x

هدف البحث

بحث في العناوين

بحث في المحتوى

بحث في اسماء الكتب

بحث في اسماء المؤلفين

اختر القسم

القرآن الكريم
الفقه واصوله
العقائد الاسلامية
سيرة الرسول وآله
علم الرجال والحديث
الأخلاق والأدعية
اللغة العربية وعلومها
الأدب العربي
الأسرة والمجتمع
التاريخ
الجغرافية
الادارة والاقتصاد
القانون
الزراعة
علم الفيزياء
علم الكيمياء
علم الأحياء
الرياضيات
الهندسة المدنية
الأعلام
اللغة الأنكليزية

موافق

علم الحديث

تعريف علم الحديث وتاريخه

أقسام الحديث

الجرح والتعديل

الأصول الأربعمائة

الجوامع الحديثيّة المتقدّمة

الجوامع الحديثيّة المتأخّرة

مقالات متفرقة في علم الحديث

علم الرجال

تعريف علم الرجال واصوله

الحاجة إلى علم الرجال

التوثيقات الخاصة

التوثيقات العامة

مقالات متفرقة في علم الرجال

أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله)

اصحاب الائمة من التابعين

اصحاب الائمة من علماء القرن الثاني

اصحاب الائمة من علماء القرن الثالث

علماء القرن الرابع الهجري

علماء القرن الخامس الهجري

علماء القرن السادس الهجري

علماء القرن السابع الهجري

علماء القرن الثامن الهجري

علماء القرن التاسع الهجري

علماء القرن العاشر الهجري

علماء القرن الحادي عشر الهجري

علماء القرن الثاني عشر الهجري

علماء القرن الثالث عشر الهجري

علماء القرن الرابع عشر الهجري

علماء القرن الخامس عشر الهجري

الرجال و الحديث والتراجم : علم الرجال : التوثيقات العامة :

طرائق توثيق الرواة / الطريقة الثامنة / ذكر اسم الراوي في أسانيد تفسير القمّي.

المؤلف:  الشيخ محمد طالب يحيى آل الفقيه

المصدر:  سدرة الكمال في علم الرجال

الجزء والصفحة:  ص 81 ـ 91.

6/11/2022

1328

رجال تفسير القمّي (رحمه الله):

من جملة ما قيل أنّ من ذكر اسمه في أسانيد الكتاب فهو ثقة، هو تفسير الشيخ علي بن إبراهيم بن هاشم المعروف بتفسير القمّي المتوفي صاحبه في بداية القرن الرابع، وذلك اعتمادا على ما ذكره (رحمه الله) في مقدمة تفسيره حيث قال "ففرض الله (عزّ وجلّ) على نبيه (ص) أن يبين للناس ما في القرآن من الأحكام والقوانين والفرائض والسنن، وفرض على الناس التفقّه والتعليم والعمل بما فيه حتى لا يسع أحداً جهله ولا يعذر في تركه، ونحن ذاكرون ومخبرون بها ينتهي إلينا ورواه مشايخنا وثقاتنا عن الذين فرض الله طاعتهم وأوجب ولايتهم ولا يقبل عمل إلا بهم وهم الذين وصفهم الله تبارك وتعالى وفرض سؤالهم والأخذ منهم .." (1).

ولبيان المطلب ينبغي التنبه على أمور:

الأمر الأول: أنّ محل الكلام هو في رجال السند في التفسير، وليس كل من ذكر اسمه في الكتاب، وبذلك يندفع ما قاله بعض الباحثين أنّه روى عن معلومي الضعف کروايته عن بعض أمّهات المؤمنين، فإنّ عائشة وحفصة غير مروي عنهما في الكتاب كلّه بمجلديه، وإنّما ذكر اسمها خاصة دون الرواية عنهما، كما هو واضح لمن راجع المورد.

الأمر الثاني: يمكن أن يقال: إنّ كل من تأخر عن علي بن إبراهيم ذكر تفسيره، كالشيخ والنجاشي ومن تأخّر عنهما ما يعني شهرة الكتاب في زمنه ما يأبى معه الدس والتزوير، إذ شهرته تمنع ذلك عادة، وعليه يطمأن بنسبة التفسير لصاحبه وأن لا كلام في صحة الكتاب ووصوله إلينا بطريق صحيح.

الأمر الثالث: الراوي للكتاب هو أبو الفضل العباس بن محمد بن القاسم بن الحمزة بن الإمام موسى الكاظم (عليه السلام) وقد اشتهر عنه بأنّه مجهول الحال من جهة صفاته، وإن كان علماء الأنساب قد ذكروه من جملة أولاد محمد بن القاسم، كصاحب عدّة الطالب، لكن أصل وجوده لا يغني عن البحث في وثاقته، خاصة أنهّ لم يذكره أحد من القدماء - على ما بحثت وأعملتُ جهدي - لا اسم ولا ترجمه وعليه قد يقال بضعفه لمجهوليّته وبهذا يسقط التفسير عن الاعتبار.

أضف إلى ذلك أنّ الراوي عن أبي الفضل العباس بن محمد مجهول كليا أي: بالمعنى الأخص وعليه كيف يمكن الاعتماد على التفسير مع مجهوليّة الراوي؟

لكنّه يُقال: يمكن من خلال جمع القرائن القول بتوثيق الراوي أبي الفضل العباس، والتي منها: أين أبا الفضل هذا من أعقاب الإمام الكاظم (عليه السلام) وأنّ أبناء الأئمة يعرف منهم من يفسق مباشرة، فإنّه يشتهر أمره ويعرف، وأما الموثّقون منهم فإنّهم يبقون على الأصل وهو وثاقتهم، لذا نلاحظ جمعاً من الضعفاء من أبناء المعصومين (عليه السلام) قد عرفوا على مرّ التاريخ واشتهر أمرهم؛ لأنّ الضعف بالنسبة إليهم خلاف الأصل، بخلاف صلاحهم وورعهم، وهذا ما نلاحظه بالحين في أيامنا هذه، فإنّ أبناء العلماء المشهورين والمراجع العظام كثر، إن شذّ منهم شاذ يشتهر أمره ويعرف ويكون محلا لكلام الناس.

القرينة الثانية: هي التوثيق القهقري فإنّ علي بن إبراهيم قد روى كتابه هذا عن الموثّقين المعروفين بذلك ولم يروِ عن ضعيف على نحو المباشرة - كما هو محل الكلام - وكان فقيها ثبتا معتمد الحديث، فهل بعد جهده هذا واختياره خصوص المعتمد من الرواة يحدِّث بها من يجهله من الرجال أو الضعيف الوضّاع؟! فإنّ هذا ينافي غرضه من وضع الكتاب، لذا يقال: إنّ راوي الكتاب ثقة؛ لأن علي بن إبراهيم يأبى أن يحدّث به الكذّاب الوضّاع؛ لأنّه ينافي مقصوده من وضع الكتاب.

كيف وعلي بن إبراهيم كما قاله النجاشي فقيه ثبت، وعليه فلا يصدر منه ما يمكن معه ضياع كتابه بالدس والخلط والزيادة أو النقيصة، ولهذا يطمئن المحقق بحال هذا الرجل وبوثاقته واعتماده وإمكان العمل بالتفسير من طريقه.

وبعد هذا لا يقال بأن الراوي عن أبي الفضل مجهول الحال، لأن التفسير كان مشهوراً معروفاً، فقد ذكره النجاشي والشيخ ومن تأخر عنهما، حتى أنّ الشيخ روى عنه في التبيان حيث قال "والآية خاصة لمن يكون في ذلك الزمان وهو الذي ذكره علي بن إبراهيم في تفسير أصحابنا" أما صاحب مجمع البيان فقد اعتمده كثيراً وروى عنه أكثر من سبعين موردا، فشهرته من جهة، والعمل به من جهة أخرى، وعدم تشكيك أحد من قبل ولا من بعد به، وذكره في كتب القدماء ترفع الشبهة المذكورة.

الأمر الرابع: لا ينبغي الإشكال - خاصة على المتتبّع - في أن التفسير الموجود بين أيدينا ليس لعلي بن إبراهيم خاصة، وإما يضم أيضا تفسير أبي الجارود وروايات ليست عنه وليست من تفسير القمي، ففي الكتاب منه عنه، والباقي ليس له وإن كان الكتاب الموجود حاليا كلّه باسم "تفسير علي بن إبراهيم" أو تفسير القمي".

ولبيان الحق اشكالاً وجواباً نقول:

قد ذكر غير واحد أنّ التفسير الموجود بين أيدينا هو تفسيران، أحدهما لعلي بن إبراهيم بن هاشم القمي، والآخر لزياد بن المنذر "أبي الجارود" في حين أنّه أصرّ آخرون أنه جميعا لعلي بن إبراهيم.

وقد استفاد الأوّلون ذلك من مراجعة التفسير وتصفّحه فبان لهم أنّه كذلك فإنّ الراوي للكتاب، أي: أبا الفضل العباس بن محمد قال عند تفسير الآية {أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ} [آل عمران: 49]: حدّثنا أحمد بن محمد الهمداني قال: حدّثني.. ولو كان التفسير لعلي بن إبراهيم على نحو الخصوص لما صحّ نسبة الحديث إلى أحمد بن محمد وللزم عليه كما في السابق أن يقول حدّثني علي بن إبراهيم عن أحمد بن محمد.

إضافة إلى ذلك فإنه في الصفحة 270 من المجلّد الأول بعدما روى عن أبي الجارود رواية قال: "رجع إلى تفسير علي بن إبراهيم" فلو كان التفسير لعلي بن إبراهيم على نحو الانفراد لما صح قوله هذا، بل الرجوع إليه يعني الخروج منه أولا إلى تفسير أبي الجارود ومن ثم يصح قوله "رجع" وكذلك صفحة 271 من المجلد نفسه، ويضاف إليه أيضا أنّ المتتبع للتفسير من بدايته يرى أنّ الراوي للكتاب كثيرا ما يخرج عن قوله: حدّثني علي بن إبراهيم بل يقول: حدّثني جعفر بن أحمد أو حدّثني أحمد بن إدريس أو حدّثني جعفر بن محمد أو حدّثني محمد بن أبي عبد الله وغيرهم وهذا كالصريح في روايته من غير تفسير بن إبراهيم وإلا لقال حدّثني علي بن إبراهيم عن أحمد بن إدريس وعن جعفر بن محمد وغيره، فنسبة الحديث إليه على نحو المباشرة تعني بلا واسطة.

لكن قيل: إنّ جميع ما قيل فيه حدّثني أحمد بن إدريس وغيره إنّما تعني الإضمار بإخفاء علي بن إبراهيم لوضوح أنّ التفسير له فلا داعي لتكرار اسمه في كل رواية مع كثرتها، خاصة أنّ أمثال أحمد بن إدريس وجعفر بن محمد وغيرهما في طبقة علي بن إبراهيم ما يعني إمكانية الرواية عنهم، إضافة إلى ذلك فإنّا لم نعهد أنّ لأحمد بن إدريس تفسيرا ولجعفر بن محمد وغيرهما حتى تنسب الرواية لهم دون علي بن إبراهيم المشتهر بأن التفسير له منذ تدوينه، فقد ذكره النجاشي والشيخ تكرارا ومرارا، وكل من تأخر عنهما حتى شاع خبره وعرف أمره لكل من تأخّر عنه.

لكن الحق يقال: إنّه بعد تتبّعي الكتاب تبيّن لي وبوضوح أنّ التفسير عبارة عن خلط أخبار لعلي بن إبراهيم وزياد بن المنذر وأحمد بن إدريس وغيرهم الكثير من الرواة، فإنّ أبا الفضل العباس بن محمد روى عن علي بن إبراهيم في كتابه هذا مائتين واثنين وثمانين رواية، وقال: في مائة وستة وسبعين موردا "وفي رواية أبي الجارود" بعدما قال حدّثني علي بن إبراهيم ما يعني تعدّد الخبر وأنّه من علي بن إبراهيم تارة ومن أبي الجارود أخرى، وقال أيضا: حدثني علي بن إبراهيم.. ثم قال: وفي رواية أبي الجارود كذا. ثم قال "رجع إلى تفسير علي بن إبراهيم" ما يتبيّن معه أنّ الرواية روايتان عن علي تارة وعن أبي الجارود أخرى وكذا في سبعة وأربعين موردا قال حدّثني أحمد بن إدريس الذي قال عنه الشيخ والنجاشي كان ثقة فقيها في أصحابنا، كثير الحديث، صحيح الرواية.. وكذا في موارد كثيرة جدا روى بقوله: حدّثني أحمد بن محمد الهمداني - ابن عقدة - وجعفر بن محمد ومحمد بن أحمد ومحمد بن زياد وعلي بن جعفر وجعفر بن أحمد وغيرهم دون الرجوع إلى تفسير أبي الجارود ولا إلى تفسير القمي أبدا، خاصة في النصف الثاني من المجلد الثاني، وأما ما قاله بعضهم من أنّ علي بن إبراهيم هو الراوي عن أحمد بن محمد الهمداني فإنّه كلام صادر اشتباها، وذلك لقلة المراجعة - والله العالم - فإنّ في التفسير كله لم يرو علي بن إبراهيم عن ابن عقدة.

نعم، روي عن ابن عقدة لكنّه لم يرو أبداً عن علي بن إبراهيم عنه، وما يؤكّد ما نقول أنّه قال في صفحة 270 من المجلد الأول: حدّثنا أحمد بن محمد عن جعفر بن عبد الله عن كثير بن عيّاش عن أبي الجارود ثم قال "رجع إلى تفسير علي بن إبراهيم".

وهذا واضح أنّ الراوي للتفسير روى عن أحمد بن محمد أولا ثم رجع إلى تفسير علي بن إبراهيم ثانيا، وهذا يعني أيضا أنّ روايته عن ابن عقدة كانت على نحو المباشرة عنه إلى تفسير أبي الجارود، وخاصة أنّ هذا السند سند الجارودية بأغلبيّته فكيف يقال مع ذلك أنّ "حدّثنا أحمد بن محمد" يعني: حدّثني علي بن إبراهيم عن أحمد بن محمد، وبذلك يظهر للمتتبّع أنّ هذا التفسير الذي بين أيدينا هو لعلي بن إبراهيم ولأبي الجارود وما يقارب ربعه هو رواية عن غير واحد جمع الجميع بين دفتي الكتاب الموسوم بتفسير القمي.

هذا وقد يقال: إنّ من ذهب إلى أنّه تفسيران خاصة، أي: لعلي بن إبراهيم ولزياد بن المنذر منتقضاً أمثال السيد الخوئي (قُدِّسَ سِرُّهُ) وغيره - كالحرّ في وسائله - اللذين قالا بوثاقة جميع رواة تفسير القمي، فقد يقال في جوابه إنّهما (رحمها الله) لم يلتزما بأنّ كل من كان في سند الكتاب الموسوم بتفسير القمي فهو ثقة، إنّما من ورد اسمه في أسانيد تفسير القمي خاصة فهو ثقة، فسواء آمنّا بكونه كتابا واحدا أم متعددا فإنهما ملتزمان بخصوص تفسير القمي، وقد تقدّم كلامهما.

لكنّه يقال: إنّ الظاهر من كلامها أنّهما يعتقدان بأنّ كل ما ورد في التفسير ولم يذكر فيه علي بن إبراهيم فهو عنه وقد أضمر اسمه، لذا نلاحظ أنّ السيد الخوئي في معجمه يصحّح من ورد اسمه في بداية السند ولم يذكر فيه علي بن إبراهيم اعتمادا على إضمار اسمه، وكذا فعل صاحب الوسائل في أخبار كثيرة أخذت من التفسير، بل حتى تفسير أبي الجارود، وغيرها من الأخبار يعتقد صاحب الوسائل أنّه برواية علي بن إبراهيم لا برواية أبي الفضل العباس بن محمد عن أبي الجارود، قال في الوسائل: "علي بن إبراهيم في تفسيره قال في رواية أبي الجارود"(2) وقال أخرى: "ورواه علي بن إبراهيم عن محمد بن الحسن" في حين أنّا نرى في التفسير "حدّثني محمد بن الحسن" على نحو المباشرة، لكنّه نسب الحديث إلى علي بن إبراهيم في التفسير ولم ينسبه إلى محمد بن الحسن، وهذا يعني أنّ الحر معتقد أنّ التفسير كلّه عن علي بن إبراهيم، غاية الأمر أنّ اسمه أضمر في أغلب الأحيان اعتمادا على قرينة جليّة وهي كون التفسير لعلي بن إبراهيم، وهذا واضح من مسلك صاحب الوسائل وأنّه يلتزم بأنّ كل ما هو في التفسير إنّما هو لعلي بن إبراهيم، لكنّك سترى جوابه وأنّ هذا الكلام لا يمكن اعتماده ولا الركون إليه، والقرائن القطعيّة على خلافه.

لكنّه يقال: ليس الكلام نهاية في أنّ التفسير تفسير واحد أو تفسيران، بل محل الكلام هو وثاقة الرجال المذكورين في التفسير أم لا، فإنّ كان الأمر كذلك فإنّه وبحسب مراجعتنا للكتاب أنّ كل الموارد التي رويت عن أبي الجارود مسندة في الكتاب كله من بدايته إلى نهايته إنّما هي خمسة موارد فقط لا أكثر، وبقية الروايات عن أبي الجارود مراسيل بأجمعها، وهي عبارة عن مائة وستة وسبعين مورد كلّها مراسيل تحت عنوان "وفي رواية أبي الجارود" وأمّا الموارد الخمسة فإنّ رواتها معروفو الحال فإنّهم عبارة عن ابن عقدة الجارودي الموثّق وجعفر بن عبد الله المحمّدي الثقة وكثير بن عيّاش الجارودي الضعيف وصفوان بن يحيى المشهور الحال لا غير، فما معنى هذا الخلاف وأنّه تفسير أو تفسيران؟! في حين أنّ جميع الأخبار المرويّة عن أبي الجارود مرسلة ضعيفة سواء كانت لعلي بن إبراهيم أم لأبي الجارود من غير طريق علي بن إبراهيم، نعم إلا خمسة موارد فإنّه قد رواها أربعة وهم معروفون من حيث الوثاقة أو الضعف، وأمّا بقيّة الأخبار فليست مسندة ليُبحث عن وثاقة رواتها أو ضعفهم، ولذا لم نر أحداً ممّن بحث هذا المطلب إلا وعلّق على هذه الجهة، فإنّ مَن أراد الحق وبيانه فليتتبع صفحات التفسير ليظهر له جليا ما ذكرنا، ومعه يكون الأمر بيّنا لا خفاء فيه وأنّ الكتاب وإن كان أصله لعلي بن إبراهيم إلا أن الراوي خلط بينه وبين غيره ...

وبعد هذه التنبيهات الأربعة يُقال: ذكر صاحب الوسائل في خاتمته وفي الفائدة السادسة: "أنّه قد شهد علي بن إبراهيم أيضا بثبوت أحاديث تفسيره وأنّها مروية عن الثقات عن الأئمة (عليهم السلام) "وتبعه على ذلك السيد الخوئي حيث قال:" إنّ ما استفاده في محلّه" إلا أنّ الشيخ المازندراني قال: "فتحصّل أنّ استفادة توثيق جميع رجال رواة تفسير علي بن إبراهيم من كلامه في المقدّمة في غاية الإشكال وغير قابل للالتزام".

وعليه فالقوم بين موثّق للجميع وبين موثّق لمشايخه على نحو المباشرة، أمّا القائل بعدم وصول التفسير إلينا بطريق صحيح فيسقط التفسير من رأس فهو كلام نادر وفي غاية الضعف.

هذا وقد استدل صاحب الوسائل ومن تبعه بما قدمه علي بن إبراهيم في مقدمة تفسيره حيث قال "بما ينتهي إلينا من مشايخنا وثقاتنا عن الذين فرض الله طاعتهم" الدال على أنّ روايته عن خصوص الثقات من المشايخ وحتى نهاية السند إلى الأئمة (عليهم السلام)، ويقرب ذلك ما قدّمه من كلام حيث قال: "ففرض الله (عزّ وجلّ) على نبيّه أنّ يبيّن للناس ما في القرآن من الأحكام والقوانين والفرائض والسنن، وفرض على الناس التفقّه والتعليم والعمل فيه.." فإنّ التبيان للنبي (صلّى الله عليه وآله) وبيانه للنّاس ما هو للتفقّه والعمل به، ويقتضي أن يكون الخبر صحيحا واردا عن المعصوم (عليه السلام) إذ لا يمكن العمل بما ليس صادراً بل لا يكون فقها.

هذا غاية ما يمكن أن يُستدل به للقول بوثاقة جميع رجال سند التفسير المذكور.

لكنّه يُقال في معرض جوابه: بأنّ كلام الشيخ علي بن إبراهيم (رحمه الله) لا يدلّ على الحصر بقرينة روايته عن غير الموثوق بهم، هذا أولا.

ثانيا: إنّ صيغة الجمع بقوله "مشايخنا وثقاتنا" لم يقصد بها كل المشايخ على طول السند، وإنّما مشايخه على نحو المباشرة وذلك بقرينة قوله "ونحن ذاكرون ومخبرون" ومن المعلوم أنّ القائل علي بن إبراهيم فيكون مراده الفعلي "وإنّي ذاكر ومخبر عن مشايخي وثقاتي بما ينتهي إلى عن الأئمة (عليه السلام) " لا عن أمثال زرارة وابن مسلم من الرواة أي: عن غير طرق الامامية، وإنّما عن الأئمة (عليهم السلام)، وهذا ليس تصحيح للسند، والدفع وهم، وهو أن تكون الأخبار عن غير المعصومين (عليهم السلام)، وبذلك لا يكون قوله دالا على تصحيح جميع رجال السند.

ثالثا: إنّا نلاحظ أنّ علي بن إبراهيم روى كثيراً عن الضعفاء ومن صرّح الأصحاب بتضعيفهم كعلي بن أبي حمزة البطائني ومحمد بن سنان وعمرو بن شمر ويحيى بن الهيثم وغيرهم ومعه كيف يمكن تصديق هذه الدعوى.

رابعا: الذي يظهر أنّ كثيراً من القدماء اتبعوا مسلكا وهو روايتهم عن الثقات على نحو المباشرة، وإن كان الشيخ قد روى عن ضعيف، فإنّ ذلك أمر متروك إليه قد يكون معتمداً فيه على قرينة الصدور، وما يشير إلى هذا قول النجاشي (رحمه الله) في ترجمة محمد بن عبد الله بن محمد بن عبيد الله قال: "رأيت هذا الشيخ وسمعت منه كثيراً ثم توقّفت عن الرواية عنه إلا بواسطة بيني وبينه" ومعه يمكن لعلي بن إبراهيم أن يكون مسلكه كذلك، خاصة أنا نرى أن مشايخه المباشرين يمكن اعتمادهم دون كثير ممّن روى عنهم مشايخه.

فخلاصة الكلام يقال: إنّ التفسير المشهور بتفسير "القمي" ليس له على نحو الانفراد بل له ولأبي الجارود وروايات عن آخرين دون كونها من التفسيرين.

وكذا لا يمكن الالتزام بتوثيق كل من ذكر في أسانيد علي بن إبراهيم فإنّ الواقع يكذب الدعوى حتماً، نعم، نلتزم بخصوص مشايخه بلا واسطة ومنهم أبوه إبراهيم بن هاشم الذي قيل في حقه: إنّه حسن ولم يبلغ درجة الوثاقة.

خامسا: وهي من أهم القرائن، وهي أنّ علي بن إبراهيم أدرى من المتأخّرين ومتأخّري المتأخّرين بوثاقة وضعف رجال الحديث الذين هم في طبقته أو قريب منها، لأنّهم إماّ مشايخه على نحو المباشرة، وإمّا بواسطة أو واسطتين وهكذا، فهو أقرب منّا إليهم، فلو نحن تتبّعنا مشايخه جميعا - أي: كلّ من ذُكر في سند الأخبار وفي الكتاب كلّه - لوجدنا الكثير من الضعاف والمجهولين بحيث يعلم المتتبّع - أو لا أقل من أنّه يطمئن - أنّ القمّي (رحمه الله) ما لا يمكن في حقّه أن يُنسب الجهل إليه بحال هؤلاء حتى وثّقهم جميعا وهم معروفون بالضعف أو الجهالة، وهاك بعض الأسامي: محمد بن سنان: الكشي قال: حمدوية: كتبت أحاديث محمد بن سنان عن أيوب بن نوح وقال: "لا أستحلّ أن أروي أحاديث محمد بن سنان" وكذا ضعّفه الشيخ والنجاشي، نعم، وثّقه المفيد.

ومنهم: كثير بن عيّاش، ضعّفه الشيخ في الفهرست.

ومنهم: عمرو بن شمر، ضعّفه النجاشي، وقال: ضعيف جدا.

ومنهم: زياد بن المنذر، ضعّفه الكشي، وقال: نسبت إليه السرحوبيّة، سماه بذلك أبو جعفر (عليه السلام)، وذكر أنّ سرحوبا اسم شيطان أعمى يسكن البحر.

أمّا المجاهيل فهم بالعشرات:

منهم: محمد بن الحسين.

منهم: محمد بن عون النصيبيّ.

منهم: جعفر بن أحمد.

منهم: عبد الكريم بن عبد الرحيم.

منهم: اسماعيل السنديّ واسماعيل بن همام وعلي بن محمد وهشام بن عمّار وغيرهم الكثير.

فمع اطّلاعنا على الضعفاء في كتابه وهم مشهورون بالضعف كعمرو بن شمر وغيره كيف يقال بخفاء ذلك عليه وعدم اطّلاعه حتى يوثّق بالتوثيق العام من هو معلوم الضعف ومشهوره.

ودعوى التعارض غير مقبولة؛ لأنّها إنّما تجري مع عدم مشهوريّة الرجل، أمّا مع مشهوريّته كزياد بن المنذر ومحمد بن سنان وغيرهما فلا يقال بالتعارض، إنّما يقال: إنّ علي بن إبراهيم لم يقصد جميع رجال السند، وإنّما أراد من كلامه أنّ الثقة هو شيخه على نحو المباشرة، وهذا ما جزم به جمع من الرجاليين وهو الحق، والله العالم.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) تفسير القمي، ج1، ص16.

(2) وسائل الشيعة، ج 12، ص81.