1

المرجع الالكتروني للمعلوماتية

الحياة الاسرية

الزوج و الزوجة

الآباء والأمهات

الأبناء

مقبلون على الزواج

مشاكل و حلول

الطفولة

المراهقة والشباب

المرأة حقوق وواجبات

المجتمع و قضاياه

البيئة

آداب عامة

الوطن والسياسة

النظام المالي والانتاج

التنمية البشرية

التربية والتعليم

التربية الروحية والدينية

التربية الصحية والبدنية

التربية العلمية والفكرية والثقافية

التربية النفسية والعاطفية

مفاهيم ونظم تربوية

معلومات عامة

الاسرة و المجتمع : الحياة الاسرية : مشاكل و حلول :

نيران الظلم المحرقة

المؤلف:  مجتبى اللّاري

المصدر:  المشاكل النفسية والأخلاقية في المجتمع المعاصر

الجزء والصفحة:  ص101 ـ 102

11/9/2022

1261

إن أثر الظلم في إبادة المجتمعات وتحطيم الأخلاق والإخلال بالأمن الاجتماعي من القطعية بمكان لا يقبل الانكار، بحيث لا يجد حتى غير المتدين مساغاً عن الاعتراف بهذه الحقيقة، إن انتشار الظلم يؤدي إلى تحطيم الروابط العامة والتشتت في نظام المجتمع. إن العمل بالقوى الشيطانية الجائرة يطوي صحائف الحكومات المقتدرة ويبيد حضارتها. وأن في مطالعة تاريخ حياة الظالمين الذين راوا عاقبة امرهم دروساً وعبراً، ونكتفي نحن هنا بذكر شاهد واحد من تلك الشواهد.

كان لمحمد بن عبد الملك موقع خاص بين وزراء الخلافة العباسية. وكان قد هيأ هذا الوزير القسي الفتّاك لمجازات المذنبين السياسيين تنوراً من الحديد في جدرانه من الداخل مسامير ناتئة، كان يحبس السجناء الأشقياء في هذا المكان الموحش المدهش، ثم يسلط عليه النيران من الخارج حتى تخرج أرواحهم بهذه الكيفية التعذيبية الفجيعة.

فلما بلغ المتوكل إلى الخلافة عزله عن الوزارة وسجنه في نفس سجنه هذا، فلما بلغت روحه التراقي او كادت، طلب قلماً ودواتاً وكتب إلى المتوكل هذين البيتين:

هي السبيل فمن يوم إلى يوم            كأنه ما تريك العين في نوم

لا تجزعن رويداً انها دول              دنيا   تنقل من  قوم إلى قوم

فلما بلغ الكتاب إلى المتوكّل امر بإطلاقه، ولكن كان صدور الأمر بعد أن كان الوزير القدير قد مات في سجنه بأشق الأحوال(1).

نعم إن أولئك الذين يزعمون أن الدهر ليس إلا صعيداً لتنازع البقاء، يحاولون دائماً أن يحطموا الضعفاء تحت ضغط الحرمان تحكيماً لقدرتهم وحفظاً لشوكتهم ثم لا يرتدعون في ذلك عن اية جناية لا إنسانية. ولكن لا تمر الأيام والليالي حتى يستعر أوار الغضب من الصدور بنهضة أو ثورة تجر عليهم اياماً دموية عظيمة.

إن الظلم لا يخص طبقة أو أفراداً معينين، فكل إنسان في اي مقام وعلى أي حال حاول أن يستفيد من مزايا الحياة الدنيا لنفسه من دون أي قيد أو شرط، وأراد ان يتجاوز في ذلك حدود القوانين العقلية والشرعية، فهو ظلوم كفار.

واليوم نرى - مع الأسف الشديد - أن الظلم يطوي فيه مراحل الرقي والتقدم فنرى نيران الظلم والجور تستعر في أوساط المجتمعات البشرية وتهدد بناء الحضارة الإنسانية بالسقوط والدمار، فعمال الظلم يدوسون حقوق المجتمعات البشرية بأرجلهم، وينهبون منابع ثرواتهم ومنافعها بكل ما لهم من حول وقوة، بينما يلوح تمثال (ملكة العدالة) بلا حول ولا روح.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1ـ مروج الذهب: ج4، ص88. 

EN

تصفح الموقع بالشكل العمودي