الجغرافية الطبيعية
الجغرافية الحيوية
جغرافية النبات
جغرافية الحيوان
الجغرافية الفلكية
الجغرافية المناخية
جغرافية المياه
جغرافية البحار والمحيطات
جغرافية التربة
جغرافية التضاريس
الجيولوجيا
الجيومورفولوجيا
الجغرافية البشرية
الجغرافية الاجتماعية
جغرافية السكان
جغرافية العمران
جغرافية المدن
جغرافية الريف
جغرافية الجريمة
جغرافية الخدمات
الجغرافية الاقتصادية
الجغرافية الزراعية
الجغرافية الصناعية
الجغرافية السياحية
جغرافية النقل
جغرافية التجارة
جغرافية الطاقة
جغرافية التعدين
الجغرافية التاريخية
الجغرافية الحضارية
الجغرافية السياسية و الانتخابات
الجغرافية العسكرية
الجغرافية الثقافية
الجغرافية الطبية
جغرافية التنمية
جغرافية التخطيط
جغرافية الفكر الجغرافي
جغرافية المخاطر
جغرافية الاسماء
جغرافية السلالات
الجغرافية الاقليمية
جغرافية الخرائط
الاتجاهات الحديثة في الجغرافية
نظام الاستشعار عن بعد
نظام المعلومات الجغرافية (GIS)
نظام تحديد المواقع العالمي(GPS)
الجغرافية التطبيقية
جغرافية البيئة والتلوث
جغرافية العالم الاسلامي
الاطالس
معلومات جغرافية عامة
مناهج البحث الجغرافي
واقع الفلاحة في الوطن العربي ضيق الرقعة وصعوبة التوسع
المؤلف: هاشم محمد صالح
المصدر: الجغرافية الزراعية
الجزء والصفحة: ص125 ــ 132
2024-07-27
449
واقع الفلاحة في الوطن العربي ضيق الرقعة وصعوبة التوسع:ـ
يتمتع العالم العربي بموقع متميز يمنح له فرصة التنوع المناخي والتكامل بين بيئات مختلفة، الشيء الذي ينتج عنه تنوع الإنتاج واختلاف فصول المحصول. لكن جل الأراضي تشك ومن الجفاف. وتندمج المجالات الجافة في الوطن العربي أساسا ضمن النطاق الحار وهوامشه المتوسطية شمالا، أو المدارية جنوبا، وهي تتلقى أقل من 100 أو 150مم سنويا، وتضاف إليها المجالات نصف الجافة الهامشية والتي تستقبل أقل من 500-600مم.
ويشتمل الوطن العربي على ما مقداره 1393 مليون من الهكتارات وتتميزهذه الأراضي بغلبة المجالات القاحلة وغير المنتجة داخلها إذ تغطي حوالي 67% من المساحة الإجمالية، مكونة من صحاري أو قمم جبلية وعرة ولا تمثل الأراضي الزراعية (52) مليون هكتار سوى 4% من المساحة الشمولية، الشيء الذي ينذر بمحدودية الإنتاج. أما المراعي الدائمة فهي أوفر حظا وتغطي 311 مليون هكتار (22% من المساحة). ومن الواجب أن نضيف إليها حوالي 80 مليون من الهكتارات تغطيها الغابات ومراعي أخرى غير دائمة 6% من المساحة.
لكن هذا التوزيع يختلف حسب الأقطار، وذلك تبعا لموقفها، ففي البلدان الصحراوية كدول الخليج العربي، تتسم الأراضي المنتجة بمحدوديتها، عدا في المملكة العربية السعودية، حيث تغطي المراعي 40% من المساحة الإجمالية. وترتفع نسبة الأراضي المنتجة في الشرق الأدنى لتصل إلى أقصاها (79%) في سوريا التي تغطي بها الأراضي المنتجة (30) مليون هكتار من المراعي في الجزائر، 21 مليون في المغرب، أكثر من 21 مليون من الهكتارات المستعملة في الزراعة في دول شمال غرب إفريقيا الثلاث. لكن شساعة القسط الصحراوي من هذه البلدان، يجعل نسبة الأراضي المنتجة لا تتعدى 18% في الجزائر.
وينفرد السودان أوسع قطر عربي، باحتوائه على أراضي منتجة شديدة التنوع، فهو يضم 12.5 مليون هكتارا من الأراضي الزراعية، أي أكثر من خمس الأراضي الزراعية العربية. ويضم إلى جانبها مراعي صحراوية، ومراعي عشبية مدارية، وغابة مدارية في أقصى جنوبه. وهذا يجعل من هذا البلد القطر الذي يحتوي على الإمكانات الطبيعية لتنمية الزراعة الأكثر امتدادا وتطورا . والمقارنة مع مصر تبين شساعة الفرق على مستوى الإتاحات، حيث لا يضم هذا البلد الأخير سوى 2.5 مليون من الأراضي الزراعية، بينما تغيب الأنواع الأخرى من الأراضي المنتجة، ورغم ذلك، وبسبب ارتفاع الإنتاجية، استطاعت مصر أن ترقى إلى درجة عالية على مستوى المردود الزراعي.
وهذا يدل على أن امتداد المساحات المنتجة ليس وحده الكفيل بضمان الإنتاج المرتفع. فالكثافة الزراعية عامل أساس لتحديد هذا الإنتاج. ولا شك أن عامل ماء السقي في الدول العربية التي تشك وغالبا من الجفاف، له مفعول كبير، حيث يسمح بمردود عال من جهة ومن تعدد المحصول في نفس الأرض مرتين أو ثلاثا في السنة الواحدة (كما هو الحال في دلتا النيل وتمثل نسبة الأراضي المسقية من مجموع الأراضي الزراعية 100% في مصر، وانخفاض هذه النسبة إلى ما دون ذلك بكثير في دول الخليج لا يعني أن بعض الأراضي تستعمل بعلية، بل يدل على أن قسطا هاما من أراضي هذه الأقطار يبقى مستريحا، وذلك لارتفاع تكلفة الري، خاصة في المجالات حيث تستعمل تقنية تحلية مياه البحر لهذا الغرض. وهكذا لا تستعمل من الأراضي الصالحة للزراعة سوى 50% في البحرين، 25% في الكويت والإمارات، و36% في السعودية. أما في الشرق الأدنى والمغرب العربي، فإن الأراضي البعلية تمثل المساحات الغالبة في مجالات تتلقى تساقطات كافية للحصول على مردود زراعي سنوي. لكن في هذه البلدان كثيرا ما تم تمديد الأرض الزراعية البعلية على حساب المراعي والغابات، الشيء الذي ينذر بحدوث آليات تدهور للتربة. لكل هذا تعتبر الموارد الزراعية والرعوية في الوطن العربي محدودة بسبب شح التهاطلات وندرة المياه القابلة للاستعمال من أجل السقي. ويبقى قطاع الرعي يشغل جل المساحات. وهذا ينم عن إمكانية إنتاج حيواني لا بأس بها، تثبتها أعداد الماشية التالية (22) مليون من الأبقار، و33 مليون من الغنم والماعز في السودان، إضافة إلى 29 مليون من الجمال 6 مليون من الأبقار في الصومال، 21 مليون من الغنم والماعز في المغرب، 11 مليون من الغنم في السعودية.). لكن إنتاجية هذا القطيع من الحيوانات تبقى محدودة ومعتمدة أساسا على الغذاء الذي توفره المراعي السهوبية والصحراوية.
والمعروف أن الوحدات العلفية التي تنتجها هذه المراعي الجافة قليلة وقابلة للتراجع في سنوات الجفاف، بينما تخضر المراعي نسبيا في السنوات الممطرة. إلا أن ارتفاع عدد رؤوس الماشية يتسبب في تدهور هذه المراعي وتناقص مردودها.
كما أن الاحتياطي من الأراضي القابلة للزراعة محدود جدا، فقد ارتفعت الرقعة الزراعية في المغرب الأقصى من 7.9 مليون هكتار خلال السبعينات إلى 9.2 مليون في التسعينات وقد تم غالبا على حساب السهوب والمراعي الجماعية. إلا أن إمكانيات تمديد الأرض الزراعية إلى ما فوق ذلك يعتبر صعبا، لأن هذا التمديد لن يتم إلا على أراضي شديدة الهشاشة والحساسية. وبالتالي سوف تكون له عواقب بيئية وخيمة.
والاحتياطي الوحيد من الأراضي الذي يمكن اعتباره مهما ه وذاك الذي يحتويه القطر السوداني حيث لا يستغل حاليا سوى خمس الأراضي القابلة للزراعة. إلا أن عدم الاستقرار لم يسمح أبدا بإقامة مشاريع زراعية تذكر، بل عرفت البلاد أزمات إنتاجية شديدة كان من جرائها خصاص قومي عام، بل مجاعات إقليمية خطيرة.
ذلك أن النمو الديموغرافي خلال العقود الأخيرة جعل نصيب المساحة الزراعية لكل فرد يتضاءل بشكل سريع. هذا النصيب يصل إلى أقصاه في السودان بمقدار نصف هكتار للفرد الواحد، ويتراوح في دول المغرب العربي بين 0.31 و0.5 وينزل إلى 0.1 هكتار في الدول الصحراوية مثل السعودية أو موريتانيا أو الدول الجبلية مثل لبنان وينزل إلى ما دون ذلك في مصر، البلد الذي يعتمد فيه التوسع الزراعي على تمديد الري، وهوما يتم فعلا بسبب إقامة مشاريع ضخمة للسقي في الصحراء وسيناء.
هذا النمو السريع في الساكنة (مثلا مرور عدد سكان مصر من 54 مليون نسمة سنة 1985 إلى 65 مليون اليوم يخلق وضع عدم توازن بين الحاجة إلى الغذاء وإنتاجه. كما أن النمو الحضري يتزايد بوثيرة سريعة بسبب الهجرة القروية ويستنزف اليد العاملة للأرياف، الشيء الذي يؤدي إلى انخفاض الإنتاج نحو بعض البقاع المفروغة، كما هو الحال في السودان والصومال. أما الاعتماد على الموارد الزراعية في الإنتاج القومي العام فه وجد مختلف حسب الأقطار. ففي بلدان الخليج العربي حيث الدخل القومي مرتفع (فوق 6000 دولار للفرد في السنة) لا تساهم الزراعة إلا بأقل من 5% من قيمة الناتج الإجمالي والوضع صحيح كذلك بالنسبة لليبيا. أما في البلدان المتوسطة الدخل القومي، مثل مصر والجزائر، والعراق والمغرب، حيث يتراوح نصيب الفرد ما بين 500 و 6000 دولار، فإن الاعتماد على الإنتاج الزراعي يكون مهما عادة ما بين 10 و 27% . وهو يساوي 12% في الجزائر 18% في العراق، 19 في المغرب، 21 في مصر و 27% في سوريا. وفي البلدان ضعيفة الدخل القومي أقل من 500 دولار للفرد ترتفع حصة الفلاحة من الناتج القومي الإجمالي (37) في موريتانيا والسودان،65% في الصومال، وهذا ينبئ بحدوث كوارث بيئية هامة في الدول التي تعتمد كثيرا على الفلاحة للرفع من إنتاجها القومي، ذلك أنه بحثا عن الحفاظ على مدخول الفلاحة مرتفعا، وجريا وراء الرفع من الإنتاج، تضطر هذه المجتمعات إلى التكثيف من الاقتلاع والاستغلال، وهذا لا يمكن أن يتم " في هذه البلدان التي لا تتمتع بالتقدم التكنولوجي الكافية إلا على حساب الموارد الطبيعية وبالتالي على الرأسمال الذي تمثله، كما تشير نسبة مساهمة الفلاحة في الاقتصاد القومي إلى مدى تأثر هذا الاقتصاد بكل ما يطرأ على المنتوج الفلاحي من تغيرات مؤقتة من جراء كوارث طبيعية، كالجفاف أو الفيضانات.