x

هدف البحث

بحث في العناوين

بحث في المحتوى

بحث في اسماء الكتب

بحث في اسماء المؤلفين

اختر القسم

القرآن الكريم
الفقه واصوله
العقائد الاسلامية
سيرة الرسول وآله
علم الرجال والحديث
الأخلاق والأدعية
اللغة العربية وعلومها
الأدب العربي
الأسرة والمجتمع
التاريخ
الجغرافية
الادارة والاقتصاد
القانون
الزراعة
علم الفيزياء
علم الكيمياء
علم الأحياء
الرياضيات
الهندسة المدنية
الأعلام
اللغة الأنكليزية

موافق

الحياة الاسرية

الزوج و الزوجة

الآباء والأمهات

الأبناء

مقبلون على الزواج

مشاكل و حلول

الطفولة

المراهقة والشباب

المرأة حقوق وواجبات

المجتمع و قضاياه

البيئة

آداب عامة

الوطن والسياسة

النظام المالي والانتاج

التنمية البشرية

التربية والتعليم

التربية الروحية والدينية

التربية الصحية والبدنية والجنسية

التربية العلمية والفكرية والثقافية

التربية النفسية والعاطفية

مفاهيم ونظم تربوية

معلومات عامة

الاسرة و المجتمع : التربية والتعليم : التربية الروحية والدينية :

أنواع جهاد النفس

المؤلف:  الشيخ علي رضا بناهيان

المصدر:  النظام التربوي الديني

الجزء والصفحة:  ص 59 ــ 65

2024-05-29

274

على أساس تقسيم شامل جدا، تنقسم مقاومة النفس على شكلين، وأرجوا أن نوفق لدراسة كلا الشكلين، فتارة ترغب في شيء ولم تعطه، فلابد أن تتحمل هذا الحرمان وتصبر، بل يجب أن ترضى بما قسم لك. وتارة أخرى تشتهي شيئاً تملكه وتقدر عليه، ولكن يجب أن لا تمد يدك عليه وتكفّ عنه. فكلا هذين الشكلين هما نوعان لجهاد النفس.

يفرض الله عليك نوعين من الجوع؛ فتارة تصفر يدك من المال لتأكل بها شيئا، وتارة تملك مالا ولكنك صائم. فهناك عملان لابد لك منها في مسار جهاد النفس؛ الطاعة والرضا؛ الطاعة في قبال التكليف، والرضا في قبال التقدير.

وهنا تظهر بعض النفوس عقدها وأمراضها، فقد يسأل الله أحد أن يغنيه ولا يحرمه شيئا، على أن يكف هو بنفسه عن بعضها بدافع التكليف! وهذا ما لا ينسجم مع الأطروحة الإلهية، إذ إن الله شاء أن يحرمنا من بعض مشتهياتنا تقديرا ولا تكليفا، ليمتحن مدى رضانا بتقديره. إنه يعلم جيدا مدى حاجة الإنسان إلى مال الدنيا ولوازم الحياة، ولكنه شاء أن يحرم الناس من بعضها، ليرى ما يخطر في قلوبهم وما رأيهم. فلماذا خلقهم الله أناسا؟ إنما ذلك من أجل جهاد النفس. يبدأ موسم الرضا بقدر الله من السنة السابعة، وكذلك موسم الطاعة فإنه يبدأ من ذاك الوقت. فلابد أن نبدأ بمصارحة الصبي بحقيقة الحرمان والمنع من ذاك الوقت.

أرجوكم أيها الإخوة أن لا تجعلوا جهاد النفس كفضيلة إلى جانب سائر الفضائل، فإن هذه الرؤية جفاء بحق هذا الموضوع وفلسفة خلق الإنسان، وجفاء بحق الدين كله. إذ إن جهاد النفس ليس بواحد من المواضيع بل هو أصل حياتنا ومن أجله خلقنا.

ـ ألا يتعارض هذا البحث مع الروايات المؤكدة على العمل وكسب الرزق؟

لإ يخفى عليكم أيها الإخوة أنني لم أبلّغ لدين انفعالي بلا أثر. فلا تسألوني بعد المحاضرة عن الروايات التي تدعونا إلى مكافحة الفقر والعمل الاقتصادي، إذ إنها لا تتعارض مع هذه الأبحاث بل تؤكدها. فإن جمال الأطروحة الإلهية هو أن لابد من أن تسعى ضد عيلتك، أما إذا أصابك فقر رغما على سعيك وعملك فلا تحزن كثيرا، وابتسم رضاً بقضاء ربك.

لعلك تقول: (إذا كان الله قد قدر علينا بعض المشاكل رغما على اجتهادنا وسعينا، فلماذا نعمل ونجتهد، ولنترك الدنيا برمتها إلى أن نموت جوعا). الجواب هو أن لو كان القرار على أن لا تسعى لإبعاد الفقر عن حياتك، لما استطعت بذلك أن تنتج القيمة المضافة. ولكن المشكلة وصعوبة هذا الإنتاج هو أنك مكلف بالعمل وتعمل فعلا لكسب الرزق الحلال، فيقدر الله لك من يعتدي على أموالك وينهب ما حصلت عليه بكد يمينك، فتتألم وتحترق. فاذا استطعت أن ترضى بقدر الله وقضائه وتبتسم في أعماق قلبك، يرتقي مستواك وتنتج شيئا من القيمة المضافة. ولا شك في أن هذا الرضا لا يتعارض مع غضبك على المعتدي والسعي لاقتصاص حقك منه.

لقد أوجب الله علينا العمل وطلب الرزق وأذاقنا حلاوة الغنى وكسب المال، ثم يسلب منا المال بأنواع الحيل والأساليب في منعطفات الحياة وأحداثها. إنها لأطروحة الله الرائعة في إذاقة عباده مرارة الحرمان، وذلك في سبيل توفير أرضية جهاد النفس الذي خلق من أجله الإنسان.

هل في ترك اللذة لذة

بعد هذا الكلام كله، يبقى سؤال لابد من طرحه، وهو ما حلاوة هذه الأطروحة؟! لعلك تقول لي: قررنا على تحمل مرارة حياة الدنيا في قضائها وتكليفها، فما لنا والسؤال عن اللذة والحلاوة؟! ولكن هل يمكن أن يفرض الله على الإنسان عملا مرا ثم لا يذيقه حلاوة في هذه الدنيا قبل الآخرة؟! كان يقول الشيخ بهجت: (إن طويت طريق السعادة، فمن المحال أن لا يذيقك الله طعمه في هذه الدنيا). فاين حلاوة هذه المرارة؟ إن حلاوة هذه المرارة هي أنك قد جاهدت نفسك من أجل أحدٍ، وهو الله سبحانه. والله هو الذي سوف يذيقك حلاوة تنتعش بها. أيها الأحبة! إننا قد خلقنا من أجل الله نفسه ومن أجل التقرب إليه ومن أجل شمّه ومن أجل إدراكه ومن أجل رؤيته ومن أجل الشعور به، وكل هذه الكلمات عاجزة عن حكاية تلك الحقيقة الرائعة التي يعيشها الإنسان مع ربه

لقد خلقنا من أجله وأمامنا طريق واحد للاتصال بالله وهو إنتاج القيمة المضافة عبر جهاد النفس. لابد لك في هذا المسار أن تقضي على أنانيتك، ولا سبيل لهذا الهدف سوى أن تكف عن شهواتك في مقام كسب رضا الله وطاعته. فأنك إن فعلت ذلك تزداد لطافة وخلوصا يوما بعد يوم.

فهذا شوطك والميدان ميدانك، إذهب وابحث وفتش عن أوامر الله وبرامجه لتهديك وتعينك على جهاد نفسك. إذهب وفتش عن هذه الأوامر ومواطن جهاد النفس ولو تحت التراب والصخور. فان عثرت على عشرة أحكام وعملت بها لا تقف عن التفتيش فان تبحث تجد مزيدا من أمثالها.

فلا تقف عن مجاهدة نفسك وسحق هذا التنين ذو الألف رأس الذي إن قطعت له رأسا، ينبت مكانه سبعون ألف رأس كلها تختفي تحت أغصان الحياة وأوراقها، فاستخرجها من تحتها وابدأ بقطعها واحدا بعد الآخر، ولا يزال تنمو رؤوسه إلى أن يتوفاك الله. فعند ذلك تلقي سيفك من يدك وتتنفس الصعداء.