1

x

هدف البحث

بحث في العناوين

بحث في اسماء الكتب

بحث في اسماء المؤلفين

اختر القسم

القرآن الكريم
الفقه واصوله
العقائد الاسلامية
سيرة الرسول وآله
علم الرجال والحديث
الأخلاق والأدعية
اللغة العربية وعلومها
الأدب العربي
الأسرة والمجتمع
التاريخ
الجغرافية
الادارة والاقتصاد
القانون
الزراعة
علم الفيزياء
علم الكيمياء
علم الأحياء
الرياضيات
الهندسة المدنية
الأعلام
اللغة الأنكليزية

موافق

المرجع الالكتروني للمعلوماتية

الحياة الاسرية

الزوج و الزوجة

الآباء والأمهات

الأبناء

مقبلون على الزواج

مشاكل و حلول

الطفولة

المراهقة والشباب

المرأة حقوق وواجبات

المجتمع و قضاياه

البيئة

آداب عامة

الوطن والسياسة

النظام المالي والانتاج

التنمية البشرية

التربية والتعليم

التربية الروحية والدينية

التربية الصحية والبدنية

التربية العلمية والفكرية والثقافية

التربية النفسية والعاطفية

مفاهيم ونظم تربوية

معلومات عامة

الاسرة و المجتمع : الحياة الاسرية : مشاكل و حلول :

أسباب عدم الاستقرار عند الأطفال

المؤلف:  د. علي القائمي

المصدر:  الأسرة والطفل المشاكس

الجزء والصفحة:  ص110ــ123

1/9/2022

1650

هل يمكن التوصل إلى جذور واسباب حالة عدم الاستقرار عند الاطفال، وما هي؟ والجواب هو ان ثمة طائفتين من العلل والعوامل التي تجدر الاشارة إليها في هذا الصدد؛ وهي الاسباب الذاتية المتعلقة بالشخص نفسه، والاسباب المتعلقة بالآخرين. نتقدم فيما يلي بدراسة موجزة عن هاتين الطائفتين من العوامل والاسباب.

أ- العوامل الذاتية

يمكن الاشارة في هذا المجال الى امور متعددة، نأتي هنا على ذكر بعضها:

الامراض والآلام: ان عدم استقرار الطفل قد يكون سببه احياناً مرضاً أو عارضاً مؤلماً.

فالطفل المصاب بالديدان ويعاني على الدوام من الحكة والازعاج والألم لايمكنه الجلوس والاستقرار في موضع معين، أو الطفل الذي يشعر بالألم ولايفصح عنه آلامه من الطبيب، فان ذلك الألم يثيره ولايتيح له الاستقرار أو المكوث في وضع معين لفترة من الزمن. وفي بعض الحالات تكون الآلام على درجة من الشدة بحيث تجعل الطفل في عذاب متواصل.

٢ -الغضب: وفي بعض الحالات يتسم الاطفال بعدم الاستقرار بسبب صفة الغضب فيهم. ولتوضيح ذلك نشير إلى ان الطفل الذي يعاني من الآم وامراض - سواء كانت بيئية ام ولادية - تجعله في حالة توتر دائم وحدة في المزاج تؤدي به إلى سرعة الغضب. ومن البديهي ان إصلاح اوضاع الطفل يستلزم معالجة تلك الامراض أو الآلام.

٣ -الألم الداخلي: قد ينتج عدم الاستقرار احياناً من ألم داخلي يعاني منه الطفل وربما كان منشوه امتهان الكرامة وفقدان المكانة الاجتماعية أو النواقص اتي تفرزها الاوضاع العائلية السيئة. ان الطفل يفهم الكثير من حقائق الامور الا انه لا يفصح عنها للأب أو للأم. فهو مثلاً يلمس فقر عائلتة بشكل أو آخر ويستشعر الألم والعناء لكنه لا يصرح لأبيه أو امه بشيء من هذه المشاعر.

٤ -الاضطراب وفقدان الأمن: ان القلق والاضطراب سواء كان سببه المرض أو الشعور بفقدان الأمن من جراء حادثة أو موقف معين، يحدث عند الصغار - وحتى عند الكبار -حالة من عدم الاستقرار. الطفل الذي يتوقع العقوبة على خطأ اقترفه يبقى في حالة من القلق وعدم الاستقرار ما دام الأب غائباً والعقوبة لم تنفذ بل، وقد يمتد مثل هذا الشعور حتى إلى فترة النوم اذ يرى فيها احلاماً مزعجة ولايذوق طعم الراحة فى نومه، أو حينما يعلم الطفل ان المدرسة قد سلمت اباه شهادته المدرسية وفيها درجاته الرديئة وهو لا يعلم برد الفعل الذي سيقوم به أبوه، فمثل هذا الموقف يزعجه ويجعله في قلق دائم.

٥ -الشعور بالاخفاق: يتولد عدم الاستقرار احياناً من العجز عن حل مسألة ما أو الاخفاق فيها؛ فالطفل يمتعض حينما يجد نفسه عاجزاً عن الحصول على امتيازات معينة أو حينما يفشل في بلوغ غرض يبتغيه، أضف إلى انه لا يملك النفسية القوية القادرة على مواجهة مثل هذه الانتكاسات، فيقع بالنتيجة في حالة من عدم الاستقرار وانعدام السكينة.

٦ -الشعور بفقدان الحنان والمحبة: قد يكون عدم استقرار الطفل ناتجاً احياناً من عدم التأكد من حب والديه ومعلمه له، وكلما كان الطفل أصغر سناً كان شعوره بانعدام الأمن اكثر. وربما يكون مصدر هذا الشعور أحياناً ولادة طفل جديدة في الاسرة يستحوذ على اهتمام الوالدين.

٧ -حب الجاه: يرى بعض علماء التحليل النفسي ان السبب في عدم استقرار الطفل يكمن في حبه للجاه وعدم قدرته على تحمل الأوضاع القائمة واكثر من يتصف بهذه الخصلة الاطفال الاذكياء لأنهم غير قادرين على تحمل اخطاء الوالدين والمعلمين. وحينما يطرح في قاعة الدرس موضوع يفهمه التلميذ الذكي، الا ان المعلم اذا كرره عدة مرات ليفهمه سائر التلاميذ ينزعج مثل هذا التلميذ، وانزعاجه هذا يكون مصدراً لعدم استقراره.

٨ -العادات السقيمة: يحتمل ان يكون عدم الاستقرار نابعاً من نمط التربية التي تلقاها الطفل في مستهل حياته حيث كان كثير الحركة والضوضاء والضجيج ولم يلق أي اهتمام أو توجيه من قبل الأبوين لتصحيح سلوكه فتركا له حرية التصرف كما يحلو له فنشأ على هذه الصفة وصار الآن عنيداً وكثير الحركة.

٩ -الرغبة في جلب الانظار: يبدي بعض الاطفال حركات كثيرة لكي يلفتوا إليهم انظار الآخرين. حينما يكون الوالدان مشغولين في الأحاديث بين جماعة من الاقارب والاصدقاء، ولايبديان للطفل أي اهتمام ولايحسبان له أي حساب يلتجىء الطفل إلى اثارة المزيد من الحركة والاضطراب والصياح والقفز لأجل ان يكون له صدى بين الاصوات ويثبت وجوده. واكثر ما يلحظ هذا السلوك على الاطفال الذين لا يحظون بالمحبة الكافية من الوالدين.

١٠ -الانتقام: وفي بعض الحالات تعزى كثرة الحركة عند الاطفال الى رغبتهم في الانتقام. بمعنى ان الوالدين أو التربويين خلقوا له وضعاً يثير القلق والألم فيتحفز للانتقام لكنه لا يملك الوسيلة التي ينتقم بها فيلجأ إلى الصياح والصراخ والضرب والركض والقفز أي أنه ينتقم منهم بطريقة أخرى.

ب - الاسباب المتعلقة بالآخرين

يمكن الاشارة في هذا الصدد إلى الاسباب والعوامل ذات الطابع الاجتماعي، وصورتها الاجتماعية تتعدى الحالات التي سبقت الاشارة إليها، وهي بطبيعة الحال كثيرة جداً إلا اننا هنا نذكر عدداً منها:

١ -انعدام الرعاية من قبل الوالدين: في بعض الحالات يكون الأبوان أو المربون انفسهم سبباً في ظهور حالة انعدام الاستقرار، فهم قد لا يلتفتون أحياناً إلى انهم الملاذ الوحيد للطفل، فهو يعتبر أباه وامه كل دنياه ويرى كل آماله وأمانيه متجسدة فيهما فاذا ما لمس منها ادنى اهمال يعتريه الارتباك والاضطراب ويعجز عن اخفاء هذه المشاعر عن الآخرين، فيتعمد اثارة الضجيج وكثرة الحركة من اجل ان يغمره والداه بمزيد من الاهتمام والرعاية.

٢ -مطاليب الوالدين وأمالها: يعزى عدم الاستقرار عند الاطفال أحياناً إلى الآمال التي يعقدها عليه الأبوان والتربويون ويعجز عن تحقيقها. فعلاقة الطفل بهم تجعله غير قادر أو غير راغب فى تجاهل تلك المطاليب أو تخطيها.

وهذا ما يتسبب في اثارة قلقه وضجره، فيجد نفسه ملزما بالتشبث بكل وسيلة تعينه على تنفيذ تلك المطاليب.

٣ -العلاقات الاجتاعية الضارة: تنتج اسباب انعدام الاستقرار في بعض صورها من الاختلاط مع اطفال مشاغبين، اذ تكون تصرفاتهم درساً سيئاً بالنسبة له حيث تؤثر فيه فيقتبس نفس نهجهم ويسلك عين طريقهم وقد يكون التعارض والشجار بين الاخوات والاخوان سبباً لاثارة الصخب والضوضاء وايجاد حالة عدم الاستقرار وذلك لأن كل واحد منهم يسعى للحصول على الاهتمام والمكانة المناسبة، فيبلغ البعض غرضهم فيما يبقى البعض الآخر عاجزاً عن مجاراتهم.

٤ -النماذج المغلوطة: نأتي هنا على ذكر الحكايات والقصص لأن لها تأثيراً كبيراً عليهم في هذا الصدد فالطفل يرى في السينما والتلفزيون حكايات وقصصاً تختلف كلياً عن العالم الذي يعيش فيه فيستلهم منها الدروس ويأخذ عنها نفس النمط من السلوك المعروض في تلك القصص.

٥ -التشجيع في غير الموضع الصحيح: من الاسباب الأخرى التي تؤدي في بعض الاحيان بالاطفال إلى فقدان حالة الاستقرار هو التشجيع الذي لا يأتي في موضعه المناسب. وكثيراً ما نلاحظ في بعض الظروف واثناء الجلسات التي يجتمع فيها الاقارب والاصدقاء ان الابوين يجعلان من الطفل زينة للمجلس فيقوم باداء الأصوات والالعاب ويقرأ الشعر ويلقى منهم التشجيع على هذا العمل. ومن البديهي ان الطفل الذي يحظى بمثل هذا التشجيع والاطراء يحاول ان يعرض في كل يوم شيئاً جديداً امام الآخرين من غير ان يميز بين مجالس الضيافة وغيرها.

٦- التهديد بعقوبة مؤجلة: من السمات الطبيعية للطفل المشاكسة والأذى، وعند ما تبدر منه هذه التصرفات تهدده الأم بأنها ستخبر الأب عن فعله، أو يهدده مراقب المدرسة بأنه سيطلع المعلم على سوء سلوكه ومخالفته فيبقى الطفل طوال تلك الفترة وحتى الموعد المذكور عرضة للقلق وعدم الاستقرار. وفي البيت ينام الطفل ليلاً قبل مجيء ابيه الا ان نومه يطغى عليه العناء والقلق وربما ينتبه من نومه فزعاً مرعوباً. بيد أنه لو عوقب لانتهت القضية ولنام ملء جفنيه، ولم يبد أي نوع من اللااستقرار.

٧ -الاختلافات والنزاعات: الطفل يعتبر البيت ملاذه ومستقره الآمن، ويرى أن الأب والأم اولياؤه حقاً، بل ويبلغ به الامر إلى الظن بأنهما مصدر رزقه وان موته وحياته بيديهما. والطريف في الأمر ان الاحاديث الشريفة تقدم تصوراً مقارباً هذا التصور. ولهذا السبب نجد ان التصدع الذي يصيب بناء الاسرة، والاختلافات والنزاءات التي تسودها تحدث في وضعه النفسي خللاً واضحاً وتضاعف معاناته النفسية.

٨ -التناقضات الانضباطية: يفقد الطفل استقراره في بعض الاحوال من جراء التناقضات الانضباطية التي يواجهها في حياته اليومية؛ فقد يأمره الأب أمراً وتامره لأم بامر آخر أو قد يتلقى الطفل من اخوته وأخواته الأكبر سناً نوعاً من الأذى بينما يتلقى من غيرهم نوعاً آخر منه.

يلاحظ احيانا مثل هذا التناقض بين البيت والمدرسة وذلك حينما يتلقى الطفل من ابويه نوعاً من التعليمات والاوامر في حين يملي عليه المعلم والمدرسة تعليمات أخرى مناقضة لها فيظل حائراً بين هذا وذاك، ولايدري هل يلتزم بهذا ام يتجاهل ذاك. ومن الطبيعي ان يؤدي به هذا الوضع إلى فقدان الاستقرار.

اعراض عدم الاستقرار

حالة عدم الاستقرار هذه تتسم بأعراض وتأثيرات تنعكس نتائجها على الشخص نفسه وعلى الآخرين. فتأثيراتها على الشخص نفسه تتمثل في ايذاء نفسه واضاعة طاقاته، وتعريضه لمخاطر مختلفة، وتؤدي العادات السقيمة التي تتأصل في نفسه إلى رفضه من قبل الآخرين.

اما ما يتعلق بالآخرين فيمكن القول ان هذا السلوك يفضي إلى ازعاج الوالدين والجيران وحتى الضيوف، لأن رغبتهم في اللعب بكل ما تقع عليه ابصارهم، واثارتهم للمشاكل والضجيج تؤدي بطبيعة الحال إلى كثير من الاضرار والخسائر. وهم كثيراً ما يجعلون من اجواء البيت والمدرسة اجواء مضطربة يشعر معها الوالدان والتربويون بانعدام الأمن والهدوء.

اظهرت التحقيقات العلمية بان حالة عدم الهدوء والاستقرار عند الاطفال اذا تركت طليقة من غير تهذيب تؤدي بهم في المستقبل القريب وفي مرحلة المراهقة أو مرحلة الشباب إلى الاتجاه نحو الجريمة والانحراف. ومن المعروف ان قسماً كبيراً من الانحرافات الاجتماعية تقوم بها هذه الشرائح الاجتماعية. ودراسة سوابقهم وماضيهم تثبت صحة هذا الرأي.

وجوب التصدي والاصلاح

ان وجود مثل هذه الاعراض والاضرار تتطلب المبادرة السريعة لمعالجة وضع هؤلاء الاطفال. فليس من الجائز عقلاً ترك زمام الطفل بيده بحيث يقلق الآخرين بصخبه ويزعجهم بضجيجه.

ان الآباء والامهات الذين يبدون تساهلاً مع طفلهم في هذا الصدد انما يهيئون له بعملهم هذا كل اسباب الاضطراب في حياته الحالية والمستقبلية ويمهدون له طريق الجنوح والانحراف لأن الطفل الذي يألف هذا الوضع يتعذر عليه التخلي عنه والسيطرة على زمام نفسه والتوجه نحو بلوغ متطلبات سعادته. وهذا ما يملي على ذويه اتخاذ التدابير الكفيلة بردعه منذ مطلع حياته حيث ان التصدي له في السنوات اللاحقة اما ان يكون متعباً واما ان يكون مصحوباً بكثير من المصاعب.

على طريق العلاج

الخطوة الاولى التي يجب القيام بها هي التعرف على وضعية الطفل وحقيقة معاناته من اجل العثور على الاسلوب الصحيح في معالجته. وهذا يعني وجوب الكشف عن منشأ انعدام الاستقرار، والاسباب التي تحدو بالطفل لانتهاج هذا السلوك.

بعد التعرف على الاسباب يمكن القيام بعملية العلاج من خلال سبل شتى نشير في ما يلي إلى بعضها:

١ -العلاج الطي: ذكرنا ان هذه الظاهرة قد تكون ناتجة عن آلام جسدية أو امراض عصبية وما إلى ذلك. فى مثل هذه الحالة يمكن للطبيب تشخيص الحالة وتحديد الأدوية ويعتمد اسلوب العلاج الطبي بشأن الاطفال الذين تشتد حالاتهم في اوقات المرض.

٢ -ازالة الاضطراب والقلق: من الضروري ازالة اسباب القلق والاضطراب لكي يستعيد الطفل وضعه الطبيعي وحياته الاعتيادية. وعلى هذا الاساس اذا كان في نية الأب أو الأم معاقبة الطفل بسبب اساءة صدرت منه فلابد من الاسراع بتنفيذ تلك العقوبة وعدم اللجوء إلى اسلوب التهديد والوعيد لأن ذلك يضاعف من حالة عدم الاستقرار لديه.

٣ -اشباع الطفل من المحبة والعطف: اشباع رغبة الطفل بالمحبة والعطف امر ضروري لكيلا يتولد لديه شعور بانه مرغم على التشبث بهذا الاسلوب او ذاك من اجل نيل العطف والمحبة. ان معالجة جانب مهم من حالات عدم الاستقرار عند الاطفال تكمن في ابداء المحبة لهم. بل يمكن القول ان المحبة افضل غذاء روحي يضمن سعادة الاطفال وهذه الحقيقة يتفق على صحتها جميع الاطباء النفسيين. وخلاصة القول هي ان الطفل ما دام عطشاناً لمنهل العطف والمحبة فلا أمل في شفائه من هذا الداء.

٤ -الاهمام بالاطفال: يجب على الآباء والامهات الملتزمين الالتفات إلى حجم مسؤوليتهم بشأن تربية الاطفال اذ عليهم ان يخصصوا لهم ما يكفي من وقتهم وجهدهم. صحيح ان مشاكل الوالدين لا حصر لها؛ وان الوقت والظروف الاخرى لا تتيح لهم الاهتمام بهم، إلا انه لا مفر لهم من الاذعان لهذه الحقيقة والاهتمام بأمرهم.

٥ -توفير مستلزمات التسلية: يلزم توفير مستلزمات الانشغال والتسلية للاطفال للحيولة دون تسرب حالة الاضطراب والضجر الى نفوسهم. وهذا يستدعي ان نوفر للطفل الادوات والوسائل التي يشغل بها أكثر اوقاته. فالطفل غير قادر على تحمل الوحدة والفراغ، وغالباً ما يسعى لايجاد الوسائل التي يتسلى بها، وقد تتحول احدى صور اللهو والتسلية إلى ظاهرة الضجر وفقدان الاستقرار.

٦ -تكليفه ببعض الواجبات والمسؤوليات: من الافضل تكليف الطفل ببعض الواجبات والمسؤوليات الصغيرة لكي يشعر بشخصيته ووجوده ويبدي حرصه من وراء ذلك للالتزام بالضوابط والتعليمات. من جملة الامور التي يمكن ايكالها إلى الطفل مثلاً الاهتمام بأمر الاخ او الأخت الأصغر، واطعام الطيور الموجودة في البيت، أو سقي الأزهار، كما ويمكن تكليفه ببعض الواجبات او المسؤوليات البيتية الاخرى، وهذا يساهم إلى حد كبير في إلهائه ويتضمن كذلك جانباً بناء ويحقق له موجبات الهدوء والسكينة.

٧ -التقبل والحماية: من الضروري تقبل الطفل في جميع الاحوال والتعبير عن دعمه وحمايته وبالشكل الذي يشعره بالثقة والاطمئنان، ولكي يشعر بانه ابن امه حقاً وان اباه يقف إلى جانبه في جميع المصاعب. يجب ان لا يطرد الطفل من البيت مطلقاً لأن الشعور بانعدام الملاذ من الاسباب القوية للاضطراب وفقدان الاستقرار بل يتحتم التعبير له عن مشاعر المحبة والاعتزاز وان يتذوق طعم ذلك.

٨ ـ العلاقة والتفاهم: يجب ان تبنى حياة الطفل على العلاقة الطيبة والتفاهم المتبادل. فكون الاولياء مشغولين وغارقين في المشاكل ولا فرصة لديهم للاهتمام بامر الطفل، لا يعتبر عذراً مقنعاً بالنسبة له، فهو يريد ان يكون على صلة وثيقة بهم ويقيم معهم روابط مبنية على الانس والارتياح. ان وجود مثل هذه العلاقة يقضي على حالة عدم الاستقرار بل ويساهم ايضا في الحيلولة دون بروز الكثير من الاضطرابات السلوكية الأخرى، وحتى انها تعتبر من العوامل المؤثرة في تطبيع السلوك.

٩ -التركيز على الايجابيات: من جملة العوامل الفاعلة في تطبيع سلوكية الطفل استمالته بالتشجيع والتكريم. ومن الاساليب المفيدة في مثل هذا العمل التركيز على النقاط الايجابية لديه وتشجيعه عليها. لا شك ان هذا يجعل الطفل اكثر ثقة بوالديه وبنفسه ويزيل عنه عوامل الاثارة والاضطراب.

10ـ النصح والارشاد: مما يمكن التأكيد عليه هو عدم الغفلة عن ارشاد الطفل ونصحه عند التلبس بأية حالة غير مرضية ففي كل مرة يبدي فيها الطفل صخباً وضجيجاً ينبغي تنبيهه بان يكون ا كثر هدوءاً لأن صوته يزعج الآخرين وان سلوكه هذا خاطىء، وانه يبتعد من خلال تصرفه هذا عن مواصفات الطفل الجيد وما إلى ذلك. لا شك ان مثل هذه النصائح مجدية إلى حد بعيد في تقويم مساره الاخلاقي وتحمله على الالتفات إلى وضعه بشكل مستمر.

١١ -الانذار والتهديد: في بعض الحالات يمكن اتباع اسلوب الانذار والتهديد لغرض توجيه الطفل. فنحن قادرون على ارغامه على الاصغاء لارشادات الآخرين. واذا ما تكرر الخطأ نلجأ إلى اسلوب الانذار والتهديد مع الابتعاد ما امكن عن اسلوب العنف وبالشكل الذي لا يترك على نفسية الطفل أية تأثيرات سلبية، كما لا ينبغي تكراره بشكل متواصل لأنه في مثل هذه الحالة يفقد تأثيره.

١٢ -العقوبة: فاذا لم تنفع كل الاساليب المذكورة فلابد حينها من اللجوء إلى اسلوب العقوبة حتى وان كان الهدف هو الردع الفوري والسريع عن السلوك المشاكس شريطة التأكد من حتمية الفائدة في تقويمه أو اصلاح سلوكه.

ما ينبغى اجتنابه

ان اصلاح سلوكية الطفل المؤذي والمشاكس يتطلب اجتناب بعض الاساليب والممارسات بسب تأثيرها السلبي ونتائجها الضارة، ومن جملتها:

١ -وصمه بالمعايب: ان مثل هذا الطفل حتى وان كان كثير الشغب ومثيراً للصخب الا ان هذه الحالة لا تجيز لنا وصمه باوصاف ونعوت قبيحة مثل المؤذي أو المشاغب لأن مثل هذا العمل يؤدي إلى تثبيت تلك الصفة في نفسه ويشعره باحقيته في تصرفه هذا، فالشخص الذي يتهم بتهمة ما يتخذ في بداية الأمر موقفاً دفاعياً يحاول من خلاله تبرئة نفسه ولكنه حينما يلمس اخفاق مساعيه يتجه نحو ممارسة نفس ذلك العمل الذي يوصف به.

٢ -الافراط في العقوبة: اذا كانت العقوبة لا تتناسب مع حجم الاساءة، تساهم في الانحدار بوضعية الطفل نحو الأسوء وخاصة حينما تكون الاساءة أو اثارة الضجة نابعة من رغبته بالانتقام او كانت بدافع الشعور بالخيبة والاخفاق. الطفل يتقبل العقوبة العادلة ولكنه اذا أحس فيها نوعاً من الجور يتجه نحو الاسوء.

٣ -الضغط وايجاد عوامل القلق: يجب علينا ان لا نضغط على الطفل من خلال حساباتنا الخاطئة، فلا نطلب منه ما يعجز عن ادائه لأن مثل هذا العمل يفضي إلى تفاقم مبررات قلقه. وحينما نطلب منه القيام بعمل ما لا نتشدد كثيراً في وجوب التمسك بالتنفيذ الحرفي، بل لابد من التسامح والتغاضي عن بعض الاخطاء والهفوات التي تصدر منه، وان نتركه يؤدي العمل بملء رغبته.

٤ -كثرة الاوامر والنواهي: يجب عدم الاكثار من الأوامر والنواهي الصادرة للطفل، ولاتكون الاوامر قاطعة وحادة وانما يفترض ان تكون علاقتنا به علاقة الوالد بالولد لا علاقة الآمر بالمأمور، فهنالك فارق كبير بين البيت والثكنة العسكرية. والاوامر الصادرة إليه يجب ان تكون بالحجم الذي يطيقه مع اجتناب الأوامر التي نعلم بان الطفل لا يمتثل لها أو يعجز عن تنفيذها.

٥ -الغطرسة والاستبداد: ان الاساليب المستبدة في التربية قد شارفت على الزوال، فقد شارفت الناس منذ سنوات متمادية ان الاستبداد مصيره الفشل، وهو حتى وان كان ظاهره اليوم ناجحاً ومجديا إلا أن نتائجه المستقبلية باهتة ومحدودة. ربما ينفذ الطفل أوامرنا خوفاً ولكن من المؤكد أنه سيضر بنا في موضع آخر ويعيق بعض عملنا.

ثمة نقطة أخرى جديرة بالذكر وهي ان الضغط والاكراه يؤثر سلبياً على الطفل ويقتل استعداده الفطري. والطفل الذي يؤدي الاعمال تحت اكراه الوالدين والتربويين يتحول في المستقبل القريب الى شخص ضعيف مسلوب الارادة.

ارشادات وملاحظات

واخيراً فهنالك جملة من الارشادات والملاحظات التي يجدر لاهتمام بها والالتفات إليها على طريق استمرار منهج الاصلاح والتربية وازالة معوقات النضوج والتكامل، نشير في ما يلي إلى بعض منها:

١ -لا ينبغي الامتعاض كثيراً بسبب وجود حالة عدم الاستقرار عند اولادكم، فليس اكثرها سوى عاصفة تهب فجأة وما تلبث ان تزول اثارها بعد ايام معدودة.

٢ -بعض حالات عدم الاستقرار تعتبر جزءاً طبيعياً من مسيرة حياتهم لذا فهي لاتستدعي الحرص على القضاء عليها بالكامل.

٣ـ اسلوب التدقيق وامعان النظر في سلوك الاطفال واعمالهم وتصرفاتهم غير مرغوب فيه واثارة استيائهم بين الفينة والاخرى عمل غير لائق ولايمكن ان ننصح به.

٤ -اسلوب العطف واللين انجح من اسلوب الاكراه والعنف.

٥ -يجب غض النظر في بعض الحالات عن اخطاء الاطفال لكيلا تدفع بهم نحو مزيد من التمرد والعناد.

٦-تجنب الكثير من حالات الغضب والفوران يجعل صورة الولي والمربي اكثر قبولاً عند الطفل وبعكسه يندفع الطفل نحو التصلب والتمادي في الخطأ.

٧- يلزم ان تكون بيئة الطفل هادئة وخالية من عوامل الاثارة والعناد من أجل الحيلولة دون تفاقم مظاهر انعدام الاستقرار.

٨- ينبغي توفير عوامل الشعور بالأمان والارتياح والثقة بالنفس قدر الامكان ليكون اكثر قدرة في الوقوف على قدميه ولايستشعر القلق من تقلب الظروف والاوضاع المحيطة به.  

EN

تصفح الموقع بالشكل العمودي