x

هدف البحث

بحث في العناوين

بحث في المحتوى

بحث في اسماء الكتب

بحث في اسماء المؤلفين

اختر القسم

القرآن الكريم
الفقه واصوله
العقائد الاسلامية
سيرة الرسول وآله
علم الرجال والحديث
الأخلاق والأدعية
اللغة العربية وعلومها
الأدب العربي
الأسرة والمجتمع
التاريخ
الجغرافية
الادارة والاقتصاد
القانون
الزراعة
علم الفيزياء
علم الكيمياء
علم الأحياء
الرياضيات
الهندسة المدنية
الأعلام
اللغة الأنكليزية

موافق

الحياة الاسرية

الزوج و الزوجة

الآباء والأمهات

الأبناء

مقبلون على الزواج

مشاكل و حلول

الطفولة

المراهقة والشباب

المرأة حقوق وواجبات

المجتمع و قضاياه

البيئة

آداب عامة

الوطن والسياسة

النظام المالي والانتاج

التنمية البشرية

التربية والتعليم

التربية الروحية والدينية

التربية الصحية والبدنية والجنسية

التربية العلمية والفكرية والثقافية

التربية النفسية والعاطفية

مفاهيم ونظم تربوية

معلومات عامة

الاسرة و المجتمع : المرأة حقوق وواجبات :

المرأة المؤمنة؛ أدوار متميزة

المؤلف:  السيد محمد تقي المدرسي

المصدر:  المرأة بين مهام الحياة ومسؤوليات الرسالة

الجزء والصفحة:  ص59ــ66

14-7-2022

1714

حينما يلغى تصور دور الأمومة ومواصفاته المرسومة في العقيدة الاسلامية من قاموس ثقافتنا، ولا نعرف الطريق لتربية وإعداد المرأة لتكون الأم المثالية، فإنها ستصبح أما، لا يعدو دورها في أن تكون مجرد وعاء للإنجاب؛ لها حنانها وعطفها واهتمامها المادي بالوليد فحسب.

حينما يقتصر دور المرأة عند هذا الحد، فإن المجتمع لن يحصد غير العواصف الهوجاء التي من شأنها أن تقلب المعايير والثوابت رأساً على عقب. وسوف لن تكون ثمة فرصة لاستدراك ما فات، اللهم إلا بعد أن يدفع المجتمع الثمن أضعافاً مضاعفة. ولن يحصد المجتمع من وجهة النظر التاريخية إلا أجيالا محطمة عاجزة عن مقاومة هوى النفس، ولا تنظر للمرأة ذاتها من غير المنظار الشيطاني.

فإذا طمحنا الى تكوين وصياغة المجتمع الالهي المثالي؛ المجتمع الحر السعيد المتفتح، فأمامنا قانون تربية وإعداد الأم المثالية السامية، والواعية لشخصيتها ودورها الهام والمقدس في صياغة شخصية الأجيال صياغة منيعة.

إننا لا نجد حديقة غنّاء، ولا بستاناً مثمراً، ولا أرضاً زراعية خيرة ابداً ما لم يكن وراءها فلاح او بستاني خبير ورشيد قادر على استصلاح الأرض واختيار النبات المناسب والوقت المناسب والسماد المناسب.. إذ الأرض لوحدها ليست الأساس، وهي لا تنبت غير الحشائش والأشواك والأشجار الملتفة على نفسها..

ومن خلال التدبر بالآيات القرآنية الشريفة، نستنتج؛ أن الأم كمصطلح ديني، هي تلك المرأة الانسانة التي بمقدورها تربية جيل نزيه عن الموبقات، محب للخيرات. فالقرآن الكريم حينما يحدثنا عن قصة النبي العظيم موسى عليه السلام، وعن ذلك الانقلاب الكبير الذي حدث في مصر القديمة، إنما يبدأ بالإشارة الواضحة الى ام موسى بقوله: {وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ} [القصص: 7] باعتبارها منطلق القصة النبوية العظيمة.

ومن هنا توضح الآيات الكريمة، بما لا لبس فيه - والعياذ بالله - أن دور الأمومة لا يبدأ من حين الولادة، بل لعل الأمومة تبدأ منذ استعداد المرأة لأن تصبح زوجة، ثم من علوق النطفة في الرحم.

قصة الفضيلة :

قال الله تعالى: {إِذْ قَالَتِ امْرَأَةُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا} [آل عمران: 35].

فامرأة عمران بمجرد إحساسها بالحمل نذرته الى الله تبارك وتعالى، معتبرة إياه وسيلة للتقرب الى الرب الجليل، وليس جزءاً تابعاً لها. فهي قالت: {مَا فِي بَطْنِي} ولم تقل ولدي أو جنيني أو حملي.

وهذا منطوق قرآني يعبر بدقة وبلاغة متناهية عن درجة ايمان زوجة عمران. ثم إن هذا المنطوق القرآني المجرد لم يشر الى وجود رغبة خاصة لدى امرأة عمران في أن يكون وليدها خادماً لمسجد أو كنيسة أو معبد ما، وإنما هي نذرت نذراً مجرداً خالصاً تبعاً لإيمانها المجرد والخالص لله عز وجل، ولكن شاءت الأقدار أن يكون الوليد – مريم - خادماً لمسجد، تماماً كما كان الحال بالنسبة لأسلافه الطاهرين إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام، حيث أمرهما الله عز وجل بأن يطهرا بيته للطائفين والعاكفين والركع السجود، بعد أن قاما بإقامة هذا البيت.

أهداف مقدسة:

فأم مريم الصديقة كانت تهدف من خلال نذرها ابنتها الى تحقيق امور مقدسة وسامية، وليست أموراً شخصية، منها أن تكون ابنتها من خدمة دين الله وبيته، حيث تمارس العبادة وتعلم الناس الكتاب والأخلاق. ومن اهدافها أنها كانت تطمح الى أن يتقبل الله منها نذرها، إذ هي كانت ذات إيمان قوي وعلاقة مباشرة، وهو ما يدعى بإيمان الدعاء، وليس تلفظ الدعاء فحسب.

وإذ حانت ساعة الولادة وعرفت الأم الصديقة أن جنينها انثى، لم تتفوه إلا بالقول: {فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} [آل عمران: 36].

وكأنها تشتكي الى الله عمق المأساة المسيطرة على المجتمع اليهودي بفعل الاباطيل التي اخترعها رجال الدين اليهود، البعيدون كل البعد عن ديانة السماء القائلة بعدم التمييز العنصري بين الرجل والمرأة. وبنص التوراة المحرفة اعتبروا المرأة أو سمحوا باستخدامها لتحقيق طموحاتهم السياسية والمالية. فضلاً عن بقية التشريعات الباطلة فيما يخص الجانب الإجتماعي، حيث تتحول المرأة الى أشبه ما تكون بالجارية لاخ زوجها المتوفى، وأن من حق هذا الاخ ضم زوجة أخيه الميت الى ممتلكاته..

المرأة المؤمنة تقهر التحديات:

ورغم سيطرة هذه الصورة القاتمة، فإن التعبير القرآني البارع نزل ليؤكد عظمة المرأة إذا ما أرادت تحدي الظروف الظالمة. فأم مريم انتقلت بطموحها من مجرد أن تكون ابنتها خادمة لدين الله ومسجده الى أن تكون هذه البنت وذريتها اللاحقة من البعيدين عن الشيطان وجنوده واباطيلهم، لتتحول الوليدة الى صديقة على درجة عالية للغاية من الايمان والوعي والتقوى.

وهذا لعمرى أعلى ما يمكن أن يطمح الانسان الى بلوغه، فضلاً عن كونه رجلاً أو امرأة. وهذا يعني بالتالي أن من يصر على احتقار أو استضعاف المرأة عملياً، إنما هو في الواقع بعيد كل البعد عن حقيقة إرادة السماء. وفي سلوكه الشائن هذا، يعمل على تكريس عادة جاهلية جاء الاسلام لمحقها. وهذه الأديان السماوية، إنما قامت بجهد كبير بذلته نساء عظيمات كأم موسى واخته وزوجة عمران وبنتها مريم وخديجة الكبرى وبنتها فاطمة الزهراء سلام الله عليهن جميعاً. فهذه أوعية اصفاها الله لتحمل أنواره وكلماته، وليس هذا بالأمر البسيط أبداً.

والى هنا كان دور الام دوراً ممتازاً بما اختزل من بصيرة ووعي فائقين، ولكن الأعظم منه أن الله سبحانه وتعالى تقبل النذر واستجاب الدعاء بأروع ما يكون القبول، وأقدس ما تكون الاستجابة. فالأم التي تجاوزت عاطفتها تجاه ابنتها، واهتمت بالدين اكثر من اهتمامها بذاتها، اتحفها الله بالقبول الحسن، حيث يقول تعالى: {فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا} [آل عمران: 37].

فهذه البنت المحاطة بالإيمان، ووعي التقرب الى الله تبارك وتعالى، كانت حرية أن تنبت النبات الحسن.

ثم قال ربنا عز وجل: {وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا} [آل عمران: 37] قد اختار الله تعالى النبي زكريا عليه السلام ليكفل مريم عليها السلام، من بين جميع من امتحن نصيبه في التشرف بكفالة الصديقة الصغيرة مريم.

ثم إن سيرة مريم ودرجة إيمانها أذهلت النبي زكريا الذي كان يرعاها ويحافظ عليها، وكثيراً ما سألها عما لديها من رزق كان من المفرض ان يوفره لها.. وكانت تجيبه بان ما لديها من عند الله وليس سواه. {كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا قَالَ يَامَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [آل عمران: 37].

مريم معلمة للنبي زكريا!؟

لم يتنبه النبي العظيم الى أن الطفلة الصغيرة تحولت بفعل منبتها الحسن وإيمانها العميق الى معلمة له؛ وسواء كان الطعام والرزق الذي كان بين يديها قد نزل اليها من السماء مباشرة أو بواسطة إنسان ساقه الله اليها على غيبة من النبي زكريا. فإنها كانت تعتقد برسوخ ثابت أنه من عند الله، ولم يكن إيمانها ليسمح لها أن تحتمل احتمالا آخر. فالله يرزق من يشاء بغير حساب، بعيداً عن الموازين المادية ومعادلات التجارة المعروفة بين بني البشر.

{هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ} [آل عمران: 38].

فبعد مدة ليست بالقصيرة، فوحى النبي زكريا الذي كان لم يرزق الذرية بعد، بحقيقة واقعة؛ وبانه من الحري به جداً أن يقلد مريم في إيمانها، إذ أن من يرزق طفلة صغيرة معتكفة في محرابها لقادر على أن يمنحه الذرية بعد مديد من العمر...

من خصائص الام الحقيقية:

ونخلص الى القول بأن هناك مواصفات مثالية، ينبغي للمرأة كام أن تتحلى بها لمضاعفة الأمل في تمكنها من أداء دورها بالدرجة المطلوبة. ومن هذه المواصفات:

أن تكون المرأة طاهرة عفيفة كما يصف الامام زين العابدين عليه السلام نفسه بقوله: أنا ابن نقيات الجيوب، أنا ابن عديمات العيوب... أو كما نسلم على الامام الحسين عليه السلام حسب نصوص زيارته: لم تنجسك الجاهلية بأنجاسها ولم تلبسك من مدلهمات ثيابها. فهذا إنما يكون من امهات طاهرات فاضلات نقيات قبل الحمل وايام الحمل وبعد الحمل. فالأم التي تقرأ القرآن الكريم، غير تلك التي تضيع وقتها في سماع الموسيقى والأغاني. ومن تتحدث بأحاديث الاخلاق والايمان، تختلف عمن لا قدرة لها على مغادرة مجالس الغيبة والتهمة والتهريج واللغو.

بعد ذلك؛ على الأم أن تهتم اهتماماً بالغاً بحالة جنينها أو طفلها الصحي، إذ لعل معظم ما يحصل من تشوهات جسدية للطفل إنما يحصل بفعل الاهمال الصحي وقلة وعيها بهذا الجانب، غافلة عن أن وليدها سيعيش سبعين عاماً – مثلاً - في ضعف ومرض وزمانة، وأنها ستكون مساهمة فيما يمكن أن يقترفه من ذنوب جراء ما يحمله من عقد ونقائص روحية حدثت بالتبع لنقصه الجسدي.

وبين هذا وذاك؛ ينبغي أن تكون للرجل رقابة على تربية الأولاد، وأنه يجب ان يعرف نصيبه - بوعي بالغ - من هذه التربية.

وبعد ذلك، ثمة قضية خطيرة جداً، ومن الممكن أن تعود بالسلب على روحية الطفل، وهي إصرار بعض الآباء والامهات على التنازع أو حل التنازع على مرأى من الطفل، غافلين او متغافلين عن أن مثل هذا الواقع من شانه زرع بذور الانفصام في شخصية الأولاد، فضلاً عن استفحال أمراض الخنوع والجبن والكسل لديهم. هذا إن لم نقل بامكانية تحول الاطفال الى الضفة الاخرى، وهي ضفة التهور والإجرام والرذيلة..

نسال الله سبحانه وتعالى ان يجعلنا ممن ينتفع بسنن الأولياء وبهدي الصالحين، وأن يجعلنا نهتدي بهداهم ونقتدي بهم في الدنيا وننال شفاعتهم في الآخرة.