x

هدف البحث

بحث في العناوين

بحث في المحتوى

بحث في اسماء الكتب

بحث في اسماء المؤلفين

اختر القسم

القرآن الكريم
الفقه واصوله
العقائد الاسلامية
سيرة الرسول وآله
علم الرجال والحديث
الأخلاق والأدعية
اللغة العربية وعلومها
الأدب العربي
الأسرة والمجتمع
التاريخ
الجغرافية
الادارة والاقتصاد
القانون
الزراعة
علم الفيزياء
علم الكيمياء
علم الأحياء
الرياضيات
الهندسة المدنية
الأعلام
اللغة الأنكليزية

موافق

الحياة الاسرية

الزوج و الزوجة

الآباء والأمهات

الأبناء

مقبلون على الزواج

مشاكل و حلول

الطفولة

المراهقة والشباب

المرأة حقوق وواجبات

المجتمع و قضاياه

البيئة

آداب عامة

الوطن والسياسة

النظام المالي والانتاج

التنمية البشرية

التربية والتعليم

التربية الروحية والدينية

التربية الصحية والبدنية والجنسية

التربية العلمية والفكرية والثقافية

التربية النفسية والعاطفية

مفاهيم ونظم تربوية

معلومات عامة

الاسرة و المجتمع : معلومات عامة :

النظام ودوره الكبير في توفيق الانسان

المؤلف:  جماعة من العُلماء

المصدر:  نحو حياة أفضل

الجزء والصفحة:  ص 135 ــ 141

2024-05-14

270

ان الفهرست المنظم للكتاب يسهل بلا ريب مطالعته والتعرف على مواده بسرعة، وإن لم ينظم كلمات دوائر المعارف وقواميس اللغة على النحو الابجدي مثلا فانه من الصعوبة جداً العثور على المصطلحات والمواد المطلوبة.

والمكتبة المجهزة بفهارس دقيقة مرتبة حسب الموضوعات أو أسماء الكتب أو غير ذلك تعتبر أفضل هادٍ للمحققين والمطالعين.

وإذا امتلكت الدوائر أماكن للمحفوظات والاضبارات حيث ينظم وضعها بشكل معين فأنها يمكن ان تقوم بتمشية أعمال المراجعين بسرعة ودقة.

وغفلة واحدة أو فوضى بسيطة جداً أو اشتباه صغير في حسابات إطلاق وهداية السفن الفضائية الكبرى من الممكن ان يؤدي إلى تركها حائرة في الفضاء البعيد.

ان النظام له دوره الكبير في توفيق الإنسان وانتصاره، كما اننا لو نظمنا ساعات عملنا ونشاطنا، وأوقات فراغنا واستراحتنا ومواردنا ومصارفنا المالية وجميع الأمور المادية والمعنوية على أسس صحيحة فأننا سوف ننعم بحياة مثمرة سعيدة في الدنيا والآخرة.

وإذا نظرنا بدقة وجدنا الكون من الذرة إلى المجرة تحت نظام كوني دقيق وهذا نفسه يشكل نموذجاً لنا نحن المخلوقات لكي نقوم بتنظيم حياتنا وكل أمورنا.

ان النظام العظيم الذي يحكم أرجاء العالم هو من الدقة والعظمة بحيث يخشع في مجاله العلم الحديث كلما تقدم خطوة في بحوثه والأهم من ذلك هذا الارتباط والتلاؤم الخاص الذي وجد بين نظام الظواهر الصغيرة وغير المرئية والعوالم الكبيرة جداً في المجرات والكرات السماوية البعيدة وبين كل هذا والأحياء من جهة أخرى.

ان الأجزاء والكريات التي تصنع شيئاً (كقطرة الماء) تبدو تحت المجهر من الدقة والروعة المحيرة بنفس ما تبدو به النجوم والمجرّات بالتلسكوبات القوية.

ان العناية الدقيقة الفائقة ونظام الكرات والعالم، وحركتها ودورانها، والنظام في عالم الأحياء والنباتات، وكذلك في وجود الإنسان وسلسلة أعصابه ... كل ذلك يعبر عن ابداع رائع جداً في التكوين بحيث يتصور المرء - كما يقول الشاعر - العالم كله كوجه فيه العين والخد والخال والحاجب وغيرها فكل شيء في محله جميل جميل.

ان القرآن المجيد يقول: معبراً عن هذه الحقيقة {الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ} [الرحمن: 5].

سر الإنتصار:

ان الموفقين من الناس قد نظموا حياتهم وفق مخطط دقيق فهم يتقدمون في الحياة ضمن أسلوب صحيح. وان الانتصارات والمعطيات الكبرى التي حصلت عليها الأمم والرجال العظام في الماضي والحاضر في مجال الزعامة والقيادة، والسياسة والعلم والفن وغير ذلك مرهونة لذلك التخطيط الدقيق، والعمل المنظم في الحياة.

وهل يمكننا ان نتصور عظماء مثل (إبن سينا والبيروني، والرازي والطوسي والفارابي وأمثالهم) قد وصلوا إلى هذه المقامات الشامخة بلا تنظيم وتخطيط في المطالعة والتحقيق والحياة؟

أضرار الفوضى:

والواقع انه من الحمق بمكان ومن البعد عن المنطق والعقل ان نعتبر النظام نوعاً من القيود على الإنسان ونقول ان السعيد في الواقع هو الشخص المتحرر في حياته من كل قيد.

انه منطق المتكاسلين الخاملين الذي يلجأون إليه لتبرير تخليهم عن حمل المسؤولية الفردية والإجتماعية.

فليس هناك أي جيش ينتصر بلا تنظيم، فكل نصر وتوفيق له على تخطيطه ونظامه.

وليس هناك أي مبدأ أو حزب يمكنه ان ينتصر بدون ان يكون له تصور منظم ودقيق وتشكيلات معينة، أما الفوضى فهي الفناء والانحلال.

ان عوامل التفرقة والقلق التي تنبع من الفوضى هي التي توجب ضياع الشيء وفناءه. وان نظرة إلى حياة رجال الله وقادة الدين العظماء تؤكد لنا بجد قبول هذه الحقيقة.

فهذا أمير المؤمنين (عليه السلام) الذي ابتلي برؤية النتائج السيئة للتشتت وعدم النظام في المجالين الفكري والعملي للمسلمين في عصره نجده في آخر سويعات عمره الشريف وعلى فراش الشهادة في آخر رسالة للعالم يدعو أبناءه والمسلمين إلى النظام في العمل حيث يقول: (أوصيكم وجميع ولدي واهلي ومن بلغه كتابي بتقوى الله ونظم أمركم) (1).

وإننا لنجد الرسول الاكرم (صلى الله عليه وآله) - في الحروب الإسلامية وخصوصاً في بدر وأحد يقوم بعمل تنظيم كامل للجيش الإسلامي بحيث يبدو الجيش القليل عدداً وعدة كبيراً في عين الأعداء من جهة ومن جهة اخرى فان العدو لا يجد منفذاً إلى هذا الجيش ينفذ إليه إلا وكانت سيوف المسلمين تسد عليه الطريق (2).

النظام في أوقات العبادة:

والآن لاحظوا النظام الدقيق للعبادات الإسلامية والأوقات الدقيقة والمنظمة للصلوات في الليل والنهار، وأوقات الصيام في شهر مخصوص فإذا أفطر الإنسان مثلا بدقيقة واحدة قبل موعد الأفطار بطل صومه ... وهكذا الوقت المخصوص للحج في شهر ذي الحجة وغير ذلك.

ترى أليست كل هذه التنظيمات تنبيهاً للمسلمين لكي يقوموا بتنظيم حياتهم طبق هذا الأسلوب.

نحن نجد الكثيرين ومن الطبقات المختلفة يقولون: ماذا نفعل حتى نستطيع ان نتخلص من ثقل الدراسة، أو الوظيفة ومشاكل الكسب وباقي مشاكل الحياة ومن ثم نستطيع ان نحضر المجالس الدينية البناءة أو محال العبادة؟

وهم يؤكدون أنهم لا يملكون فرصة كافية حتى للاستراحة والغذاء والنوم، ومتابعة أعمال البيت واحتياجاته والزوجة والطفل فكيف يمكننا ان نعطي الوقت الكافي للمسائل الأخرى مثل صلة الرحم، والوفاء بالعهد وعيادة المرضى والسؤال عن المحتاجين وأمثال ذلك.

والواقع ان هؤلاء لو كانوا قد نظموا أوقاتهم تنظيماً حكيماً لاستطاعوا بلا ريب وتحت أية ظروف أو عمل ان يحصلوا على ساعات فراغ يمكنهم خلالها القيام بكثير من الأعمال وخصوصاً مطالعة الكتب المفيدة مثل القرآن الكريم ونهج البلاغة مطالعة واعية مدركة.

وأننا نجد في طبقات الناس المختلفة نماذج كثيرة من الموفقين حقاً في حياتهم فهم طبق نظام خاص يلاحقون أعمالهم الحياتية بدقة وهم يحضرون في المحافل البنّاءة الدينية وغيرها كما ان لهم برنامجاً خاصاً للمطالعة.

ان الطالب المنظم يمكنه ان يطالع درسه في اوقات مخصوصة ويؤدي وظائفه البيتية، كما يمكنه ان يمتع نفسه في أوقات أخرى وفي نفس الوقت يكون قد وفر جزءاً من وقته ليصرفه في المطالعة المفيدة.

وخصوصاً إذا كان ينهض سحراً فإن مثل هذا الطالب سوف لن يعيش الإضطراب والقلق أثناء الامتحان بل يؤديه بشكل سهل مريح كما انه ليس خالي الوفاض من الثقافة الإسلامية.

والحقيقة ان حياة النبي العظيمة الرائعة تشكل درساً عظيماً لنا جميعاً فهو رغم كل الآلام والمشاكل يتحمل عشرات المسؤوليات فيبلغ رسالة الله ويقود المسلمين في حياتهم الإجتماعية ويقودهم في معاركهم الحربية ويدافع معهم كجندي متقدم ويجيب احتياجات الناس الداخلية والخارجية كما انه يشبع الإحتياجات العائلية الخاصة به (صلى الله عليه وآله) هذا بالإضافة إلى عبادته الشاقة لله تعالى.

ولكن هل كان يمكن كل هذا لو لم تكن هناك خطة وتنظيم في البيت؟

ولقد كان أمير المؤمنين (عليه السلام) ايضاً يقسم اليوم والليلة إلى ساعات معينة ويقوم بشكل منظم بالعبادة والطاعة، ومتابعة امور المسلمين ومعونة المحتاجين، والعمل والنشاط، كالزراعة في البساتين والنخل، والقيام بشؤون البيت وتربية الأولاد وغير ذلك فيؤدي الجميع اداء حسناً.

فمن اللائق بنا حقاً أن نعتبر حياتيهما نموذجاً كاملاَ للحياة السعيدة.

كيف ننظم حياتنا اليومية؟:

يقول الإمام الكاظم (عليه السلام): (اجتهدوا في أن يكون زمانكم أربع ساعات: ساعة لمناجاة الله وساعة لأمر المعاش، وساعة لمعاشرة الاخوان والثقاة الذين يعرفونكم عيوبكم ويخلصون لكم في الباطن، وساعة تخلون فيها للذاتكم في غير محرم وبهذه الساعة تقدرون على الثلاث ساعات) (3).

وإذا استطعنا أن ننظم حياتنا هكذا أمكننا أن نجد الوقت الكافي لكل اعمالنا، لأننا نستطيع بذلك أن نمنع من تضييع الوقت وفوات الفرص.

يكتب أحد كبار مراجع الشيعة وهو المرحوم السيد محمد كاظم اليزدي قائلا: (توزيع الوقت توسيعه وتشتيت الوقت تفويته) (4).

التنظيم الفكري

من الواضح أن تنظيم الأعمال انما يبدأ من تنظيم الأفكار. فيجب أن نفكر أولاً بدقة ونرتب الأفكار ثم ننزلها بنظام خاص إلى واقع التطبيق.

فمن لم تكن افكاره منظمة فانه سوف لن يكون منظماً في حياته وسائر اموره الشخصية والاجتماعية وهو بلا ريب يعيش القلق والاضطراب والتمزق في أعماله. كما ان الفوضى في القول أو الكتابة معلوله للفوضى في الفكر.

وعليه ولأجل أن نكون منظمين في امورنا الفردية والاجتماعية لحياتنا، ولأجل تحويل حياتنا الموزعة إلى حياة مترابطة قوية نحتاج إلى تنظيم فكري وتنظيم عملي صحيحين.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1ـ الرسالة رقم 47 نهج البلاغة، طبع الدكتور الصالح، ص 421.

2ـ كان التخطيط الحربي له (صلى الله عليه وآله) في بدر واحد وفق التركيب المثلث ومثل هذا التخطيط بمثل هذا الشكل المنظم لم يكن مألوفاً.

3ـ تحف العقول، طبع بيروت، ص 302.

4ـ الكلمة الجامعة والحكم النافعة، آخر العروة الوثقى، الطبعة الأولى، الكلمتان 14 و15.