x

هدف البحث

بحث في العناوين

بحث في المحتوى

بحث في اسماء الكتب

بحث في اسماء المؤلفين

اختر القسم

القرآن الكريم
الفقه واصوله
العقائد الاسلامية
سيرة الرسول وآله
علم الرجال والحديث
الأخلاق والأدعية
اللغة العربية وعلومها
الأدب العربي
الأسرة والمجتمع
التاريخ
الجغرافية
الادارة والاقتصاد
القانون
الزراعة
علم الفيزياء
علم الكيمياء
علم الأحياء
الرياضيات
الهندسة المدنية
الأعلام
اللغة الأنكليزية

موافق

الحياة الاسرية

الزوج و الزوجة

الآباء والأمهات

الأبناء

مقبلون على الزواج

مشاكل و حلول

الطفولة

المراهقة والشباب

المرأة حقوق وواجبات

المجتمع و قضاياه

البيئة

آداب عامة

الوطن والسياسة

النظام المالي والانتاج

التنمية البشرية

التربية والتعليم

التربية الروحية والدينية

التربية الصحية والبدنية والجنسية

التربية العلمية والفكرية والثقافية

التربية النفسية والعاطفية

مفاهيم ونظم تربوية

معلومات عامة

الاسرة و المجتمع : المجتمع و قضاياه : آداب عامة :

أقوى الأواصر الاجتماعية

المؤلف:  الشيخ ناصر مكارم الشيرازي

المصدر:  الحياة في ظل الأخلاق

الجزء والصفحة:  ص113ــ116

17-5-2022

1811

لإيجاد وحدة اجتماعية كبيرة - بالمقاييس العالمية الكبيرة خاصة نحتاج قبل كل شيء لي الأمور التالية:

1- سهولة وسائل الاتصالات:

وهذه المشكلة محلولة نسبياً في عصرنا الحاضر وستتحسن في المستقبل أيضاً بتطور الوسائل المختلفة.

2- الوحدة الفكرية:

فبالرغم من قولنا بإمكان بناء المجتمع الموحد على أساس وحدة المصالح الحياتية والإنسانية المشتركة، دون الوحدة الفكرية، لكنه لا شك في أن انسجام أفراد وطبقات مثل هذا المجتمع يمتاز بالضعف والفتور وسرعة الاضمحلال وسيمتزج بالخوف والاضطراب والتردد وستكون مجالات التعاون محدودة في مثل هذه الظروف ومشوبة بالشك والحذر وبمثلها لا يمكن بناء المجتمع الكامل الحي السعيد.

بينما لو ارتبط أفراد مجتمع معين بوحدة فكرية عميقة وألفت بين قلوبهم أواصر متينة لتشكل مجتمع كامل بمعنى الكلمة، مليء بمظاهر التعاون الواسعة الكاملة ومتصف بالانسجام والتفاهم الكامل والدائم.

3- النضج الفكري والأخلاقي التام:

ونحتاج لتحقيق مثل هذا المجتمع إلى وجود النضج الفكري اللازم الذي يدرك المنافع المترتبة على إدغام جميع المجتمعات البشرية، في مثل هذا المجتمع الموحد الكبير، بنظرة عميقة واحد، وإلى وجود النضج الأخلاقي اللازم لتحمل نقاط الاختلاف الحتمية لأجل الاتفاق على النقاط المشتركة وفهمها وترويض النفوس على قبولها.

ومن البديهي أن الاقتناع بأن تعاون البشرية بأسرها ينفع الجميع، ليس عسيراً، بل العسير هو فهم نقاط الاختلاف وهضمها.

أي ليس من الصعب إدراك كون تقليل مشاكل الناس وتسهيل حلها يكمن في اجتماعهم في مجتمع واحد.

نلاحظ دائماً أن تبدد الجزء الأكبر من الطاقات الإنسانية والاقتصادية يكمن وراء الفرقة والانفصال، بل من المتوقع أن يذهب النصف الأكبر من مجموع الطاقات والإمكانات ضحية ذلك.

ولعل أكثر من نصف الطاقات البشرية الفعالة الموجودة في عصرنا الحاضر، الذي يشهد تنافساً شديداً بين مختلف القوى، يستهلك في المجالات التالية: الجيش والقوات الاحتياطية ومجاميع الاستطلاع والتجسس ومؤسساتها المرتبطة بها وحراسة الحدود والجمارك ومكافحة التهريب والصناعات الحربية وفروعها، ومن الواضح عدم فائدة هذه النفقات إذا لم تقتضها الضرورة، وليس لها أي أثر اجتماعي إيجابي.

وإن نصف الميزانيات تخصص لهذه المجالات (أي الدفاعية والحربية والتجسسية وغيرها).

هذا في حالة عدم حدوث حرب عالمية، وإلا لكانت الميزانيات المخصصة لإصلاح آثار الحروب المحلية على العصيد المحلي والحروب العالمية على الصعيد العالمي، مذهلة للعقول.

وهذه جميعاً تمثل طاقات بشرية واقتصادية تذهب سدى، وسببها الوحيد هو انفصال المجتمعات البشرية عن بعضها، كما لو خصصت مؤسستان تجاريتان نصف ثرواتهما ووقتهما لتدمير بعضهما، فإن النتيجة لا ينجم عنها سوى انهيار الإثنتين معاً.

لذلك لو تحققت الوحدة الكاملة بين جميع المجتمعات البشرية لتضاعفت نتائج فعالياتهم في جميع مجالات الحياة إلى ضعفين. وهذه مسألة واضحة للجميع.

أما في الجهات الأخلاقية، فلا ريب في وجود الاختلاف بين الناس؛ لاختلاف أذواقهم ونوعية تفكيرهم وميلهم إلى النشاط أو الخمول في الأعمال، أو التعادل في الميل إلى العاطفة أو التعقل، والتفاوت في الانقياد إلى العاطفة أو عدمه، وفي الاهتمام بالمظاهر أو عدمه، وفي مقدار الرغبة بالتخصصات المختلفة كالعلمية والاقتصادية وغيرها.

وصحيح أنه يمكن إجراء تغييرات وتعديلات في إيمان وعواطف وأفكار ورغبات مختلف الأفراد عن طريق التمرين والتجربة والتربية المستمرة لكن هذه الاختلافات ليست قابلة للاضمحلال تماماً.

فكما أنه لا يوجد شخصان في العالم متشابهان جسمياً بصورة تامة، فكذلك لا يمكن العثور على شخصين متشابهين في جميع الجوانب المعنوية والروحية والفكرية والغريزية المختلفة، ومن المسلم به أن اختلاف الأرواح والغرائز والأفكار أوسع مما هو عليه في الأجسام، لأن تركيب الإنسان الروحي أعقد وأوسع من تركيبه الجسمي.

فالذين يريدون العيش بتعاون وسلام في مجتمع عالمي موحد كبير، ينبغي لهم الوصول إلى حد من النضج الأخلاقي يمكنهم من هضم وتحمل نقاط اختلاف الآخرين عن طريق إدراك هذه الحقائق المتعلقة باختلاف تركيب الإنسان الروحي والفكري والعاطفي والأخلاقي وأن يصيروا أفراداً يستطيعون احترام رغبات الآخرين عند الاختلاف معهم في الرأي حول المسائل الثانوية، وأن لا يتوقعوا من الآخرين موافقتهم في جميع هذه الحالات، وأن لا يفرضوا عليهم رغباتهم عن طريق إلباس المسائل الفرعية ثوب المسائل المصيرية.

وجميع صفات العضو والأعضاء وسعة الصدر والنظرة الشاملة والتحمل والدماثة والحلم، لازمة وضرورية جداً من الناحية الأخلاقية لهضم نقاط الاختلاف هذه.

ولا يستطيع حتى مجرد شخصين معينين أن يتعاملا مع بعضهما مدة طويلة إلا بإدراك هذه الحقيقة والاستعداد لتقبلها.

ومن البديهي أن هذه الاستعدادات الأخلاقية اللازمة لهضم نقاط الاختلاف المذكورة، لا تأتي عن طريق اللسان، بل هي أمور لا تتحقق إلا عن طريق التهذيب والتربية الصحيحة التي تخلق النضج الأخلاقي المطلوب.