عدم تلاؤم العزة مع الرفاهية الشاملة
المؤلف:
الشيخ عبدالله الجوادي الطبري الاملي
المصدر:
تسنيم في تفسير القران
الجزء والصفحة:
ج4 ص 742 - 743
2023-05-26
1909
يتعين على الأمة التي تصبوا إلى العزة وتسعى للحفاظ على استقلالها وحريتها أن تغض الطرف عن بعض أسباب الرفاه وتتقبل بمجامع قلبها بعض أصناف الحرمان؛ فالإمام علي (عليه السلام) يقول: "لا تجتمع عزيمة ووليمة" (1) و "لا تجتمع الفطنة والبطنة" (2).
وعلى نفس هذا الأساس قال موسى الكليم (عليه السلام) لبني إسرائيل: إذا كنتم راغبين بالخضار والبصل والحنطة (لوازم الرفاهية فاهبطوا إلى المدينة وقاتلوا الطغاة الذين يعيثون في الأرض فساداً وتحملوا مصاعب الجهاد ضد المتفرعنين كي تنالوا النعم المادية المذكورة في ظل البركات المعنوية.
وبطبيعة الحال لو شاء الله لاجتتث أصول الظالمين بمفرده، لكنه تعالى يريد امتحانكم وتكاملكم عن هذا الطريق: {وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ} [محمد: 4]، فهو سبحانه يريد أن يُنشئ مجاهـداً فـ سبيل الله وشهيداً على طريق الحق ومن الواضح أن الجهاد والمقارعة ليسا بالأمر السهل أيضاً وإلا لما كُتبت لهما كل تلك الفضيلة وذلك الأجر.
فإذا أردتم الإصرار على اللجاجة والعناد وعلى أن تطلبوا كـل يــوم ثمرة من الثمار وتصبحوا عبيد بطونكم فإن عليكم أن تغادروا عزة عبودية الله إلى ذل عبودية غيره، أما إذا رغبتم في البقاء على ما أنتم عليه العزة والحرية فإنّه يتحتم عليكم مقارعة عدو الباطن والظاهر وفتح بلاد الشام وفلسطين وليكن في علمكم أن ساكنيها الغاصبين ليسوا بأقوى من آل فرعون. فالرب الذي جعل آل فرعون لقمة سائغة للبحر، سيحقق لكم النصر هنا أيضاً.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1. غرر الحكم، ص 483.
2. غرر الحكم، ص 360.
الاكثر قراءة في مقالات قرآنية
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة