x

هدف البحث

بحث في العناوين

بحث في المحتوى

بحث في اسماء الكتب

بحث في اسماء المؤلفين

اختر القسم

القرآن الكريم
الفقه واصوله
العقائد الاسلامية
سيرة الرسول وآله
علم الرجال والحديث
الأخلاق والأدعية
اللغة العربية وعلومها
الأدب العربي
الأسرة والمجتمع
التاريخ
الجغرافية
الادارة والاقتصاد
القانون
الزراعة
علم الفيزياء
علم الكيمياء
علم الأحياء
الرياضيات
الهندسة المدنية
الأعلام
اللغة الأنكليزية

موافق

الحياة الاسرية

الزوج و الزوجة

الآباء والأمهات

الأبناء

مقبلون على الزواج

مشاكل و حلول

الطفولة

المراهقة والشباب

المرأة حقوق وواجبات

المجتمع و قضاياه

البيئة

آداب عامة

الوطن والسياسة

النظام المالي والانتاج

التنمية البشرية

التربية والتعليم

التربية الروحية والدينية

التربية الصحية والبدنية والجنسية

التربية العلمية والفكرية والثقافية

التربية النفسية والعاطفية

مفاهيم ونظم تربوية

معلومات عامة

قصة في تقوى العلماء

المؤلف:  أمل الموسوي

المصدر:  الدين هو الحب والحب هو الدين

الجزء والصفحة:  ص203ـ 207

22/9/2022

1532

يقول أحد العلماء: لقد كنت أؤمن بوجود التقوى كنظرية في بطون الكتب فقط وكنت أنكر وجودها على صعيد الواقع العملي في هذا الزمن الرديء، الذي طغت على الناس فيه مظاهر المادة والمنكر والفساد، واعتادت فيه بطونهم وأنظارهم على الحرام ومشاهده.. كان هذا هو اعتقادي، إلى أن قيض لي أن عاشرت رجلين اثنين بدّلا تفكيري، وقلبا ذلك الاعتقاد عندي، أحدهما في مدينة قم المقدسة وهو الشيخ أبو القاسم، والآخر في مدينة النجف الأشرف وهو السيد مرتضى الكشميري، ثم ذكر العالم المذكور بعض أحوال الشيخ أبو القاسم، فقال: ذات ليلة، أرسل (صمصام) رئيس شرطة قم كيساً فيه مبلغ كبير من المال إلى الشيخ، غير أن الشيخ رفض تسلم المبلغ، وأمر ابنه أن يعيده.. ولما رأى من ابنه الممانعة في رده، والتعذر بأنهم في أمس الحاجة إلى ذلك المال قال له الشيخ إن الله سبحانه، قد من علينا - يا ولدي - بالعقل، وهذا المال هو أحسن الأحوال دين وجميل للقوم علينا، وأنت تعلم أنهم لا يعطون شيئا من دون مقابل، ولعلهم يطلبون منا أشياء فيما بعد لا يجوز لنا أن نلبيها لهم.. فاقتنع الابن، وأعاد الأموال إلى مرسلها.

ومما ذكر العالم المذكور في حق الشيخ إنه كان يمر على باب دار الشيخ عبد الكريم الحائري (مؤسس الحوزة العلمية في قم)، ويقول: (إن النظر إلى باب داره ثواب، والحضور في درسه ثواب)، ولم يكن الشيخ أبو القاسم يتصرف في سهم الإمام (عليه السلام)، مع ما كان عليه من ضعف الحال، وضيق ذات اليد، إلى درجة أنه لم يكن يجد -أحياناً- ما يأكله، كما نقل أولاده وحينما تدر عليه السماء برزقها تجده لا يدخر وسعاً في دعوة الفقراء والمحتاجين ليشاركون في سرائه ونعمته، ثم يشكر الله سبحانه على رزقه وما أجراه من الخير على يديه، ومما ذكره بعضهم في أحواله إنه كان يكن احتراما فائقا لزوجته الكريمة وذلك بسبب انتسابها إلى الرسول العظيم (صلى الله عليه وآله)، ففي السراء كان يغدق عليها العطاء وفي الضراء كان يطعم نفسه رغيف الشعير من أجل أن تهنأ زوجته برغيف الحنطة(1).

وهكذا فالتقوى تعطي أيضاً مفهوم الالتزام بحدود الله في كل شيء وخاصة في علاقاتك مع من حولك من الأهل والأصدقاء وغيرهم وجعل الله من تجاوز هذه الحدود في خانة الظالمين حيث قال تعالى: {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ}[البقرة: 229]، {وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ}[الطلاق: 1]، {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا}[الجن: 23]، ومثال على تلك الحدود في علاقات الناس ومراعاتها حيث قال تعالى: {قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ *وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُون}[الأنعام: 151 ـ152]، وإن الذي يلتزم بحدود الله في علاقاته فيحب في الله ويبغض في الله سوف تفتح عليه بركات السماء والأرض حيث قال تعالى: {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ}[الأعراف: 96]، وقال: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ}[الطلاق: 2، 3]، وورد عن علي (عليه السلام): (لو حفظتم حدود الله لعجل لكم من فضله الموعود)(2)، وروى عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): (لو أن السماوات والأرض كانتا رتقاً على عبد ثم اتقى الله لجعل له منهما فرجا ومخرجاً)(3)،  وقد بين الرسول تلك الحدود على الإنسان المسلم في علاقاته حيث قال:

(المسلم أخو المسلم لا يخونه ولا يكذبه ولا يخذله.. كل المسلم على المسلم حرام عرضه وماله ودمه)(4).

وإن الذي يسلك سبيل التقوى في علاقاته يرزقه الله بصيرة وحكمة نافذة في التصرف والخروج من الأزمات وعدم الوقوع في الفتن والضلالات حيث قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} [الأنفال: 29]، وبذلك يوفقه الله في السير على طريق الحق والوقوف بوجه الباطل، وأن هؤلاء لهم علامات حنث يقول أمير المؤمنين علي (عليه السلام)، إن لأهل التقوى علامات يعرفون بها: صدق الحديث، وأداء الأمانة، والوفاء بالعهد وبذل المعروف، وحسن الخلق وسعة الحلم واتباع العلم فيما يقرب إلى الله عز وجل)(5).

وقال (للمتقي هدى في رشاد وتحرج من فساد وحرص في إصلاح العباد)(6)، وهكذا تكون التقوى كالحصن والسياج العازل الذي يعزل الإنسان عن المعاصي والذنوب المهلكة والدخول في الضلالات المردية، حتى في أدنى درجاته مثل التفكير بالحرام الذي يستغله الشيطان في استدراج العبد على المعصية لأن التفكير في الحرام يترك آثار موضوعية يعاني العبد من تبعاتها كالحرمان من الرزق حيث يقول الصادق (عليه السلام): (إن المؤمن لينوي الذنب فيحرم الرزق)(7)،  وروي أن عيسى بن مريم (عليه السلام)، كان يقول: إن عيسى أمركم ألا تقربوا الزنا، وأنا آمركم ألا تحدثوا أنفسكم بالزنا، فإن من حدث نفسه بالزنا كان كمن قد أوقد نارا في بيت مزوق، فأفسد التزاويق الدخان، وإن لم يحترق البيت)(8).

بل ان التقوى لا تتحقق إلا بمراعاة المقدمات المؤدية إليها من الابتعاد عن مواطن الشبهة وترك مصاحبة الشرير حيث ورد عن الإمام علي (عليه السلام): (لا تصحب الشرير فإن طبعك يسرق من طبعه شرا وأنت لا تعلم)(9)، وقال (وإياك ومواطن التهمة والمجلس المظنون به السوء، فإن قرين السوء يغر جليسه)(10).

وكذلك عدم استصغار الذنب والترف في المعيشة والخلوة بالمرأة الأجنبية وسرعة الغضب فإن الذنب مهما يكون صغير يكون سببا لبطلان الأعمال إذا أصر العبد عليه فمثله كمثل من يحمل قربة مليئة بالماء إلا أن فيها ثقبا صغيراً لم يصلحه فإن الماء سوف ينفذ ولم يبق فيه شيء.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1ـ حقائق من تاريخ العلماء للإمام الشيرازي.

2ـ عيون الحكم والمواعظ: 417.

3ـ البحار: 70، 285.

4ـ كنز العمال: 150، ح757.

5ـ الخصال للشيخ الصدوق.

6ـ المصدر السابق: 483.

7ـ بحار الأنوار: ج73، ص258.

8ـ المصدر السابق: 141: 231.

9ـ شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: 20، 272.

10ـ وسائل الشيعة: 37:12. 

 شعار المرجع الالكتروني للمعلوماتية




البريد الألكتروني :
info@almerja.com
الدعم الفني :
9647733339172+