الجغرافية الطبيعية
الجغرافية الحيوية
جغرافية النبات
جغرافية الحيوان
الجغرافية الفلكية
الجغرافية المناخية
جغرافية المياه
جغرافية البحار والمحيطات
جغرافية التربة
جغرافية التضاريس
الجيولوجيا
الجيومورفولوجيا
الجغرافية البشرية
الجغرافية الاجتماعية
جغرافية السكان
جغرافية العمران
جغرافية المدن
جغرافية الريف
جغرافية الجريمة
جغرافية الخدمات
الجغرافية الاقتصادية
الجغرافية الزراعية
الجغرافية الصناعية
الجغرافية السياحية
جغرافية النقل
جغرافية التجارة
جغرافية الطاقة
جغرافية التعدين
الجغرافية التاريخية
الجغرافية الحضارية
الجغرافية السياسية و الانتخابات
الجغرافية العسكرية
الجغرافية الثقافية
الجغرافية الطبية
جغرافية التنمية
جغرافية التخطيط
جغرافية الفكر الجغرافي
جغرافية المخاطر
جغرافية الاسماء
جغرافية السلالات
الجغرافية الاقليمية
جغرافية الخرائط
الاتجاهات الحديثة في الجغرافية
نظام الاستشعار عن بعد
نظام المعلومات الجغرافية (GIS)
نظام تحديد المواقع العالمي(GPS)
الجغرافية التطبيقية
جغرافية البيئة والتلوث
جغرافية العالم الاسلامي
الاطالس
معلومات جغرافية عامة
مناهج البحث الجغرافي
العنصر البشري في النقل
المؤلف: محمد رياض
المصدر: جغرافية النقل
الجزء والصفحة: ص169ـــ171
2024-06-23
508
لما كان النقل عملية بشرية محضة تربط بين الإنتاج والاستهلاك في منطقة محلية، أو بين مدينة وظهيرها أو على مستوى إقليمي واسع، فإن العامل البشري يبرز لنا أولا وقبل كل شيء كعنصر أساسي في أنماط النقل، بل هو يكون البناء الأسفل الذي تقوم فوقه كل مقومات النقل الأخرى، ولكن نظرًا لأن هذه حقيقة شائعة، فإن الإشارة إلى العنصر البشري لن تظهر كثيرًا في الصفحات التالية إلا حينما تدعو الحاجة إلى تفسير نمط شاذ أنماط النقل، أو بعبارة أخرى حينما لا يظهر النقل بصورة واضحة في إقليم ما، أو حينما تشتد كثافة النقل بصورة هائلة في منطقة مامن وسبب هذا الشذوذ في نمط النقل إنما يرجع أولا وقبل كل شيء إلى نوع الاقتصاد السائد، ففي المناطق التي تسيطر عليها اقتصاديات الجمع جمع النباتات التي تنمو طبيعيا، والصيد والسماكة وفي المناطق التي يكون نمط الاقتصاد فيها أوليًا زراعة أولية أو رعي تقليدي فإن نمط النقل لا ينمو إلا في أبعاد ضيقة تتحدد بانتقال الأشخاص في أغلب الأحيان؛ ذلك أن هذه الأشكال من الاقتصاد في أساسها يمكن أن تُسمَّى اقتصاديات الاكتفاء الذاتي أو الإعالة أو اقتصاد الإعاشة؛ فالإنتاج يتوازى بدرجات ة حسب ظروف طبيعية أو بشرية مختلفة - مع المتطلبات الغذائية للمجتمع ؛ ومن ثم فإنه يمكن لنا أيضًا أن نسميها اقتصاديات إنتاج الغذاء، وفي مثل هذه الحالات نجد المجتمعات تتكون من وحدات إنتاجية أو اقتصادية صغيرة العدد مبعثرة أو متركزة في مناطق الحصول على الغذاء مباشرة، وهي بذلك ليست في حاجة إلى تطوير وسائل نقل خاصة بالمنتجات الغذائية إلا في أضيق الحدود.
وفي المناطق التي يتكاثف فيها النقل بدرجات فوق العادة، فإن ذلك يعكس صورة مناطق نشاط احتكارية أكثر من اللازم، وتظهر هذه المناطق في الوقت الحاضر في نطاقات صغيرة المساحة شديدة الجاذبية في داخل الدول الصناعية، مثل حوض الرور أو منطقة ساحل بحيرة إيري الجنوبي أو منطقة شيكاجو أو منطقة لندن ونيويورك وباريس وموسكو. ولقد نمت هذه المناطق الاحتكارية بفضل ظروف تاريخية وظروف علاقات المكان وظروف توفر الخامات في عصر الصناعة الحديثة، بالإضافة إلى نمو وظائف الخدمات في المدن العملاقة، وعلى رأسها وظائف خدمات التجارة بشتى أشكالها الداخلية والخارجية والترانزيت. ومثل هذا التركيز الشديد، وإن كان من الناحية الاقتصادية مرتبطًا بالتكامل الصناعي والتجاري الاحتكاريين، إلا أنه من الناحية الاستراتيجية أصبح يكون نمطًا تاريخياً على عكس النمط الانتشاري الصناعي الحالي في الدول الكبرى الجديدة، وهو من ناحية النقل يُمثل عبئًا ضخمًا على كافة وسائل النقل؛ مما يدعو إلى المزيد منها فوق ما فيها من كثافة، ولا شك أن المزيد من وسائل النقل في هذه المناطق أصبح أمرًا شديد التكلفة بصورة تسترعي الانتباه، فأسعار الأراضي في مثل هذه المناطق عالية جدا، وإعادة تنظيم المباني ونهايات الطرق البرية أو الحديدية أو النهرية أو البحرية في حالة الموانئ أيضًا تصبح شديدة التكلفة، ويدعو هذا أو ذاك إلى كثرة بناء الطرق المعلقة للنقل البري أو الأنفاق للنقل الحديدي والبري. ولا شك أن الاستثمارات في هذه الطرق أصبحت حدية؛ ومن ثم فإن تكلفتها تعود بدون شك على السلع المنتجة فترتفع أسعارها.
وهكذا فان التكثيف الشديد لوسائل النقل في المناطق الاحتكارية . اقتصاديات الصناعة أمر لا يعود بالنفع على السلع المنتجة في وجه المنافسة العالمية، ويؤدي أيضًا إلى سلسلة من التفاعلات في رفع الأسعار ومطالبات رفع الأجور لمواجهة ارتفاع نفقات المعيشة، ثم تفشي البطالة والتضخم والكساد أو نمو صناعات الحرب ؛ ومن ثم فإن نمط المناطق المحتكرة يجب أن يتغير لحل الكثير من هذه المشكلات الاقتصادية والسياسية والاستراتيجية.
وفيما عدا هذين الاستثناءين في شكل النقل، فإن النقل عامة يخضع لتوزيع الكتل البشرية والأسواق على أساس من الكم والنوع الكم يساوي سوقًا رائجة لسلع الإنتاج الكبيرة Mass Production ، والنوع يساوي سوقًا رائجة لأنواع مختارة من السلع ذات القيمة النادرة وبالتالي القيمة النقدية العالية. فالهند سوق رائجة للمنسوجات القطنية العادية، وسويسرا سوق رائجة للمنسوجات القطنية الدقيقة الصنع، والأسماك المعلبة تجد سوقًا رائجة بين الفقراء ومتوسطي الدخل في أوروبا، بينما الأسماك المجمدة تجد سوقها عند الأغنياء في شعوب أوروبا.