x
هدف البحث
بحث في العناوين
بحث في اسماء الكتب
بحث في اسماء المؤلفين
اختر القسم
موافق
الحياة الاسرية
الزوج و الزوجة
الآباء والأمهات
الأبناء
مقبلون على الزواج
مشاكل و حلول
الطفولة
المراهقة والشباب
المرأة حقوق وواجبات
المجتمع و قضاياه
البيئة
آداب عامة
الوطن والسياسة
النظام المالي والانتاج
التنمية البشرية
التربية والتعليم
التربية الروحية والدينية
التربية الصحية والبدنية
التربية العلمية والفكرية والثقافية
التربية النفسية والعاطفية
مفاهيم ونظم تربوية
معلومات عامة
الشاب وعزة النفس
المؤلف: الشيخ محمد تقي فلسفي
المصدر: الشاب بين العقل والمعرفة
الجزء والصفحة: ج2 ص252ــ256
2023-08-20
1468
قال تعالى في محكم كتابه: {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ} [المنافقون: 8].
إن الرغبة في عزة النفس والكرامة هي من الميول الفطرية الإنسانية السامية، فالناس قاطبة يميلون إلى عزة النفس ويفرحون إذا ما حققوها ، وينفرون من الذل ويتألمون إذا ما أصابهم.
والرغبة في عزة النفس هي كسائر الرغبات الطبيعية الأخرى تولد مع ولادة الإنسان وتنمو تدريجياً مع نموه حتى تتفتح وتنضج.
فإذا كان المحيط التربوي للطفل حسناً وكانت البرامج التربوية الخاصة به قائمة على أساس سليم وإذا كان أبواه ومؤدبه ومربيه يتمتعون بكرامة معنوية ، فإن الطفل يربى بشكل سليم وتنمو رغبة العز والكرامة في نفسه بشكل حسن. أما إذا كان المحيط الأسروي فاسداً وكان الأبوان والمؤدب والمربي لا يعرفون لعزة النفس والكرامة معنى بسبب انحطاطهم وخستهم ، فإن الطفل سينشأ ذليلاً حقيراً لا يفهم للكرامة معنى وستموت في أعماقه الرغبة في عزة النفس.
إن الطفل الذي ينشأ في ظل تربية سليمة من قبل أبويه ومربيه الكفوء ويرى وسط أسرة شريفة ومحيط إجتماعي سالم ويعتاد منذ البداية على عزة النفس والكرامة ، مثل هذا الطفل عندما يصل مرحلة البلوغ والشباب وتتفجر إحساسات الشباب في اعماقه، يزداد حبه للكرامة وتتضاعف رغبته في عزة النفس بكل وضوح.
ان الفتيان والشبان الذين يميلون إلى عزة النفس ويحبون الكرامة يرون في الذل أكبر بلاء ومصيبة مهما كان صغيراً ، وهم يغتاظون بشدة لو وجه إليهم أحد إهانة ما وجرح كرامتهم وعزة نفسهم وقد يدفعهم ذلك إلى القيام بأعمال خطيرة وجرائم لا تحمد عقباها بهدف الإنتقام .
ومن هنا يتوجب على الآباء والأمهات والمربين العمل ضمن إطار برامجهم التربوية على تنمية عزة النفس في نفوس أبنائهم والتعامل معهم بشكل يجعلهم من المحبين لعزة النفس والكرامة والمبغضين للذل والضعة والعبودية .
عزة النفس والحرية :
إن خصلة عزة النفس وهي من الخصال الحميدة تعتبر من الأركان الأساسية التي تقوم عليهم شخصية الإنسان ، وهي رمز الحرية. فالإنسان الشريف العزيز النفس لا يمكن أن يرضى بالذل والعبودية ولن يبيع كرامته وعزة نفسه وحريته مهما كان الثمن.
تعتبر عزة النفس ركناً من الأركان الأساسية لسعادة الإنسان في شتى مجالات الحياة الفردية والإجتماعية والمادية والمعنوية وكذلك في جميع مراحل الحياة : الطفولة والشباب والكهولة والشيخوخة .
والأسر التي تطبع أفرادها على عزة النفس والكرامة الأخلاقية ولم تلوث سمعتها بالذل والضعة والحقارة ، تكون منزهة عن الكثير من الخطايا والمعاصي الأخلاقية التي تؤدي إلى الفساد وبالتالي الى البؤس والشقاء.
والبلدان التي تتمتع شعوبها بعزة النفس وترى مجتمعاتها وحكوماتها في الكرامة الأخلاقية ضرورة ملحة يجب مراعاتها ، تكون منزهة عن الكذب والتملق والسرقة والرشوة والخداع والمكر ، وما إلى ذلك من خطايا ومعاص أخلاقية . فعزة النفس والكرامة هما اللتان تجعلان شعوب هذه البلدان تدرك مسؤولياتها تلقائياً وتحذر من الإتيان بالرذائل والمعاصي. قال أمير المؤمنين علي (عليه السلام): من كرمت عليه نفسه لم يهنها بالمعصية(2).
إن التربية السليمة للطفل وتنمية الصفات والخصال الحميدة في نفسه هي من الواجبات الإسلامية والإجتماعية الملقاة على عاتق الأبوين. فالأبوان مكلفان بتربية أبنائهم تربية سليمة حسنة أساسها الطهر والفضيلة ليصنعوا منهم جيلا فاضلاً متخلقاً بالصفات والخصال الحميدة.
عن علي بن الحسين (عليهما السلام) : وأما حق ولدك فتعلم أنه منك ومضاف إليك في عاجل الدنيا بخيره وشره وأنك مسؤول عما وليته ، فاعمل في امره عمل المتزين بحسن أثره عليه في عاجل الدنيا المعذر إلى ربه فيما بينك وبينه بحسن القيام عليه والأخذ له منه(3).
عزة النفس الضمان لتطبيق الفضائل :
تأتى عزة النفس بالنسبة لعامة الناس على رأس سائر الفضائل الأخلاقية والسجايا الإنسانية، هذا من جهة، ومن جهة أخرى تعتبر المحرك نحو تطبيق سائر البرامج الأخلاقية. وبعبارة اخرى فإن عزة النفس فضلاً عن انها واحدة من الصفات الحميدة للإنسان في جميع مراحله، فهي الضمان لتطبيق الفضائل وسائر الصفات والخصال الحسنة في محيط الأسرة والمدرسة والمجتمع ، كما أنها تدفع بالإنسان إلى مراعاة كافة واجباته ومسؤولياته الأخلاقية والإنسانية.
الأسرة: إذا تمتع الأب والأم وسائر أعضاء الأسرة بعزة النفس والكرامة الأخلاقية، وراعوا هذه الخصلة الحميدة في العلاقة التي تربط بينهم ، وتجنبوا الأعمال الذميمة والكلام البذيء، واحترم كل فرد شخصية الفرد الآخر، فإن الطفل الذي ينشأ ويترعرع وسط أسرة كهذه يكون طبعاً عزيز النفس محباً لكرامته الأخلاقية.
وأسرة كهذه لا تجد صعوبة في تربية أبنائها تربية سليمة وحثهم على أداء واجباتهم الأخلاقية ومسؤولياتهم الدينية والعلمية ، لأن الطفل في كنف هذه الأسرة يدرك جيداً أن انتهاك حقوق الآخرين والتمرد على أداء الواجبات من شأنهما أن يشوّها سمعة الأسرة وينالا من عزة نفسها وكرامتها.
قمع عزة النفس:
أما إذا اتصف الأبوان وسائر أعضاء الأسرة بدنائة النفس والذل وليس في مفهومهم للكرامة الأخلاقية أي معنى ، فإن الطفل في هذه الاسرة سيتطبع دون شك على الدنائة وسوء الخلق. كما أن الطفل سيقمع في نفسه ميله الفطري لعزة النفس وسيصبح من العسير جداً تنمية سائر الفضائل الأخلاقية والسجايا الإنسانية في أعماقه، لأن من تطبع على الدنائة وسوء الخلق لا ينفك عن الدنائات ولا يشعر بالخجل من العار والفضيحة .
قال امير المؤمنين علي (عليه السلام): النفس الدنية لا تنفك عن الدنائات(4).
_________________________
(1) نهج البلاغة، الرسالة 31.
(2) غرر الحكم، ص677.
(3) تحف العقول ، ص 263.
(4) فهرست الغرر، ص 117.