x
هدف البحث
بحث في العناوين
بحث في اسماء الكتب
بحث في اسماء المؤلفين
اختر القسم
موافق
الحياة الاسرية
الزوج و الزوجة
الآباء والأمهات
الأبناء
مقبلون على الزواج
مشاكل و حلول
الطفولة
المراهقة والشباب
المرأة حقوق وواجبات
المجتمع و قضاياه
البيئة
آداب عامة
الوطن والسياسة
النظام المالي والانتاج
التنمية البشرية
التربية والتعليم
التربية الروحية والدينية
التربية الصحية والبدنية
التربية العلمية والفكرية والثقافية
التربية النفسية والعاطفية
مفاهيم ونظم تربوية
معلومات عامة
مشاكسة الأطفال
المؤلف: د. علي القائمي
المصدر: الأسرة والطفل المشاكس
الجزء والصفحة: ص45 ــ 52
25/12/2022
1763
المشاكسة ظاهرة شائعة بين الصغار والكبار على حد سواء، وتشير الاحصائيات المتوفرة لدينا بأن ما يقارب 7ــ8% من الاطفال يتصفون بنوع من المشاكسة، ولاشك ان هذا الرقم يتفاوت بتفاوت المجتمعات ووفقاً لنوع التربية التي يتلقاها الابناء من الآباء والتربويين وانطلاقاً من ظروف ذلك المجتمع ومقتضيات الحياة فيه.
يتباين فهم معنى هذه الكلمة وما يستشف منها ومواقف الآباء والتربويين ازاءها، الا ان القاسم المشترك في عموم هذه القضية هو القلق الذي يساور اولياء الامور من وجود هذه الحالة لدى ابنائهم، وسعيهم الحثيث لازالتها بشكل أو بآخر.
وسنحاول نحن أيضاً - ضمن دراستنا لاساس هذه الحالة واسبابها ودوافعها - تقديم الحلول العملية ونكون بذلك قد تقدمنا خطوة في سبيل تقويم سلوك الاطفال وازالة قلق الوالدين.
معنى المشاكسة
لابد من التحدث اولاً عن عنى ومفهوم المشاكسة لغرض التعرف على حقيقة هذه الحالة، ونحن في هذا المجال نستمد معلوماتنا من الآراء المطروحة من قبل علماء النفس بعد الدراسات التي اجراها علماء النفس على شخصيات الافراد وصنفوها إلى فئتين هما:
١ -فئة طبيعية، مستوية، وتتصف بالاتزان العقلي والنفسي والعاطفي، وتتمتع بسلامة بدنية تامة.
٢- فئة غير طبيعية وغير مستوية ولا تتسم بمثل هذا الاتزان، وسلوكها غير طبيعي. وهذه الفئة هي التي تثير قلق الوالدين والتربويين وتخلق لهم المصاعب. وموضوع بحثنا هذه الفئة من الاطفال.
من هو المشاكس؟!
طرحت آراء متباينة بشأن هذا السؤال يمكن استخلاص النتيجة التالية منها وهي:
ان المشاكس هو الشخص الذي يتمتع بسلوك متباين غير طبيعي، غير سليم، صعب، وجموح، ويوصف الشخص عادة بالتصلب فلا يستطيع التوافق والانسجام مع افراد مجتمعه واعضاء اسرته. وتنم تصرفاته عن تمرده على التعليمات الاجتماعية وله آمال ومعتقدات لا تتلائم والقيم السائدة في المجتمع فعمله اذن يفتقر للرؤية الواقعية، وتراه لا يأبه لصحة او سقم سلوكه، وكثيراً ما يتشاجر مع الآخرين فلا تجدهم إلا وهم يشكون منه، وفي بعض الأوقات يتجنب الجماعة ويؤثر العزلة. فهو ليس في وضع سليم بل يعيش وضعاً نفسياً سقيم.
معايير المشاكسة
طرحت بشأن معايير المشاكسة عدة حالات لا يخلو كل صبي من واحدة منها أو أكثر، وهى الاساس المتداول فى اصدار الاحكام بشأنه، نشير فى مايلى إلى بعضها:
١ -يوصف الشخص بانه غير اجتماعي، والآخرون ينفرون من معاشرته.
٢ -اساءة الظن بالآخرين إلى درجة يتصور معها ان الجميع يضمر له الكراهية.
٣- الخوف من كل شيء؛ من الناس ومن الحيوانات وغيرها.
٤ -الاصرار على السلوك الخاطىء حتى انه يحتم على اوليائه قبوله.
٥ -رد الفعل العنيف في مقابل امر تافه وبسيط.
٦ -رفض الحقائق والاحداث المحيطة به حتى وان كان يلمسها صراحة.
٧- معاناته من الشك والوسواس باحدى صوره واشكاله.
٨ -الكآبة والضجر الذي ربما يقوده إلى الانطوائية.
٩ -محاولة خداع نفسه اوخداع الآخرين لاشباع غروره او بلوغ الهدف المنشود.
10ـ تمهيد الأرضية للشجار والخصام وكأنه يتخذ هذا الاسلوب كمهرب للتخلص من حالة الاضطراب.
1١ -اخفاء مقاصده وراء عمل يتظاهر بادائه.
12ـ كثرة الخصومة والشجار مع الآخرين، وشدة الحسد لهم والتنافس معهم، ويلجأ في بعض الحالات إلى الصراع والتنازع معهم.
الصفات والحالات والخصائص
يتصف الاشخاص المشاكسون بخصائص وحالات اذا اطلع عليها الوالدان والمشرفون التربويون كانت لهم افضل موجه ومعين؛ وهي كما يلي:-
١ -فقدان الاستقرار والسكينة ولايمكنهم الجلوس في مكان واحد بهدوء وسكينة.
٢ -العجب وشدة الاغترار بالنفس وحب الذات والانانية.
٣- يفتقرون للنضج اللازم ولايمكنهم النظر إلى الامور نظرة واقعية.
٤ -قلما يظهر البعض منهم بين الجماعة، وتواجدهم بين الآخرين قليل.
٥ -التهرب من المدرسة والواجبات المدرسية ولايبدون رغبة بالدراسة والتعلم.
٦ -آمالهم وتوقعاتهم غير معقولة ولا اساس لها.
٧- عدم القدرة على تخمين توقعات وآمال الآخرين المعقولة والمقبولة.
٨ - يتسم اغلبهم بشدة العبوس حتى وكأنهم لا يستطيعون الضحك بطلاقة وانشراح.
٩ -عدم القدرة على تغيير الاهداف والمنطلقات بل يتصرفون وفقاً لارادة مبيته.
10ـ العجز عن التعامل مع الامور بصدق، وفي بعض الحالات ينتهجون سبل الحيلة والخداع.
11ـ واخيراً فانهم يتصفون بنوع من السلوك يجعل التعامل معهم صعباً.
دراسة حالة المشاكسين
يستشف من دراسة سلوك وحالة المشاكسين بأنهم يرون انفسهم عاجزين امام الحقائق فيضطرون لخداع الآخرين واذا عجزوا عن ذلك يلجأون إلى خداع انفسهم جرياً وراء التحرر من الاضطراب الناجم عن التعارض مع الاخرين والاخفاق في الحياة.
ان عدم النجاح في الحياة يدفع مثل هؤلاء الاشخاص إلى بغض الآخرين وهذا قد ينعكس عليهم على صورة العربدة والتحدي. ومن صفاتهم الاخرى عدم الصبر على الحرمان. وهذا ما يحفزهم على الثورة على اوضاعهم وظروفهم السلبية.
يتصف هؤلاء الاشخاص بذكاء طبيعي تقريباً، بل ويمتاز بعضهم بدرجة عالية نسبياً من الذكاء، الآ ان شدة الحساسية وحدة المزاج ليس بالامر الذي يرتبط دوماً بالذكاء. ثمة عوامل متعددة تؤثر في ظهور هذه الحالة سنشير اليها من خلال دراستنا.
اسس المشاكسة وجوانبها
أساس المشاكسة شعور الفرد بان ثمة خطر يهدد مصالحه، وانه يسير في اتجاه تتضارب فيه المصالح، وهذا الشعور يمهد لديه السبيل لانتهاج اسلوب مشاكس.
وهذا الشعور وما يترتب عليه يحتدم عادة حينما يكون الشخص بين الجماعة ومع الآخرين، الا ان هذا لا يمنع من ظهور الحالة عند الشخص حتى وان كان بمفرده بسبب ما يعانيه من اضطرابات نفسية.
اذن فالمشاكسة تدور احياناً في داخل الذات ومعها وذلك حينما يكون مضطرب من الداخل، وقد تكون احياناً أخرى مع الآخرين. وهذه هي الحالة التي تثير قلق الوالدين والتربويين.
يتخذ هذا السلوك طابعاً هجومياً تارة، أو طابع الكآبة والانزواه تارة اخرى أو قد يتجسد في بعض الحالات على صورة اساءة الظن بالآخرين وهذا يتوقف على نوع معاناة الشخص ووضعه النفسي ونمط تربية وثقافة الاسرة والمجتمع.
ملاحظة مهمة
يبدو من الضروري الاشارة إلى هذه النقطة وهي وجوب التفريق بين المشاكسة الناجمة عن الاضطرابات البيئية والنفسية وبين ما يرتبط بالنضوج وكيفيته.
ولو اردنا تبسيط المسألة لقلنا ان سلوك الاشخاص في مراحل العمر المختلفة لا يسير على وتيرة واحدة؛ فالسلوك الذى يبدو طبيعياً فى سن معينه قد لا يبدو هكذا في سواها. والركض والقفز والضحك والبكاء تبدو امورا مألوفة في الصغر، واذا لم يكن الطفل في تحرك ونشاط دائم فهو مريض وتجب معالجته، أما في السنوات اللاحقة فهذه الحالة تصبح غير طبيعية؛ والطفل حينما يبكي لأجل نيل ما يريد يبدو الامر طبيعياً لا اشكال فيه، ولكن من العجب ان يبكي الكبير لنفس ذلك الغرض.
والذي نريد قوله ان المشاكسة في ظروف معينه تعتبر جزءاً من مستلزمات النضوج ولا تستدعي القلق. والوجهة العلمية ترى ان الطفل بين سن ٢/٥ـــ٥/٥ كثير الأذى والشغب وشديد المشاكسة، وقد يعزى سبب ذلك إلى استشعار الضغوط الداخلية المتأتية من الوعي وادراك الذات.
تعرف السنة السابعة من العمر بأنها سن النظرة السلبية، وردود فعل الاطفال في هذه السن تتسم بالعناد والمشاكسة في ازاء الأوامر والنواهي، او ان سلوك الاطفال بين الثانية والثالثة من العمر يقترن عادة بكثير من الصعوبات، ولايقدرون على الانسجام مع الأب والأم، وهذه الظاهرة لا تستوجب الضجر والقلق لأنها سحابة عابرة.
شموليتها
واستناداً إلى هذا فان امثال هذه المشاكسات موجودة عند كل العوائل، ولا يشعر الآباء والامهات المجربون باي قلق ازاء وجود مثل هذه السلوكية عند اولادهم، بل ان ما يوجب القلق هو ان يبلغ الشخص مرحلة الرشد ويظل متشبثاً بالتصرفات الصبيانية.
الغرض من هذا الكلام هو اننا اذا لاحظنا ان اطفالنا في البيت يكثرون من الأذى والضجيج فلا يجب ان نقلق من جراء ذلك. فالجري والقفز أو عدم الانصياع للاوامر والنواهي الصادرة من الابوين تبدو طبائع عادة لديهم، فهم لم يبلغوا درجة من النضج تمكنهم من امتلاك زمام امورهم والتحكم فيها، وهم إلى الآن غير قادرين على ان يجعلوا من تصرفاتهم تصرفات عقلائية أو هادئة. وبطبيعة الحال ان تصرفاتهم التي تبدو وكأنها تصرفات مشاكسة لها حالات من الشدة والضعف، الا أنه ليس ثمة طفل خال من العيب والنقص، وكل تصرفاته تتسم بالمنطقية والصحة. والمهم في الموضوع ان تكون سلوكية وتصرفات الاطفال اثناء تدرجهم نحو دور الصبا والشباب، مطبوعة بالتعقل وتميل نحو النضوج في كل شهر بل وفي كل اسبوع.
الاعراض والاضرار
يحمل السلوك المشاكس الذي يصدر عن الاطفال بين طياته اعراضاً واضراراً فردية واجتماعية.
أما الفردية منها فيمكن القول بشأنها ان مثل هذا السلوك يجعل الاطفال يعيشون في حالة من العذاب تحرمهم من استشعار لذة الحياة كما ينبغي، فهم دائماً عرضة لسماع كلمات التقريع والملامة، وهذا ما يعكر عليهم صفو الحياة.
اما من حيث الجوانب الاجتماعية فيمكن القول ان تصرفاتهم تسبب الاحراج وتوجد المشاكل للآخرين لأنهم يقوضون صرح الهدوء والسكينة القائم في البيت والمدرسة.
فكثيراً ما يخلق امثال هؤلاء الاطفال المشاكل لذويهم في البيت ولمعلميهم في المدرسة.
وبقية الاطفال والاتراب يذوقون منهم الأذى ويحاولون التهرب من مرافقتهم.
ان وجود الطفل المشاكس في البيت يكون في بعض الحالات سبباً لنشوب الشجار بين الوالدين. وبصورة عامة يجب القول ان الطفل المشاكس يسبب لوالديه وللمهتمين بشؤون تربيته العناء والأذى، وقد يستفزهم احياناً ويدفعهم إلى معاقبته وضربه واهانته.