الحياة الاسرية
الزوج و الزوجة
الآباء والأمهات
الأبناء
مقبلون على الزواج
مشاكل و حلول
الطفولة
المراهقة والشباب
المرأة حقوق وواجبات
المجتمع و قضاياه
البيئة
آداب عامة
الوطن والسياسة
النظام المالي والانتاج
التنمية البشرية
التربية والتعليم
التربية الروحية والدينية
التربية الصحية والبدنية
التربية العلمية والفكرية والثقافية
التربية النفسية والعاطفية
مفاهيم ونظم تربوية
معلومات عامة
عدم اكتمال العقل
المؤلف: الشيخ محمد تقي فلسفي
المصدر: الشاب بين العقل والمعرفة
الجزء والصفحة: ج1 ص137 ــ 140
2023-05-10
1490
إن الحماقة وضعف العقل من أشد المعاناة الفردية والاجتماعية في حياة الإنسان ، فالإنسان يواجه الكثير من المصائب والويلات ويجر الكثير من المعاناة والحرمان بسبب عدم اكتمال العقل وانعدام الذكاء.
فكما أن العقل يعتبر جوهرة ثمينة توصل صاحبها إلى منازل الكمال والرقي ، فإن الحماقة والغباء يؤديان بالإنسان إلى منازل الفشل والضياع .
عن الإمام الصادق (عليه السلام) قال: لا غنى أخصب من العقل ولا فقر أحط من الحمق(1).
ومن هنا يمكن أن نقول: إن اختبار العقل والذكاء لو تم تعميمه على جميع أنحاء العالم وخضعت له كافة الشعوب بكل فئاتها وطبقاتها، لبرزت المصيبة الكبرى وبان العدد الهائل من بني البشر ممن يعانون من داء الحمق وضعف العقل.
مصدر صغر العقل
(إن السن العقلي للقسم الأكبر من الناس لا يتجاوز سن ال 12 أو ال 13 سنة ، وأسباب سوء العاقبة هذه لا يمكن تحديدها بدقة ، ولكن يمكن بشكل عام ملاحظة صغر العقل على أبناء أولئك الذين يحتسون الخمرة ، والمصابين بمرض السيفلس والفاسقين والمختلّين عقلياً)(2).
«إن خمود الذكاء واضمحلال قوة العقل السليم ينجم عن تناول الخمر والإفراط في كل شيء، ومما لا شك فيه أن هناك علاقة بين نسبة استهلاك الخمر من قبل مجتمع ما وبين ضعف عقول أبنائه))(3).
«ويذكر «غودار» أن نسل أبوين يعانيان من ضعف في عقليهما ضم 470 طفلاً يعانون من ضعف في العقل و6 أطفال طبيعيين»(4).
ومع الأخذ بنظر الاعتبار أن داء الحمق والغباء ليس له دواء ، وأن الخمر والمشروبات الأخرى والإدمان على كل ما هو ضار يمكن أن يشكل مصدراً لهذا الداء ، وأن غالبية الأبناء يرثون الحمق والغباء من أبويهم ...
... علينا أن نتقبل هذه الحقيقة المرة وهي أن هذا الداء الخطير ينتشر في عالمنا بشكل كبير مما سيتسبب بالمصائب والويلات على بني البشر .
إن اهتمام الدين الإسلامي الحنيف بمسألة العقل وأهميته هو من البديهيات. وفي القرآن الكريم والروايات الإسلامية لم يرد ذكر كلمة أكثر من كلمة عقل وما يتعلق به من تفكر وتدبر .
ومن القضايا التي أكدت عليها الروايات صراحة اختبار عقول الناس أو ما يطلق عليه علماء اليوم بـ (تست) . فقد نقلت لنا الروايات أن أولياء الله (عليهم السلام). كانوا يطرحون في أوقات خاصة أسئلة على أنصارهم ليتبين لهم من أجوبتهم ميزان عقولهم ومدى فهمهم، كما جاؤوا في الكثير من أحاديثهم بأحكام تعلم الإنسان كيف يختبر عقول الآخرين، وعلى سبيل المثال نشير إلى إحدى الروايات :
سبيل اختبار العقل:
عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام) : إذا أردت أن تختبر عقل الرجل في مجلس واحد، فحدثه في خلال حديثك بما لا يكون ، فإن انكره فهو عاقل ، وإن صدقه فهو احمق(5).
وعلى أساس هذا الحكم يمكنك أن تختبر عقول الأطفال والشباب وتحديد ذكائهم وغبائهم عن طريق طرح أسئلة تتضمن قضايا بعيدة عن الواقع أو مستحيلة الحصول.
قال علي (عليه السلام) : عند بديهة المقال تختبر عقول الرجال (6).
الرد السريع :
إن ميزان الاختبار في هذا الحديث هو «بديهة المقال» يعني سرعة الرد ، فأحياناً يواجه الإنسان المتكلم ظروفاً خاصة ويبدأ فوراً بالحديث ، وأحياناً اخرى يطرح عليه سؤال فيجيب فوراً ، وفي كلتا الحالتين يكون نطقه السريع اختباراً لعقله يبين كماله أو نقصه .
إن طريقة الاختبار في هذا الحديث أشمل من تلك التي جاء بها الحديث الأول ، حيث يمكن اختبار عقول الصغار والكبار مهما اختلفت أعمارهم ، وسرعة الكلام لا تعتبر اختباراً للعقل فحسب بل للذكاء والذاكرة وغير ذلك من القضايا النفسية أيضاً.
قال علي (عليه السلام) : ظن الإنسان ميزان عقله (7) .
وكلمة «ظن» تعني في اللغة اليقين والريب والشك ، وربما قصد هذا الحديث كل تلك المعاني.
الرأي السليم :
إن للناس وجهات نظر مختلفة تجاه حدث عالمي أو وطني أو عارض عائلي أو شخصي إلى غير ذلك من المسائل العلمية والاجتماعية ، بعضهم يبدي وجهة نظره بشكل حازم، وبعضهم الآخر يتردد في إبرازها. وكلما كان عقل الإنسان كاملاً وفكره واسعاً ، كانت نظرته صائبة ورأيه سليماً وشكه قريباً من الواقع. وفي الحديث الآنف الذكر حدد أمير المؤمنين علي (عليه السلام) وجهات نظر الناس ميزاناً لعقولهم .
وعلى أساس ما ورد يمكن تنظيم المئات من الأسئلة لتشكل اختباراً يطبق اليوم في علم النفس الحديث، لمعرفة السن العقلي والموقع النفسي للصغار والكبار من الناس.
______________________________
(1) الكافي ج1، ص29.
(2) راه ورسم زندكى (سبل الحياة) ،ص62.
(3 و 4) راه ورسم زندكي (سبل الحياة) ص 12 و 74.
(5) بحار الأنوار ج 1، ص43.
(6) غرر الحكم، ص 490.
(7) نفس المصدر، ص 474.