ان أكثر ما في ثقافة اهل الجزيرة العربية القديمة يتمثل بنشاطاتهـم الدينية، شأنهم في ذلك شأن الاقوام القديمة التي ازدهرت في تلك الازمان السحيقة، فكانت ديانة عرب الجزيرة قائمة على الوثنية، وهي نفس ديانة السكان القدماء في الاقطار الاخرى، وقد جاؤا بها الى مستقراتهم الجديدة مع لغتهم وثقافتهم الادبية والمادية حاملين معهم آلهتهم وأهمها الاله القمر «سين». وكانت عبادة هذا الاله شائعة في جميع انحاء الجزيرة العربية تقريبا جنوبها وشمالها، كما كان معروفا في بلاد الحبشة. وكان الاله القمر مذكرا عند سائر الساميين في حين ان الاله الشمس كان مؤنثا عند الساميين في جنوب الجزيرة العربية مذكرا عند الشماليين، وعلى العكس من ذلك «الزهراء» مذكر عند الجنوبيين مؤنث عند الشماليين. ويرى الاستاذ ديتلف نيلسن ان هذا التغيير في جنس الشمس والزهرة يشير الى انتقال الديانة السامية القديمة من الجنوب الى الشمال وتغيرها بسبب البيئة الجديدة. ويعتقد ان تسمية سيناء مأخوذة من الاله «سين» المذكور. ويقول الاستاذ نيلسن في دراسته عن الديانة العربية القديمة (1) إن عدد الآلهة الذين توصل المؤرخون الى معرفة أسمائهم في الاقسام الجنوبية من جزيرة العرب بلغ أكثر من مائة اسم، منهم خمسون إلها توجد عنهم معرفة تفصيلية. وقد ورد في القرآن الكريم ذكر اسماء خمسة من الآلهة التي كانت تعبد في الجزيرة العربية ترجع الى زمن نوح (ع) وهي: «ود» و «سواع» و «يغوث» و «يعوق» و «نسر» (2)، كما ورد في القرآن الكريم ايضا ذكر ثلاثة من الآلهة الاناث، هي: «اللات» و «العزى» و «مناة» (3). والجزيرة العربية كانت مهبطا لعدد من الانبياء والرسل الذين نادوا بالوحدانية، ذكر بعضهم القرآن الكريم مثل نوح وهود وصالح وغيرهم. فقال تعالى: «منهم من قصصنا عليك ومنهم من لم نقصص عليك». وما ابراهيم الخليل عليه السلام الا أحد هؤلاء الانبياء الذين يرجع أصلهم الى الجزيرة العربية ، وكذلك الكاهن الاعلى الموحد «ملكي صادق» ملك اورشليم الذي بارك ابراهيم الخليل باسم الاله العلي خالق السماوات. ثم جاء من بعده الكاهن المدياني الموحد يثرون الذي زوج ابنته الى النبي موسى والذي كان على ما يرجح الباحثون يعبد الاله «يهوه». وهو اسم إله الموسويين فيما بعد. بشر هؤلاء بالتوحيد قبل ظهور اتباع موسى بألف الى ألفي عام، دعوا الى عبادة الاله الواحد خالق السماوات والأرض ، وقد نسبت هذه الدعوات النبوية كلها الى أصل واحد، وهو السلالة السامية العربية ختمت بدعوة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) التي جاءت والأرض متممة لها.

...................................................

1- (التاريخ العربي القديم)، الترجمة العربية، ص 184.

2-سورة نوح، الآية 21 وما بعدها.

3- سورة النجم، الآية 20. انظر. (أصنام العرب) للدكتور جواد علي، مجلة «سومر» المجلد 23 (1967)، ص3 ــ 46.

مواضيع ذات صلة

اغتيال الملك سيف بأحراش الدلتا.

سيف يتوغل في أصفهان.

الرحيل إلى مصر العدية.

موت قمرية.

سيف يفك حصار مدينة أفراح.

سيف بن ذي يزن تبع حمير المنتظر.

هيكل سيف بن ذي يزن.

مهد التباعنة.

سيف أرعد يصرخ: ولدي جثة بلا رأس.

حروب النيل.

الحرب الضروس في القرن الأفريقي.

ذو اليزن التبع المحتضر.