خير البشرفعوذيه بالواحد الصمد من شر كل باغ وحاسد . فولد رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) عام الفيل لاثنتي عشرة ليلة مضت من ربيع الأول يوم الاثنين . فقالت آمنة : لما سقط إلى الأرض اتقى الأرض بيديه وركبتيه ورفع رأسه إلى السماء ، وخرج مني نور أضاء ما بين السماء والأرض .
ورُميت الشياطين بالنجوم وحجبوا عن السماء ، ورأت قريش الشهب والنجوم تسير في السماء ففزعوا لذلك وقالوا : هذا قيام الساعة ، فاجتمعوا إلى الوليد بن المغيرة فأخبروه بذلك ، وكان شيخاً كبيراً مجرباً فقال : أنظروا إلى هذه النجوم التي تهتدوا بها في البر والبحر ، فإن كانت قد زالت فهو قيام الساعة وإن كانت هذه ثابته فهو لأمر قد حدث .
وأبصرت الشياطين ذلك فاجتمعوا إلى إبليس فأخبروه أنهم قد منعوا من السماء ورموا بالشهب ، فقال : أطلبوا فإن أمراً قد حدث ، فجالوا في الدنيا ورجعوا وقالوا : لم نر شيئاً ، فقال : أنا لهذا ، فخرق ما بين المشرق والمغرب فلما انتهى إلى الحرم وجد الحرم محفوفاً بالملائكة ، فلما أراد أن يدخل صاح به جبرئيل ( عليه السلام ) فقال : إخسأ يا ملعون ، فجاء من قبل حراء فصار مثل الصُّرد [ العصفور ] قال : يا جبرئيل ما هذا ؟ قال : هذا نبي قد ولد وهو خير الأنبياء ، قال : هل لي فيه نصيب ؟ قال : لا ، قال : ففي أمته ؟ قال : بلى ، قال : قد رضيت » .
وفي الكافي : 1 / 454 و 8 / 302 عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) قال : « كان حيث طَلَقَتْ آمنة بنت وهب وأخذها المخاض بالنبي ( صلى الله عليه وآله ) حضرتها فاطمة بنت أسد امرأة أبي طالب فلم تزل معها حتى وضعت . لما ولد رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فُتح لآمنة بياض فارس وقصور الشام ، فقالت إحداهما للأخرى : هل ترين ما أرى ؟ فقالت : وما ترين ؟ قالت : هذا النور الذي قد سطع ما بين المشرق والمغرب ! فبينما هما كذلك إذا دخل عليهما أبو طالب فقال لهما : ما لكما من أي شئ تعجبان ؟ فأخبرته فاطمة بالنور الذي قد رأت ، فقال لها أبو طالب : ألا أبشرك ؟ فقالت : بلى ، فقال : أما إنك ستلدين غلاماً يكون وصي هذا المولود » .
وفي الكافي : 1 / 452 : « إصبري سبتاً أبشرك بمثله إلا النبوة ، وقال : السبت ثلاثون سنة . وكان بين رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وأميرالمؤمنين ( عليه السلام ) ثلاثون سنة » .
يدل هذا على أن أبا طالب وعبد المطلب يعلمان بنبوة النبي ( صلى الله عليه وآله ) وإمامة علي ( عليه السلام ) .
13 . وُلِد رسول الله ( ( صلى الله عليه وآله ) ) يوم الجمعة
قال رواة السلطة إن النبي ( صلى الله عليه وآله ) ولد يوم الاثنين ، وقال أهل البيت « عليهم السلام » : وُلِد يوم الجمعة فجراً ، ففي قرب الإسناد / 299 ، عن علي بن جعفر قال : « جاء رجل إلى أخي « موسى بن جعفر ( عليه السلام ) » فقال له : جعلت فداك ، إني أريد الخروج فادع لي . قال : ومتى تخرج ؟ قال : يوم الاثنين . فقال له : ولمَ تخرج يوم الاثنين ؟ قال : أطلب فيه البركة ، لأن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وُلد يوم الاثنين . فقال : كذبوا ! وُلد رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يوم الجمعة ، وما من يوم أعظم شؤماً من يوم الاثنين ، يوم مات فيه رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وانقطع فيه وحي السماء ، وظُلمنا فيه حقنا !
ألا أدلك على يوم سَهْلٍ ألانَ الله تبارك وتعالى لداود فيه الحديد ؟ فقال الرجل : بلى جعلت فداك . قال : أخرج يوم الثلاثاء » .
وفي الحدائق الناضرة : 17 / 423 ملخصاً : « كان مولده بمكة في شعب أبي طالب يوم الجمعة بعد طلوع الفجر ، سابع عشر شهر ربيع الأول عام الفيل ، وهذا هو المشهور بين أصحابنا رضوان الله عليهم . وقيل لاثنتي عشرة مضت من الشهر ، وقيل اليوم العاشر منه ، وقيل الثاني . وبُعث ( صلى الله عليه وآله ) في اليوم السابع والعشرين من رجب ، وله أربعون سنة . وقُبض بالمدينة يوم الاثنين لليلتين بقيتا من صفر سنة عشر من الهجرة وهو ابن ثلاث وستين سنة . ونقل في الدروس قولاً بأنه قبض لاثنتي عشرة من شهر ربيع الأول ، واختاره الكليني . . وذكر جمع من أصحابنا منهم الشيخ في التهذيب والعلامة في المنتهى أنه قبض مسموماً » .
وقال الكليني في الكافي : 1 / 439 : « ولدته في شعب أبي طالب في دار محمد بن يوسف ، في الزاوية القصوى عن يسارك وأنت داخل الدار ، وقد أخرجت الخيزران ذلك البيت فصيرته مسجداً يصلي الناس فيه . . .
وتوفي أبوه عبد الله بن عبد المطلب بالمدينة عند أخواله وهو ابن شهرين ، وماتت أمه آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب وهو ابن أربع سنين ، ومات عبد المطلب وللنبي ( صلى الله عليه وآله ) نحو ثمان سنين ، وتزوج خديجة ، وهو ابن بضع وعشرين سنة » .
« الدار التي اشتراها محمد بن يوسف أخو الحجاج من ورثة عقيل بن أبي طالب بمائة ألف دينار ، ثم صيرتها الخيزران أم الرشيد مسجداً يصلي فيه الناس ويزورونه ويتبركون به ، وبقي على حالته تلك ، فلما أخذ الوهابيون مكة في عصرنا هذا هدموه ومنعوا من زيارته ! على عادتهم في المنع من التبرك بآثار الأنبياء والصالحين ، وجعلوه مربطاً للدواب » . أعيان الشيعة : 1 / 219 والصحيح : 2 / 68 .
أقول : اسم المكان شعب أبي طالب « رحمه الله » ، أو شعب بني هاشم ، ويسمونه الآن شِعب علي ( عليه السلام ) ، وقد رأيتُه سنة 1961 ميلادية وكان واضح المعالم ، وفي يسار مدخله بيت عبد الله والد النبي ( صلى الله عليه وآله ) وهو مكان مولده الشريف ، وكان يومها مكتبة باسم : مكتبة مكة ، ثم أراد مشايخهم هدمه فمنعتهم الحكومة خوفاً من المسلمين ، فأبقوخالياً إلى يومنا هذا سنة 1438 ، ينتظرون فرصة لهدمه !
ورأيت يومها بيت أبي طالب « رحمه الله » داخل الشعب إلى اليمين ، في مكان مرتفع ، وقد جعلوه مدرسة باسم : مدرسة النجاح ، ثم أزالوه مع البيوت ، وأزالوا أكثر الجبلين اللذين يقع الشعب بينهما .
وفي الجهة الغربية مقابل شعب أبي طالب ، بيت خديجة « عليها السلام » وكان في سوق الليل أو سوق الذهب ، ويسمى : مولد فاطمة الزهراء « عليها السلام » ، وجعلوه مدرسة للبنات ، ثم أزالوه فيما أزالوا ، بل أمعنوا في أذاهم للنبي ( صلى الله عليه وآله ) فجعلوه مرافق !
فكأن لهؤلاء الوهابية عداوةً مع آثار النبي وآله الأطهار ( صلى الله عليه وآله ) فهم يبادرون إلى إزالتها حتى لو كانت مساجد أو مملوكة للناس ! لكنهم حافظوا على حصن عدو الإسلام اليهودي كعب بن الأشرف ، الذي حاول اغتيال النبي ( صلى الله عليه وآله ) وأبقوه بسوره وساحته وبئره ، وغرفه العشرة ، بعهدة بلدية المدينة المنورة ، جنب حديقة البلدية العامة ! وتجد صورته في شبكة النت !
14 . بعض الآيات الربانية عند ولادته ( ( صلى الله عليه وآله ) )
قال الإمام الباقر ( عليه السلام ) « الكافي : 8 / 300 » : « لما ولد النبي ( صلى الله عليه وآله ) جاء رجل من أهل الكتاب « الحاخام يوسف » إلى ملأ من قريش فيهم هشام بن المغيرة ، والوليد بن المغيرة ، والعاص بن هشام ، وأبو وجزة بن أبي عمرو بن أمية ، وعتبة بن ربيعة ، فقال : أوُلدَ فيكم مولودٌ الليلة ؟ فقالوا : لا ، قال : فولد إذاً بفلسطين غلام اسمه أحمد به شامة كلون الخزِّ الأدكن ، ويكون هلاك أهل الكتاب واليهود على يديه ، قد أخطاكم والله يا معشر قريش ! فتفرقوا وسألوا فأخبروا أنه ولد لعبد الله بن عبد المطلب غلام ، فطلبوا الرجل فلقوه فقالوا : إنه قد ولد فينا والله غلام ! قال : قبل أن أقول لكم أو بعدما قلت لكم ؟ قالوا : قبل أن تقول لنا ، قال : فانطلقوا بنا إليه حتى ننظر إليه ، فانطلقوا حتى أتوا أمه فقالوا : أخرجي ابنك حتى ننظر إليه ، فقالت : إن ابني والله لقد سقط وما سقط كما يسقط الصبيان ، لقد اتقى الأرض بيديه ورفع رأسه إلى السماء فنظر إليها ، ثم خرج منه نور حتى نظرت إلى قصور بصرى ، وسمعت هاتفاً في الجو يقول : لقد ولدته سيد الأمة ، فإذا وضعته فقولي : أعيذه بالواحد من شر كل حاسد ، وسميه محمداً ، قال : فأخرجيه ، فأخرجته فنظر إليه ثم قلبه ونظر إلى الشامة بين كتفيه فخرَّ مغشياً عليه ! فأخذوا الغلام فأدخلوه إلى أمه وقالوا : بارك الله لك فيه . فلما خرجوا أفاق فقالوا له : ما لك ويلك ؟ قال : ذهبت نبوة بني إسرائيل إلى يوم القيامة ، هذا والله من يُبيرهم ! ففرحت قريش بذلك ، فلما رآهم قد فرحوا قال : قد فرحتم ! أما والله ليسطون بكم سطوةً يتحدث بها أهل المشرق والمغرب » .
وفي أمالي الصدوق / 360 ، عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) قال : « كان إبليس لعنه الله يخترق السماوات السبع ، فلما ولد عيسى ( عليه السلام ) حجب عن ثلاث سماوات . وكان يخترق أربع سماوات ، فلما ولد رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) حجب عن السبع كلها ، ورميت الشياطين بالنجوم ، وقالت قريش : هذا قيام الساعة الذي كنا نسمع أهل الكتب يذكرونه ! وقال عمرو بن أمية ، وكان من أزجر أهل الجاهلية : أنظروا هذه النجوم التي يهتدى بها ، ويعرف بها أزمان الشتاء والصيف ، فإن كان رمي بها فهو هلاك كل شئ ، وإن كانت ثبتت ورمي بغيرها ، فهو أمر حدث !
وأصبحت الأصنام كلها صبيحة مولد النبي ( صلى الله عليه وآله ) ليس منها صنم إلاوهو منكبٌّ على وجهه ، وارتجس في تلك الليلة إيوان كسرى ، وسقطت منه أربعة عشر شرفة ، وغاضت بحيرة ساوة ، وفاض وادي السماوة ، وخمدت نيران فارس ، ولم تخمد قبل ذلك بألف عام ، ورأى المؤبذان « عالم المجوس » في تلك الليلة في المنام إبلاً صعاباً تقود خيلاً عراباً ، قد قطعت دجلة وانسربت في بلادهم ، وانقصم طاق الملك كسرى من وسطه ، وانخرقت عليه دجلة العوراء ، وانتشر في تلك الليلة نور من قبل الحجاز ، ثم استطار حتى بلغ المشرق ، ولم يبق سرير لملك من ملوك الدنيا إلا أصبح مُنكَّساً ، والملك مُخْرَسّاً لا يتكلم يومه ذلك .
وانتزع عِلْمُ الكهنة وبطل سحر السحرة ، ولم تبق كاهنة في العرب إلا حجبت عن صاحبها ، وعظمت قريش في العرب ، وسموا آل الله عز وجل . قال أبو عبد الله الصادق ( عليه السلام ) : إنما سموا آل الله عز وجل ، لأنهم في بيت الله الحرام . وقالت آمنة : إن ابني والله سقط فاتقى الأرض بيده ، ثم رفع رأسه إلى السماء فنظر إليها ، ثم خرج مني نور أضاء له كل شئ ، وسمعت في الضوء قائلاً يقول : إنك قد ولدت سيد الناس فسميه محمداً ، وأتيَ به عبد المطلب لينظر إليه وقد بلغه ما قالت أمه ، فأخذ فوضعه في حجره ، ثم قال :
الحمد لله الذي أعطاني * هذا الغلام الطيب الأردانِ
قد ساد في المهد على الغلمانِ
ثم عوذه بأركان الكعبة وقال فيه أشعاراً .
قال : وصاح إبليس لعنه الله في أبالسته فاجتمعوا إليه فقالوا : ما الذي أفزعك يا سيدنا ؟ فقال لهم : ويلكم ، لقد أنكرت السماء والأرض منذ الليلة ، لقد حدث في الأرض حدث عظيمٌ ما حدث مثله منذ رفع عيسى بن مريم ، فأخرجوا وانظروا ما هذا الحدث الذي قد حدث ، فافترقوا ثم اجتمعوا إليه فقالوا : ما وجدنا شيئاً !
فقال إبليس : أنا لهذا الأمر . ثم انغمس في الدنيا فجالها حتى انتهى إلى الحرم فوجد الحرم محفوفاً بالملائكة ، فذهب ليدخل فصاحوا به فرجع ، ثم صار مثل الصِّر وهو العصفور فدخل من قبل حراء فقال له جبرئيل : وراءك لعنك الله . فقال له : حرف أسألك عنه يا جبرئيل ، ما هذا الحدث الذي حدث منذ الليلة في الأرض ؟ فقال له : ولد محمد ( صلى الله عليه وآله ) ! فقال له : هل لي فيه نصيب ؟ قال : لا . قال : ففي أمته ؟ قال : نعم . قال : رضيت » .
وفي دعائم الإسلام : 2 / 142 في قوله تعالى في سورة الجن : وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا : « عن علي ( عليه السلام ) قال : كنا مع رسول الله ذات ليلة إذ رمي نجم فاستضاء ، فقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) للقوم : ما كنتم تقولون في وقت الجاهلية إذا رأيتم مثل هذا ؟ قالوا : كنا نقول : مات عظيم وولد عظيم ، فقال : فإنه لا يرمى بها لموت أحد ولا لحياة أحد ، ولكن ربنا إذا قضى أمراً سبَّح حملة العرش فقالوا : قضى ربنا بكذا ، فيسمع ذلك أهل السماء التي تليهم فيقولون ذلك حتى يبلغ ذلك أهل السماء الدنيا . فتسترق الشياطين السمع ، فربما اعتقلوا شيئاً فأتوا به الكهنة ، فيزيدون وينقصون ، فتخطئ الكهنة وتصيب .
ثم إن الله منع السماء بهذه النجوم فانقطعت الكهانة فلا كهانة ، وتلا قول الله عز وجل : إِلا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُبِينٌ . وقوله جل ثناؤه : وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَصَداً » .
15 . نَسَبٌ طاهرٌ شامخٌ إلى إبراهيم وآدم ( ( عليهم السلام ) )
في الصحيح : 2 / 63 : « هو أبو القاسم محمد ( صلى الله عليه وآله ) بن عبد الله ، بن عبد المطلب شيبة الحمد ، بن هاشم ، بن عبد مناف ، بن قصي ، بن كلاب ، بن مرة ، بن كعب ، بن لؤي ، بن غالب ، بن فهر ، بن مالك ، بن نضر ، بن كنانة ، بن خزيمة ، بن مدركة ، بن إلياس ، بن مضر ، بن نزار ، بن معد ، بن عدنان .
قالوا : إن هذا هو المتفق عليه من نسبه الشريف ، أما ما فوقه ففيه اختلاف كثير ، غير أن مما لا شك فيه هو أن نسب عدنان ينتهي إلى إسماعيل ( عليه السلام ) .
وروي أنه ( صلى الله عليه وآله ) قال : إذا بلغ نسبي إلى عدنان فأمسكوا » .
وفي نهاية الإرب في معرفة أنساب العرب : 1 / 10 : « أما عمود نسب النبي ( صلى الله عليه وآله ) فعلى ما ذكره ابن إسحاق في السيرة وتبعه عليه ابن هشام . . . ثم أكمل النسب فقال : بن عدنان ، بن أدد ، بن مقوم ، بن ناحور ، بن تارخ ، بن يعرب ، بن يشجب ، بن نابت ، بن إسماعيل ، بن إبراهيم ، بن تارخ وهو آزر ، بن تاخور بن شارخ ، بن أرغو ، بن فالغ ، بن عابر ، بن شالخ ، بن أرفخشد ، بن سام ، بن نوح ، بن لامك ، بن متوشلخ ، بن أخنوخ وهو إدريس ، بن يرد ، بن مهلائيل ، بن قنين ، بن يافت بن شيث ، بن آدم ( عليه السلام ) . والاتفاق على هذا النسب الشريف إلى عدنان . وفيما بعد عدنان إلى إسماعيل فيه خلاف كثير » .
وفي شعب الإيمان للبيهقي : 2 / 137 : « نسبة رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) صحيحة إلى عدنان ، وما وراء ذلك فليس فيه شئ يعتمد . . وذلك لاختلاف النسابين في ذلك ، منهم من يزيد ومنهم من ينقص ، ومنهم من يُغَيِّر » .
أقول : اتفق المؤرخون على أسماء أجداد النبي ( صلى الله عليه وآله ) إلى عدنان ، وهم واحد وعشرون جداً ، ثم ذكروا ثمانية أجداد إلى إبراهيم ( عليه السلام ) ، وسبعاً وعشرين جداً إلى آدم ( عليه السلام ) ، لكن هذا لا يتفق مع المدة التي رووها ، وهي 600 سنة إلى عيسى ( عليه السلام ) ، ثم 1270 سنة إلى موسى ( عليه السلام ) ، ثم 500 سنة إلى إبراهيم ( عليه السلام ) ، خاصة إذا افترضنا لكل ثلاثة آباء قرناً .
وقد بنوا كلامهم وكتبهم على رواية اليهود بأن عمر الأرض سبعة آلاف سنة ! وروى العياشي : 1 / 31 عن الصادق ( عليه السلام ) أن الله أسكن في الأرض الملائكة والجن قبل آدم ، وأنه قدر لآدم عشرة آلاف عام . لكنها ضعيفة لا يعتمد عليها .
وروي عن الإمام زين العابدين ( عليه السلام ) أنه قال لأبي حمزة الثمالي : « أتظن أن الله لم يخلق خلقاً سواكم ؟ بلى والله لقد خلق الله ألف ألف آدم ، وألف ألف عالم ، وأنت والله في آخر تلك العوالم » . مشارق أنوار اليقين / 60 .
وأقوال المؤرخين في عمر الإنسان على الأرض كلها ظنونٌ ليس فيها علم ولا اطمئنان ، وكذا قول علماء الطبيعة إن عمر الإنسان على الأرض ملايين السنين .
ومعنى قوله ( صلى الله عليه وآله ) : إذا بلغ نسبي إلى عدنان فأمسكوا ، أن ما بأيديكم بعد عدنان غيردقيق ، ولعل معناه أن معلوماتكم عن التاريخ خطأ ، وتصحيحها متشعب ولم يؤمر به النبي ( صلى الله عليه وآله ) ! راجع الإختصاص / 50 ، البحار : 54 / 86 ، ابن خلدون : 2 ق : 1 / 3 و 298 ، الحاكم : 2 / 598 ، كشف الخفاء : 2 / 314 ، تفسير الرازي : 19 / 179
وقصة الحضارة مجلد : 34 .
16 . رضاع النبي ( ( صلى الله عليه وآله ) ) من أمه آمنة ( عليها السلام )
أكثر المؤرخون والمحدثون من الرواية في رضاع النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، وضاعت الحقيقة لتفاوت مروياتهم ووجود المكذوب فيها . فقالوا : إن أمه لم ترضعه لأنها كانت قليلة اللبن ، أو أرضعته أياماً قليلة ، ثم أرضعته ثويبة أمة أبي لهب أياماً ، ثم جاءت حليمة ! وقصدهم بذلك مدح أبي لهب والطعن في أسرة النبي ( صلى الله عليه وآله ) ولذا قالوا : إن المرضعات زهدن فيه لأنه يتيم ، مع أنه جده عبد المطلب رئيس قريش والعرب ، ومطعم الحجيج ، والناس تتنافس للتعامل معه !
والصحيح أن أمه « عليها السلام » أرضعته مدة سنة أو أكثر ، ثم أعطته إلى حليمة لينشأ في باديتهم قرب الطائف ، كما كانت عادة أهل مكة .
قال الشهيد الثاني « رحمه الله » في شرح اللمعة : 5 / 165 والمسالك : 1 / 376 : « قال النبي ( صلى الله عليه وآله ) : أنا أفصح العرب بَيْدَ أني من قريش ونشأت في بني سعد ، وارتضعت من بني زهرة » . فافتخر بالرضاع كما افتخر بالنسب ، وهذه القبائل أفصح العرب .
وفي الإختصاص / 187 ، أن أعرابياً سأله : « يا رسول الله من أَدَّبَكَ ؟ قال : الله أدبني وأنا أفصح العرب ، بيد أني من قريش ، وربيت في حجرٍ من هوازن » .
ورواه من السنيين : النووي في المجموع : 18 / 227 ، ابن حجر في تلخيص الحبير : 4 / 13 والمهذب في فقه الشافعي للشيرازي : 3 / 145 .
فرضاعه الأول ( صلى الله عليه وآله ) من أمه آمنة بنت وهب « عليها السلام » هو الأصل والمؤثر في شخصيته . ورضاعه الثاني من حليمة تكميلٌ أو إضافة ! فقوله ( صلى الله عليه وآله ) : ارتضعت من بني زهرة ، معناه رضاعاً كاملاً عرفاً ، لمدة سنة ونحوها .
وتتعجب من كثرة روايتهم : « أنا أفصح من نطق بالضاد ، بيد أني من قريش واسترضعت في بني سعد » . وقلة روايتهم حديث رضاعه من أمه ( صلى الله عليه وآله ) ، وكذلك كثرة روايتهم افتخاره بنشأته في بني سعد ، كالذي رواه الطبراني في الكبير : 6 / 36 : « عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : أنا النبي لا كذب ، أنا بن عبد المطلب ، أنا أعرب العرب ، ولدتني قريش ونشأت في بني سعد بن بكر ، فأنى يأتيني اللحن » . والسيوطي في الصغير : 1 / 411 والخصائص : 1 / 63 والعجلوني : 1 / 206 وابن قتيبة في المعارف / 132 ، ابن منظور : 3 / 99 والفائق : 1 / 9 و 126 .
والظاهر أنه ( صلى الله عليه وآله ) كرر ذلك في مناسبات عديدة ، ليذعن العرب لنبوته ، ففي معاني الأخبار / 320 : « عن محمد بن إبراهيم التميمي قال : كنا عند رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فنشأت سحابة فقالوا : يا رسول الله هذه سحابة ناشئة . فقال : كيف ترون قواعدها ؟ قالوا : يا رسول الله ما أحسنها وأشد تمكنها ، قال : كيف ترون بواسقها ؟ قالوا : يا رسول الله ما أحسنها وأشد تراكمها . قال : كيف ترون جونها ؟ قالوا : يا رسول الله ما أحسنه وأشد سواده . قال : فكيف ترون رحاها ؟ قالوا : يا رسول الله ما أحسنها وأشد استدارتها . قال : فكيف ترون برقها أخفواً أم وميضاً أم يشق شقاً ؟ قالوا : يا رسول الله بل يشق شقاً ، فقال رسول الله : الحيا . فقالوا : يا رسول الله ما أفصحك ، وما رأينا الذي هو أفصح منك ! فقال : وما يمنعني من ذلك ، وبلساني نزل القرآن بلسان عربي مبين .
ثم روى الصدوق « رحمه الله » تفسيره عن أبي عبيد قال : « القواعد : هي أصولها المعترضة في آفاق السماء ، وأحسبها تشبه بقواعد البيت وهي حيطانه ، والواحدة قاعدة ، قال الله عز وجل : وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ القَوَاعِدَ مِنَ البَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ . وأما البواسق ففروعها المستطيلة إلى وسط السماء إلى الأفق الآخر ، وكذلك كل طويل فهو باسق ، قال الله عز وجل : وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ . والجُون هو الأسود اليحمومي وجمعه جُوَن . وأما قوله : فكيف ترون رحاها ، فإن رحاها استدارة السحابة في السماء ولهذا قيل : رحا الحرب ، وهو الموضع الذي يستدار فيه لها ، والخَفْوُ الاعتراض من البرق في نواحي الغيم وفيه لغتان ، ويقال : خفا البرق يخفو خفواً ويخفى خفياً . والوميض : أن يلمع قليلاً ثم يسكن ، وليس له اعتراض ، وأما الذي يشق شقاً فاستطالته في الجو إلى وسط السماء ، من غير أن يأخذ يميناً ولا شمالاً . قال مصنف هذا الكتاب : والحيا : المطر » .
17 . نشأته في البادية ورضاعه من حليمة
تناقضت روايتهم في كيفية أخذ حليمة له ومدة إرضاعها إياه ! ولم أجد ما يطمأن اليه في ذلك عن أئمة أهل البيت « عليهم السلام » ، والمؤكد أن عبد المطلب « رحمه الله » سلمه إلى زوجها الحارث السعدي ، فأخذه إلى منازلهم في بادية الطائف ، وأرضعته حليمة مدة من الزمن ، وأعادته إلى جده فأكرمهم .
ومن المقولات الكاذبة قولهم إنه ( صلى الله عليه وآله ) كان يتيماً فزهدت فيه المرضعات ، مع أنه حفيد عبد المطلب زعيم العرب ! وكذلك قولهم إن ثويبة أو ثويبية مولاة أبي لهب أرضعته ( صلى الله عليه وآله ) ! وغرضهم تخفيف العذاب عن أبي لهب « البخاري : 6 / 125 » لأنه حليف أعداء النبي ( صلى الله عليه وآله ) الذين حكموا من بعده !
وقال الكراجكي « رحمه الله » في كنز الفوائد / 72 : « وشرف الله تعالى حليمة بنت أبي ذؤيب السعدية برضاعه وخصها بتربيته ، وكانت ذات عقل وفضل ، فروت من آياته ما يبهر عقول السامعين ، وأغناها الله ببركته في الدنيا والدين ، وكان لا يرضع إلا من ثديها اليمين . قال ابن عباس : ألهم العدل حتى في رضاعه ، لأنه علم أن له شريكاً ، فناصفه عدلاً منه ( صلى الله عليه وآله ) ! قالت حليمة : ولم أر قط ما يُرى للأطفال ، طهارةً ونظافةً ، وإنما كان له وقت واحد ثم لا يعود إلى وقته من الغد ، وما كان شئ أبغض إليه من أن يرى جسده مكشوفاً ، فكنت إذا كشفته يصيح حتى أستر عليه . . وكان بنوسعيد يرون البركات بمقامه معهم وسكناه بينهم ، حتى أنهم كانوا إذا عرض لدوابهم بؤس أتوا بها إليه ليمسها بيده ، فيزول ما بها وتعود إلى أحسن حالها ! ولم يزل كذلك إلى أن ردته حليمة إلى أهله ، فاشتمل عليه جده عبد المطلب يحبوه التُّحف ويمنحه الطُّرف ، ويعد قريشاً به ويخبرهم بما يكون من حاله ، إلى أن دنت وفاته فوضعه في حجر أبي طالب وأوصاه به ، وأمره بحياطته ورعايته ، وعرفه ما يكون من أمره » .
وفي المناقب : 1 / 32 : « وروي عن حليمة أنه جلس محمد وهو ابن ثلاثة أشهر ، ولعب مع الصبيان وهو ابن تسعة ، وطلب مني أن يسير مع الغنم يرعى وهو ابن عشرة ، وناضل الغلمان بالنبل وهو ابن خمسة عشر ، وصارع الغلمان وهو ابن ثلاثين « شهراً » ثم رددته إلى جده » .
وحديث المناقب الآنف إنها أعادته وعمره ثلاثون شهراً أي سنتين ونصفاً . قريب من قول ابن الجوزي في عيون التاريخ : 1 / 18 : « ثم أرضعته حليمة بنت عبد الله السعدية ، وردته إلى أمه بعد سنتين وشهرين » .
لكن في رواية العدد القوية / 122 والمناقب : 1 / 149 عن كتاب العروس وتاريخ الطبري : « ثم أرضعته حليمة السعدية ، فلبث فيهم خمس سنين » .
وفي صفوة الصفوة / 27 : « وقال ابن قتيبة : لبث فيهم خمس سنين . . فكان عند أمه آمنة إلى أن بلغ ست سنين ، ثم خرجت به إلى المدينة إلى أخواله بني عدي بن النجار تزورهم به ومعها أم أيمن تحضنه فأقامت به عندهم شهراً ، ثم رجعت به إلى مكة ، فتوفيت بالأبواء ، فقبرها هنالك » .
وفي تاريخ الذهبي : 1 / 46 : « ثم أرضعته حليمة بنت أبي ذؤيب السعدية وأخذته معها إلى أرضها ، فأقام معها في بني سعد نحو أربع سنين ، ثم ردته إلى أمه » .
وروى ابن سعد أنها جاءت به بعد أربع سنين لما جاء الملكان وشقا صدره ، ثم عادت به فبقي سنة ! لكن خبر شق الصدر عندنا مكذوب . والمرجح عندنا : أن أمه ( صلى الله عليه وآله ) أرضعته سنة أو نحوها ، ثم أخذته حليمة السعدية فبقي عندها في بني سعد نحو أربع سنين . ويحتمل أن تكون حليمة في مدة وجوده عندها ، تأتي به إلى أمه فيبقى أياماً أو شهراً ، ثم تأخذه ، لأن مكان حليمة قرب الطائف وهو على بعد يومين أو أقل من مكة ، وهذه مسافة قريبة يومها .
18 . وفاؤه ( ( صلى الله عليه وآله ) ) لحليمة وأولادها
رويَ أن حليمة السعدية توفيت قبل هجرته ( صلى الله عليه وآله ) فبكى لها .
وفي الكافي : 2 / 161 عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) قال : « إن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) أتته أخت له من الرضاعة ، فلما نظر إليها سُرَّ بها وبسط ملحفته لها فأجلسها عليها ، ثم أقبل يحدثها ويضحك في وجهها ، ثم قامت وذهبت وجاء أخوها فلم يصنع به ما صنع بها ، فقيل له يا رسول الله صنعت بأخته ما لم تصنع به وهو رجل ؟ فقال : لأنها كانت أبرُّ بوالديها منه » .
وفي جواهر العقود : 2 / 161 : « روي أن وفد هوازن قدموا على النبي ( صلى الله عليه وآله ) فكلموه في سبي أوطاس : فقال رجل من بني سعد : يا محمد ، إنا لو كنا ملَّحْنَا للحارث بن
أبي شمر « أي أرضعنا لملك الشام » أو للنعمان بن المنذر « ملك الحيرة » ثم نزل منزلك هذا منا لحفظ ذلك لنا ، وأنت خير المكفولين فاحفظ ذلك . وإنما قالوا له ذلك لأن حليمة التي أرضعت النبي كانت من بني سعد » .
وفي البحار : 22 / 262 : « لم يكن لرسول الله ( صلى الله عليه وآله ) قرابة من جهة أمه إلا من الرضاعة فإن أمه آمنة بنت وهب لم يكن لها أخ ولا أخت . إلا أن بني زهرة يقولون : نحن أخواله لأن آمنة منهم ، ولم يكن لأبويه عبد الله وآمنة ولد غيره . . وكان له خالةٌ من الرضاعة يقال لها سلمى ، وهي أخت حليمة بنت أبي ذؤيب ، وله أخوان من الرضاعة عبد الله بن الحارث وأنيسة بن الحارث ، أبوهما الحارث بن عبد العزى بن سعد بن بكر بن هوزان » .
وسمتها الرواية الشيماء ، وسماها في الفضائل / 87 : حُرَّة ، وروى قصتها مع الحجاج ، قال : « لما وردت حرة بنت حليمة السعدية على الحجاج بن يوسف الثقفي فمثلت بين يديه قال لها : الله جاء بك ، فقد قيل عنك إنك تفضلين علياً على أبي بكر وعمر وعثمان ؟ ! فقالت : لقد كذب الذي قال إني أفضله على هؤلاء خاصة ؟ قال : وعلى من غير هؤلاء ؟ قالت : أفضله على آدم ونوح ولوط وإبراهيم وعلى موسى وداود وسليمان وعيسى بن مريم ! فقال لها : ويلك أقول لك إنك تفضلينه على الصحابة وتزيدين عليهم سبعة من الأنبياء من أولي العزم من الرسل ؟ إن لم تأت ببيان ما قلت وإلا ضربت عنقك ! فقالت : ما أنا مفضلته على هؤلاء الأنبياء ، ولكن الله عز وجل فضله عليهم في القرآن . . الخ . » .
أقول : لعل هذه ابنة الشيماء أخت النبي ( صلى الله عليه وآله ) من الرضاعة ، فلو كانت نفسها لكان عمرها في زمن الحجاج أكثر من مئة سنة !
هذا ، وقد رووا كثيراً من معجزاته ( صلى الله عليه وآله ) في رضاعه ونشأته في بني سعد ، وبعضها مقبول ، وأكثرها مرسل ، وبعضها مردود ، كحديث شق الصدر .
19 . زيارة النبي ( ( صلى الله عليه وآله ) ) قبري والديه عبد الله وآمنة ( ( صلى الله عليه وآله ) )
كان قبر عبد الله والد نبينا ( صلى الله عليه وآله ) في المدينة المنورة مزاراً إلى الأمس ، بناه المسلمون من قديم وآخرهم سلاطين مصر والدولة العثمانية ، وقد زرته في سنة 1964 وسنة 1965 ميلادية ، وكان بيتاً داخل سوق المدينة غربي المسجد ، وكانت واجهة بابه الخارجي وعتبته أحجاراً ، نقشت عليها كتيبة بالعربية والتركية . وقد أقفله مشايخ الوهابية يومها مقدمة لهدمه !
أما الآن فأزالوه ودخل مكانه في توسعة ساحة المسجد النبوي ، ولم يبق له أثر !
كما أن قبر والدته آمنة « عليها السلام » في الأبواء في طريق مكة ، كان مزاراً للأوفياء لنبيهم وأسرته ( صلى الله عليه وآله ) ، ويعرف مكانه اليوم باسم « الخريبة » في منطقة الفرع .
قال في مراصد الاطلاع : 1 / 19 : « الأبواء : قرية من أعمال الفرع من المدينة ، بينها وبين الجحفة مما يلي المدينة ثلاثة وعشرون ميلاً . وبالأبواء قبر آمنة أم النبي » .
وقد أفتى فقهاؤنا باستحباب زيارة قبروالديه ( صلى الله عليه وآله ) وهذا نص زيارة أمه آمنة « عليها السلام » :
« السلام عليك أيتها الطاهرة المطهرة ، السلام عليك يا من خصها الله بأعلى الشرف ، السلام عليك يا من سطع من جبينها نور سيد الأنبياء فأضاءت به الأرض والسماء . السلام عليك يا من نزلت لأجلها الملائكة وضربت لها حجب الجنة .
السلام عليك يا من نزلت لخدمتها الحور العين وسقنها من شراب الجنة وبشرنها بولادة خير الأنبياء . السلام عليك يا أم رسول الله ، السلام عليك يا أم حبيب الله . فهنيئاً لك بما آتاك الله من فضله ، والسلام عليك وعلى رسول الله
ورحمة الله وبركاته » .
وشذ الوهابية عن كافة المسلمين فحرموا زيارة قبر أم النبي « عليها السلام » وعاقبوا من زاره !
ثم طغوا وفجَّروا القبر بالديناميت !
وكتب عبد الحسين البصري في شبكة الموسوعة الشيعية : 28 / 3 / 2000 موضوعاً بعنوان « ديناميت السلفية » ! قال فيه :
« للتاريخ فقط ، ولتبقى صفحة سوداء في وجة خوارج العصر ، نؤرخ لحدث وقع أصاب كبد رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، ألا وهو تفجير قبر آمنه بنت وهب أم رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، الواقع في الأبواء وذلك في الثامن من مارس سنة 2000 ميلادي !
ألا لعنة الله على القوم الظالمين ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم » .
ثم كتب في رد مزاعم الوهابيين بأن زيارة قبر آمنة « عليها السلام » شرك بالله تعالى !
20 . ظلم المسلمين لنبيهم في والديه ( ( صلى الله عليه وآله ) ) !
قال الحموي في معجم البلدان : 1 / 79 : « وبالأبواء قبر آمنة بنت وهب أم النبي وكان السبب في دفنها هناك أن عبد الله والد رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) كان قد خرج إلى المدينة يمتار تمراً فمات بالمدينة ، فكانت زوجته آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب ، تخرج في كل عام إلى المدينة تزور قبره ، فلما أتى على رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ست سنين خرجت زائرة لقبره ومعها عبد المطلب وأم أيمن حاضنة رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فلما صارت بالأبواء منصرفةً إلى مكة ماتت بها ، ويقال إن أبا طالب زار أخواله بني النجار بالمدينة ، وحمل معه آمنة أم رسول الله ، فلما رجع منصرفاً إلى مكة ، ماتت آمنة بالأبواء » .
وقال ابن سعد : 1 / 116 : « فنزلت به في دار النابغة فأقامت به عندهم شهراً . فكان رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يذكر أموراً كانت في مقامه ذلك : لما نظر إلى أطَمِ بني عدي بن النجار عرفه وقال : كنت ألاعب أنيسة جارية من الأنصار على هذا الأطم ، وكنت مع غلمان من أخوالي نطيِّر طائراً كان يقع عليه . ونظر إلى الدار فقال : هاهنا نزلت بي أمي وفي هذه الدار قبر أبي عبد الله بن عبد المطلب ، وأحسنت العوم في بئر بني عدي بن النجار .
وكان قوم من اليهود يختلفون ينظرون إليه ، فقالت أم أيمن : فسمعت أحدهم يقول هو نبي هذه الأمة وهذه دار هجرته ، فوعيت ذلك كله من كلامه ،
ثم رجعت به أمه إلى مكة فلما كانوا بالأبواء توفيت آمنة بنت وهب فقبرها هناك ، فرجعت به أم أيمن على البعيرين اللذين قدموا عليهما مكة ، وكانت تحضنه مع أمه ثم بعد أن ماتت . فلما مرَّ رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) في عمرة الحديبية بالأبواء قال : إن الله قد أذن لمحمد في زيارة قبر أمه ، فأتاه رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فأصلحه وبكى عنده ، وبكى المسلمون لبكاء رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) » .
أقول : زعم أتباع مذاهب الخلافة أن والدة النبي ( صلى الله عليه وآله ) كافرة وأنها في جهنم ! وزعموا أنه استأذن ربه في زيارة قبرها وهو في طريقه إلى الحديبية فأذن له ، فبكى وأجهش بالبكاء طويلاً وأبكى المسلمين معه ، لكنه استأذن ربه أن يستغفر لها فلم يأذن له ، وأبقاها في نار جهنم والنبي ( صلى الله عليه وآله ) يرى عذابها !
ففي شرح مسند أبي حنيفة للقاري / 335 : « فمكث طويلاً ثم اشتد بكاؤه حتى ظننا أنه لا يسكن . . قال : استأذنت ربي في زيارة قبر أمي فأذن لي ، فاستأذنته في الشفاعة فأبى ! فبكيت رحمة لها » !
وفي تفسير الطبري : 11 / 58 : « وقف على قبر أمه حتى سخنت عليه الشمس رجاء أن يؤذن له فيستغفر لها حتى نزلت : مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الجَحِيمِ » !
وفي السيرة الحلبية : 1 / 173 : « وفي رواية إن جبريل ضرب في صدره قال :
لا تستغفر لمن مات مشركاً ، فما رؤى باكياً أكثر منه يومئذ » !
وقال محمد ناصر الألباني في أحكام الجنائز / 187 : « عن أبي هريرة قال :
زار النبي ( صلى الله عليه وآله ) قبر أمه فبكى وأبكى من حوله فقال : استأذنت ربي في أن أستغفر لها فلم يؤذن لي » ! وصحيح مسلم : 3 / 65 وأبو داود : 2 / 72 .
وهكذا صوروا الرحمن الرحيم عز وجل خشناً قاسياً ، لا يرحم عواطف نبيه الإنسانية تجاه والدته ، ولا يعبأ ببكائه وحرقته عليها ، ولايسمح له أن يقول : اللهم اغفر لها ! فالمهم عندهم أن يكون آباء النبي ( صلى الله عليه وآله ) وأمهاته في النار ! حتى لا يكونوا مؤمنين فيرثوا إسماعيل ( عليه السلام ) وتكون الخلافة في عترة النبي ( صلى الله عليه وآله ) !
ومن تناقضهم أنهم كذبوا أنفسهم ، فرووا أن هذه الآية نزلت قبل الحديبية وأن سبب نزولها غير هذا ! ثم كذبوا أنفسهم في موضع آخر فرووا أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) شفع لعمه أبي طالب فنقله من قعر جهنم إلى ضحضاحها ! صحيح بخاري : 4 / 247 !
ثم كذبوا أنفسهم فرووا في قوله تعالى : فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ « قال ( صلى الله عليه وآله ) : أجورهم : يدخلهم الجنة ، ويزيدهم من فضله : الشفاعة فيمن وجبت لهم النار ، ممن صنع إليهم المعروف في الدنيا » . الدر المنثور : 2 / 249 .
وروى ابن ماجة : 2 / 1215 : « يُصَفُّ الناس يوم القيامة صفوفاً فَيَمُرُّ الرجل من أهل النار على الرجل فيقول : يا فلان أما تذكر يوم استسقيت فسقيتك شربة ؟ قال : فيشفع له . ويمر الرجل فيقول : أما تذكر يوم ناولتك طهوراً ؟ فيشفع له » !
فتراهم عندما يصلون إلى والدي النبي ( صلى الله عليه وآله ) وأجداده وعمه أبي طالب « عليهم السلام » يضيقون رحمة الله وشفاعة نبيه ( صلى الله عليه وآله ) حتى لا تشملهم ، ويقلدون اليهود فينسبون إلى الله تعالى الشدة والقسوة على رسوله ( صلى الله عليه وآله ) !
والسبب : أنهم بحاجة إلى تكفير أسرته ، ليرثوا سلطانه ، ويبعدوا عترته « عليهم السلام » !
21 . أم أيمن حاضنة النبي ( ( صلى الله عليه وآله ) ) وخادمة فاطمة ( عليها السلام )
1 . كانت أم أيمن حاضنة النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، ورثها من أبيه فأعتقها : « وورث خمسة أجمال أوارك « يرعون الأراك » وقطيعة غنم ، وسيفاً مأثوراً « تاريخياً » وورِقاً « نقداً » . « المناقب : 1 / 147 والطبقات : 1 / 100 » . « كان اسمها بركة ، فأعتقها وزَوَّجها عبيد الخزرجي بمكة ، فولدت له أيمن فمات زوجها فزوجها النبي ( صلى الله عليه وآله ) من زيد ، فولدت له أسامة ، أسود يشبهها ، فأسامة وأيمن أخَوَان لأم » . البحار : 22 / 263 .
كانت جارية سوداء نوبية « كتاب سليم / 389 » « فلما ولدت آمنة النبي بعدما توفي أبوه ، حضنته أم أيمن حتى كبر ، ثم أعتقها النبي ( صلى الله عليه وآله ) ثم أنكحها زيد بن حارثة . توفيت بعد النبي ( صلى الله عليه وآله ) بخمسة أشهر » . قاموس الرجال : 12 / 193 .
روي أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) قال : « من سره أن يتزوج امرأة من أهل الجنة ، فليتزوج أم أيمن ، فتزوجها زيد بن حارثة ، فولدت له أسامة بن زيد » . الطبقات : 8 / 224 .
وكانت أم أيمن تخطئ في العربية : « قالت يوم حنين : سبت الله أقدامكم ، فقال النبي ( صلى الله عليه وآله ) : أسكتي يا أم أيمن فإنك عسراء اللسان » . الطبقات : 8 / 225 .
2 . لما توفيت آمنة والدة النبي ( صلى الله عليه وآله ) في رجوعها من المدينة : « فرجعت به أم أيمن على البعيرين اللذين قدموا عليهما مكة ، وكانت تحضنه مع أمه ، ثم بعد أن ماتت » . الطبقات : 1 / 116 .
3 . في الطبقات : 1 / 117 وتاريخ دمشق : 3 / 85 : « قال عبد المطلب لأم أيمن وكانت تحضن رسول الله : يا بركة لا تغفلي عن ابني ، فإني وجدته مع غلمان قريباً من السدرة ، وإن أهل الكتاب يزعمون أن ابني هذا نبي هذه الأمة .
وكان عبد المطلب لا يأكل طعاماً إلا قال : عليَّ بابني فيؤتى به إليه ، فلما حضرت عبد المطلب الوفاة أوصى أبا طالب بحفظ رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وحياطته » .
4 . قالت أم أيمن عن النبي ( صلى الله عليه وآله ) : « ما رأيته شكى ، صغيراً ولا كبيراً ، جوعاً ولا عطشاً ! كان يغدو فيشرب من زمزم ، فأعرض عليه الغداء فيقول : لا أريده أنا شبعان » . « الطبقات : 1 / 168 » . وقالت : « رأيته وهو ابن ثمان سنين يبكي خلف سرير عبد المطلب ، حتى دفن بالحجون » . الطبقات : 1 / 119 والبحار : 15 / 162 .
5 . كان النبي ( صلى الله عليه وآله ) يقول لها : يا أُمَّهْ ، ويزورها في بيتها . « الطبقات : 8 / 223 » . ويثق بها ، فقد وضع عندها أمانات الناس : « فلما أراد الهجرة سلمها إلى أم أيمن ، وأمر علياً ( عليه السلام ) أن يردها » . الحدائق الناضرة : 21 / 433 .
6 . وكذبوا على النبي ( صلى الله عليه وآله ) بأنه كان يبول في إناء فشربت أم أيمن بوله ، قالوا أنه بال ذات مرة في قدح وكان تحت سريره ، قالت أم أيمن : « فقمت من الليل وأنا عطشانة فشربت ما فيها وأنا لا أشعر ، فلما أصبح النبي ( صلى الله عليه وآله ) قال : يا أم أيمن قومي فأهريقي ما في تلك الفخارة . قلت : قد والله شربت ما فيها ! قال فضحك النبي ( صلى الله عليه وآله ) ثم قال : لن تشتكي بطنك » . نيل الأوطار : 1 / 106 والمناقب : 1 / 108 .
وضعفه في مجمع الزوائد لكنه صحح مثله : 8 / 270 : « كان للنبي صلى الله عليه وسلم قدح من عيدان يبول فيه ويضعه تحت سريره فقام فطلبه فلم يجده فسأل فقال أين القدح قالوا شربته سُرَّة خادم أم سلمة ، التي قدمت معها من أرض الحبشة فقال النبي صلى الله عليه وسلم : لقد احتظرت من النار بحظار » .
وجوَّز ذلك الشافعي وغيره وحكموا بطهارة بول النبي ( صلى الله عليه وآله ) . المعتبر : 1 / 410 .
وروي أن أم أيمن : « ما مرضت حتى كان مرضها الذي ماتت فيه » . نيل الأوطار : 1 / 106 .
لكنها رواية مكذوبة ولعلها من أجل تبرير عمل بعضهم ! « راجع مسند الجعد / 41 » . لأن بيت النبي ( صلى الله عليه وآله ) كان فيه كنيف ، وفيه بيت للنار وللتنور ، أي مطبخ . وفيه غرفة كبيرة يستقبل فيها الناس تفتح على المسجد ، وفيه غرفة لابنته فاطمة « عليها السلام » ، وغرفة للخادم . قال علي ( عليه السلام ) « النوادر / 200 و 227 » : « كان رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) إذا أراد أن يتنخع وبين يديه ناس ، غطى رأسه ثم دفنه ، وإذا أراد أن يبزق فعل مثل ذلك ، وكان إذا أراد الكنيف غطى رأسه » .
وقال ( عليه السلام ) : « علمني رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) إذا دخلت الكنيف أن أقول : اللهم إني أعوذ بك من الخبيث والخبائث المخبث ، النجس الرجس الشيطان الرجيم » .
فقد كانت الكُنف منشرة ، ولهذا نردُّ حديث أنه كان يبول في إناء من فخار أو عيدان ، وأن فلانة أو فلانة شربت بوله ( صلى الله عليه وآله ) .
وكذا نردُّ حديث عائشة الذي يزعم أن بيت النبي ( صلى الله عليه وآله ) كان مدة بلا كنيف ! قالت : « البخاري : 3 / 155 » : « فخرجت أنا وأم مسطح قِبَل المناصع متبرزنا ، لا نخرج إلا ليلاً إلى ليل ، وذلك قبل أن نتخذ الكنف قريباً من بيوتنا وأمرنا أمر العرب الأول في البرية » . فهذا يصح في بيت أبيها ، وليس في بيت النبي ( صلى الله عليه وآله ) .
روى البيهقي : 1 / 93 : « عن ابن عمر : دخلت بيت حفصة فحانت مني التفاتة فرأيت كنيف رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) مستقبل القبلة » . وقد توهم عبد الله في جهته .
ولهذا لا يصح ما رواه البخاري : 1 / 45 : « إن أزواج النبي كن يخرجن بالليل إذا تبرزن إلى المناصع وهو صعيد أفيح ، فكان عمر يقول للنبي أجب نساءك ، فلم يكن رسول الله يفعل ، فخرجت سودة بنت زمعة زوج النبي ليلة من الليالي عشاء وكانت امرأة طويلة فناداها عمر : ألا قد عرفناك يا سودة ، حرصاً على أن ينزل الحجاب فأنزل الله الحجاب » .
فهو موضوع لإثبات أن آية حجب نساء النبي ( صلى الله عليه وآله ) نزلت بطلب عمر : « وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ » .
7 . وهاجرت أم أيمن مع ابنها أيمن وصغيرها أسامة ، فقد واعدهم عليٌّ ( عليه السلام ) : « أن يتسللوا ويتخفوا إذا ملأ الليل بطن كل واد ، إلى ذي طوى » فوافوه هناك ، ومعهم عدد من مستضعفي المسلمين . أمالي الطوسي / 469 وسبل الهدى : 3 / 267 .
8 . وكانت تعيش في المدينة مع زوجها زيد وتساعد الزهراء « عليها السلام » في عمل البيت ، ففي أمالي الطوسي / 669 ، عن علي ( عليه السلام ) قال : « زارنا رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وقد أهدت لنا أم أيمن لبناً وزبداً وتمراً ، فقدمناه فأكل منه ثم قام النبي ( صلى الله عليه وآله ) إلى زاوية البيت فصلى ركعات ، فلما كان في آخر سجوده بكى بكاءً شديداً ، فلم يسأله أحد منا إجلالاً له ، فقام الحسين ( عليه السلام ) فقعد في حجره وقال له : يا أبت لقد دخلت بيتنا فما سررنا بشئ كسرورنا بدخولك ، ثم بكيت بكاء غمنا فلمَ بكيت ؟ فقال : يا بني أتاني جبرئيل آنفاً فأخبرني أنكم قتلى ، وأن مصارعكم شتى ! فقال : يا أبت فما لمن يزور قبورنا على تشتتها ؟ فقال : يا بني ، أولئك طوائف من أمتي يزورونكم يلتمسون بذلك البركة ، وحقيق عليَّ أن آتيهم يوم القيامة حتى أخلصهم من أهوال الساعة من ذنوبهم ، ويسكنهم الله الجنة » .
9 . لما تزوجت فاطمة « عليها السلام » أمر النبي ( صلى الله عليه وآله ) أم أيمن فكانت تساعدها ، وروت عدة أحاديث في سيرتها ، وسيرة العترة الطاهرة « عليهم السلام » .
منها : عن ولادة الحسين ( عليه السلام ) وفضل تربته وأنها من بطحاء الجنة ، وأنها أطهر بقاع الأرض ، وأعظمها حرمة . السجود على الأرض للأحمدي / 140 والبحار : 98 / 114 .
ومنها : معجزة الرحى : وقد رواها الجميع وأن الزهراء « عليها السلام » شكت إلى أبيها ( صلى الله عليه وآله ) ما تلقى من الرحى . « المجموع 19 / 374 وشرح مغني ابن قدامة 8 / 146 » . وقالت : « مضيت ذات يوم إلى منزل سيدتي ومولاتي فاطمة لأزورها في منزلها وكان يوما حاراً من أيام الصيف ، فأتيت إلى باب دارها وإذا أنا بالباب مغلق ، فنظرت من شق الباب وإذا بفاطمة نائمة عند الرحى ورأيت الرحى تدور وتطحن البر ، وهي تدور من غير يد تديرها ، والمهد أيضاً إلى جنبها والحسين نائم فيه والمهد يهتز ولم أر من يهزه ! ورأيت كفاً تسبح لله قريباً من كف فاطمة . قالت أم أيمن : فتعجبت من ذلك فتركتها ومضيت إلى سيدي رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وقلت : يا رسول الله إني رأيت اليوم عجباً ما رأيت مثله أبداً . فقال لي : ما رأيت يا أم أيمن ؟ فقلت : إني قصدت منزل فاطمة فلقيت الباب مغلقاً فإذا أنا بالرحى تطحن البر وهي تدور من غير يد ، ورأيت مهد الحسين يهتز من غير يد تهزه ورأيت كفاً يسبح لله قريباً من كف فاطمة ! فقال : يا أم أيمن اعلمي أن فاطمة صائمة ، وهي متعبة والزمان قيض ، فألقى الله عليها النعاس فنامت ، فسبحان من لا ينام ، فوكل الله ملكاً يطحن عنها قوت عيالها وأرسل ملكاً آخر ، يهز مهد ولدها الحسين لئلا يزعجها عن نومها ، ووكل الله تعالى ملكا آخر يسبح الله عز وجل قريباً من كف فاطمة ثواب تسبيحه لها ، لأن فاطمة لم تفتر عن ذكر الله عز وجل فإذا نامت جعل الله ثواب تسبيح ذلك الملك لفاطمة » . مدينة المعاجز : 4 / 47 .
10 . أكرم الله أم أيمن ببركة الزهراء « عليها السلام » : « خرجت إلى مكة لما توفيت فاطمة قالت : لا أرى المدينة بعدها ! فأصابها عطش شديد في الجحفة حتى خافت على نفسها ، فكسرت عينيها نحو السماء ثم قالت : يا رب أتعطشني وأنا خادمة بنت نبيك ؟ قال : فنزل إليها دلو من ماء الجنة فشربت » . المناقب : 1 / 116 .
11 . كانت طيبة بسيطة وأخبر النبي ( صلى الله عليه وآله ) أنها من أهل الجنة ، وكانت تعرف إمامة علي ( عليه السلام ) ولا تعرف إمامة بقية الأئمة « عليهم السلام » .
وقد سألها النبي ( صلى الله عليه وآله ) يوماً عن علي ( عليه السلام ) : « أثَم أخي ؟ قالت : وكيف يكون أخوك وقد أنكحته ابنتك ؟ قال : فإنه كذلك » . الطبقات : 8 / 23 .
وفي الكافي : 2 / 405 : « عن إسماعيل الجعفي قال : سألت أبا جعفر ( عليه السلام ) عن الدين الذي لا يسع العباد جهله ؟ فقال : الدين واسع ، ولكن الخوارج ضيقوا على أنفسهم من جهلهم ! قلت : جعلت فداك فأحدثك بديني الذي أنا عليه ؟ فقال : بلى ، فقلت : أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، والإقرار بما جاء من عند الله ، وأتولاكم وأبرأ من عدوكم ، ومن ركب رقابكم وتأمر عليكم وظلمكم حقكم . فقال : ما جهلت شيئاً ، هو والله الذي نحن عليه . قلت : فهل سلم أحد لا يعرف هذا الأمر ؟ فقال : لا إلا المستضعفين . قلت : من هم ؟ قال : نساؤكم وأولادكم ، ثم قال : أرأيت أم أيمن ، فإني أشهد أنها من أهل الجنة ، وما كانت تعرف ما أنتم عليه » .
يعني كانت قاصرة الذهن أو شبه قاصرة عن إدراك منظومة الأئمة « عليهم السلام » بعد النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، ومع ذلك فهي من أهل الجنة لأن الله تعالى يطلب من الشخص قدر ما آتاه من الإدراك والتعقل : لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا مَا آتَاهَا .
12 . أمَّرَ النبي ( صلى الله عليه وآله ) في مرض وفاته أسامة بن زيد على جيش لغزو الروم الذين قتلوا أباه زيداً . وكان أسامة في السابعة عشرة من عمره « الفصول للجصاص 1 / 159 » وأمره النبي ( صلى الله عليه وآله ) بالمسير ولعن من تخلف عنه ، وكان ذلك : « لأربع ليال بقين من صفر سنة 11 من الهجرة وعسكر بالجرف . فلم يبق أحد من المهاجرين الأولين والأنصار إلا اشتد لذلك وتهيأ للخروج ، منهم أبو بكر ، وعمر ، وأبو عبيدة بن الجراح ، وسعد بن أبي وقاص » . المراجعات / 368 مستدرك سفينة البحار : 5 / 36 و 209 .
وقال ابن حجر في فتح الباري : 8 / 115 ، وهو من كبار أئمة السلطة : « وقد أنكر ابن تيمية في كتاب الرد على ابن المطهر أن يكون أبو بكر وعمر في بعث أسامة ، ومستند ما ذكرناه ما أخرجه الواقدي بأسانيده في المغازي ، وذكره ابن سعد أواخر الترجمة النبوية بغير إسناد ، وذكره ابن إسحاق في السيرة المشهورة ولفظه : بدأ برسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وجعه يوم الأربعاء فأصبح يوم الخميس فعقد لأسامة فقال : أغز في سبيل الله وسر إلى موضع مقتل أبيك ، فقد وليتك هذا الجيش . فذكر القصة وفيها : لم يبق أحد من المهاجرين الأولين إلا انتدب في تلك الغزوة منهم أبو بكر وعمر . . وعند الواقدي أن عدة ذلك الجيش كانت ثلاثة آلاف فيهم سبعمائة من قريش » .
وكان هدف النبي ( صلى الله عليه وآله ) أن يخلي المدينة لعلي ( عليه السلام ) ويبعد عنها الطامعين في خلافته وقد عملوا للتأثير على أم أيمن ، فطلبت من النبي ( صلى الله عليه وآله ) أن يؤخر إرسال أسامة لأنه قلق عليه فلم يقبل ( صلى الله عليه وآله ) وأكد أمره له بالمسير بالجيش .
ثم أشاعوا اعتراضهم على تأمير أسامة على شيوخ قريش والأنصار ، وهو شاب أسود ابن سبع عشرة سنة ! فغضب النبي ( صلى الله عليه وآله ) وخرج وهو مريض وصعد المنبر ومدح أسامة وأمره بالحركة ، ولعن من تخلف عنه !
فتحرك أسامة فعاد القرشيون إلى أم أيمن ، فأرسلت إلى ولدها أن لا يتحرك بجيشه لأن حال النبي ( صلى الله عليه وآله ) قد ثقلت ! فاستغلوا بساطتها رحمها الله .
13 . لكنها عندما توفي النبي ( صلى الله عليه وآله ) استنكرت مسارعتهم إلى السقيفة وبيعتهم أبا بكر ، فجاءت إليهم وقالت : « يا أبا بكر ، ما أسرع ما أبديتم حسدكم لآل محمد ! فأمر بها عمر فأخرجت من المسجد » . كتاب سُليم / 157 و 389 .
14 . عندما صادروا تركة النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، واحتجت الزهراء « عليها السلام » على أبي بكر ، طلب منها شهوداً . قال الإمام الصادق ( عليه السلام ) : « فجاءت فاطمة « عليها السلام » إلى أبي بكر ، فقالت يا أبا بكر منعتني عن ميراثي من رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وأخرجت وكيلي من فدك ، وقد جعلها لي رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بأمر الله . فقال لها هاتي على ذلك شهوداً ، فجاءت بأم أيمن فقالت : لا أشهد حتى أحتج يا أبا بكر عليك بما قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، فقالت : أنشدك الله ألست تعلم أن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) قال : إن أم أيمن من أهل الجنة ؟ قال بلى . قالت : فأشهد أن الله أوحى إلى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : وَآتِ ذا القُرْبَى حَقَّه ، فجعل فدك لفاطمة بأمر الله . وجاء علي ( عليه السلام ) فشهد بمثل ذلك ، فكتب لها كتاباً بفدك ودفعه إليها ، فدخل عمر فقال : ما هذا الكتاب ؟
فقال أبو بكر : إن فاطمة ادعت في فدك وشهدت لها أم أيمن وعلي فكتبت لها بفدك ، فأخذ عمر الكتاب من فاطمة فمزقه » . تفسير القمي : 2 / 155 ونحوه العياشي : 2 / 278 .
15 . كانت أم أيمن ثقة الزهراء « عليها السلام » قال الصادق ( عليه السلام ) : « لما نعي إلى فاطمة نفسها أرسلت إلى أم أيمن وكانت أوثق نسائها عندها وفي نفسها » . علل الشرائع : 1 / 187 .
16 . « اشترى عبد المطلب أم أيمن من جيش أبرهة ، وتوفيت بعد النبي ( صلى الله عليه وآله ) بشهورقليلة فتح الباري : 7 / 70 وكانت في السبعينات . لكن رواة الخلافة أخروا وفاتها عشر سنين ليقولوا إنها رضيت على أبي بكر وعمر ومدحته وقالت يوم قتل : اليوم وَهَى الإسلام » . تاريخ البخاري الصغير : 1 / 88 وتاريخ دمشق : 4 / 302 .
17 . أيمن بن عبيد أفضل من أخيه أسامة بن زيد ، فقد استشهد أيمن دفاعاً عن النبي ( صلى الله عليه وآله ) في حنين لما فرَّ عنه المسلمون ، وهاجمه عوف بن مالك زعيم هوازن ليقتله : فاعترضه أيمن : « فالتقيا فقتله مالك » . ولم يصل إلى النبي ( صلى الله عليه وآله ) . المناقب : 1 / 181 ، تاريخ دمشق : 4 / 257 ، ذخائر العقبى / 198 وكبير الطبراني : 1 / 288 .
قال المفيد في الإرشاد : 1 / 140 ونحوه الإستيعاب : 2 / 813 : « فلم يبق منهم مع النبي ( صلى الله عليه وآله ) إلا عشرة أنفس ، تسعة من بني هاشم خاصة وعاشرهم أيمن بن أم أيمن ، فقتل أيمن « رحمه الله » وثبت تسعة النفر الهاشميون ، حتى ثاب إلى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) من كان انهزم . وقال العباس بن عبد المطلب في هذا المقام :
نصرنا رسول الله في الحرب تسعة * وقد فر من قد فر عنه فأقشعوا
وقولي إذا ما الفضل شد بسيفه * على القوم أخرى يا بني ليرجعوا
وعاشرنا لاقى الحمام بنفسه * لما ناله في الله لا يتوجع
يعني به أيمن بن أم أيمن » .
18 . أما أسامة بن زيد ابن أم أيمن فعاش في كنف النبي وعترته ( صلى الله عليه وآله ) . وكان أسود قوي البنية وقد أمَّرَه النبي ( صلى الله عليه وآله ) على سرية ، ثم أمَّره في مرض وفاته على جيش من ثلاثة آلاف مقاتل ، وكان في الثامنة عشرة أو السابعة عشرة . وعاد من معسكره في الجرف بعد وفاة النبي ( صلى الله عليه وآله ) ولم يبايع أبا بكر حتى بايع علي ( عليه السلام ) . وتوفي أسامة زمن معاوية سنة 54 هجرية .