اساسيات الاعلام
الاعلام
اللغة الاعلامية
اخلاقيات الاعلام
اقتصاديات الاعلام
التربية الاعلامية
الادارة والتخطيط الاعلامي
الاعلام المتخصص
الاعلام الدولي
رأي عام
الدعاية والحرب النفسية
التصوير
المعلوماتية
الإخراج
الإخراج الاذاعي والتلفزيوني
الإخراج الصحفي
مناهج البحث الاعلامي
وسائل الاتصال الجماهيري
علم النفس الاعلامي
مصطلحات أعلامية
الإعلان
السمعية والمرئية
التلفزيون
الاذاعة
اعداد وتقديم البرامج
الاستديو
الدراما
صوت والقاء
تحرير اذاعي
تقنيات اذاعية وتلفزيونية
صحافة اذاعية
فن المقابلة
فن المراسلة
سيناريو
اعلام جديد
الخبر الاذاعي
الصحافة
الصحف
المجلات
وكالات الاخبار
التحرير الصحفي
فن الخبر
التقرير الصحفي
التحرير
تاريخ الصحافة
الصحافة الالكترونية
المقال الصحفي
التحقيقات الصحفية
صحافة عربية
العلاقات العامة
العلاقات العامة
استراتيجيات العلاقات العامة وبرامجها
التطبيقات الميدانية للعلاقات العامة
العلاقات العامة التسويقية
العلاقات العامة الدولية
العلاقات العامة النوعية
العلاقات العامة الرقمية
الكتابة للعلاقات العامة
حملات العلاقات العامة
ادارة العلاقات العامة
نشأة الخبر وأهميته
المؤلف: د. عبد اللطيف حمزة
المصدر: المدخل في فن التحرير الصحفي
الجزء والصفحة: ص 45-49
2023-05-16
1432
نشأة الخبر وأهميته
الغاية من الصحافة هي جمع الاخبار التي تمس الصالح العام، والاخبار هي حجر الاساس في بناء الصحافتين القديمة والحديثة، وعن هذه المادة تصدر جميع المواد الصحفية الاخرى على اختلافها، أي أن هذه المادة هي الاساس الاول الذي تقوم عليه الصحافة بجميع ألوانها المعروفة؛ كالمقال، والتعليق، والعمود، والتحقيق، والحديث، والماجريات الصحفية على اختلافها، ولولا الخبر ما عرفت هذه الفنون الصحفية التي نشير إليها بحال ما، غير أنه من الخطأ أن يظن أن نشأة الصحافة مرتبطة بنشأة المطبعة؛ فالأصح من هذا أن يقال: إن الصحافة ترتبط في الواقع بالصفات الإنسانية والاجتماعية في نفوس البشر، وإن كان لاختراع المطبعة أعظم الاثر في تطور الصحافة ذاتها، فقد تأثرت الصحافة بها كما تأثر غيرها من مظاهر الحضارة في المجتمع. وآية ذلك أن المجتمعات البدائية تناقلت الاخبار بطرقها الخاصة منذ القدم، فقد كانت تتناقل أخبار الصيد والقنص، وأخبار الحرب والسلم، وأخبار الزواج والعبادات والدين، ونحو ذلك بطريق النقش على الصخر، أو بطريق الابواق، أو بطريق المنادين الذين يجوبون الأماكن الآهلة بالسكان؛ أو بطريق الرواة الذين يروون الاخبار والاشعار في كل مكان، أو بطريق الرسل الذين تناط بهم مثل هذه الامور.
ثم ارتقت الصحافة من هذه المرحلة الصوتية إلى مرحلة الكتابة الخطية التي ظهرت أولا في شكل خطابات دورية، ثم ظهرت بعد ذلك في شكل كتب صغيرة، وبقى الحال على هذا حتى ظهرت المطبعة في منتصف القرن الخامس عشر للميلاد، ومع ذلك لم تنتفع الصحافة بهذه الاداة الجديدة قبل أواخر القرن السادس عشر وأوائل القرن السابع عشر.
والحق أن أهمية الاخبار ليست وليدة العصور الحديثة، ولكنها بعض ما ورثته هذه العصور الحديثة عن العصور القديمة، فقد كان الناس قديماً وخاصة في الامم المشهورة بالتجارة والملاحة يستقون الاخبار من التجار، ومن البحارة، وكان تجار البندقية بنوع خاص من أهم من نقلوا الاخبار عن الشرق، ووصفوه بالغموض والغرابة وغيرهما من الصفات التي لفتت إليه أنظار الغرب.
وهكذا منذ القدم ووسائل الحصول على الانباء متنوعة تنوعاً ظاهراً: فمن شعراء ورواة للأشعار، إلى سفراء تبعث بهم الحكومات إلى البلاد البعيدة، ومن تجار وبحارة يركبون متن البحار ليجلبوا فيما يجلبون إلى بلادهم مادة الخبر، إلى غير هؤلاء وأولئك. أليس معنى كل ذلك أن الحكومات والشعوب والافراد والجماعات تدرك أن العلم بالأخبار خير من الجهل بها، وأن الوقوف على هذه الاخبار يعتبر نوع اً من التسلح ضد الحوادث والمحن المستقبلة، أي أن الاخبار في ذاتها ليست إلا نوعاً من الإنذار في الوقت المناسب عما حدث أو ما سيحدث للفرد أو للأمة. وما الصحافة في الواقع إلا مظهر راق من مظاهر الإعلام في العصور الحديثة، وهي وسيلة من وسائل الإعلام إلى جانب الوسائل الاخرى المعروفة، وهي الوسائل التي تكاد تنحصر حتى الآن في أربع، هي: الصحافة، والإذاعة، والسينما، والتليفزيون.
ولا ننسى أن كل وسيلة من تلك الوسائل الثلاث يمكنها أن تعين الاخرى في سبيل الحصول على الانباء، ومن هذا القبيل ما تعمد إليه بعض الصحف في الوقت الحاضر من أنها تنشئ لنفسها قسما من أقسامها يدعى )قسم الإصغاء الإذاعي(، وبهذه الطريقة تمكنت إحدى الصحف الإنجليزية من التقاط النبأ الذي أذاعته وكالة تاس السوفيتية، وهو نبأ وفاة )ستالين(، وحققت الصحيفة بذلك سبقاً صحفياً لا شك فيه.
ولكن إلى متى بقى الخبر في الصحافة هو كل شيء فيها تقريباً؟ وما الاسباب. التي من أجلها قلت أهمية الخبر بالقياس إلى غيره من مواد الصحيفة؟
أما في مصر فقد كانت الصحف التي أصدرها القائد الفرنسي بونابارت تهتم بأخبار الحملة الفرنسية وحدها، وتحمل للجند الفرنسيين في مصر أهم الانباء في بلادهم التي أتوا منها، وتمدهم كذلك بالأخبار التي يعرفون بها شيئاً عن الديار التي أتوا إليها؛ وكذلك كانت الجريدة التي أصدرها محمد علي باسم الوقائع المصرية تعني عناية تامة جهد المستطاع بأخبار المحاكم، وبنشر الاوامر التي يصدرها الوالي إلى كبار موظفيه.
ثم في ظروف سياسية خاصة من أهمها ظروف الاحتلال البريطاني تحولت الصحافة المصرية من صحافة خبر إلى صحافة رأي، وظهرت الصحف التي تحمل كل واحدة منها اسم زعيم من الزعماء المصريين الذين لهم آراؤهم في السياسة المصرية في ذلك الوقت ثم في منتصف القرن العشرين أو قبله بقليل عادت للخبر الصحفي أهميته الاولى، وأصبح مقدماً على مقال الرأي، وأصبحت الصحيفة غير محتاجة إلى الأسماء العظيمة تلتمس الرواج عن طريقها، وتعتمد عليها في بقائها حية بين الناس.
أما في أوروبا وخاصة في انجلترا فقد كانت الناحية الغالبة عليها هي ناحية الخبر، ثم بتقدم الطباعة من جهة، وتقدم الحياة السياسية من جهة ثانية، وتقدم الديمقراطية التي جعلت من الشعب مصدر السلطات من جهة ثالثة، ظهرت صحافة الرأي إلى جانب صحافة الخبر، وحدث أحياناً في بلاد )كانجلترا( أن صدرت الصحف وهي لا تشتمل على أخبار مطلقاً وإنما تشتمل على مقالات فقط، والسبب في ذلك أن الحكومة كانت تفرض الضرائب هناك على الخبر، ولا تفرضها على غير ذلك من مواد الصحف كالمقال وغيره.
ومهما يكن من شيء فنحن إذ ننظر في الصحافة الحديثة ندرك بوضوح أن أهم العناصر الاساسية لصحيفة من الصحف هي:
أولاً: الخبر.
ثانياً: المقال.
ثالثاً: التقرير.
فالخبر هو الوظيفة الاولى للصحف، والمهمة الاساسية لها، والمقال الثاني في المرتبة الثانية مباشرة بعد الخبر، لأنه كثيراً ما يكون تعليقاً على هذا الخبر، أو بياناً لمغزاه السياسي أو الاجتماعي أو الثقافي؛ ونحو ذلك.
والقارئ الحديث لا يكتفي بأن يعرف الخبر؛ بل يتوق دائماً إلى المعرفة معنى الخبر، ومقدار تأثيره في المجتمع، وإن كانت حاجة الطبقة التي تمثل الرأي المنقاد في الامة إلى قراءة المقال أشد من حاجة الطبقة التي تمثل الرأي النابه بها، ومع ذلك لا تجد من هذه الطبقة المنقادة من يقرأ المقال في الجريدة.
وإذن فعلى الصحافة الحديثة واجب عظيم في العصر الحاضر هو توجيه الامة عن طريق المقال توجيهاً صحيحاً في النواحي السياسية والاجتماعية الاقتصادية، وعليها كذلك واجب آخر لا يقل عن الاول في الاهمية. هو تثقيف الشعب نفسه تثقيفاً يعينه على المشاركة القوية في الحياة السياسية الحياة الاجتماعية والحياة الاقتصادية؛ وطريق ذلك كله هو المقال. هنا يجوز لنا أن نستطرد قليلا لنقول عن صحف الرأي: إنها نوعان: صحف مستقلة، وصحف حزبية".
والاستقلال في الصحافة ليس معناه الحياد، والوقوف موقف المتفرج حيال المشكلات العامة في المجتمع، لا تبدي الصحيفة فيها رأياً، ولا تعبر عن فكرة، وإلا أثر ذلك في انتشارها. وربما أفضى إلى موتها واختفائها.
وأما الصحف الحزبية فهي التي تعبر عن آراء حزب معين، وتفرض على نفسها اتجاهاً معيناً، ومع ذلك لا ينبغي أن تسرف الصحف الحزبية في الدعاية.
ولدينا مثال يوضح هذه الحقيقة، هو جريدة الديلي هرالد الإنجليزية. وهي جريدة حزب العمال في انجلترا، فقد كانت في أول أمرها تملأ كل صفحاتها بالدعاية لحزبها، فسرعان ما منيت بالفشل، وقل انتشارها إلى درجة لا تحتمل، فلم يكن من مجلس الإدارة إلا أن اجتمع، وقرر ألا تزيد نسبة الدعاية الحزبية في الصحيفة عن عشرة في المائة، وفي النسبة الباقية من هذه الجريدة تنشر الموضوعات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية، مما يعني به الجمهور القارئ عناية كاملة.
بقى أن نشير في ختام هذا الفصل إلى أمرين هامين يتصلان اتصالا قوياً بما للخبر من خطورة كبيرة في الصحف:
أما أول الامرين: فهو "الحاسة السادسة" التي لابد منها للصحفي. حتى يكون أقوى من غيره من الناس فهماً لقيمة الخبر، وتقديراً لأهميته ويكون أعظم قدرة على التمييز بين خبر جدير بالنشر، وآخر لا يستحق هذه الصفة. والحق أنه كما يمتاز الشاعر بأنه رجل مرهف الحس أكثر من غيره من الناس؛ فهو إذا فرح كان فرحه أكثر من فرحهم، وإذا حزن كان حزنه أشد من حزنهم، وهو إذا انفعل بالأحداث كان في انفعاله بالأحداث أعمق وهكذا، فكذلك ينفرد الصحفي بقدرته على فهم الاحداث الجارية، والتمييز بين الاخبار العامة. ومن الخطأ كل الخطأ كما يقول الصحفيون المجربون القول بأن الانباء إنما تولد من غير أن نشعر بها، فإن هذه الحاسة الصحفية أو الحاسة السادسة التي نتحدث عنها هي التي ترشد الصحفي دائماً إلى أهمية الخبر من ناحية، وإلى المصادر الصحيحة التي يستقى منها هذا الخبر من ناحية ثانية.
وأما ثاني الامرين اللذين يتصلان اتصالا وثيقاً بالخبر من حيث هو: "فقدسية الخبر" وواجب الصحفي نحو الاخبار دائماً هو الواجب الذي يمليه عليه الشرف، وتحض عليه الامانة والنزاهة، وهذا الواجب هو نقل الاخبار نقلاً صحيحاً، وتسجيل المعلومات المتصلة بهذه الاخبار تسجيلا صحيحاً كذلك.
فلو قدر الصحفي أن الخبر هو الاساس الاول لكل ما يكتب في الصحف من تعليق، وعمود، وطرائف، وحديث، وتحقيق، ونحو ذلك، ولو قدر الصحفي أن الخبر هو الاساس الاول لكل تصرف يبدو من جانب الحكومة، أو الافراد، أو الهيئات، أو الشعوب لو قدر الصحفي كل ذلك لادرك أن عليه واجباً لا مفر من أدائه، وهو تحرى الصدق والامانة في الحصول على أخبار من مصادرها الصحيحة، ثم المحافظة التامة على سرية هذه المصادر، متى رأي أصحابها ذلك. ثم الامانة الكاملة في نقل الخبر ذاته، ومعنى ذلك أنه لا ينبغي للصحيفة حرصاً منها على ما يسمى بالسبق الصحفي أن تستهين بهذه الامانة، أو تعبث بسرية الاخبار.
"حدث في أمريكا أن اختطف طفل رضيع من عربته الصغيرة، ووضع الخاطف ورقة صغيرة يطلب فيها الفدية، وأبلغ الحادث إلى البوليس الذي رأي من المصلحة إذ ذاك عدم إذاعة الخبر إلى أن يعاد الطفل إلى والديه، ووعدت الصحف بعدم النشر، إلا صحيفة واحدة رأت في الموضوع خبراً مثيراً للقراء، فنشرت الخبر، وتبعتها الصحف الاخرى في ذلك بعد إذ أصبح الخبر معروفاً، وكان من أثر ذلك أن فشلت خطة رجل البوليس، وعثر على الطفل الذي كان وحيد والديه بعد أيام جثة هامدة وضاع كل أثر من آثار هذه الجريمة، وهكذا أفسد هذا السبق الصحفي الذي حرصت عليه الصحيفة خطة البوليس للتعرف على الجناة، وانحطت قيمة الصحيفة التي سعت إلى ذلك (1).
______________
(1) جلال الحمامصي: صحافتنا بين الامس واليوم ص 126 و 127.