الحياة الاسرية
الزوج و الزوجة
الآباء والأمهات
الأبناء
مقبلون على الزواج
مشاكل و حلول
الطفولة
المراهقة والشباب
المرأة حقوق وواجبات
المجتمع و قضاياه
البيئة
آداب عامة
الوطن والسياسة
النظام المالي والانتاج
التنمية البشرية
التربية والتعليم
التربية الروحية والدينية
التربية الصحية والبدنية
التربية العلمية والفكرية والثقافية
التربية النفسية والعاطفية
مفاهيم ونظم تربوية
معلومات عامة
التظاهر بالرذائل
المؤلف: محمد تقي فلسفي
المصدر: الأفكار والرغبات بين الشيوخ والشباب
الجزء والصفحة: ص 263 ــ 265
2024-08-05
453
لقد تركت الثورة الصناعية اثراً عميقاً على اخلاق وآداب الناس وقد كانت حصة الشباب من هذا التأثير أكثر من الشيوخ، وفقد الكثير من الصفات والأعمال صورته القبيحة، وأصبح الناس يتظاهرون بتلك الصفات دون اهتمام، ويرتكبون علانية مثل هذه التصرفات، وهذا الأمر هو أحد أسباب الخلاف بين الشيوخ والشباب في العائلة والمجتمع.
خطأ في التشخيص:
إن النقطة التي تستحق الملاحظة من وجهة النظر الدينية والعلمية ويجب أن تدرس، ليست أن بعض الأشخاص لديهم أخلاق سيئة وأعمال غير مرغوبة فحسب، بل أيضاً يخطئون في معرفة الخير والشر والطيب والخبيث والحسن والسيء، ولأن الفرق بين هذه الصفات أمر نسبي ويتبع شروط الزمان والمكان، فإن هؤلاء يتصورون أخلاقهم السيئة أخلاقاً حسنة، وكذلك بالنسبة لتصرفاتهم، وهم بأسلوب تفكيرهم هذا يستبعد أن يفكروا في إنقاذ أنفسهم، وإصلاح أخلاقهم وأعمالهم.
بعبارة اخرى، إن البعض يرتكبون الخطأ ويعلمون أنهم ارتكبوا إثماً فيتألمون مما يقومون به وهؤلاء من المحتمل أن يعودوا من الطريق الخاطئ الذي يسيرون فيه ذات يوم، ويصلحوا أنفسَهم، وأما البعض الآخر فيرتكبون الخطأ ولكنهم يتصورون أنهم عملوا عملاً حسناً ومقبولاً وفي قرارة نفسهم ارتياح لما يرتكبون، وهذه المجموعة بتفكيرهم الخاطئ يغرقون في الضياع والضلال بأعمالهم القبيحة، ويمضون أعمارهم في الخطيئة. ومن الواضح أن هؤلاء في وضع اسوأ من وضعِ الخاطئين من المجموعة الأولى، والقرآن الكريم يقول في هؤلاء: {قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا} [الكهف: 103، 104].
عندما تشيع خطيئة بين الناس، ويرتكبها الناس دون اهتمام فإن قبح هذه الخطيئة يزول نتيجة التكرار ويألفها الناس وتصبح مقبولة لدى الجميع، ولا يمضي وقت طويل حتى يعتبر أفراد المجتمع ذلك العمل شيئاً حسناً، ويبدون رضاهم في أدائها. وقد تنبأ نبي الإسلام (صلى الله عليه وآله) في حديث له عن حالة الضلالة الخطيرة هذه للمسلمين حين قال (صلى الله عليه وآله): (كيف بكم إذا فسدت نساؤكم وفسق شبانكم ولم تأمروا بمعروفٍ ولم تنهوا عن منكر؟ فقيل له: ويكون ذلك يا رسول الله؟ قال: نعم، وشر من ذلك، فكيف بكم إذا امرتم بالمنكر ونهيتم عن المعروف؟ فقيل: يا رسول الله ويكون ذلك؟ قال: نعم، وشر من ذلك، كيف بكم إذا رأيتم المعروف مُنكراً والمنكر معروفاً؟) (1).
معيار الحسن والسيئ:
والان يمكن طرح هذا السؤال: إذا قبل المجتمع شيئاً واعتبره حسناً، فهل يمكن اعتبار ذلك الشيء حسناً؟ وبالعكس إذا رفض شيئاً واعتبره سيئاً فهل يمكن أن يقال عن ذلك الشيء إنه سيئ؟ وباختصار: هل أن قبول أو رفض المجتمع يمكن ان يكون معياراً لمعرفة الأعمال الطيبة والسيئة؟!
لسوء الحظ أن عالم اليوم قد رد بالإيجاب على هذا السؤال، وأن قبول أو رفض الناس أصبح معياراً لمعرفة الأخلاق الحسنة والسيئة في المجتمع، وهذا بحد ذاته أحد أخطر النقاط الانحرافية لعالم اليوم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ مشكاة الأنوار، ص 49.