البينة هي البيان النبوي
المؤلف:
مركز نون للتأليف والترجمة
المصدر:
هدى القرآن
الجزء والصفحة:
ص164- 165
2024-09-02
1136
قال تعالى: {وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ } [البينة: 4]
بعد أن بيّنت الآية الأولى: {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ...} كفر أهل الكتاب والمشركين بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم وبكتابه المتضمّن للدعوة الحقّة، كشفت هذه الآية عن اختلافهم السابق على الدعوة الإسلاميّة، كما في قوله تعالى: {وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ}[1].
ومجيء البيّنة لهم هو البيان النبويّ الذي تبيّن لهم في كتابهم أو أوضحه لهم أنبياؤهم، قال تعالى: {وَلَمَّا جَاء عِيسَى بِالْبَيِّنَاتِ قَالَ قَدْ جِئْتُكُم بِالْحِكْمَةِ وَلِأُبَيِّنَ لَكُم بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ * إِنَّ اللَّهَ هُوَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ * فَاخْتَلَفَ الْأَحْزَابُ مِن بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ عَذَابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ}[2].
وقوله تعالى: {وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ...} يشمل المشركين، فضلاً عن أهل الكتاب، حيث بدّل أهل الكتاب - وهم في عرف القرآن اليهود والنصارى والصابئون والمجوس أو اليهود والنصارى - من الذين أوتوا الكتاب، والتعبيران متغايران، وقد صرّح تعالى بأنّه أنزل الكتاب - وهو الشريعة المفروضة عليهم الحاكمة في اختلافاتهم في أمور الحياة - أول ما بدا الاختلافات الحيويّة بينهم بمقتضى الفطرة، ثمّ اختلفوا في الدين بعدما تبيّن الحقّ لهم وقيام الحجّة عليهم، فعامّة البشر آتاهم الله كتاباً، ثمّ اختلفوا فيه، فمنهم من نسي ما أوتيه، ومنهم من أخذ به محرّفاً، ومنهم من حفظه وآمن به، قال تعالى: {كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلاَّ الَّذِينَ أُوتُوهُ مِن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ}[3].
وفي هذا المعنى قوله تعالى: {تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِّنْهُم مَّن كَلَّمَ اللّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ وَلَوْ شَاء اللّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِن بَعْدِهِم مِّن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَلَكِنِ اخْتَلَفُواْ فَمِنْهُم مَّنْ آمَنَ وَمِنْهُم مَّن كَفَرَ وَلَوْ شَاء اللّهُ مَا اقْتَتَلُواْ وَلَكِنَّ اللّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ}[4].
وبالجملة، فالذين أوتوا الكتاب، أعمّ من أهل الكتاب، فقوله تعالى: {وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ ...}، يشمل المشركين، كما يشمل أهل الكتاب[5].
[1] سورة آل عمران، الآية 19.
[2] سورة الزخرف، الآيات 63 - 65.
[3] سورة البقرة، الآية 213.
[4] سورة البقرة، الآية 253.
[5] انظر: الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، م.س، ج20، ص338-339.
الاكثر قراءة في مقالات قرآنية
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة