الحياة الاسرية
الزوج و الزوجة
الآباء والأمهات
الأبناء
مقبلون على الزواج
مشاكل و حلول
الطفولة
المراهقة والشباب
المرأة حقوق وواجبات
المجتمع و قضاياه
البيئة
آداب عامة
الوطن والسياسة
النظام المالي والانتاج
التنمية البشرية
التربية والتعليم
التربية الروحية والدينية
التربية الصحية والبدنية
التربية العلمية والفكرية والثقافية
التربية النفسية والعاطفية
مفاهيم ونظم تربوية
معلومات عامة
الغفلة عن النفس
المؤلف: مجتبى اللّاري
المصدر: المشاكل النفسية والأخلاقية في المجتمع المعاصر
الجزء والصفحة: ص75 ـ 77
6/9/2022
1567
أن من النقائص الأخلاقية الكبيرة للإنسان غفلته عن عيوب نفسه. وأن الضلال والضياع في الأكثر نابع من الجهل والغفلة. فكم سكنت في النفس عند غفلتها عن نفسها صفات ذميمة أصبحت أساس الشقاء. وحين يصبح الإنسان عبدا لنفسه الجاهلة يميت في نفسه روح الفضيلة، فإنه يصبح ضحية لميوله وشهواته المختلفة فيبعد عن حريم السعادة ويحرم من نعيمها، ولا ينفع - والحال هكذا - أي نوع من الإرشاد والهداية الأخلاقية.
إن اول شرائط إصلاح النفس درك عيوبها، فإنه إنما يستطيع الإنسان أن يقطع حبائل الرذائل وأن ينجو من أخطار عيوب النفس التي تنتهي إلى الشقاء فيما إذا اطلع عليها. وأن النظر في خصائص النفس الإنسانية في سبيل تربيتها اهم ما يكون، فإنه لا يبلغ الإنسان إلى كماله المعنوي والأخلاقي إلا من هذا السبيل فحسب، فإن النظر في النفس يمكنه من درك نقائصها وكمالاتها، ومن أن يخرج الصفات الشيطانية من خبايا نفسه من بين الصفات المختلفة الكثيرة، وأن ينزه مرآة نفسه من لوث الآثام بتصفيتها تصفية أساسية.
إننا إذا لم نلاحظ صورتنا الواقعية في مرآة أعمالنا بالتسامح والتساهل، فقد ارتكبنا بعدم الاعتناء بذلك خطأ كبيراً غير مغفور، فإننا مكلفون قبل كل شيء أن نرى خصائصنا الذاتية ونوعية صفاتنا النفسية، حتى نعرف بذلك تلك المعايب التي عرقت ونمت وترعرعت فينا في غفلة عنا، وأننا نقدر على أن نقلع هذه العروق من أنفسنا بالسعي المتواصل، وأن نمنعها من الظهور في حياتنا، أو أن نفسح لها المجال بل نوسعها استطاعة واستطالة وقدرة. ولا شك في أن اصلاح النفس وتهذيبها ليس امراً سهلاً ولا يتحقق ذلك بسهولة أبداً، بل أنه يستلزم تحمل مشاق طويلة واستقامة على الخط الطويل أنه من أجل قلع عروق العادات الخطيرة الضارة وبناء الصفات المطلوبة يجب أن يقترن مع معرفة العيوب إرادة قوية لا تتزلزل تهدي الإنسان إلى الهدف المطلوب. ونحن كلما نظمنا أعمالنا تنظمت أفكارنا بها ايضاً واعتدلت واستقامت، وأن لكل خطوة في هذا السبيل أثرها النافع القطعي الذي يتجلى لنا ويظهر بعد انتهاء العمل.
كتب العالم الشهير الدكتور كارل يقول: (إن أكثر الطرق أثراً في أن يصبح عملنا في الحياة مقبولاً لدى عقولنا أن نسبر غور برنامج العمل اليومي كل صباح وأن ندقق النظر في نتائج الأعمال الحاصلة كل مساء، فكما نتوقع أن نعمل العمل المعين في الساعة المعينة وأن نختمها كذلك وأن نأكل كذا وأن نحصل على كذا ونسمع كذا ونرى فلاناً، كذلك يجب أن نتفاءل كيف ننفع الآخرين، وكيف يجب أن نكون فى أعمالنا على اعتدال وتوازن. إن الدناءة الخلقية مكروهة كالأوساخ الجسدية تماماً، فكما يجب علينا أن ننظف أبداننا من أوساخها كذلك يجب علينا أن ننظف أخلاقنا من أرجاسها. وقد اعتاد بعض الناس على ان يتحركوا قبل النوم وبعدة حركات تنشط العضلات، فلا يقل عن هذه الحركات في الأهمية أن نصرف دقائق من أعمارنا في تربية أخلاقنا وأفكارنا وأرواحنا، إننا بالتفكر في الكيفية التي يجب أن نتخذها لأعمالنا وبالسعي في الدقة في عدم التخطي عن تطبيق الخط المرسوم نستطيع أن ننمي عقولنا وإراداتنا وبهذا الترتيب ينبسط في عمق شعورنا مرآة مختفية يستطيع كل واحد منا أن يرى نفسه وحدها فيها بلا حجاب. إن توفيقنا في إجراء مقررات الحياة يرتبط بحياتنا الداخلية. أنه يجب على كل إنسان سواء كان فقيراً أو غنياً، شيخاً او شاباً، عالماً او جاهلاً ان يثبت في فكره ما عمله من خير او شر كل يوم، كما ينظم التاجر دفاتر وارداته وصادراته ومصروفاته، وكما ينظم العالم أوراق تجاربه بدقة متناهية. وبإجراء هذه الطرق التربوية بصبر وتؤدة تتغير أرواحنا بل وأجسامنا أيضاً).
إن الشخص الإيجابي البناء لا يهمل طاقاته ومساعيه دون أن يهديها إلى سبيل يليق بها، وكلما كان ذا شخصية كريمة أثبت للآخرين أيضاً كرامة وحقوقاً، واحترز مجداً عما ينتهي إلى جرح عواطفهم فإنه يدرك أن أحسن شيء يعرفه إلى الآخرين هو سلوكه الذي يبدو منه في معاشرته معهم. سئل أحد الكبار ما أصعب الأمور وما هو أيسرها، فقال أصعبها أن يعرف الشخص نفسه، وأيسرها أن ينتقد الآخرين ويعيرهم.