الفضائل
الاخلاص والتوكل
الامر بالمعروف والنهي عن المنكر
الإيثار و الجود و السخاء و الكرم والضيافة
الايمان واليقين والحب الالهي
التفكر والعلم والعمل
التوبة والمحاسبة ومجاهدة النفس
الحب والالفة والتاخي والمداراة
الحلم والرفق والعفو
الخوف والرجاء والحياء وحسن الظن
الزهد والتواضع و الرضا والقناعة وقصر الامل
الشجاعة و الغيرة
الشكر والصبر والفقر
الصدق
العفة والورع و التقوى
الكتمان وكظم الغيظ وحفظ اللسان
بر الوالدين وصلة الرحم
حسن الخلق و الكمال
السلام
العدل و المساواة
اداء الامانة
قضاء الحاجة
فضائل عامة
آداب
اداب النية وآثارها
آداب الصلاة
آداب الصوم و الزكاة و الصدقة
آداب الحج و العمرة و الزيارة
آداب العلم والعبادة
آداب الطعام والشراب
آداب الدعاء
اداب عامة
حقوق
الرذائل وعلاجاتها
الجهل و الذنوب والغفلة
الحسد والطمع والشره
البخل والحرص والخوف وطول الامل
الغيبة و النميمة والبهتان والسباب
الغضب و الحقد والعصبية والقسوة
العجب والتكبر والغرور
الكذب و الرياء واللسان
حب الدنيا والرئاسة والمال
العقوق وقطيعة الرحم ومعاداة المؤمنين
سوء الخلق والظن
الظلم والبغي و الغدر
السخرية والمزاح والشماتة
رذائل عامة
علاج الرذائل
علاج البخل والحرص والغيبة والكذب
علاج التكبر والرياء وسوء الخلق
علاج العجب
علاج الغضب والحسد والشره
علاجات رذائل عامة
أخلاقيات عامة
أدعية وأذكار
صلوات و زيارات
قصص أخلاقية
قصص من حياة النبي (صلى الله عليه واله)
قصص من حياة الائمة المعصومين(عليهم السلام) واصحابهم
قصص من حياة امير المؤمنين(عليه السلام)
قصص من حياة الصحابة والتابعين
قصص من حياة العلماء
قصص اخلاقية عامة
إضاءات أخلاقية
اتّباع الهوى
المؤلف: مركز نون للتأليف والترجمة
المصدر: بحوث أخلاقية من "الأربعون حديثاً"
الجزء والصفحة: ص65-72
2024-05-24
759
عن أمير المؤمنين (عليه السلام): "إنّما أخاف عليكم اثنتين: إتباع الهوى وطول الأمل، أمّا اتباع الهوى فإنّه يصدّ عن الحقّ وأمّا طول الأمل فإنّه ينسي الآخرة"[1].
طبيعة الإنسان في ولادته ونموّه:
إنّ النفس الإنسانية رغم كونها مفطورة على التوحيد والعقائد الحقّة، إلّا أنّها في نفس الوقت منذ ولادتها وخروجها إلى هذا العالَم تنمو معها الميول النفسية والشهوات الحيوانية، فالإنسان منذ ظهوره وبعد مروره بمراحل عدّة لا يعدو أن يكون حيواناً ضعيفاً لا يمتاز عن سائر الحيوانات إلّا بقابلياته الإنسانية، وهذا الأمر يشمل نوع الإنسان بشكل عام وإن كان يُستثنى منه بعض الأفراد الذين شملهم اللطف والعناية الإلهية الخاصّة وكان عليهم حافظ قدسي، ولكنّه استثناء نادر جدّاً.
فالإنسان عند دخوله هذا العالَم تكون الصفات الحيوانية هي الفعّالة فيه، فلا معيار له سوى شريعة الحيوانات الّتي تديرها الشهوة والغضب. وبالإضافة إلى هاتين القوّتين نجد عند الإنسان صفات أخرى لم تكن ممكنة عند الحيوانات، وهي مثل الكذب والخديعة والنفاق والنميمة وسائر الصفات الشيطانية الأخرى الّتي يجمعها كلمة "هوى النفس" والّتي يلجأ إليها الإنسان ليدبّر أمور هاتين القوّتين، وهو بهذه القوى الثلاث (الغضب والشهوة وهوى النفس) يخطو ويتقدّم وينمو، وتنمو معه هذه القوى الثلاث وتتقدّم وتتعاظم، وإذا لم تقع تحت تأثير المربّي والمعلِّم، فإنّه يصبح عند الرشد والبلوغ حيواناً عجيباً يسبق حتّى الحيوانات والشياطين، ويكون أقوى وأكمل في مقام الحيوانية والصفات الشيطانية من الجميع! وستنطفئ فيه جميع الأنوار الفطرية وبالتّالي فلن يصل لشيء من المعارف الإلهية والأخلاق الفاضلة والأعمال الصالحة.
مثل هذا الإنسان لن يستطيع أن يولد ولادة ثانية إنسانية، وإذا انتقل من هذا الدار على مثل حالته فلن يرى نفسه في تلك الدار (دار كشف السرائر) إلّا حيواناً أو شيطاناً! وتكون هذه نتيجة التبعية الكاملة لأهواء النفس.
ومن هنا يتّضح أنّ ميزان البعد عن الحقّ هو اتباع هوى النفس، وبمقدار التبعية يحصل البعد.
أمّا لو استطاع الإنسان أن يجعل مملكة نفسه متأثّرة بتربية تعاليم الأنبياء والعلماء والمرشدين لاستسلم شيئاً فشيئاً لهذه التربية ولتفعّلت قواه الإنسانية الّتي كانت مطمورة في نفسه، فتظهر آثارها وتصبح هي الفلك الّذي يدور حوله كلّ ما في مملكة النفس بحيث يجعل شيطان نفسه يؤمن على يديه، كما قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "إنّ شيطاني آمن بيدي"[2] فتستسلم حيوانيته لإنسانيته وتصبح مطية مروضة على طريق عالَم الكمال والرقي وبراقاً يرتاد السماء نحو الآخرة. فكما أنّ ميزان منع الحقّ اتّباع الهوى، فكذلك ميزان اجتذاب الحقّ وسيادته هو متابعة الشرع والعقل، وبين هذين المقياسين منازل ومقامات غير متناهية.
قبح اتّباع الهوى:
يقول الله تعالى في قبح اتّباع النفس وأهوائها:
﴿وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ﴾[3].
﴿وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللَّهِ﴾[4].
وجاء في الحديث عن الإمام الباقر عليه السلام:
"قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: يقول الله عزّ وجل: وعزّتي وجلالي وعظمتي وكبريائي ونوري وعلوّي وارتفاع مكاني لا يؤثر عبد هواه على هواي إلّا شتتّ عليه أمره ولبّست عليه دنياه وشغلت قلبه بها ولم أوته منها إلّا ما قدّرت له، وعزّتي وجلالي وعظمتي ونوري وعلوي وارتفاع مكاني لا يؤثر عبد هواي على هواه إلّا استحفظته ملائكتي كفّلت السموات والأرضين رزقه وكنت له من وراء تجارة كلّ تاجر وأتته الدنيا وهي راغمة"[5].
وعن الإمام الصادق عليه السلام:
"احذروا أهواءكم كما تحذرون أعداءكم، فليس شيء أعدى للرجال من اتّباع أهوائهم وحصائد ألسنتهم"[6].
إنّ رغبات النفس وأمالها لا تنتهي، فإذا اتبعها الإنسان بخطوة واحدة، فستستدرجه للثانية ثمّ الثالثة وهكذا... فبفتحك باباً واحداً لهوى نفسك فإنّك ستصل إلى فتح كلّ الأبواب وستُبتلى بآلاف المهالك، حتّى تنغلق جميع طرق الحقّ بوجهك لا سمح الله وهو أكثر ما يخشاه النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم والأئمة )عليهم السلام(.
فإذا كنت على صلة برسول الرحمة صلى الله عليه وآله وسلم ومن محبّي أمير المؤمنين عليه السلام وأولادهما الطاهرين عليهم السلام فاسعَ لكي تزيل عن قلوبهم المباركة القلق والاضطراب، وقد جاء في القران الكريم في سورة هود:
﴿فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ ...﴾[7].
وفي الحديث أنّ النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم قال:
"شيّبتني سورة هود" لمكان هذه الآية[8].
وقد قال أحد العرفاء: "هذا على الرغم من أنّ هذه الآية قد جاءت في سورة الشورى أيضاً، ولكن من دون ﴿وَمَن تَابَ مَعَكَ﴾ إلّا أنّ النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم خصّ سورة هود بالذكر! والسبب في ذلك أنّ الله تعالى طلب منه استقامة الأمّة أيضاً، فكان يخشى أن لا يتحقّق ذلك الطلب، وإلّا فإنّه بذاته كان مستقيماً اشدّ استقامة وهو مثال العدل والاستقامة".
فاعمل على أن لا تُخجل النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم بقبيح عملك وسوء فعلك، كالولد المفسد الّذي يُخجل أباه أمام الناس ويطأطأ رأسه أمامهم! وقد ورد في الحديث عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم: "أنا وعلي أبوا هذه الأمّة"[9].
فأيّها الإنسان الغافل أهكذا تُكافئ من أحسن إليك وهكذا تصون أياديهم البيضاء نحوك؟ وقد تحمّلوا أشدّ المصائب وأفظع القتل وأقسى السبي لنسائهم وأطفالهم من أجل إرشادك ونجاتك! اخجل من نفسك واتركهم يعانون من الظلم الّذي تحمّلوه من أعداء الدِّين من دون أن تُضيف على ظلامتهم ظلامة أخرى، لأنّ الظلم من المحبّ أشدّ ألماً وأكثر قبحاً.
تعدُّد هوى النفس:
إنّ أهواء النفس متعدِّدة ومتنوِّعة بحسب ما تتعلّق به هذه الأهواء، وكلّ نوع منها له مراتبه أيضاً، الّتي قد تكون خفية في بعض الأحيان إلى درجة أنّ الإنسان لا يلاحظها ويغفل عنها. وهذه المراتب:
1- أصحاب الأهواء الباطلة الذين يعبدون الذهب وغيرها كما يخبر الله تعالى عنهم: ﴿أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ﴾[10].
2- أصحاب الأهواء والأباطيل الشيطانية في عقائدهم وأخلاقهم الفاسدة، فهم يحتجبون عنه سبحانه بصورة أخرى.
3- أصحاب المعاصي الكبيرة والصغيرة والموبقات والمهلكات يبتعدون عن سبيل الحقّ بصورة ثالثة.
4- أهل الأهواء في الرغبات النفسية المباحة مع الانشغال والانهماك فيها يتخلّفون عن سبيل الحقّ بصورة رابعة.
5- أهل المناسك والطاعات الظاهرية الذين يعبدون من أجل عمران الآخرة وتلبية الشهوات النفسية، ومن أجل البلوغ إلى الدرجات العلى، أو الخشية من العذاب الأليم والنجاة من الدركات السفلى يحتجبون عن الحقّ وسبيله بصورة خامسة.
6- أصحاب تهذيب النفس وترويضها لإظهار قدرتها في التحلّي بالصفات الكمالية، فيُفصلون عن الحقّ ولقائه بشكل آخر.
7- مقامات العارفين الذين لا يهمهم سوى لقاء الحقّ والوصول إلى مقام القرب، يحتجبون عن الحقّ وتجلّياته الخاصّة بنوع سابع، لأنّ التلوّن وآثار وجوده الخاصّ لا يزال عندهم موجوداً.
وهناك مراتب فوق تلك أيضاً، فعلى أصحاب هذه المراتب أن يراقبوا حالهم بدقّة، وأن يطهّروا أنفسهم من الأهواء لئلّا يتخلّفوا عن طريق الله تعالى ولا يضلّوا عن صراط الحقيقة المستقيم، حتّى تظلّ أبواب الرحمة مفتوحة عليهم، مهما كانت مقاماتهم ومراتبهم، والله وليّ الهداية.
طول الأمل ينسي الآخرة:
إنّ اليقظة هي أوّل منزل من منازل الإنسانية كما يقول كبار أهل السلوك في بيانهم لمنازل السالكين، فعلى الإنسان أن يلتفت إلى أنّه مسافر، والمسافر لا بدّ له من المسير، وأنّ له هدفاً يجب الحركة نحوه، وأنّ الوصول ممكن، وما لم يلتفت إلى هذه الأمور فلن يكون له عزم وإرادة.
إنّ من أهمّ أسباب عدم اليقظة هو أن يظنّ الإنسان أنّ هناك متّسع من الوقت للبدء بالسير، وأنّه إذا لم يبدأ اليوم فسيبدأ غداً.
إنّ طول الأمل هذا والظنّ بطول البقاء والرجاء بسعة الوقت والأمل بالدنيا، يمنع الإنسان من التفكير في المقصد الأساسي الّذي هو الآخرة، ويبعث الإنسان على نسيانه وعدم التزوّد لهذا السفر، ومن لم يتهيّأ لهذا السفر الطويل المحفوف بالمخاطر ولم يعدّ العدّة - مع ضيق الوقت - سيتعثّر ويسقط أثناء الطريق ويهلك دون أن يهتدي إلى سبيل.
إنّ أمامك رحلة خطرة لا مناص لك منها، وما يلزمها من عدّة وعدد وزاد وراحلة هو العلم والعمل الصالح. وهي رحلة ليس لها موعد معيّن، فقد يكون الوقت ضيّقاً جدّاً، فتفوتك الفرصة. إنّ الإنسان لا يعلم متى يُقرع ناقوس الرحيل للانطلاق فوراً.
فيا أيُّها القلب الغافل! انهض من نومك وأعدّ عدّتك للسفر "فقد نودي فيكم بالرحيل"[11]، وعمّال عزرائيل منهمكون في العمل ويمكن في كلّ لحظة أن يسوقوك سوقاً إلى العالَم الأخر، ولا تزال غارقاً في الجهل والغفلة!
"اللهمّ إنّي أسألك التجافي عن دار الغرور، والإنابة إلى دار السرور والاستعداد للموت قبل حلول الفوت"[12].
[1] الكافي، ج 2، ص 335.
[2] عوالي اللئالي، ابن أبي جمهور الأحسائي، ج 4، ص 97. ونصُّ الحديث هو هذا: ما منكم أحد إلّا وله شيطان، فقيل له:وأنت يا رسول الله؟فقال:وأنا، ولكن أعانني الله عليه فأسلم".
[3] سورة ص، الآية: 26.
[4] سورة القصص، الآية: 50.
[5] الكافي، ج 2، ص 335.
[6] م.ن، ج 2، ص 335.
[7] سورة هود، الآية: 112.
[8] علم اليقين، ج 2، ص 971.
[9] بحار الأنوار، ج 36، ص 11.
[10] سورة الجاثية، الآية: 23.
[11] نهج البلاغة، خطبة 204.
[12] مفاتيح الجنان، دعاء ليلة السابع والعشرين من شهر رمضان.