1

المرجع الالكتروني للمعلوماتية

الحياة الاسرية

الزوج و الزوجة

الآباء والأمهات

الأبناء

مقبلون على الزواج

مشاكل و حلول

الطفولة

المراهقة والشباب

المرأة حقوق وواجبات

المجتمع و قضاياه

البيئة

آداب عامة

الوطن والسياسة

النظام المالي والانتاج

التنمية البشرية

التربية والتعليم

التربية الروحية والدينية

التربية الصحية والبدنية

التربية العلمية والفكرية والثقافية

التربية النفسية والعاطفية

مفاهيم ونظم تربوية

معلومات عامة

الاسرة و المجتمع : التربية والتعليم : التربية الروحية والدينية :

القادة الروحيون

المؤلف:  الشيخ محمد تقي فلسفي

المصدر:  الشاب بين العقل والمعرفة

الجزء والصفحة:  ج2 ص124ــ128

2023-08-01

1183

وفي طليعة هؤلاء الرجان الإنقلابيين كان هناك قادة روحيون أو بالأحرى أنبياء مرسلون من رب العالمين، عملوا كل في عصره على إرساء قواعد حركة تصحيحية شملت معتقدات الناس وأخلاقهم وسلوكهم.

فالأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم اجمعين بُعثوا في اكثر الشعوب والقبائل تخلفاً وجهلاً ، فحاربوا الشرك وعبادة الاصنام والجهل والظلم حتى الرمق الأخير لإنقاذ الناس من مستنقعات الفساد التي كادت تقضي عليهم.

والأنبياء هم الذين ثاروا بروح انقلابية للدفاع عن الحق والحقيقة والقضاء على الآداب والسنن الإجتماعية الفاسدة، لم يردعهم في ذلك ظلم الطغاة، ولم يخشوا الموت في سبيل الله، فسعوا بكل ما اوتوا من قوة لزرع بذور تعاليمهم السامية في ضمائر الناس الخصبة لإنقاذهم من الجهالة والضلالة .

قيادة إبراهيم (عليه السلام):

من الشخصيات الربانية التي تمردت على المعتقدات والآداب الخاطئة لقومها ، وفجرت بشخصيتها الإنقلابية المتأتية من النضوج العقلي والعناية الإلهية بركاناً عظيماً ، ابراهيم الخليل (عليه السلام) . وقد تحدث القرآن الكريم في أكثر من سورة عن مواقف هذا القائد العظيم. لقد كانت لابراهيم (عليه السلام) منذ صغره شخصية فذة وعظيمة ، وقد اصطفاه الله سبحانه وتعالى ليكون قائداً لقومه وهادياً لهم.

قال تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ} [الأنبياء: 51، 52].

حديث إبراهيم (عليه السلام) وآزر:

فبدأ إبراهيم (عليه السلام) دعوته الإنقلابية التي كان الهدف منها بالدرجة الأولى مقارعة عبادة الأصنام من محيط أسرته وأقاربه . 

قال تعالى: {إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَاأَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا * يَاأَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا} [مريم: 42، 43]. 

وقال عز من قائل: {قَالَ أَرَاغِبٌ أَنْتَ عَنْ آلِهَتِي يَاإِبْرَاهِيمُ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا} [مريم: 46].

فأجاب إبراهيم (عليه السلام) بكل صراحة بعد ان كان قد قرر وعزم على اقتلاع جذور الشرك وتحطيم الأصنام.

{وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلَّا أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيًّا} [مريم: 48].

إبراهيم (عليه السلام) ومقارعة الأصنام:

لقد واصل إبراهيم (عليه السلام) الشاب رسالته السماوية ونهجه الثوري ، وقام بين الناس معتمداً على منطق الاستدلال القوي ، فأعلن بكل صراحة عن مخالفته لعبادة الأصنام التي ما هي إلا من آداب قومهم وتقاليدهم البالية معتبراً إياهم وآباءهم من الجهلة والضالين.

قال تعالى: {مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ * قَالُوا وَجَدْنَا آبَاءَنَا لَهَا عَابِدِينَ * قَالَ لَقَدْ كُنْتُمْ أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} [الأنبياء: 52 - 54].

فبعثت كلمات إبراهيم (عليه السلام) التي نزلت كالصاعقة على قومه موجة من الخوف والغضب بين الناس فقالو له: كيف تتجرأ على الآلهة ؟ ، الا تخاف غضبها؟ ، فقال إبراهيم (عليه السلام): {وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلَا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ} [الأنعام: 81].

تصعيد المواجهة:

ولما رأى إبراهيم (عليه السلام) أن قومه الميتة قلوبهم لا يمكن أن يعودوا إلى رشدهم ويكفوا عن عبادة الأصنام رغم كل نصائحه وما أتى به من براهين لهم ، صعد من اسلوب مواجهته وأخذ يتهدد قومه ، فقال: {وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ بَعْدَ أَنْ تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ} [الأنبياء: 57].

الإعلان عن تحطيم الأصنام:

لقد أراد إبراهيم (عليه السلام) من خلال هذا التهديد أن يعرب عن مخالفته التامة للدين المزيف الذي كان يدين به قومه، وقد أعلن للناس بصراحة عن عزمه على تحطيم الأصنام ، وأخذ يتحين الفرصة المناسبة لتحقيق هدفه ، وفعلاً نفذ إبراهيم (عليه السلام) ذات يوم تهديده ، فحطم الأصنام جميعها باستثناء كبيرهم.

وقد نزلت هذه الخطوة الإنقلابية كالصاعقة ، فأربكت الأجواء في المدينة ، وضج المشركون الغاضبون يصرخون تعبيراً عن غضبهم وحنقهم وهم يبحثون عمن أباح لنفسه ان يظلم آلهتهم . وكان واضحاً ان الفاعل ليس الا إبراهيم (عليه السلام) ، فكلماته كانت قد طرقت أسماع الناس أجمعين.

{قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ} [الأنبياء: 60].

محاكمة إبراهيم (عليه السلام):

وقد تقرر محاكمة إبراهيم (عليه السلام) في الملأ لينال جزاءه ، فجاؤوا به ، وبعد نقاش حاد بين إبراهيم (عليه السلام) وعبدة الأصنام ، خاطبهم بكل صراحة ودون خوف أو وجل:

{قَالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكُمْ شَيْئًا وَلَا يَضُرُّكُمْ * أُفٍّ لَكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ} [الأنبياء: 66، 67].

ثمرة الإنقلاب:

لقد دفعت الشخصية الإنقلابية لإبراهيم الخليل (عليه السلام) القائمة على النضوج العقلي والمستلهمة من الوحي الإلهي، دفعت به إلى معارضة الآداب والعادات والتقاليد الباطلة التي كانت سائدة في قومه، فانتفض يحارب الأصنام وعبادة الأصنام. ورغم أنه قد واجه في حركته الإنقلابية تلك الكثير من المشاكل والصعاب، إلا أنه قد نجح في تحريك عقول الناس ودفعهم للتعقل والتدبر. 

EN

تصفح الموقع بالشكل العمودي