علم الحديث
تعريف علم الحديث وتاريخه
أقسام الحديث
الجرح والتعديل
الأصول الأربعمائة
الجوامع الحديثيّة المتقدّمة
الجوامع الحديثيّة المتأخّرة
مقالات متفرقة في علم الحديث
أحاديث وروايات مختارة
علم الرجال
تعريف علم الرجال واصوله
الحاجة إلى علم الرجال
التوثيقات الخاصة
التوثيقات العامة
مقالات متفرقة في علم الرجال
أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله)
اصحاب الائمة من التابعين
اصحاب الائمة من علماء القرن الثاني
اصحاب الائمة من علماء القرن الثالث
علماء القرن الرابع الهجري
علماء القرن الخامس الهجري
علماء القرن السادس الهجري
علماء القرن السابع الهجري
علماء القرن الثامن الهجري
علماء القرن التاسع الهجري
علماء القرن العاشر الهجري
علماء القرن الحادي عشر الهجري
علماء القرن الثاني عشر الهجري
علماء القرن الثالث عشر الهجري
علماء القرن الرابع عشر الهجري
علماء القرن الخامس عشر الهجري
حديث المسح في التيمّم.
المؤلف: الشيخ الجليل محمد بن الحسن المعروف بـ(الحر العامليّ).
المصدر: الفوائد الطوسيّة.
الجزء والصفحة: ص 27 ـ 29.
2024-07-30
540
فائدة رقم (5):
في الكافي والتهذيب والاستبصار (1) عن حماد بن عيسى عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله (عليهالسلام)، أنّه سُئل عن التيمم فتلا هذه الآية: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة: 38]، وقال: {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ} [المائدة: 6] قال: فامسح على كفّيك من حيث موضع القطع وقال: {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا} [مريم: 64].
أقول: في هذا الحديث إجمال وإشكال من عدّة وجوه:
منها: أنّ السؤال وقع عن التيمم فإمّا أن يكون سؤالا عن الكيفيّة أو الكميّة أو الوقت أو العذر المسوّغ له أو ما يتيمّم به أو ما يوجبه أو ما ينقضه أو ما يبيحه أو نحو ذلك والجواب لا يطابق شيئًا من المذكورات.
والجواب: أنّه تضمّن بيان بعض الكيفيّة وهو مسح الكفّين وحد ما يمسح منهما وذلك كافٍ ولعلّ الإمام (عليه السلام) فهم من السائل اختصاص سؤاله بذلك أو اقتضى الحال الاقتصار في الجواب عليه كما في قوله تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ} [البقرة: 189]. و{يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ} [البقرة: 215] ألا ترى أنّ السائل قبل ذلك ونقله ولم يراجع الامام (عليه السلام).
ومنها: تلاوة الآيتين في الجواب مع أنّه لا يظهر بهما دلالة على الحكم المذكور الموافق لعمل الشيعة أصلا بل ربّما ظهر منهما دلالة على ما يناقضه كما لا يخفى.
والجواب: لعلّ غرض الإمام (عليه السلام) أنّ الأيدي تطلق على إطلاقات شتّى كما كما في آيتي الوضوء والسرقة وغيرهما وأنّه لا يجوز إنكار ما ذهبنا اليه لجواز إطلاق الأيدي عليه، ووجه آخر ربّما كان أقرب هو أنّه لمّا قيّد في آية الوضوء الأيدي بقوله: (إِلَى الْمَرافِقِ) والتأسيس أولى من التأكيد فهم أنّ القيد محتاج اليه وإلا لكان بمنزلة الزائد والعبث فيلزم إرادة ما دون ذلك المفصّل من إطلاق اليد كما هو ثابت في آية القطع إجماعًا إذ لا قائل بوجوبه من المرفق فيكون الغرض منه الرد على العامّة القائلين باستيعاب اليدين الى المرفقين في التيمم وجوبًا فكأنّه قال آية التيمم مطلقة كآية السرقة فلم قيّدتموها بما لا يدل عليه دليل إذ تقييدها في الوضوء لا يوجب تقييدها في التيمّم بوجه كما لا يخفى والأصل عدم التناول لما زاد على مضمون آية السرقة.
ومنها: أنّ المعتبر عند الشيعة في القطع هو قطع الأصابع الأربع وترك الإبهام والكف وهذا القدر في التيمّم لا يجزي عندهم ولا عند غيرهم وان كان المقصود بالاستشهاد آية الوضوء فذلك القدر غير واجب عند الشيعة إلا القليل وهو مخالف لصريح هذا الحديث أيضًا ولغيره من الأحاديث الكثيرة.
والجواب: لعلّ المراد الاستشهاد على ورود الأيدي مطلقة إطلاقات متعدّدة كما ذكرناه ويكون إشارة إلى أنّ ما كان مقيّدًا منصوصًا كآية الوضوء لا يجوز العدول عنه وما لم يكن كذلك كآية التيمّم وآية السرقة علم بيانه من جهة السنّة.
وجواب آخر: هو أنّ مذهب بعض العامّة في القطع أنّه من مفصل الزند فيكون احتجاجًا عليهم بما يعتقدونه وهو أنّ الأيدي أطلقت على قولكم في آية السرقة على هذا القدر وأطلقت في آية التيمّم أيضًا فيجب حمله على ذلك لأصالة عدم الزيادة ولعدم النص على التقييد ولما تقدّم ولا ينافيه أنّ الاحتجاج عليهم في هذا الحكم المخالف لمذهبهم ينافي ملاحظة التقيّة في الحكم الأخر؛ لأنّه يمكن أن تقتضي الحال التقيّة في أحد الحكمين دون الثاني كما هو ظاهر أو يكون المحتج عليهم مصرين على حكم القطع جازمين به دون حكم التيمّم بل كان عندهم فيه شك وتردد على أنّ الاحتجاج عليهم بما يعتقدونه لا يلزم منه موافقتهم فيه بل يمكن مجامعته للتصريح بمخالفتهم إذا اقتضاه الحال.
ومنها: أنّ في هذه الضمائر تشويشًا؛ لأنّ الضمير في «تلا» عائد الى الإمام وضمير «قال» الأولى إلى الله تعالى والثانية الى الإمام والثالثة الى الله تعالى وهو غير مستحسن.
والجواب: لا يمتنع أن تكون الضمائر كلّها عائدة الى الإمام (عليه السلام) كما لا يخفى غايته أن تكون (قال) الأولى والثالثة بمعنى (تلا) أو (تمثّل) أو نحوهما وهو غير بعيد أو تقول الضمير الثالث والرابع عائدان إلى الإمام فلا تشويش سلّمنا لكن نقول مثل هذا واقع في التنزيل وهو فن من فنون البلاغة كما في قوله تعالى: {لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا} [الفتح: 9] وغير ذلك على أنّ هذه العبارة المشتملة على الضمائر واقعة في كلام الراوي الذي نقل عنه حماد فلعلّه لم يكن من أهل البلاغة.
ومنها: أنّ قوله: (وَما كانَ رَبُّكَ نَسِيًّا) لا يظهر مناسبته للحكم ولا ـ للاستشهاد.
والجواب: أنّ الغرض منه كما يفهم من أحاديث كثيرة هو الله لم يترك شيئًا بغير حكم ولا حكمًا بغير دليل حتّى بيّن جميع ذلك في القرآن إمّا في ظاهره أو باطنه وهم (عليهم السلام) أعلم به كقوله تعالى: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ} [الأنعام: 38] ـ {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ} [النحل: 89] وغير ذلك أو المراد أنّ الله لم ينسَ تقييد آية التيمّم بقوله إلى المرافق وقولكم يشعر بنسبة النسيان إليه تعالى عن ذلك والله تعالى أعلم.
________________
(1) الكافي ج 3 ص 62 والتهذيب ج 1 ص 206 ح 2.