علم الكيمياء
تاريخ الكيمياء والعلماء المشاهير
التحاضير والتجارب الكيميائية
المخاطر والوقاية في الكيمياء
اخرى
مقالات متنوعة في علم الكيمياء
كيمياء عامة
الكيمياء التحليلية
مواضيع عامة في الكيمياء التحليلية
التحليل النوعي والكمي
التحليل الآلي (الطيفي)
طرق الفصل والتنقية
الكيمياء الحياتية
مواضيع عامة في الكيمياء الحياتية
الكاربوهيدرات
الاحماض الامينية والبروتينات
الانزيمات
الدهون
الاحماض النووية
الفيتامينات والمرافقات الانزيمية
الهرمونات
الكيمياء العضوية
مواضيع عامة في الكيمياء العضوية
الهايدروكاربونات
المركبات الوسطية وميكانيكيات التفاعلات العضوية
التشخيص العضوي
تجارب وتفاعلات في الكيمياء العضوية
الكيمياء الفيزيائية
مواضيع عامة في الكيمياء الفيزيائية
الكيمياء الحرارية
حركية التفاعلات الكيميائية
الكيمياء الكهربائية
الكيمياء اللاعضوية
مواضيع عامة في الكيمياء اللاعضوية
الجدول الدوري وخواص العناصر
نظريات التآصر الكيميائي
كيمياء العناصر الانتقالية ومركباتها المعقدة
مواضيع اخرى في الكيمياء
كيمياء النانو
الكيمياء السريرية
الكيمياء الطبية والدوائية
كيمياء الاغذية والنواتج الطبيعية
الكيمياء الجنائية
الكيمياء الصناعية
البترو كيمياويات
الكيمياء الخضراء
كيمياء البيئة
كيمياء البوليمرات
مواضيع عامة في الكيمياء الصناعية
الكيمياء الاشعاعية والنووية
كيميائية العناصر التخليقية
المؤلف: إريك شيري
المصدر: الجدول الدوري مقدمة قصيرة جدًّا
الجزء والصفحة: ص 125-129
2024-02-26
813
يثير وجود العناصر فوق الثقيلة تساؤلًا جديدًا مهمًّا وتحدِّيًا أيضًا للجدول الدوري، كما يتيح نقطةَ تلاقٍ جديدة جذَّابة لوضع التنبُّؤات النظرية في مقابل النتائج التجريبية؛ فالحسابات النظرية تفترض أن تأثيرات صفة «النسبية» (أي المتعلِّقة بالنظرية النسبية) تزداد أهميتُها باطراد كلما زادت الشحنة النووية للذرات؛ فعلى سبيل المثال: اللون المميز للذهب مع تواضُع عدده الذري إلى حدٍّ ما، وهو 79، يُفسَّر الآن بالاحتكام إلى النظرية النسبية لأينشتاين. فكلما زادت الشحنة النووية، زادت سرعة حركات إلكترونات الغلاف الداخلي للذرة، ونتيجةً لاكتساب تلك الإلكترونات الداخلية سرعاتٍ مرتفعةً «نسبيًّا»، فإنها تُسحَب للداخل مقترِبةً أكثر من النواة، ويكون هذا بدوره السببَ في زيادة حجب الإلكترونات الخارجية التي تحدِّد الخواص الكيميائية لأي عنصر معين. وقد تنبَّأ بعض العلماء بأن بعض ذرات العناصر ستسلك كيميائيًّا بطريقة غير متوقَّعة لا تناسب مواضعها المفترضة في الجدول الدوري.
ومن ثَمَّ تمثِّل التأثيراتُ المعزوَّة للنظرية النسبية آخِرَ التحديات لاختبار عمومية الجدول الدوري وشموليته. وقد نشر باحثون مختلفون تلك التنبؤات النظرية على مدى سنوات كثيرة، ولكن لم يصل الموقف إلى ذروته إلا بعد إجراء الفحص الكيميائي للعنصرين 104 و105، وهما الرذرفوريوم والدوبنيوم؛ فقد تَبيَّنَ أن السلوك الكيميائي لهذين العنصرين مختلفٌ إلى حدٍّ ما في الحقيقة عمَّا يتوقَّعه المرء بالبديهة من خلال موضعَيْهما في الجدول الدوري؛ حيث إن عنصرَي الرذرفورديوم والدوبنيوم لم يسلكَا على ما يبدو سلوكَ الهافنيوم والتانتالوم، على الترتيب، كما كان يجب أن يكون.
فعلى سبيل المثال: في عام 1990، أعلن العالم كيه آر تشيرفينسكي أن السلوك الكيميائي للعنصر 104، وهو الرذرفورديوم، يختلف عمَّا يخص كلًّا من الزيركونيوم والهافنيوم، وهما العنصران الواقعان فوقه في الجدول الدوري. كما أشار تشيرفينسكي في نفس الوقت إلى أن كيميائية الرذرفوريوم تشبه كيميائيةَ عنصرِ البلوتونيوم الذي يقع بعيدًا جدًّا عنه في ذلك الجدول. وأما عن الدوبنيوم، فقد أظهرتِ الدراساتُ الأولية أنه هو أيضًا لا يسلك سلوكَ العنصر الواقع فوقه، وهو التانتالوم (شكل 9-1)؛ ولكن خلافًا لهذا، لُوحِظتْ أوجه شبه أكبر بينه وبين عنصر البروتاكتينيوم (الذي يقع في مجموعة الأكتينيدات). وفي تجارب أخرى، كان عنصرَا الرذرفورديوم والدوبنيوم، على ما يبدو، يسلكان سلوكًا أشبه بسلوك عنصرين يقعان فوق عنصرَي الهافنيوم والتانتالوم، وهما تحديدًا الزيركونيوم والنيوبيوم.
هذا، ولم يتمكَّن الجدول الدوري من استعادةِ ما يجب أن يتمتَّع به من استتباب السلوك الدوري المتوقَّع والمفترض إلا بعد أن فُحِصت كيميائية العنصرَيْن التاليَيْن، وهما السيبورجيوم (106) والبوريوم (107). ونُشِرت مقالات علمية بعدها لتعلن عن هذه الاكتشافات بعناوين تتحدَّث عن نفسها، وكان منها ما معناه «السيبورجيوم العادي بشكل غير عادي» و«البوريوم الممل»، ويشير هذان العنوانان إلى استعادة الوضع المستقر العادي للجدول الدوري. وعلى الرغم من أنه كان من الأجدر حتى التحدُّث أكثر عن تأثيرات النظرية النسبية فيما يتعلَّق بهذين العنصرين، فإن السلوك الكيميائي المتوقَّع يبدو أنه أكثر أهميةً من ذلك.
ويمكن تبيُّن حقيقة أن البوريوم يسلك كعضوٍ أصيل في المجموعة 7 من البرهان التالي الذي طرحتُه. هذا الأسلوب يمثِّل أيضًا نوعًا من «الدائرة المكتملة»؛ إذ إنه يشمل ثلاثيةً من العناصر. وقد يتذكَّر القارئ من الفصل الثالث أن اكتشاف الثلاثيات كان أول تلميح على الإطلاق لوجود انتظام عددي فيما يتعلَّق بخواص العناصر ضمن مجموعة عامة. وفيما يلي أعرِضُ قِيَمَ حرارة التسامي التي تخص المركبات المتناظرة لعناصر التكنيشيوم والرينيوم والبوريوم المتكونة مع الأكسجين والكلور (أيْ قياسات الطاقة اللازمة لتحويل مادةٍ صلبةٍ مباشرة إلى غازٍ).
وجديرٌ بالذكر أن التنبُّؤ بالقيمة الخاصة بمركب Bho3Cl باستخدام طريقة الثلاثيات يعطي مقدار 83 كيلوجول/مول، بنسبة خطأ تُقدَّر ﺑ 6٫7٪ فقط مقارَنةً بالقيمة التجريبية المذكورة أعلاه، وقدرها 89 كيلوجول/مول، وهذه الحقيقة تمنح دعمًا إضافيًّا لفكرة أن البوريوم يعمل كعنصر أصيل في المجموعة 7.
ويصير التحدي الذي يجابه القانون الدوري من قبل تأثيرات النظرية النسبية أكثرَ شدةً في حالة العنصر رقم 112، وهو الكوبرنيكيوم، الذي يُعتبَر أحدث عنصر أُجرِيت عليه تجاربُ كيميائية. فمجددًا، أشارتْ حسابات النسبية إلى وجود سلوك كيميائي معدل لهذا العنصر، لدرجة أنه كان من المعتقَد أنه يسلك سلوكًا أشبه بأحد الغازات النبيلة، وليس سلوكًا أشبه بالزئبق الذي يقع هو تحته في الجدول الدوري. ثم أظهرتِ التجارب التي أُجرِيت — فيما يتعلَّق بقِيَم حرارة التسامي التي تخص العنصر 112 — أن هذا العنصر، خلافًا للتوقُّعات السابقة، ينتمي بالفعل إلى المجموعة 12 مع الزنك والكادميوم والزئبق.
قدَّمَ العنصر 114 قصةً مشابهة بحسابات وتجارب سابقة أوحَتْ بأنه يسلك سلوكًا أشبه بغاز نبيل، إلا أن التجارب الأكثر حداثةً دعَّمَتْ فكرة أن هذا العنصر يسلك سلوكًا أشبه بفلز الرصاص كما يُتوقَّع من موضعه في المجموعة 14. ويُستنتَج في النهاية أن صفة الدورية الكيميائية هي ظاهرة راسخة بدرجة كبيرة، وحتى تأثيراتُ النسبية القوية الناتجة عن التحركات السريعة للإلكترونات، لا يبدو أنها قادرةٌ على أن تطيح باكتشاف علمي بسيط حدث منذ نحو 150 عامًا مضت.