الجغرافية الطبيعية
الجغرافية الحيوية
جغرافية النبات
جغرافية الحيوان
الجغرافية الفلكية
الجغرافية المناخية
جغرافية المياه
جغرافية البحار والمحيطات
جغرافية التربة
جغرافية التضاريس
الجيولوجيا
الجيومورفولوجيا
الجغرافية البشرية
الجغرافية الاجتماعية
جغرافية السكان
جغرافية العمران
جغرافية المدن
جغرافية الريف
جغرافية الجريمة
جغرافية الخدمات
الجغرافية الاقتصادية
الجغرافية الزراعية
الجغرافية الصناعية
الجغرافية السياحية
جغرافية النقل
جغرافية التجارة
جغرافية الطاقة
جغرافية التعدين
الجغرافية التاريخية
الجغرافية الحضارية
الجغرافية السياسية و الانتخابات
الجغرافية العسكرية
الجغرافية الثقافية
الجغرافية الطبية
جغرافية التنمية
جغرافية التخطيط
جغرافية الفكر الجغرافي
جغرافية المخاطر
جغرافية الاسماء
جغرافية السلالات
الجغرافية الاقليمية
جغرافية الخرائط
الاتجاهات الحديثة في الجغرافية
نظام الاستشعار عن بعد
نظام المعلومات الجغرافية (GIS)
نظام تحديد المواقع العالمي(GPS)
الجغرافية التطبيقية
جغرافية البيئة والتلوث
جغرافية العالم الاسلامي
الاطالس
معلومات جغرافية عامة
مناهج البحث الجغرافي
العربة والسيارة
المؤلف: محمد رياض
المصدر: جغرافية النقل
الجزء والصفحة: ص267 ــــ 271
2024-06-26
549
عرف الإنسان استخدام العجلة الحربية منذ القدم، وطوَّر عربة العجلات لنقل الأشخاص والسلع بعد ذلك. وأقدم ما لدينا من الأدلة يشير إلى وجود العجلة عند السومريين حوالي 3500 ق.م، وأنها في حدود الألف الثالثة قبل الميلاد كانت شائعة في سهول العراق، وأنها دخلت وادي السند حوالي 2500 ق.م، واستخدمها أصحاب الحضارة المينوية في كريت 2000 ق.م، كما كانت شائعة في الأناضول في التاريخ نفسه وعرفها المصريون طريق غزو الهكسوس لمصر – حوالي 1650 ق.م. وتظهر العجلة أيضًا في الصين حوالي 1450 ق.م (حضارة أنيانج في إقليم هونان).
وأقدم أنواع العربات هي تلك التي تستخدم عجلتين (دولابين) فقط. وقد عرفت العربة ذات العجلات الأربع فيما بعد، لكن استخدامها ظل محدودًا وغير مرغوب لفترة طويلة. ويرجع ذلك إلى أن القدماء يستطيعوا أن يطوروا بنجاح قرصًا يدور معه المحور الذي يربط العجلتين الأماميتين عندما تلفُ العربة يمينا ويسارًا. وفيما يمكن أن نستخلصه من الآثار الرومانية لم يتمكن الرومان من تحقيق ذلك أيضًا؛ ولهذا ظلت العربة ذات العجلتين شائعة الاستخدام لفترة طويلة، لسهولة استخدامها، ولكنها بدون شك أقل في كفاءتها للنقل من العربة ذات العجلات الأربع ولم تكن هذه هي العقبة الرئيسية أما تطوير العربة للنقل الثقيل، بل كانت هناك مشكلة ربط الحيوان إلى العربة؛ ففي الماضي كانت الطريقة الشائعة .
استخدام حلقة هي من الجلد توضع في رقبة الحيوان تشده إلى العربة، وبذلك كان الجر يتجنب قوة الكتفين ويكتفي بالرقبة؛ مما كان يعوق تنفس الحيوان، ولا يؤدي إلى استخدام جيد لقوة السحب الكامنة في عضلات الحيوان. وفي القرن العاشر والحادي عشر الميلادي تمكن الإنسان من تغيير طريقة ربط الحيوان إلى العربة وهذه الطريقة كانت عبارة عن إسار من الجلد الناشف يستقر فوق لوح الأكتاف؛ مما يؤدي إلى استخدام أمثل لكل طاقة الحيوان، ولا يعوق تنفسه، وترتب على ذلك أيضًا ازدياد سطح العربة ووزن السلع المنقولة. وقد شاع استخدام هذه الطريقة ابتداءً من القرن الثالث عشر.
وعلى هذا فإن التطور كان بطيئًا جدًّا، ربما استغرق ألفي عام أو أكثر في المناطق المختلفة، حتى أمكن للإنسان أن يطور استخدامًا أمثل لمبدأي العجلة وقوة الشد الحيوانية، وبعد ذلك تتالت الاستحداثات بسرعة؛ ففي القرن السادس عشر ظهرت أول عربة تستخدم اليايات (زنبركات حديدية) التي كان من شأنها امتصاص الصدمات التي تتعرض لها العجلات في دوراتها على الطريق، وبذلك أمنت قسطًا كبيرًا من الراحة لركاب العربة، أو من الأمن بالنسبة للسلع القابلة للكسر. وفي القرن الثامن عشر هجنت أوروبا عامة وفي بريطانيا بصفة خاصة . أنواعًا من الخيول للجر تختلف عن خيول الركوب. وكانت الصفة الأساسية التي نجح المختصون في تثبيتها في السلالة المهجنة، طاقة عضلية كبيرة وحجم كبير للحصان، وذلك على عكس الرشاقة والجمال اللذين كانا يميزان حصان الركوب من أجل السرعة، وبذلك أمكن تطوير طاقة جر حيوانية كبيرة، وفي منتصف القرن التاسع عشر جاءت الخطوة الأخيرة في تطوير عربات النقل، وهي بناء العربة بطريقة تسمح لها بحمل أوزان تراوحت بين ستة وتسعة أطنان.
وعلى هذا بلغ النقل بالعربات ذروته في النصف الثاني من القرن الماضي بعد أن اكتملت له خبرة ألفين إلى ثلاثة آلاف عام : العجلة - العربة ذات العجلتين - طريقة ربط الحيوان إلى العربة - ابتكار اليايات لامتصاص الصدمات - العربة ذات العجلات الأربع - تهجين خيول قوية للجر - بناء العربة بطريقة تسمح باتساع مسطحها فأصبحت أداة نقل سلعي ممتازة ولكن ما إن اكتملت كل تلك المعارف التكنولوجية حتى اقتطفت ثمارها الثورة الصناعية في النقل بابتكار القطار البخاري ثم ابتكار غرفة الاحتراق الداخلي ومن ثم السيارة، وهي . في هذا تشابه تماما المصير الذي آلت إليه السفن الشراعية. فبعد أن اكتملت معارف الإنسان في فن الملاحة البحرية واستخدام الرياح والتيارات البحرية، وازدياد حمولة السفن، جاءت الثورة الكبرى باستخدام طاقة البخار بدلا من الرياح في دفع السفن. وعلى وجه العموم فإن تطور النقل بالعربات يوضح لنا أن الإنسان استخدمها استخدامًا جيدًا، لدرجة أن المبادئ التي سار عليها هي . نفسها التي اتبعها النقل البري الحديث فيما بعد؛ فقد عمم الإنسان استخدام العربة في خطوط منتظمة بين مدن معينة ابتداءً من أواخر القرن السادس عشر؛ ففي منطقة لندن والريف الإنجليزي ظهرت خطوط «العربات الطائرة منذ 1635 ، وفي 1669 أدت التحسينات المستمرة إلى زيادة سرعة تلك العربات الطائرة إلى 80 كيلومترًا في اليوم الواحد لكن هذه السرعة لم تكن شائعة إلا على الطرق الجيدة، وفي خلال فصل الصيف فقط؛ لأن أمطار الشتاء كانت تعرقل الحركة كثيرًا.
وفي أواخر القرن السابع عشر كانت لهذه العربات خطوط منتظمة تنطلق من مركزها من لندن إلى شتى الاتجاهات المختلفة : إلى أكستر ونيوكاسل وشستر وأدنبرة . إلخ. وفي منتصف القرن الثامن عشر كانت المسافة بين لندن وأدنبرة تُقطع في عشرة أيام، لكن التحسينات الناجمة عن انتشار الطرق المكدامية الإنجليزية جعل في الإمكان قطع المسافة ذاتها في أربعة أيام ابتداءً من عام 1776 ، ومع استمرار تحسن الطرق أصبح بإمكان هذه العربات السريعة (إكسبريس ) أن تبلغ سرعة راكب الجواد، وفي 1836 أصبحت المسافة بين لندن وأدنبرة تُقطع في 46 ساعة فقط.
وعلى النحو ذاته كان الاهتمام موجهًا إلى عربات نقل السلع ذات الغطاء المصنوع من القماش السميك، وابتداءً من منتصف القرن الثامن عشر أصبح لهذه العربات خطوط منتظمة؛ فعلى سبيل المثال كانت هناك خطوط تصل مدينة برمنجهام بـ 168 مدينة أخرى في عام 1760، وقبل بدء عصر السكك الحديدية بقليل زاد عدد العربات والرحلات بين لندن وبرمنجهام إلى 122 رحلة في الأسبوع، وبين برمنجهام ومانشستر إلى 119 رحلة أسبوعيًا، وبين برمنجهام وليفربول إلى 68 رحلة أسبوعيًا. ولكن النقل المائي الداخلي، والشاطئ البحري كانا أرخص من النقل السلعي على تلك العربات. وكذلك كان الحال بالنسبة لنقل الأشخاص؛ مما أدى إلى عدم اكتراث وسائل النقل المائي كثيرًا بالمنافسة الضئيلة التي ظهرت من جانب النقل بالعربات. لكن هذه النظرة سرعان ما تغيرت وشعرت وسائل النقل المائي بالمنافسة الحقيقية بظهور النقل الحديدي وانتشاره كوسيلة سريعة للنقل على اليابس. وجاءت الضربة الثانية التي تلقاها النقل المائي الداخلي حينما ظهرت السيارة إلى الوجود. وقد جاء اختراع السيارة نتيجة لمجهودات عدد كبير من المخترعين، لكن أهم مشكلتين في السيارة كانتا (1) اختراع جهاز معقول الحجم لتحريك السيارة. (2) ابتكار عجلات ملائمة للسيارة، وإلى جوتليب داملر G. Daimler الذي يظهر اسمه مع بنز Benz في شركة سيارات مرسيدس (الألمانية يرجع الفضل في اختراع غرفة الاحتراق الداخلي في عام 1885، وبذلك أصبح هناك محرك ذو حجم معقول لتحريك السيارة. وفي 1888 ابتكر جون دنلوب J. Dunlop الإطارات الهوائية لتسهيل حركة السير على الطريق، وقد ترتب على التطورات العديدة التي مرت بها السيارة بعد ذلك في أواخر القرن الماضي وأوائل القرن الحالي، أن أصبحت السيارة بمعناها الواسع؛ أي السيارات الخاصة وأنواع الشاحنات المختلفة، وسيلة نقل أساسية من بين مجموعة وسائل النقل البري الأخرى. وكذلك أصبحت وسيلة النقل المسيطرة في المدن وفي المسافات المتوسطة. كما أنها وسيلة النقل الرئيسية في عدد من المناطق، وخاصة في المناطق التي يصعب فيها مد الخطوط الحديدية، إما لأسباب طبيعية ( وعورة) التضاريس وحدة زوايا المنحدرات) وإما لأسباب اقتصادية (حركة نقل قليلة إلى متوسطة لا يصبح معها إنشاء الخطوط الحديدية عملا رابحًا). وكذلك أصبحت السيارة نمط النقل السائد في كثير من المناطق النامية لسهولة تشغيلها اقتصاديًا بالمقارنة بتكاليف إنشاء الخطوط الحديدية. وأخيرًا أصبحت السيارة نمط نقل الأشخاص في كثير من الدول المتقدمة التي تمتلك شبكة طرق برية سريعة. ويرجع تفوق السيارة في النقل البري بمواصفاته سابقة الذكر، إلى عدد من الصفات التي تميزها بالقياس إلى الوسائل الأخرى. وأهم هذه الصفات ما يلي:
(1) أن المحرك ذو حجم صغير نسبيًّا، ويستهلك وقودا محدودا.
(2) أن الإطارات الهوائية للسيارة تجعلها قابلة للاستخدام في مناطق الطرق غير المُعَبَّدة تعبيدًا جيدًا؛ إذ إن كل احتياج السيارة درب صلب نسبيًّا غير حجري وعر، ولا رملي، والعوائق الأساسية هي: الوحول والرمال والجليد ولكن السيارة يمكن أن تتفادى الوحول والرمال إذا كانت مجهزة بإطارات عريضة. وكذلك لا تساعد الطرق المغطاة بالثلوج على السير، ولكن ذلك يمكن تفاديه بإضافات محدودة غير مكلفة (سلاسل حديدية أو إطارات خاصة).
(3) حجم السيارة (خاصة أو شاحنة) يمكن استخدامها بمرونة تامة في شوارع المدن؛ وبالتالي فإن السيارة هي الوسيلة الفعلية للنقل من «الباب للباب». أما النقل الحديدي من الباب للباب فإنه في الحقيقة استعارة من النقل البري، ولا يتم بدون استخدام السيارة من المصنع أو السوق إلى محطات السكك الحديدية.
(4) النقل البري في مجموعه أوفر من النقل الحديدي إذا توفرت شروط خاصة، فحيث تكون حركة السلع والناس غير كثيفة. وفي الوقت نفسه متعددة الاتجاهات، ومتوسطة المسافات، فإن النقل البري يكون أكثر اقتصادًا في نفقات التشغيل، ويصبح هو وسيلة النقل المسيطرة. ويحدث ذلك غالبًا في الدول النامية، والدول صغيرة المساحة، وفي المناطق الجبلية. وتنطبق هذه الشروط كثيرًا على لبنان، فليست هناك حركة نقل سلعي ذات أحجام كبيرة كتلك التي تحتاجها الصناعة في البلاد المتقدمة. ويقتصر النقل السلعي فيها على تجارة التجزئة، والمساحة الصغيرة للبنان، مع وجود النطاق الجبلي فيها، وتركز العمالة في عالم الخدمات في بيروت، كلها عوامل ساعدت على أن يصبح النقل البري بالسيارات هو النمط الأساسي للنقل في الدولة؛ ولهذا فإن شبكة الطرق البرية فيها كثيفة بالمقارنة بمساحتها، وعدد السيارات كبير بالنسبة لعدد السكان ويزيد من أهمية الطرق البرية في لبنان أنها في مجموعها دولة ترانزيت لتجارة بعض دول الشرق الأوسط.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
6 ينطوي استخدام العجلة (الدولاب) على مبدأين الاستخدام الأفقي كما في دولاب الفخار، والاستخدام الرأسي في النقل. وكان المتوقع أن تعرف حضارة ما المبدأين معًا، لكن المصريين عرفوا عجلة الفخار قبل ألف سنة على الأقل من استخدام العجلة في النقل، وحدث العكس تمامًا في كريت وشمال أوروبا، فعجلة النقل عندهم أقدم بحوالي قرنين من استخدامهم عجلة الفخار.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ