x
هدف البحث
بحث في العناوين
بحث في اسماء الكتب
بحث في اسماء المؤلفين
اختر القسم
موافق
الحياة الاسرية
الزوج و الزوجة
الآباء والأمهات
الأبناء
مقبلون على الزواج
مشاكل و حلول
الطفولة
المراهقة والشباب
المرأة حقوق وواجبات
المجتمع و قضاياه
البيئة
آداب عامة
الوطن والسياسة
النظام المالي والانتاج
التنمية البشرية
التربية والتعليم
التربية الروحية والدينية
التربية الصحية والبدنية
التربية العلمية والفكرية والثقافية
التربية النفسية والعاطفية
مفاهيم ونظم تربوية
معلومات عامة
الفقر التربوي في مجتمعنا
المؤلف: د. علي القائمي
المصدر: الأسرة وأطفال المدارس
الجزء والصفحة: ص22 ـ 38
21/12/2022
1139
النظام التربوي الجديد في بلادنا قد اُسس منذ عشرات السنين. واستمر إلى هذا اليوم، وبالرغم من وجود السنن الاسلامية في مجتمعنا، ووجود المجالات الفكرية والثقافية الغنية النابعة من الاسلام قد روجت في بلادنا، ومع كل الرقابة التي بذلها حماة الدين والمبلّغون للإسلام في بلادنا، صار الوضع بنحو يرى الملتزمون والمتدينون أن من الأفضل أن لا يضعوا أنفسهم وابنائهم في قبال هذه التربية.
نحن في ظل التربية الحديثة لم نبدع ولم نخترع شيئاً ثميناً أبداً، وحتى لم نصل إلى الاستقلال في مجال الصحة والتغذية والملبس، ولكننا تحملنا صدمات كثيرة في المجتمع نشأت من غرورنا الكاذب، والتأثر بالعلم والتبعية للغرب في اسلوب حياته، وترك السنن الاسلامية القيمة.
نحن لم نصبح مخترعين أبداً. ولكننا اتخذنا اسلوب حياة المخترعين، لم نحصل على فوائد الصناعة، ولكننا تذوقنا عقباتها الفاضحة بكل وجودنا، لم نحصل على علم ومعرفة ولكننا فخرنا به أمام الجميع وتفاخرنا. وأخيراً وصل أمرنا إلى درجة كدنا أن نبتعد عن الله ورسوله وديننا، وكذلك عن أبوينا وأعزائنا بل وينطبق علينا المثل القائل: (لم نأكل الأرز ولكن أفواهنا احترقت).
ان الفقر التربوي في مجتمعنا كان واضحاً بل كان أوضح من بقية البلاد الاسلامية المعروفة.
التربية بعد الثورة
التفاوت واضح بين التطور الذي حصل بعد الثورة الأسلامية لأجل التغيير والأصلاح في وضع والتربية والتعليم قياساً مع السنين السبعين الماضية. بل لا يوجد أي قياس بينها.
الثورة الاسلامية اوجدت التغيير في جميع الجوانب. النظام السياسي والاجتماعي والاقتصادي والثقافي، وكذلك غيرت الأوضاع التربوية، وببركة المساعي التربوية، صار الحفاظ على الشرع، ورعاية الظواهر الدينية اموراً تلفت الانتباه خصوصاً في المدارس، وهذه هي الخطوة الأولى لأجل التزكية. وايجاد السدود المنيعة أمام ظواهر الفساد والسلبية في المجتمع.
أطفالنا اليوم لا يرون التصرفات الاخلاقية المبتذلة في المدرسة والصف علناً، ولا في محيط الحارة والشارع وليسوا مجبرين على ان يدهنوا أجسامهم بدهن العار (كناية عن التشهير).
وأخيراً إن بناتنا لا تتأسى بعد هذا بتلك المعلمات اللواتي يمتلكن زينة الظاهر، بل أصبحن يحافظن على عفّة الباطن ويمتلكن الأصالة ويقيّمون الشرف والانسانية ويمجّدونهما.
الدعايات النظرية والعملية في المدارس لأجل التنمية والبناء ولحفظ اصول التقوى والعفاف ورعايتها أصبحت من الوظائف العامة في المدارس. وكذلك توجيه المسؤولين والمربين للجيل الجديد وعلى أساس بيان النماذج الانسانية الرفيعة والشريفة.
فالمسؤولين التربويين والمربّين لهم أثر كبير في توجيه الأطفال وبنائهم، والكلام في المدرسة والكتاب والصف عن الأخلاق والنزاهة، والبحث عن الأيمان والصداقة واشاعة القيم والفضائل، كل ذلك له أكبر الأثر في تربية أطفالنا.
مع ذلك لا ننكر هذا النقص. وهو أن الطريق الذي قطعناه لا يقاس مع الطريق الذي يجب أن نقطعه، وحتى الآن توجد أعمال كثيرة يجب أن تنجز لإزالة الفقر التربوي، ولا زال الجدل والكلام يدور حول ماهية الهدف والاسلوب والمحتوى، وهذا يتطلب جهودا مستمرة ومضنية.
السلبيات الموجودة
لأجل إزالة الفقر التربوي وحل المشكلات ورفعها يجب أولاً أن نهيأ قائمة بهذه السلبيات، وبعد ذلك يجب أن نستمد من أراء وافكار ذوي الخبرة التي حصلت في ظل تبادل الأراء لحل هذه المشاكل ورفعها. علماً بأن مجال العمل لأجل الوصول إلى التربية الاسلامية المطلوبة واسعة جداً وجزء منها يشتمل على الموارد المذكورة التالية:
1ـ الاصول الحاكمة على التربية: حيث نتعرف في هذا المجال على أهم السلبيات وهي:
- الاصول الحاكمة على النظام غير واضحة تماماً، وقد قامت وزارة التربية والتعليم في هذه الفترة الأخيرة بإجراءات جيدة لتحديد هذه الاصول، حيث ستدخل تلك الاجراءات إلى حيز التنفيذ قريباً (شهر خرداد - 1365هـ ش).
- الاصول المعروفة ليست مقبولة لجميع المعلمين، وما أكثر المعلمين الذين يدخلون إلى صف الدرس بدون إن يكون شيئاً من ذلك في فكرهم.
- موضع النظام التربوي الاسلامي غير معلوم ولا مشخص بالنسبة الى الأنظمة الأخرى أو على أقل تقدير لم يذكر حتى الآن.
- الخطوط العريضة للتربية الاسلامية لم تعرف الى المسؤولين التربويين.
- أغلب المعلمين لا يعرفون شيئاً عن خصائص التربية الاسلامية وأصولها ومبانيها.
- الآراء حول العالم، الخلق، الدنيا وقيمتها غير واضحة.
- عدم امتلاك المعرفة عن مكانة الانسان في العالم الوجودي. وعن المبدأ والهدف النهائي لسير الانسان التكاملي.
- عدم امتلاك معرفة واضحة عن المسائل المطروحة حول الانسان وحقوقه خصوصاً علاقاته مع الآخرين.
- لا توجد لدينا معلومات كثيرة حول حرية الانسان، اختياره وانتخابه، تعهده وتكليفه، حياته الاجتماعية، ومدى حدود تقبله للتربية.
- لا يعلم معلمينا بدقة شيئاً عن دور العوامل الانسانية وعن قدرة نفوذ العوامل المرتبطة بالواقع وعن عوامل ومواضع النمو، وكذلك عن الارشادات والامدادات الغيبية وضوابطها.
من الطبيعي لأجل ازالة الفقر والتخلف التربوي يجب أن نفكر بهذه الأمور ونضع معلومات واضحة وصريحة تحت أيدي المعلمين مع وجود نظام للمراقبة الدائمية لأجل معرفة أن هذه المعلومات تكون في امام نظرهم عند العمل.
2ـ في مجال الأهداف والمقاصد: التربية امر مهم وهدف اساسي، فمن الطبيعي أن نتبع أهداف ومقاصد عقلائية. ويجب أن تكون الأهداف والمقاصد ظاهرة ومعلومة بصورة كلية، وكذلك وضوح المسائل المطروحة حول علاقة الانسان مع نفسه ومع غيره ومع الموجودات ومن جهة اخرى روابطه مع واقع وحقائق المجتمع.
كذلك يجب ان تكون الرابطة بين الأهداف والاحتياجات واضحة، بالأرتباط مع ظروف الزمان ومكان الأهداف ومدى انعطافها. وما هي المراحل والمقاطع التربوية؟ وكيف ومن اين نأتي بمنابعها؟
ان معرفة الأهداف تعين لنا جهة السير، والمحتوى وطريقة العمل، وكذلك اسلوب التعامل مع المسائل والأمور المتعلقة بهذا المجال.
الأهداف تجعلنا قادرين على التقييم بأننا كم قطعنا من الطريق؟ وكيف قطعناه؟ ومدى بعدنا عن الغاية النهائية؟ وكيف يجب أن يكون اسلوب حركتنا في سير التربية.
ان جزء من اسباب السلبيات والفقر التربوي ترجع الى عدم معرفة الأهداف. المعلم الذي يُركّب تلاميذه فُلك علمه يجب أن يعلم الجهة التي يذهب اليها. وفي أي مكان من الساحل يجب أن ترسي سفينته. وحين لا تكون الغاية معلومة فأن نتيجة هذا المسير ستكون الحيرة.
3ـ في مجال المحتوى: نرى تغييرات حدثت في محتوى التربية بعد انتصار الثورة الاسلامية، ونرى أيضاً أنها أصبحت غنية في بعض المجالات، ولكن الحق هو أننا لا نستطيع أن نتقدم خطوة ما لم نعرف الأهداف والمقاصد التربوية والفلسفة والاصول الحاكمة على التربية.
لا شك انه يجب تجديد النظر في المحتوى الموجود. يجب أن يكون انسجام كامل بين محتوى التربية وبين احتياجات الفرد والمجتمع. ولا شك أنه يجب ادخال الشرائط السنية والجنسية والزمانية والمكانية في ذلك، ولكن الأهم هو أنه يجب أن يكون المحتوى مدوناً لأنسان مسلم يعيش في المجتمع الايراني المسلم، وتربيتنا من هذه الناحية ناقصة.
نحن - وللأسف ـ لا نهتم كثيراً إلى حاجة المجتمع في محتوى التربية، وهذا الأمر ملحوظ حتى على مستوى الجامعات، بل حتى الفروع الدراسية الموجودة في الجامعات لم تقسم حسب احتياج المجتمع، وكم من الفروع التي يجب أن تحذف أو يقلص عدد طلابها أو تدغم في فرع آخر.
المحتوى يفتقر إلى المباني الدينية، لا زالت إلى الآن أراء الآخرين موجودة وأراء القادة الاسلاميين متروكة. كم من الاطروحات التي تُعرض من دون أن تلحظ فيها أراء قادة الأسلام أو تلحظ فيها أراء الموافقين والمخالفين للإسلام. وبالنتيجة خريجي الجامعة يفتقرون إلى التربية خصوصاً من الناحية الأسلامية.
4ـ كيفية المقاطع والمراحل: من موارد فقر التربية عندنا، وجود نقاط مبهمة أو منسية في مقاطع التربية. نحن لدينا تعاليم متعددة في الدين الاسلامي والتي يجب أن يوضع النظام التربوي على وفقها وأساسها ومن جملتها:
- التأكيد على السنين الأولى من الحياة وخصوصاً دورة البلوغ.
- بناء التربية في السنين السبعة الأولى في محيط الأسرة والى جانب الأم وفي أحضانها العطوفة، والتعليمات لا تكون رسمية في هذه المرحلة (الطفل حر).
- في السبعة الثانية تطرح مسألة تعليم الأصول والفروع، والطفل كالعبد يكون تحت سيطرة المربي وأختياره.
- استمرار التربية الرسمية الصحيحة إلى سن21.
- التربية يجب أن تؤهل الأفراد إلى الزواج في سنين البلوغ وتعلمه الفنون اللازمة له، ونحن نعلم أن بين محتوى التربية وشروطها المتوفرة لا يوجد أي تطابق ووفاق. ومن الطبيعي لأجل ازالة الفقر التربوي يجب أن تنجز عملاً من هذه الناحية أيضاً. نحن لا حيلة لنا إلا أن نلحظ الخصائص الجسمية والنفسية والاحتياجات الفطرية في التربية، وهذه تحتاج الى معارف قيمة عن النمو ومراحله.
5ـ كيفية الأساليب: من الدلائل والعلل التي تمهد للفقر التربوي هي توسع العلوم. ولكن مع توقف أساليب التعليم. تضاف ملايين الصفحات في كل سنة إلى علوم البشرية. فمن الطبيعي أن تكون طريقة التدريس وفنون التعليم والقراءة مدونة بنوع تسهل القراءة وإدراك المسائل.
العلم يتقدم بسرعة البرق الى الأمام. ولكن طرق التعلم تسير بسرعة السلحفاة. وهذه من المعضلات الكبيرة للتربية في بلادنا والبلاد الاخرى.
حتى الآن لا يعرف الكثير من معلمينا أهمية تعليم الألف باء، دعونا بعض الأشخاص الى التدريس بسبب النقص في الكادر التعليمي ولم تسنح الفرصة لتربيتهم وإعدادهم مرة ثانية، وإلى الان تتبع طريقة المكاتب القديمة في بعض مدارسنا وحتى الآن بعض معلمينا لا يعرفون قراءة القرآن ولا يستطيعون تدريس تلاميذهم به.
لا زالت بعض مدارسنا تستخدم اسلوب القوة في الناحية التربوية وتعبير (اللحم والجلد لك والعظم لي)، في بعض مدارسنا لا زال موجوداً الى الآن، أما أساليب التسامح والموعظة والإحسان، والعفو والمغفرة، والصفح واللسان اللين. فقليلاً ما تستعمل، فالأصل مبني على إيجاد الرعب والخوف.
وأنتم ترون أن خريجي المدارس لا يهتمون إلى مدرّسيهم. حق ينظرون اليه في الشارع نظرة سلبية. بل أن البعض منهم يغير طريق سيره في حال رؤية معلمه في الشارع حتى لا يجبر بالسلام عليه ومن الطبيعي أن هؤلاء المعقدين لو وصلوا إلى مكان المسؤولية ماذا سيفعلون بالمراجعين وأي بلاء سينزلون بهم.
وكذلك التربية ذا بعد واحد، وأكثر الانتباه يكون إلى التعليم والحد الأقصى إلى الأخلاق والعاطفة. ونحن مفتقرين إلى الناحية التي تربّي الفكر والعقل، الحافظة والتخيل، الدقّة والإرادة والفكر والوجدان، الاعتماد على النفس وعزتها، المنطق والاستدلال.
6ـ المعلم: من الممكن أن يكون أهم عامل للفقر التربوي هو هذا المجال.
الشعب الذي يفتقر الى المعلم هو الشعب الفقير والمتخلف. قلة المدارس والكتب ولوازم الكتابة خسارة للشعب، ولكن هذه الامور غير مهمة كلياً في حال كون المعلمين كفوئين فالخسارة العظيمة للبلاد أن يكون معلم المجتمع من الأفراد الذين ليس لديهم معلومات جيدة أو خبرة جيده أو لا سمح الله من المتخلفين أو يكون معلم المجتمع من المجموعة التي توجّهوا لهكذا عمل لا عن قناعة وإدراك، وانما ظروف الفقر والدراسة والشهادة الجامعية هي التي فرضت عليهم هذه المهنة.
يجب أن يكون المعلمين من المنتخبين وذوي الخبرة في المجتمع. ويمتلكون الصحة والسلامة الجسمية والنفسية، والأهم سلامة العقيدة، وامتلاك الفكر اللائق، أي أن يكون لهم فكراً منيراً. وذهناً واعياً أن يكون لهم تخصص ومعرفة بالنسبة إلى عملهم، وأن يحبوا عملهم وحياتهم أن يكونوا ماهرين ومتمرسين، وأن يمتازوا بالنزاهة والعفة، ومن الأفضل أن يكونوا متزوجين ولهم أبناء حتى يفهموا كلام الناس وألآمهم. وأخيراً أن يمتلكوا الاخلاق الاسلامية الجيدة والعقيدة الصحيحة، فالمعلم الذي يفتقر إلى هذه النواحي خصوصاً الناحيتين الدينية والأخلاقية يكون سبباً من أسباب التخلف التربوي. والاستاذ الذي هو مفتقر الى الناحية العلمية يكون رأسماله التربوي في المجتمع من النوع المصرفي، والاستاذ والمدرس الذي لا يؤمن بعمله ونظامه سيربي جيلاً لا يتورع من إن يوقع سند الخيانة ولا يخاف من ذلك.
والدلائل الكثيرة تؤكد باننا مفتقرين إلى المعلمين وليس اساتذتنا كلهم من ذوي الخبرة والمتمرسين، أو على أقل تقدير لا أرى عند كلهم المعلومات اللازمة للتدريس، ليس للمعلمين مستوى واحداً في جميع البلاد، ومع ذلك فان سعي المسؤولين لرفع هذه النواقص واضح جداً.
7ـ الامتحانات: وجود الامتحان ضروري للتقدم والتقييم، ويعتبر الاسلام وجوده من السنن الألهية ويقول: أن الانسان دائماً في معرض الاختبار لا في مجال واحد، بل في مجالات متعددة، من الخوف والرجاء، والجوع والاشباع، والسلامة والمرض، وقرب المقام وبعده والموقعية و...الخ.
ومن موارد فقر التربية هذه:
- الامتحان لأجل التعليم فقط.
- غير منظمة وكل جهد التلاميذ ينصرف إلى الامتحان فقط.
- لا يوجد امتحان في الموارد التي ترتبط بالشرف والنظم والنزاهة والعفة وطلب العزة والسلامة النفسية ومناعة الطبع.
- ملاكات التقييم محدودة وفي العمل تنقسم الى عشرين طبقة من الصفر الى العشرين.
- الأطفال يجهدون أنفسهم لأجل الدرجة الامتحانية لا للنمو والرشد العلمي ويرون أنها هي المفيدة لهم لا القوة والقدرة العلمية على التعليم.
- الخوف من الامتحان بسبب الخوف من الرسوب يزيل الطمأنينة ويسبب الأرق ليلاً.
ـ الاستعداد للامتحان يكون في أيام خاصة بخلاف السنن الألهية التي لا يكون الامتحان فيها مختص بدقائق وأيام وأشهر وسنوات خاصة، بل في جميع الساعات.
وهناك امور اخرى يجب التنبه لها لإزالة الفقر التربوي.
8ـ الإجراءات: لا شك أن العاملين والمجرين للنظام يجب أن يكونوا أفراداً مجربين مطّلعين، مؤمنين وذو بصيرة، ومن الطالبين للوصول الى الله، محبين للمجتمع والناشئة. ومجاهدين في سبيل االله ومن البيوتات الخيرة والطالبين للخير والمحبين له، وكذلك من المحققين والباحثين و...
لو أن أفضل الأنظمة وضعت في يد الذين لا أهلية لهم فلا يوجد أمل لموفقية ذلك النظام وأن جعلنا أفضل الأطروحات في يد الجاهلين فلا أمل في ثمرتها. من علل التخلف في أكثر المجتمعات والشعوب هو أن الأفراد المنصوبين لم يوضعوا في مجال إختصاصهم. هذا النقص كان موجوداً قبل الثورة في مجتمعنا وهم الآن في صدد رفعه وأصلاحه.
نواقص اخرى
ما أكثر العلل التي تذكر بعنوان نواقص في التربية وتصير سبباً في الفقر التربوي. للمثال نذكر ما هو قابل للذكر في مجتمعنا.
- كثرة التلاميذ وتراكمهم في الصفوف التي هي عامل وسبب لعدم المراقبة والتبادل والتفاهم الأبداع.
- محدودية حضور الطفل في المدرسة التي لها عوارض مختلفة (كالأسباب الآنفة الذكر) وهؤلاء الأطفال إضافة على فقرهم الثقافي لهم فقر اقتصادي ايضا.
- قلة الارتباط الروحي والعاطفي بين الاستاذ وتلميذه التي هي ناشئة عن المشاكل الاقتصادية وصلة الارتباط بينه وبين التلميذ وهذا الأمر يجعلهم غرباء في بعض الأحيان، كل منهم يسير في عالمه الخاص.
- أكثر المعلّمين لهم مشاكل في عملهم ومستقبلهم، قلة راتبهم، عدم تملّك بيت وحياة عائلية، عدم امكانية الزواج، الغلاء والاحتكار، ومئات الالآم والهموم الأخرى والتلاميذ أيضاً يفكرون في أوضاعهم العائلية الغير مرتبة، المشاكل العائلية التي تؤدي إلى الطلاق في بعض الأحيان، والتصادم مع زوج الام وزوجة الأب، عراك الوالدين، الفقر وقلة ما في اليد، كل هذه المشاكل تؤدي إلى سوء الاستفادة من جهودهم.
- عدم الأنس والألفة جعل السؤال والجواب وتكوين العلاقات الاجتماعية من الأمور الصعبة، وصار سبباً لإزالة امكان التفكير لأجل الوصول إلى حل لرفع هذه النواقص وإيجاد المجالات لبناء الطفل تربوياً، وليس معلوماً أن هذا الطفل الى من يجب ان يلتجأ ويحل مشاكله التربوية ومعضلاتها؟
الأشياء التي تثير هذه المشاكل
توجد عوامل كثيرة لإثارة هذه المشاكل وبعضها ترجع جذورها الى الناس وأوضاعهم النفسية والمعيشية، ومن هذه الأشياء:
- العوارض الناشئة عن وضع الاسس الخاطئة التي وضعت منذ ثمانين سنة.
- العناصر الخائنة في الداخل والخارج والتي لا زالت تتسلط حتى هذا اليوم على بعض الأمور.
- المشاكل الناشئة من بعد انتصار الثورة والتي شغلت المسؤولين والقياديين في المجتمع وعرقلت أعمالهم.
- عدم مهارة بعض المسؤولين، وذلك لعدم امتلاكهم التجربة العملية الكافية، بالرغم من كونهم من المخلصين والصادقين والمتفانين في الخدمة.
- انتصار الثورة في مدة قليلة، والذي كان بمثابة المعجزة، سلب ـ هذا الانتصار - القدرة من المحققين لتنظيم الأمور خلال أيام الثورة وبعدها.
- وعلى هذا الاساس لم يوجد نظام واضح وثابت، ولم تتضح الوظيفة الاساسية بصورة صحيحة للأشخاص الذين يعملون في الأمور التربوية، ومن الطبيعي أن كل شخص يعمل على حسب ذوقه واستنباطه الشخصي.
- تأكيد المسؤولين على حفظ المدارس من العناصر المخربة في الداخل (الطابور الخامس) والتي تشكل خطراً حقيقياً، ويمكن لها أن تضع كل الانظمة التربوية الموجودة تحت شعاعها وبقاء الجهود على مستوى حفظ الظاهر كتحضير ونصب الصور وإيجاد مجالس الخطابة، تأسيس معرض للصور الفوتوغرافية و...
- وجود عناصر غير واعية في المدارس التي بدل أن تمثل دور الأبوة والأمومة تمثل دور زوج الأم وزوجة الأب الحاقدين، وهذه هي العلة التي تؤدي إلى ايجاد العقد النفسية عند بعض التلاميذ، وإحساسهم بالحقارة.
وبالنتيجة تؤدي إلى حالة من الفوضى والهروب وزيادة الفقر التربوي.
ـ قلة الامكانات لتأمين القوى البشرية والوسائل والأدوات الضرورية لتقدم عجلة التربية، وكذلك قلة المجلات والكتب والدوريات واللوازم المساعدة للتعليم والتربية والتي يعتبر وجود كل واحدة منها دليلاً لحل المشاكل المعوقة، وقد حصل في هذا المجال بعض التقدم ولكنه لا زال قليلاً.
مقترحات للإصلاح
من أجل رفع وإصلاح هذه السلبيات والنواقص، هناك أمور كثيرة قابلة للذكر ولكننا في هذا البحث نؤكد على مسألة المعلم والمربي، وكما ذكرنا سابقاً، إذا استطعنا أن نحل مسألة المعلم والمربي في بلادنا فقد نستطيع الخروج من هذا المأزق ونتخلص من هذه السلبيات وحالة الفقر التربوي.
ومن الأفضل أيضاً أن نوجز المقترحات الاصلاحية في مسألة المربي أو المسؤولين التربويين للمدارس الذين نضع تربية الأطفال في أيديهم، وأن المشاكل التربوية يجب أن تحل وترفع بواسطتهم، والاشكالات الأساسية للأطفال والناشئين يجب أن تزال بواسطتهم خصوصاً من ناحية البناء الفكري والأخلاقي والنفسي والعاطفي و... والذي يجب ان يتم بأيديهم.
ان من أهم الامور والاجراءات التي نستطيع أن ننجزها في هذا المجال هي:
1ـ تشكيل جمعية من ذوي الخبرة التربوية المنتخبين لتعيين السير التربوي للبلاد، والذين هم الأمل لحل مشاكل المدارس والمؤسسات ورفعها، ومثل هؤلاء الأفراد غير كثيرين ولكنهم يوجدون بقدر الاحتياج في مجتمعنا.
2ـ التأكيد على امتلاك خصوصيات لازمة للأشخاص الذين ينتمون إلى هذه الدائرة، وبرأينا - إضافة على ما ذكرناه من الشروط الخاصة لانتخاب المعلمين - يجب أن نزيد الموارد الآتية:
- التأهل والزواج واعطاء الأولوية للأشخاص الذين لديهم طفل أو أكثر.
- امتلاك خبرة التدريس لثلاث إلى خمس سنين في المراحل المختلفة للتعرف على الوضع النفسي للتلاميذ في المراحل المختلفة.
- التمتع بقدرة المعاشرة والتآلف والانسجام مع الأطفال والناشئين.
- التمتع بالمعارف الأولية في خصوص الأصول والمباني الاسلامية وعلم النفس للأطفال والناشئين.
3- تأسيس مركز ومجلس من الخبراء تطرح وتناقش فيه جميع المسائل والمشاكل التربوية وتطرح للنقد والبحث وحلها بالمشاركة الفعالة الدائمية.
4- تخصيص المدارس ودور التأديب كمختبر للأعمال التربوية والتحقيق في أسباب الانحرافات وجذورها ونواقصها.
5ـ تشكيل ملفات وادخال المعلومات في الحاسوب وكذلك تأسيس بنك للمعلومات في هذا المجال تحت إشراف القسم التربوي لوزارة التربية والتعليم.
6ـ اعتبار المشاكل الأسرية وأسرارهم من الأسرار والتي يمكن الأنتفاع بها لأجل بناء المجتمع واصلاحه.
7ـ تشكيل الاجتماعات للبحث وتبادل الآراء والتمهيد لإعادة تعليم المربين التربويين.
الاجراءات في ظل الشروط الموجودة
في ظل هذه الشروط الموجودة. ومع قلة الكادر المجرب ماذا نستطيع أن نفعل؟
هل نستطيع أن نعرض حلولاً للمشاكل التربوية ولرفع موانع النمو والترقي، من أجل القضاء على التخلف والفقر التربوي؟
في رأينا الجواب نعم، في ظل الوضع الموجود نستطيع أن نقوم بالأعمال التالية:
1ـ اختيار المعلمين من بين المتخرجين في الفروع الفلسفية والعلوم التربوية وعلم النفس والعلوم الدينية، والذين لهم سابقة في التدريس لعدة سنين من أجل ملء النقص في الكادر التربوي، وبالتأكيد يجب أن لا تمنعهم أعمالهم الاخرى عن التدريس لعدة ساعات في الأسبوع.
2ـ وفي نفس الوقت نؤسس فرعاً في التعليم والتربية أو في التعليم العالي لتربية بعض المعلمين على مستوى الماجستير في فرع التربية أو الارشاد أو المشاورة وتعيينهم في المدارس للأعمال التربوية.
3ـ تشكيل صفوف تربوية ونفسية للمعلمين الموجودين في المدارس في مدة عملهم وخصوصاً في أيام الصيف لكي يكتسبوا معلومات تربوية تعادل وحدة واحدة من دروس الجامعة على أقل تقدير؟
4ـ يجب أن يكونوا هؤلاء ملزمين بالارتباط مع المراكز التربوية الموجودة في مركز ناحية التعليم والتربية، بحيث تكون المدرسة مختبرهم ويطلبون الحلول لرفع المشكلات من هذا المركز.
5ـ يجب علينا الآن أن نعمل على تنقية هذه المراكز من الكوادر الخاملة وتعيين الأشخاص الذين ليس لديهم رغبة في هذا العمل بأعمال اخرى.
6ـ طبع ونشر الكتيبات الصغيرة التي تحل المشاكل بصورة فردية وتعطي لكل مشكلة حلاً ولو مجملاً، وهذه مهمة جدا في هذا المجال ومؤثرة.
7ـ وأخيراً، من الضروري أن يدوّن المسؤولين التربويين ملفات تجمع معلومات أولية عن الأشخاص الذين لديهم مشاكل اجتماعية، وأخلاقية، وثقافية. أو مبتلين بمشكلات نفسية كالاضطراب والقلق والخوف والانحراف والانحطاط، وبصورة كلية، كل من يحمل الموانع النفسية في طريق رشده للتحقيق والبحث في هذا المجال لاختيار الطرق المناسبة.